العالم يشهد أزمة في تربية النحل وسلالات  عربية مهددة بالاختفاء
صدرت في الآونة الأخيرة عن دار «الوطن اليوم»، موسوعة مصغرة عن النّحل، تقع في 92 صفحة، حملت عنوان «النّحلُ حارس البيئة ومُنقذ الإنسان» للكاتب رشيد فيلالي، تناول من خلالها بالبحث والتحليل والشرح، الكثير من الأمور المتعلقة بهذه الحشرة النبيلة، مثل: أنواع النّحل و سلالاته، و أزمة تربيته في عالمنا العربي، وأنواع العسل. و يكشف المؤلف في موسوعته، أن أوّل ظهور لعملية استئناس الإنسان للنّحل تعود إلى 6 آلاف سنة قبل الميلاد، حيث تُبين حفريات مغارة تم العثور عليها في إسبانيا، صورة لامرأة مع خلية نحل برية، وهذا ما يُظهِر بوضوح أهمية النّحل لدى الحضارات الموغلة في القدم. المؤلف تطرق أيضا في موسوعته إلى الإحصاءات التي نُشرت بشأن النّحل وأصنافه وأنواعه، إذ يوضح أن العلماء أحصوا حتى الآن 20 ألف نوع، منها 700 نوع يعيش في أوروبا وحوالي 500 منها في ألمانيا لوحدها، وبعض هذا النّحل يعيش فرديا منعزلا و الآخر اجتماعيا أليفا، والنّحل موجود بجميع المناطق على الأرض، باستثناء القطب الجنوبي. وتنقسم سلالات النحل المنتج للعسل في العالم إلى ثلاث سلالات هي: الإفريقية والأوروبية والشرقية، وهذه السلالات تنقسم بدورها إلى سلالات صغرى. و تطرقت الموسوعة أيضا إلى أنواع أخرى من النّحل، إذ يوجد نحل كيب تاون بجنوب إفريقيا، والنّحل الإفريقي حاد الطباع إلى درجة تسميته بـــ»النّحل القاتل»، وهو يستوطن مساحات واسعة من بلدان قارة إفريقيا، و قد عَرف هذا النوع من النّحل انتشارا في بعض دول أمريكا الجنوبية، خاصة البرازيل التي قامت باستيراده من جنوب إفريقيا، لكن الولايات المتحدة ظلت تتخوّف من اقتحامه لأراضيها خشية تهجينه للسلالة المستوطنة بها، والتي تعمل أمريكا على الحفاظ على نقاوة سلالتها بشتى الطرق، مع التذكير أن النوع المنتشر بهذا البلد هو النحل المنتمي إلى السلالة الأوروبية ويُدعى بالنحل الأوروبي أو بتحديد أدق النحل الألماني، حيث تم إدخال هذا النوع من النحل إلى الولايات المتحدة في القرن السابع عشر، وقد عَرفت هذه السلالة عمليات تهجين عديدة جعلتها تفقد نقاوتها الأولى. وفي المقابل -حسب ما ذهب إليه المؤلف في بحثه-، يشهد العالم العربي أزمة في تربية النّحل، إذا جاء في الموسوعة أن عام 2008 يعتبر من أصعب الأعوام التي مر بها مربو النّحل في العالم العربي، وقد شكل ذلك تهديدا خطيرا للذين يمتهنون هذه المهنة إضافة إلى المخاطر البيئية الناجمة عن موت واختفاء النّحل بالملايين، فظاهرة موت النّحل قضت حتى الآن على أعداد هائلة منه في عالمنا العربي، كما أن هناك تهديدات جدية فيما يخص إمكانية اختفاء سلالات عربية من النّحل. علما بأن 12 محصولا غذائيا بشريا يعتمد كلية على النّحل في تلقيحه، ومن ثمة نموه الطبيعي مثل اللوز والبطيخ والبصل،، وغيرها. وكلّ هذا يؤكد أن للنّحل دور عظيم وجوهري في الطبيعة، ولهذا السبب يمكن اعتباره حارسا ممتازا للبيئة والتعدد البيولوجي. إذ على سبيل المثال يقوم بتلقيح 80 في المائة من النباتات المختلفة المنتشرة على كوكب الأرض، والتي يزيد عددها عن 200 ألف نوع، ولولا هذا الدور الذي يؤديه النّحل بإتقان متكامل فإن عددا كبيرا من النباتات سيختفي عن الطبيعة ولن يعود له وجود إطلاقا. الموسوعة لم تغفل حال هذه الحشرة النبيلة في الجزائر، إذ جاء في سياق البحث، أن وضع تربية النّحل في الجزائر لا يختلف كثيرا عنه في العالم العربي ككلّ، حيث يواجه تحديات تؤثر على نموه وتطوره بشكل عام.  الموسوعة، ذكرت وبالأرقام، بأن عدد النحالين بالجزائر، يصل إلى 200 ألف، ينشطون ضمن 23 تعاونية وطنية جلّها يقع في المناطق الريفية لدواع عملية. و-حسب ما جاء في الموسوعة دائما- فإن مهمة تأطير ودعم وإرشاد هؤلاء المربين وغالبيتهم غير مؤهلين علميا، تبقى مطلبا مستعجلا إذا أردنا توفير منتوج وفير من العسل المحليّ الممتاز من حيث النوعية ، و لا تزال الجزائر بعيدة كلّ البعد عن إنتاج هذه المادة الغذائية والصحية بالكمية المتطلع إليها، حيث يظل الاستيراد من الدول الأجنبية يُغطي هذا النقص الكبير والمحسوس في أسواقنا الوطنية.
نوّارة لحــرش

الرجوع إلى الأعلى