التحف و قطع الأثاث الفاخر والمستورد ينعشان سوق الخردة بقسنطينة
تعرف تجارة الأثاث المنزلي المستعمل و قطع الديكور القديمة في الآونة الأخيرة بقسنطينة،   انتعاشا ملحوظا ، جعلها تخرج عن المألوف لتتحول محلاتها إلى أروقة لا تقل قيمة عن تلك المتخصصة في بيع  الأثاث الفاخر، بعدما أصبحت تشمل القطع النادرة و الفريدة و حتى تلك المستوردة تحت الطلب، كما دخلت المنافسة بقوة على زبائن السوق الالكترونية.
 سوق المستعمل  التي لطالما كانت تحتكم لمبدأ الفرصة أو الصدفة، التي قد تحالف من يقصدها فيجد ضالته بين قطعها المتنوعة ذات الأسعار المغرية، غيرت قوانينها مؤخرا حيث باتت تخضع لمعايير الجودة و التميز، كما تعتمد بشكل كبير على المستورد، وذلك عن طريق وسطاء يثرون محتوياتها من أسواق المستعمل و القديم في فرنسا كما أكده لنا صاحب محل " أنتيكا" بعين سمارة .
و الملاحظ  هو أن الكثير من باعة الخلد أو المستعمل، خصوصا الشباب الذين اقتحموا هذا المجال مؤخرا، يميلون إلى التعامل بشكل مباشر مع الزبون عبر موقع فيسبوك، وذلك من خلال عرض صور لقطع أثاث فاخرة  أو تحف نادرة من نحاس أو جلد، لوحات زيتية وخزائن ، كتب، أدوات مطبخ و مستلزمات الحمام، طاولات، ألعاب الأطفال و مزهريات و زرابي وقطع أثرية جميلة متقنة الصنع،  يعود بعضها للعهد التركي، و تباع عادة بشكل مفتوح تماما كما في المزاد العلني فتصل أسعار بعضها مثلا إلى 60 آلف دج، خصوصا بالنسبة للتحف القديمة و بعض قطع الديكور.
بقسنطينة خرجت تجارة القطع المستعملة من حيزها الضيق ، على اعتبار أنها لطالما تركزت في محلات حي " باردو"  التي يعتمد أصحابها على تصليح بعض القطع القديمة و التي يتم تجميعها من المنازل  لإعادة بيعها ، حيث توسعت مؤخرا لتشمل مناطق أخرى كعين السمارة ، منحدر المنية، و حتى حي سيدي مبروك، و تحولت إلى قبلة للكثيرين ، خصوصا العرسان الجدد اللذين يجدون فيما ما بناسب أذواقهم و يساعدهم على تأثيث أقفاصهم الذهبية مقابل تكاليف أقل.
 بالمقابل يعتبرها عشاق القطع النادرة و التحف القديمة مصدرا للحصول على مبتغاهم، إذ أن من بينهم من يطلب قطعا معينة من أثاث أو تحف و حتى كتب لا تتوفر في أرقي المحلات العادية و أروقة المجمعات التجارية الفاخرة حسبهم.
هذا الاهتمام المتزايد بما تعرضه هذه المحلات و ما يروج له متعاملو السوق الالكترونية، خلف ارتفاعا محسوسا في أسعار القطع المستعملة التي  تنطلق عادة من 1000 دج لتصل حتى 60 آلف دج أو أكثر، حسب نوع القطعة و حجمها و حالتها.  
خلال جولة بين عدد من هذه المحلات لاحظنا وجود بعض القطع الجميلة و النادرة، من النحاس و الجلد، جعلتنا نتخيل أنفسنا داخل متحف صغير يحمل بين جدرانه وزواياه أشياء بسيطة ولكنها جميلة جدا يؤرخ بعضها للعهد العثماني، و الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وقد أخبرنا باعتها بأنها ليست مستوردة لكنها أصلية و عمرها سنوات، استطاعوا جمعها عن طريق المقايضة، أو حصلوا عليها من منازل بعض لأثرياء مقابل مبالغ مقبولة.
أما بالنسبة لزبائنهم، فقد أوضحوا بأنهم يختلفون ثقافيا واجتماعيا ولكنهم غالبا ما يكونون من الطبقة متوسطة أو ميسورة ، ويهتمون بكل ما هو قديم أو ومستورد، مثلما أكدت لنا أحدى الزبونات التي أقدمت على شراء مسجلة " راديو خشبي " قديم مقابل 1200 دج لأنها كما قالت، تحب كل ما هو قديم وأصيل و تؤمن بمقولة "" الجديد حبو و القديم ما تفرط فيه ".
ن/ ط

الرجوع إلى الأعلى