مئة عملية في السنة و 6 آلاف مصاب في انتظار متبرعين

مرضـى يعـانـون في المسـتشفـيـات و فـقراء يـعرضـون كـلاهـم للبـيـع
دفعت الأوضاع الاجتماعية، جزائريين لعرض كلياتهم وأعضائهم للبيع، بعضهم تلقوا عروضا من أجانب لإجراء عمليات بالخارج، وهناك أيضا  الآلاف ممن  يواجهون الموت بسبب أوضاعهم الصحية وقلة المتبرعين بالأعضاء الأحياء منهم والأموات... هي مآسي  تستدعي الوقوف عندها والبحث عن حلول للتوفيق بين حاجيات المرضى ومتطلبات الشرع، وتبرز الحاجة إلى إطلاق برنامج تحسيسي وطني لكسر الطابوهات التي تلازم قضية التبرع بالأعضاء في الجزائر.
ملف من إعداد : أنيس نواري
لا تزال عمليات زرع الأعضاء البشرية تعرف نقصا كبيرا بالمستشفيات الجزائرية، ورغم الجهود المبذولة من طرف الجهات المختصة من أجل رفع عدد العمليات سنويا من خلال سن التشريعات القانونية المنظمة وتوفير الوسائل والأجهزة الطبية اللازمة، إلا أن هذه الجهود تواجهها العديد من العقبات أهمها نقص عدد المتبرعين، الذي يرجعه الخبراء إلى ضعف التوعية في أوساط المجتمع، الرافض لفكرة التبرع انطلاقا من قناعات شخصية أو دينية، حتى وان كانت تستند الى مبررات غير صحيحة، أو بحاجة إلى توضيح، ولم تفلح الحملات الإعلامية للتوعية بأهمية التبرع لإنقاذ الأرواح في تجاوز الثقافة الشعبية التي تتعاطى بنوع من التحفظ مع قضية التبرع بالأعضاء البشرية.
ويؤكد الخبراء بأن عمليات زرع الكلى أقل تكلفة من التصفية وسيتضاعف عددها بالجزائر بتفعيل نقلها من الميت دماغيا. ويقول الأطباء أن مشكل زرع الكلى في الجزائر يكمن في غياب المتبرعين وقلتهم، ما يجعل عدد العمليات محدودا جدا ومدة الانتظار طويلة. وشددوا على ضرورة تحسيس المجتمع على نطاق واسع بجدوى تشجيع زرع الكلى انطلاقا من مانح متوفى لفائدة مريض حي والتي ستكون أقل تكلفة بكثير من نقلها من شخص حي إلى حي آخر.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد مرضى القصور الكلوي في الجزائر في تزايد، إذ يقدر حاليا بحوالي عشرين ألف مريض يخضعون لتصفية الدم بواسطة الأجهزة، وهو رقم رهيب يؤرق الساهرين على الصحة العمومية في الجزائر.
واعترف وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف، مؤخرا، بأن عملية نقل وزرع الأعضاء لم ترتق بعد إلى المستوى المطلوب بالنظر لعدد المصابين الذين هم في حاجة إلى ذلك، موضحا بأن هذه العملية ظلت إلى حد الآن مقتصرة على التبرع بها من الأحياء. ولتدارك النقائص المسجلة في هذا المجال راهن وزير الصحة، على تطوير نزع الأعضاء من الميت دماغيا في إطار تنظيمي مناسب على غرار ما هو معمول به ببعض الدول التي نجحت في ذلك.
وذكر على سبيل المثال بعملية زرع الكلى التي تقارب في المتوسط 230 عملية سنويا، معتبرا إياها بـ”الضئيلة جدا” مقارنة بالطلبات المحتملة التي تعد -حسبه- بعشرات الآلاف، مقدرا بالثلث فقط المؤهل لهذه العملية من بين 23 ألف حالة خاضعة للغسل الكلوي أو للشروع فيها وذلك بسبب تقدم هذه الحالات في السن.
ولتطوير عملية نزع الأعضاء من الميت دماغيا شدد الوزير، على أهمية التنسيق الاستشفائي حتى يتسنى لكافة المتدخلين الإلمام بجميع المقاييس وبروتوكولات العلاج، كما دعا من جهة أخرى إلى ضرورة تكييف تنظيم الاستعجالات الطبية لتحقيق المزيد من الفعالية قصد التأثير إيجابا على أهل المتبرع المحتمل لإنقاذ حياة من هم في حاجة إلى زرع عضو، مشيرا في نفس الوقت إلى عملية سبر الآراء التي قامت بها الوزارة سنة 2002 التي أظهرت موافقة المجتمع على التبرع بالأعضاء لكنه يرفض نزعها من الميت. ويشدد الأطباء على ضرورة تهيئة الظروف اللازمة للتكفل بالتحاليل البيولوجية للمتلقي للعضو وإدراجه ضمن القائمة الأخلاقية لهذه العملية مع احترام عدم كشف عن هوية المتبرع ومجانية العملية.
 عائلات مرضى  : «أنقذوا أولادنا من الموت والدياليز»   
وأمام ضعف عمليات زرع الأعضاء في الجزائر، وارتفاع كلفة إجراء العملية بالخارج، تشتكي عائلات المرضى المصابين بالفشل الكلوي، من غياب «آذان صاغية» تنصت لمعاناتها اليومية مع المرض، بسبب التنقلات المتكررة لمراكز تصفية الدم، خاصة العائلات الفقيرة التي تقطن في مناطق نائية وتضطر للتنقل عدة مرات شهريا للحصول على العلاج، ناهيك عن رحلة البحث عن الأدوية المكلفة.
محمد. ب، البالغ من العمر 22 سنة، يقيم في إحدى بلديات شرق العاصمة، واحد من آلاف المرضى الذين يعانون في صمت، وهو طريح الفراش منذ ست سنوات بسبب إصابته بالفشل الكلوي، واضطر للتوقف عن الدراسة بسبب مشاكله الصحية، وتقول والدته انها تضطر لنقله ثلاث مرات أسبوعيا لإحدى العيادات المتخصصة بالعاصمة لإجراء عملية غسل الكلى.
وتقول والدته «تحولت حياتنا إلى جحيم بسبب مرض محمد وحتى أوضاعنا الاجتماعية صعبة لأن والده الموظف لا يوفر ما يكفي لسد حاجيات العائلة فما بالك بتوفير الأدوية المكلفة والأطباء»، وأضافت وهي تكفكف دموعها «وجدنا مساعدة من بعض الجمعيات التي تساعدنا على توفير الدواء المناسب إلا أن هذا ليس حلا... طلبنا من ذوي القلوب الرحيمة مساعدة ابننا لإجراء عملية زرع الكلية بالخارج إلا أن كل محاولاتنا المتكررة لم تجد قلوبا رحيمة».
ويشتكي مرضى القصور الكلوي من الوضعية المزرية التي يعيشونها بسبب الضعف الكبير في الخدمات الصحية واضطراب مواعيد غسل الكلى التي من المفروض أن تكون دورية وبمواعيد مضبوطة حتى يتسنى لهم متابعة العلاج والحفاظ على سلامتهم، وذلك بسبب الأعطاب المتكررة لأجهزة التصفية، وغياب حلول بديلة.
 أوضاع المستشفيات ومحاذير دينية ترعب المتبرعين
تتباين مواقف الشارع حول موضوع التبرع بالأعضاء البشرية بين الرفض والقبول والتخوف من قلة الكفاءة لدى الأطباء الجزائريين، فيما يطالب المتحمسون لفكرة التبرع لإنقاذ حياة مرضى آخرين ضرورة إعطاء توضيحات وضمانات مادية وأخلاقية حول القضية. و غالبا ما يستند الرافضون لمبدأ التبرع بعضو إلى أراء يرددها البعض وتكون –حسبهم- مبنية على أسس شرعية، وهو رأي ترفضه وزارة الشؤون الدينية والمجلس الإسلامي الأعلى اللذان أعطيا موافقتهما لعمليات زرع الأعضاء وفق ضوابط شرعية ولا لبس فيها.
و يقول محمد (34 عاما) إنه لن يقبل بنزع عضو من أعضائه سواء كان حياً أو ميتاً، مبرراً موقفه بأحاديث دينية تحرم الاعتداء على الجسد البشري. وأضاف قائلا «إن عمليات زرع الأعضاء تعد وتشويه لخلق الله، ولذلك لن أقبل بهذه الفكرة ولن أعمل بها مهما تكن المبررات التي تساق من أجل ذلك»
أما عباس (47 عاما) موظف في إدارة عمومية، فإنه لا يمانع في أخذ أحد أعضائه بعد وفاته، شريطة أن يكون ذلك وفق ضوابط قانونية وشرعية، مع اتخاذ تدابير رادعة لمنع عمليات سرقة الأعضاء البشرية التي انتشرت مؤخرا بشكل كبير، ويقول أن بعض العصابات قد تستغل هذا الأمر لنزع الأعضاء من المتبرعين وبيعها بأثمان باهظة، مشددا على ضرورة تحديد المتبرع والمستقبل قبل أي عملية لنزع العضو من جسد المتبرع، وطالب من السلطات اتخاذ إجراءات صارمة في عملية النقل بين الفرد الميت والمريض، حتى يسد الطريق أمام من يريدون تحويل العملية إلى تجارة رابحة كما يحدث في بعض البلدان، حسب تعبيره.
عامل الثقة في الكوادر الطبية، من الأسباب التي تعيق عمليات التبرع بالأعضاء، وتقول نادية (28 عاما) معلمة بمدرسة ابتدائية، أنها ضد فكرة التبرع بأعضائها، حية أو ميتة، بسبب عدم ثقتها في الأطباء الجزائريين، «الذين لا يملكون الخبرة الكافية في هذا المجال». وقالت نادية أن هذا الموقف نابع عن تجربة حصلت لأحد أقاربها في العائلة بسبب عملية فاشلة لزرع كلية لأحد أقاربها بين الأب وابنه المريض، التي انتهت بوفاة الاثنين معا لاحقا «نتيجة خطأ في التشخيص والتحاليل التي أجريت لكليهما قبل العملية»
عروض من الخليج وأوروبا لشراء أعضاء جزائريين
التبرع بإحدى الكليتين أو عضو من الأعضاء، قد يتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة لمواجهه المشاكل الاجتماعية، وهو ما وقفنا عنده لدى بعض المواطنين الذين ابلغونا برغبتهم في التبرع بعضو مقابل المال لأسباب اجتماعية، وذكر احد الراغبين في التربع أنه تلقى طلبا من مريض مقيم بالخارج عرض عليه مبلغا ماليا  مع التكفل بتكاليف العملية في إحدى العيادات الطبية بالخارج إلا أنه رفض العرض بسبب مخاوفه من تعرضه للاحتيال على أيدي عصابة الاتجار بالأعضاء البشرية بالخارج، وقال أنه يفضل إجراء العملية داخل الوطن أو في دولة مجاورة على غرار تونس.
وأوضح عمر البالغ من العمر 32 سنة وهو متزوج وأب لأربعة أطفال ويقيم في إحدى ولايات الشرق الجزائري، أنه عرض قبل سنة كليته للبيع على صفحة في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، مبرزا حاجته الماسة للمال بسبب أوضاعه الاجتماعية التي لا تسمح له بالتكفل بمصاريف الأهل، مضيفا أنه تلقى اتصالات كثيرة من أشخاص يبدو أنهم يعانون من مرض الفشل الكلوي، وأضاف «بعض الأشخاص اتصلوا بي من الخليج ومن أوروبا وحتى من كندا وعرضوا علي مقابلا ماديا وإجراء العملية بالخارج في الخليج أو تركيا أو أي دولة أوروبية مع التكفل بمصاريف التنقل والعلاج قبل وبعد إجراء العملية».
وقال عمر أنه رفض تلك العروض التي تلقاها رغم أنها في الوهلة الأولى كانت جد مغرية»، وأضاف «انتابني الشك كون أن أغلب تلك العروض لم تكن تستفسر عن الإجراءات الطبية الواجب اتخاذها في مثل هذه الحالات بل كان الطلب يلح على إجراء العملية في اقرب وقت»، وأضاف «في إحدى المرات حاولت الاستفسار عن الشخص الذي سيستقبل العضو الذي سأتبرع به لكني لم احصل على رد دقيق»، كل هذا الغموض بعث الشك في نفس عمر الذي سمع حكايات كثيرة عن عصابات تقوم بنزع العضو من الشخص المتبرع في عيادات غير شرعية بالخارج، و تترك المريض يواجه تبعات العملية الجراحية؟
أما حميدة وهي شابة لا يتجاوز عمرها 28 سنة، فذكرت أنها «عرضت التبرع بكليتها مقابل 700 مليون سنتيم». لظروف عائلية، وقالت «بيتنا العائلي قيد الرهن ولا سبيل آخر لاستعادته غير توفير مبلغ مادي وهذا ما دفعني إلى عرض كليتي للبيع حتى نتمكن من استرجاع البيت العائلي»، وأوضحت بان القرار الذي اتخذته ليس «سهلا» ولكن الظروف والخوف على مصير العائلة والتشرد الذي يهدد أفرادها كلها أسباب دفعتها إلى اتخاذ هذا القرار، واعترفت أنها استشارت إمام مسجد والذي ابلغها أن الشرع وضع حدودا لهذا القرار، وأضافت «هناك مواقف دينية مختلفة بين من أجاز ومن رفض ذلك لاعتبارات تتعلق بحرمة الجسد»، واستطردت تقول «.. في النهاية عندما ترمى عائلتي في الشارع قد لا تجد من يأويها وهذا أكثر ما أتخوف منه». وخلال استطلاعنا وقفنا على عشرات الحالات لأشخاص يعرضون بيع كلية، لظروفهم الاجتماعية.
المشرّع الجزائري تناول مسالة الاستئصال من الجثة بقصد العلاج في المادة 161 من قانون حماية الصحة وترقيتها ،حيث نصت هذه الأخيرة على أن لا يجوز انتزاع الأعضاء ولا زرع الأنسجة أو الأجهزة البشرية إلا لأغراض علاجية أو تشخيصية. حيث وضع المشرع قاعدة عامة في مجال عمليات نقل وزرع الأعضاء فهي تشمل النقل من الأحياء ومن جثث الموتى وعليه فالمساس بالجثة لأجل استئصال عضو منها قصد زرعه لشخص حي يجب أن يكون لغرض علاجي،  أي أن الخروج على مبدأ حرمة جثة الميت لا يكون إلا من أجل تحقيق مصلحة إنسانية علاجية للغير ومصلحة المجتمع المؤكدة أي أن ضرورة التضامن الإنساني بين أفراد المجتمع الواحد هي التي دفعت أيضا المشرع إلى السماح بالمساس بجثة المتوفي.                                   
أنيس نواري

مائة عملية زرع فقط تتم سنويا بالجزائر
 6 آلاف مصـاب بقصور كــلوي في انتظــار متبـرعين
كشفت آخر الإحصائيات أن عدد المصابين بداء القصور الكلوي في الجزائر في ارتفاع مستمر، خاصة في السنوات الأخير. فقد أكد البروفيسور ريان طاهر المختص في أمراض الكلى، أن عدد المصابين بداء القصور الكلوي في الجزائر وصل إلى أكثر من 3500 إصابة سنويا.  وأوضح المتحدث أن أغلب هذه الحالات عسيرة وتتطلب زرع كلى.
وتحصي الجزائر 100 عملية زرع للكلى فقط تتم سنويا بالجزائر، في الوقت الذي تقدر الاحتياجات بحوالي 500 عملية زرع في السنة. كما أن 85 في المائة من المرضى يقومون بزرع الكلى في الخارج، بينما 10 في المائة فقط تتم في الجزائر. وتم إحصاء قرابة 20 ألف مصاب بالعجز الكلوي العام الماضي، 9000 يحتاجون إلى زرع الكلى.  وبينت آخر الإحصائيات أيضا أن 90 في المائة من حالات القصور الكلوي يخضع أصحابها لـ3 حصص أسبوعية لتصفية الدم، في حين أن 10 في المائة فقط يقومون بالعملية نفسها مرتين في الأسبوع.
و يقدر عدد المراكز الخاصة بتصفية الدم على المستوى الوطني 313 مركزا منها 175 تابعا للقطاع العمومي و138 مركزا تابعا للقطاع الخاص، ويؤكد الأطباء بأنه صار بإمكان المرضى الاستغناء عن جهاز التصفية بمراكز التصفية الخاصة والعمومية، من خلال القيام بعملية التصفية بالبيت بواسطة جيوب ترافق المريض ويتدرب على استعمالها، بحيث يصبح بإمكانه برمجة عمليات عديدة للتصفية يوميا، ومن دون التنقل إلى المركز، ما سينهي من معاناة المرضى وتنقلاتهم.
من جانبها تطالب بعض الجمعيات، بوضع برنامج تحسيسي وطني ودائم لإقناع وتحسيس العائلات بأهمية التبرع بأعضاء ذويهم، المتوفين سريريا منها على الخصوص الكلية، وقال مسؤول في الفيدرالية الوطنية لمرضى الكلى، أن الكثير من العائلات يمكنها أن تنقذ حياة أشخاص يواجهون متاعب صحية كبيرة تنهك وضعهم الصحي.
وبحسب محمد بوخرص، مسؤول فدرالية مرضى الكلى، تحصي الجزائر أكثر من ثلاثة ملايين مصاب بالقصور الكلوي، يحلمون بإجراء عملية زرع الكلية التي تخلصهم من معاناة آلة التصفية ومصاريفها الباهظة ورحلة البحث عن الأدوية المكلفة والتي تعرف في فترات معينة ندرة في السوق، كما يوجد 6 آلاف مريض في الجزائر ينتظرون عمليات الزرع، في الوقت الذي تجري المستشفيات 100 عملية في السنة.
ويشار بأن المستشفيات تقبل التبرع بالأعضاء وفق شروط، أبرزها تطابق بين المتبرع والشخص الذي ينقل إليه هذا العضو، لكن بالمقابل فإن أغلب العائلات ترفض أن تتبرع بعضو حتى بعد التأكد من وفاة أفرادها، حفاظا على حرمة المصاب أو الميت، بينما تطالب تلك الجمعيات أن يتم التبرع بالعضو في الإنعاش وهو أمر ترفضه أغلب العائلات، التي ترى في قرار كهذا بمثابة إعلان للوفاة قبل الأوان.
ويؤكد البروفيسور الطاهر ريان، المختص في أمراض الكلى وتصفية الدم وزراعة الكلى، أن التدابير القانونية تشجع زراعة الأعضاء في الجزائر وتستجيب لأغلب مطالب الجمعية التي نادت بها خلال السنوات الماضية، موضحا بان التدابير القانونية وحدها لا تكفي لبلوغ الأهداف المرجوة، وأكد ضرورة القيام بحملة تحسيسية واسعة وسط المجتمع، لخلق مزيد من الثقة في الطواقم الطبية والمستشفيات الجزائرية المهزوزة لدى الكثير من الناس".
وأشار البروفيسور الطاهر ريان إلى أن "الجهود ستنصب قصد رفع نسبة زرع الكلى التي تقدر حاليا بحوالي 6 بالمائة إلى 25 بالمائة في أفاق 2020 من إجمالي المرضى الذين يخضعون لتصفية الكلى وتخفيض نسبة هذه الشريحة من 94 بالمائة حاليا إلى 55 بالمائة في نفس الفترة.
أ/ن

الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة الشيخ جلول حجيمي
  يجب إشراك  رجــال دين  مع الأطبــاء في معـالجة القضـايا المثيـرة
أقر الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدّينية والأوقاف، الشيخ جلول حجيمي، بوجود «تقصير» في تبيان رأي الدين والشرع بشأن مسالة زرع الأعضاء، وقال بأن «مسألة زرع العضو وخاصة الكلية» من شخص حي لآخر أجازها العلماء، مضيفا بأن الخلاف يقع عند نقل العضو من الميت إلى الحي، ودعا لتشكيل لجنة مشتركة تضم أطباء ورجال دين لمعالجة القضايا الطبية المثيرة للجدل وتوضيح رأي الدين فيها.
ذهب الجمهور الأعظم من علماء الأمة إلى جواز التبرع بالأعضاء الآدمية والانتفاع بها ما دامت تحقق المصلحة وتنقذ حياة إنسان لقوله تعالى : "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" وما دام المنقول منه لا يضار وأيد هذا الرأي علماء لهم فتاوى فردية منضبطة ومجامع فقهية معتبرة، وأكد الأمين العام لتنسيقية الأئمة، الشيخ جلول حجيمي، «أن مسألة زراعة الأعضاء كنقل الكلية مثلا من شخص حي إلى شخص آخر مريض لا تطرح أية إشكالية من الناحية الشرعية».
ويشير جلول حجيمي، أن العلماء أفتوا بجواز ذلك، مع التقيد ببعض الشروط والضوابط، وأضاف «هناك إجازة شرعية لكنها مقيدة بضوابط وشروط إن نقصت أصبحت الفتوى لاغية وغير صحيحة»، ومنها خاصة ما يتعلق بصحة الشخص المتبرع ورأي الطبيب المعالج بشأن إمكانية وقابلية الاستمرار في الحياة وعدم إلحاق الضرر به صحيا وجسديا.
ويؤكد الشيخ حجيمي، أن الخلاف يقع بشأن التبرع بعضو من الميت إلى الحي، وأوضح قائلا «أخذ الأعضاء من جسد الميت فيه خلاف عند العلماء لأن الأمر مرتبط بحرمة جسد الميت»، موضحا بأن «موافقة الشخص قبل وفاته على التبرع قد لا تكون حجة كافية لأن أهل الميت قد يتراجعون بعد ذلك وهو ما قد يخلق إشكالية قانونية وفقهية».
فالمؤيدون للتبرع بالأعضاء لم يرخصوا ولم يجيزوا على إطلاقه، بل لا بد من شروط وضوابط وضعها العلماء ووضعتها المجامع الفقهية، وهذه الشروط عبر حالتين، النقل من الحي إلى الحي وشروط ذلك، الضرورة القصوى للنقل، بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضية في تدهور صحي مستمر ولا ينقذه من هلاك محقق إلا نقل عضو سليم إليه من إنسان آخر، ويقدر ذلك أهل الخبرة الطبية العدول، شريطة أن يكون المأخوذ منه وافق على ذلك حال كونه بالغا عاقلا مختارا.
والجانب الثاني، ألا يؤدي نقل العضو إلى ضرر محقق بالمنقول منه يضر به كليا أو جزئيا أو يمنعه من مزاولة عمله الذي يباشره في الحياة ماديا ومعنويا أو يؤثر عليه سلبيا في الحال أو المال بطريق مؤكد من الناحية الطبية فالضرر لا يزال بالضرر. وأن يكون النقل دون أي مقابل مادي أو معنوي مطلقا بالمباشرة أو بالواسطة حتى يكون بعيدا عن البيع والشراء والتجارة.
ويشترط الفقهاء صدور إقرار كتابي من اللجنة الطبية قبل النقل بالعلم بهذه الضوابط وإعطائه لذوي الشأن من الطرفين المنقول منه والمنقول إليه قبل إجراء العملية الطبية على أن تكون هذه اللجنة متخصصة ولا تقل عن ثلاثة أطباء عدول وليس لأحد منهم مصلحة في عملية النقل. كما يشترط ألا يكون العضو المنقول مؤديا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال.
وبشأن الشروط المرتبطة بنقل العضو من الميت إلى الحي، فوضع العلماء عدة شروط، أولها أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته موتا شرعيا بالمفارقة التامة للحياة أي  موتا كليا تستحيل معه العودة للحياة مرة أخرى، بشهادة ثلاثة من أهل الخبرة العدول. والضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضية في تدهور مستمر ولا ينقذه من وجهة النظر الطبية إلا نقل عضو سليم من إنسان آخر حي وكذا أن يكون الميت المنقول منه العضو قد أوصى بهذا النقل في حياته وهو بكامل قواه العقلية ومن دون إكراه ماديا أو معنويا وبحيث لا يؤدي النقل إلى امتهان كرامة الآدمي. وألا يكون العضو المنقول من الميت إلى الحي مؤديا إلى اختلاط الأنساب كالأعضاء التناسلية وغيرها. وأن يكون النقل بمركز طبي متخصص معتمد من الدولة ومرخص له دون أي مقابل مادي بين أطراف النقل.
وأقر الشيخ حجيمي، بوجود نوع من التقصير في التوعية ببعض القضايا التي تهم المجتمع والتي هي محل خلاف بين العلماء، على غرار مسالة زرع الأعضاء، مؤكدا أن هذا النقص راجع لغياب حلقات تواصل بين علماء الدين والمنظومة الصحية بشكل عام، موضحا «من الناحية العملية يجب على الأطباء تقديم الجوانب القانونية والطبية حول تلك المسائل حتى يعطي العالم والمفتي رأي الشرع فيها .. لا يمكن إصدار أحكام عامة دون قيود وضوابط»، مضيفا أن الكثير من المسائل تحتاج إلى تمحيص لإبداء الرأي فيها بناء على تقارير طبية على غرار «قضايا زرع الأعضاء وإجهاض الجنين في حالة الخطر على صحة الأم». مضيفا أن معالجة هذه القضايا وفق الدين والشرع وبعد دراسة معمقة يجنب المجتمع الكوارث التي يعيشها. ودعا حجيمي إلى تشكيل لجان مشتركة بين الأطباء وعلماء الدين لدراسة هذه القضايا، وتكون مدونة في محاضر يحدد فيها رأي الطب والقانون، قبل إصدار الرأي الشرعي، حتى لا تقع تجاوزات لا يقرها الشرع.                                    
أ/ن    

رئيس عمادة الأطباء الدكتور بقاط بركاني
 أغلب العمليات تتم داخل العائلة الواحدة
  يرى رئيس عمادة الأطباء، الدكتور محمد بقاط بركاني،  أن انشاء بطاقية وطنية للمتبرعين، تسمح بتدوين كل المعلومات الضرورية عن المتبرع، ومطابقتها مع حاجيات المرضى لتسهيل عملية زرع الأعضاء، وشدد على ضرورة مرافقة عائلات المتبرعين نفسيا، كما طالب الأئمة بالانخراط في حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع، مشيرا بأن الجانب الديني هو الأساس لترقية زراعة الأعضاء في الجزائر.
اعتبر رئيس عمادة الأطباء، الدكتور محمد بقاط بركاني، بأن مشاكل واعتبارات كثيرة تعيق تطوير التبرع وزراعة الأعضاء بالجزائر، وقال في تصريح «للنصر» بأن «عملية نزع العضو من المتبرع يجب أن تكون سريعة ومباشرة عند الوفاة حتى لا يتضرر العضو المراد نزعه كالقرنية أو الكلية»، مشيرا بأن العائلات الجزائرية ترفض «لاعتبارات دينية أو اجتماعية» أن ينتزع عضو من جسد الميت، ويعتبرون بأن ذلك يعد انتهاكا لحركة الميت.
وشدد الدكتور بقاط بركاني، على ضرورة تحضير عائلات المتبرعين نفسيا «حتى يتقبلوا فكرة التبرع بالعضو لصالح مريض آخر»، وأضاف قائلا «يجب التركيز على التحضير النفسي للعائلات حتى تقبل بأن تتبرع بقرنية أو كلية من جسد أحد أفرادها المتوفين»، مشيرا إلى وجود نقص كبير من هذا الجانب وهو ما أثر سلبا على عدد المتبرعين، ويرى الدكتور بركاني، أنه من دون «جهد بسيكولوجي لصالح العائلات لن يتغير الوضع إلى الأحسن».
ويؤكد الدكتور بركاني، بأن أغلب عمليات التبرع بالأعضاء غالبا ما تتم داخل العائلة الواحدة، مضيفا أنه في بعض الأحيان حتى داخل العائلة الواحدة «لن تجد من يتبرع للمريض لعدة اعتبارات، وخاصة ما يتعلق بنقص التوعية والتحسيس العلمي والديني، وقال بأن دور الوصاية والسلطات المكلفة بالصحة ضروري وحاسم، لتحسيس المواطنين، قبل الوصول إلى مرحلة التكفل بالمريض، وأضاف «في الأصل يجب أن يكون هناك متبرع قبل أن نتحدث في مرحلة لاحقة عن ظروف التكفل بالمريض ونقل العضو من شخص لآخر».                       
أ/ن      

الرجوع إلى الأعلى