موقع أثري و سياحي مهجور
تعد المقابر الميغاليتية الواقعة ببلدية الركنية، شمالي ولاية قالمة، واحدة من أهم المواقع الأثرية و السياحية بالمنطقة، لكنها لا تزال بعيدة عن الأضواء و اهتمام السياح و الباحثين، بسبب عزلة المكان، و انهيار الطريق المؤدي إليه، انطلاقا من الطريق الولائي 122.    
و بدأ المهتمون بالتاريخ و الآثار و السياحة بقالمة، يتحركون باتجاه السلطات الولائية، لإقناعها بتسجيل مشروع لتعبيد الطريق الممتد على مسافة 1.5 كلم، و وضع لوحات، ترشد السياح، إلى الموقع المليء بالقبور، و الحوانيت، الضاربة في أعماق التاريخ البعيد.  
و يقول سكان المنطقة، بأن تعبيد طريق المقابر و المشتة المجاورة له، سيحرك النشاط السياحي و يرفع الغبن عن السكان، الذين يعيشون بجانب هذه المقابر العجيبة منذ أمد بعيد.  
و حسب المصادر التاريخية المتداولة حول الموقع، فإن المقبرة الميغاليتية بالركنية تضم نحو 3 آلاف قبر جنائزي محفور في قلب الصخور العملاقة، بشكل هندسي عجيب، يوحي بقدرة الإنسان القديم على تطويع الطبيعة القاسية، و إقامة حضارة عليها.   
و إلى جانب القبور الصخرية الفريدة، يوجد نحو 300 حانوت بالموقع المطل على جبل المنشار، و يعتقد المؤرخون بأن المكان هو أكبر مقبرة ميغاليتية بشمال إفريقيا، و تسمى هذه المقابر “الدولمن”، و تحتوي على بقايا عظام و جماجم لهياكل بشرية، و قطع من الفخار، عثر عليها باحثون قبل 150 سنة.   
و إلى جانب الفخار و الهياكل العظمية البشرية، عثر علماء الآثار القدامى أيضا، على حلي و قطع نقدية  و أساور من معدن البرونز، و معدن الفضة، مما يؤكد بأن إنسان فجر التاريخ، لم يعتمد فقط على الفخار، بل استعمل الكثير من المعادن الأخرى لتسهيل الحياة، و إبراز قدرته على الاستكشاف و الصناعة.  
و تقول المصادر التاريخية المتداولة، بأن أبعاد القبور المنحوتة في قلب الصخور بين 0.8 و 3 أمتار طولا و بين 0.5 و 1.7 مترا عرضا، و كل قبر مملوء بالقواقع و عظام الموتى الذين عاشوا بالمنطقة منذ فجر التاريخ.  
و جرت بعض المحاولات قبل عدة سنوات، لتهيئة موقع المقابر الميغاليتية الشهيرة بالركنية، و ترميم الطريق المؤدي إليها، و منذ ذالك الحين بقي الموقع مهجورا، و بعيدا عن قوافل السياح، و الباحثين و طلبة الجامعات، المهتمين بالآثار و التاريخ القديم.  
و يأمل سكان المنطقة بأن تتدخل السلطات الولائية، لفك العزلة عن الموقع الأثري، و السكان المجاورين، و تحريك النشاط السياحي، الذي يعول عليها كثيرا لإعطاء دفع جديدة للتنمية المحلية.  

   فريد.غ 

الرجوع إلى الأعلى