جزائريون يفضلون الحافلات و الطاكسي بدل البريد لإرسال الطرود  
بين آلاف الأشخاص الذين يقصدون محطات نقل المسافرين بقسنطينة يوميا، هناك فئة غايتها من البحث عن سيارات الأجرة و الحافلات ليست السفر بل إيجاد من يوصل بريدها إلى عناوين معينة، فالعديد من الجزائريين يعتبرون محطات النقل أأمن من مراكز البريد في إيصال الطرود و يثقون في سائقي الحافلات و سيارات  الأجرة أكثر من ثقتهم في سعاة البريد، وحجتهم في ذلك أن المواصلات أسرع و أوثق.
كلفة نقل الرسالة تعادل تسعيرة المسافر
بمحطة الحافلات الشرقية بقسنطينة و كذا محطة النقل بالمدينة الجديدة علي منجلي، قابلنا عددا من الزبائن و السائقين أكدوا بأن هذه الممارسة شائعة جدا بين الجزائريين خصوصا إذا ما تعلق الأمر بطرد بحجم كبير أو رسالة هامة يتطلب إيصالها السرعة، علما أن تسعيرة نقل هذه الطرود أو المراسلات لا تختلف عن تسعيرة النقل العادية، قد يدفع صاحبها 500دج كما قد يدفع 800دج إذا كانت الرحلة نحو العاصمة أو الجنوب، أما إذا كان الطرد كبيرا فقد تصل تكلفة نقله إلى 1000دج.
و بالرغم من كون النشاط غير قانوني  إلا أن العديد من الناقلين لا يجدون حرجا في استبدال قبعة السائق بقبعة ساعي البريد، لأن الأمر حسبهم ليس حراما بل على العكس يصب في الصالح العام كما عبر مجيد، سائق سيارة أجرة عامل على خط العاصمة قسنطينة، معلقا “ نحن نقدم خدمة للمواطن الذي ما كان ليلجأ إلينا لو وجد البديل”، بينما أضاف عمي محمد سائق أجرة عامل على خط سطيف قائلا أنه ينقل يوميا أظرفة يسلمها له مواطنون لنقلها من أو إلى قسنطينة. يقول محدثنا “نحن نساهم يوميا في حل مشاكل المواطنين بتقديم خدمات لا يوفرها لهم البريد، بنقل أدوية يحتاجها مريض أو وثائق مستعجلة تأخر وصولها، فأين المشكلة في ذلك “.
معاملة مفتاحها الثقة و خط تونس  خاص بالأدوية
 ونحن نتجول في المكان، استوقفنا رجل كان بصدد البحث عن سيارة أجرة لنقل وثائق لعائلته في ولاية بسكرة، قال إنها تتعلق بوثائق استخرجها من المحكمة وجب أن تصل بسرعة إلى شقيقه، سألنا الشاب لماذا لم يرسلها عبر البريد المضمون أو عن طريق شركات نقل البريد الخاصة، فرد مبتسما  سبق وأن ضاع ملف كامل أرسلته عبر البريد، وعانيت الأمرين من أجل استخراج الوثائق مجددا، وهذا لم يسبق وأن حدث هنا، الثقة موجودة يكفي الاتفاق مع سائق سيارة الأجرة  أخذ رقم هاتفه و إعطائه للشخص المعني بالمراسلة لتحديد ساعة الوصول، و من ثم دفع 500دج و ينتهي الأمر في يوم واحد، أما البريد فيتطلب إيصاله على الأقل أربعة أيام إلى أسبوع كامل أما الطرود فكثير ما تضيع محتوياتها. سألنا عددا من السائقين عن نوعية المراسلات التي تتم في هذا الصدد و عددها يوميا، و ما إذا كان لديهم زبائن أوفياء، فأكدوا أنها معاملات يومية تقريبا، مشيرين إلى أن عصرنة الحالة المدنية و تسهيل عملية استخراج الوثائق عن طريق نظام الإعلام الآلي، خفف من حجم هذه المعاملات مقارنة بالسنوات الماضية، التي كانت معظم المراسلات خلالها تخص وثائق الحالة المدنية، أما الآن فقد تراجع هذا النوع إلا ما تعلق بوثائق معينة يخاف أصحابها ضياعها في البريد أو وصولها متأخرة عن موعدها. باقي المراسلات حسب محدثينا تخص الطرود التي كثيرا ما يحاول أصحابها عدم التصريح بمحتوياتها الحقيقية، لكنهم يضطرون للإفصاح عنها أمام رفض السائقين نقلها، وهي عموما وثائق و ألبسة و حتى أطعمة تقليدية،  لكن أكثر ما يتداوله الزبائن هو الأدوية.وحسب محدثينا فإن كثيرا من الأشخاص يفضلون إرسال الأدوية للمرضى عن طريق وسائل النقل و بالأخص سيارات الأجرة، و حسب أحد السائقين فإن غالبية الزبائن الذين يبحثون عن موقف سيارات الكلونديستان العاملة على خط تونس، يكون هدفهم إما طلب دواء معين أو إرسال أدوية أخرى.وقد علمنا من سائق سيارة أجرة أن البعض فقط من السائقين يقبلون بنقل المراسلات بينما يتجنب الغالبية تحمل المسؤولية، إلا إذا كان لديهم معرفة مسبقة أو تعامل مسبق مع الزبون، أو في حالة ما إذا كفله أحد معارفهم أو سائق آخر.
المعجنات التقليدية من أكثر  الطرود المرسلة إلى الخارج
 أكد مسؤول مصلحة المراسلات بالقباضة المركزية لبريد قسنطينة بأن الحديث عن انعدام ثقة الجزائريين في البريد، أمر عار من الصحة لأن مصلحته وحدها تسجل سنويا ما يتعدى 500طرد مرسل من داخل الوطن إلى ولايات الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب و الوسط، مقابل 200طرد يرسل سنويا نحو الخارج، وهي طرود تحفظ بكل أمانة و لا تظل في غرفة الحفظ لأكثر من ساعة قبل أن يتم نقلها مباشرة نحو الوجهة المحددة لها، إلا إذا ما تعلق الأمر بتلك الموجهة للسجون فهي تبقى أحيانا لمدة تعادل خمسة أيام في انتظار مرور ساعي بريد السجن الذي يشرف على مراقبة محتواها بنفسه لأسباب أمنية طبعا.و بخصوص نوعية الطرود التي يرسلها الجزائريون لبعضهم البعض في الداخل و بالأخص خارج الوطن، فقد أوضح المتحدث بأن أغلب محتوياتها هي عبارة عن معجنات تقليدية « شخشوخة، تريدة ورشتة» و كذا حلويات تقليدية و أحيانا ملابس.           نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى