أصلي التراويح وأحفظ القران و أصوم رمضان إيمانا و احتسابا
استقبلتنا بابتسامة خجولة في منزلها الكائن ببلدية الخروب بقسنطينة، أين تقيم رفقة زوجها بلال و عائلته،  لتروي لنا قصة إسلامها بعد بلوغها 30 عاما من عمرها ، لم تكن تعرف خلالها الكثير عن دين الإسلام، بحكم نشأتها المسيحية، هي يانا سبوميندوفا، التشيكية التي اختارت اعتناق الديانة الإسلامية بعد أقل من سنة من زواجها من شاب جزائري تعرفت عليه عبر الانترنت، فأحبته و أحبت الدين الحق من خلاله فأصبح اسمها مريم دربال.
لم تكن السيدة يانا أو مريم 32 عاما، تدرك بأنها ستفيق يوما لتجد نفسها في قارة أخرى، تتبع عادات و تقليد مجتمع مختلف تماما عن مجتمعها الأصلي، فكما أخبرتنا معرفتها بالجزائر بدأت قبل ثلاث سنوات، تحديدا سنة 2012، حين قابلت زوجها الحالي عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشأت بينهما علاقة جادة.
 في البداية كانت زياراتها للجزائر متقطعة، اقتصرت على أسبوعين اثنين، ثم عادت لتزورها مجددا و تمكث بها لمدة أربعة أشهر، قبل أن تحسم أمرها و تقرر العودة إلى تشييكوسلوفاكيا، لتعيد ترتيب أوراقها هناك، بداية بالاستقالة من وظيفتها، و الاستعداد للعودة إلى الجزائر و الزواج من بلال.
حديثنا إليها كان عن طريق وسيط و هو زوجها، الذي تكفل بترجمة أسئلتنا لها و من ثم  إخبارنا بردودها، فكما أخبرتنا هي لم تتمكن إلى غاية الآن من تعلم اللغة العربية، ما عدا بعض الكلمات التي استعملتها خلال الحوار، أما خلاف ذلك فهي تفهم اللغة لكن لا تتكلمها.
تواصل مريم قصتها : « عدت مجددا إلى الجزائر، كان ذلك قبل سنتين تحديدا، تطلب الأمر أربعة أشهر كاملة، لنعقد قراننا أنا و بلال، بسبب الإجراءات المعقدة ، على اعتبار أنني أجنبية، ارتبطنا و حظيت بعرس تقليدي جزائري، أحببت أخلاق أسرة زوجي، فبدأت أتعلم منها الكثير و أدركت أن الدين الإسلامي هو بوصلة حياتها، لذا قررت اعتناقه ، بعد فترة بدأت أتعمق أكثر في البحث من خلال الانترنت و زادت ثقافتي الدينية، وكلما كنت أعرف و أتعلم أكثر كنت أحب الإسلام أكثر، و أتلذذ بحلاوة الإيمان و القرب من ربي، تأكدت بأنني وجدت السلام، و الطريق الصحيح نتيجة لمنطقية تعاليم الدين ، فأدركت الإسلام بقلبي و بعقلي معا « . تسترسل : « معرفتي بالدين، زادت من قناعتي بضرورة إتباع تعاليمه بحذافيرها، فأشهرت إسلامي أمام أفراد عائلتي، في البداية استغربوا و رفضوا المبدأ بسبب جهلهم للإسلام، و نتيجة للصورة السلبية التي يروجها الإعلام عنه، لكنهم انتهوا بالقبول بقراري لأنه في النهاية يدرج ضمن الحرية الشخصية».
أضافت :» بعد فترة اقترح علي زوجي ارتداء الحجاب فوافقت على الفور، ثم بدأت أفكر في الصلاة و حفظ القرآن، بسبب مشكلتي مع اللغة العربية، كان زوجي يقوم بكتابة الآيات القرآنية بالحروف الأبجدية التشيكية، و أعيد أنا قراءتها، فتمكنت من حفظ خمس سور، لتتسنى لي الصلاة».
أما عن صيامها لأول مرة ، فقد أخبرتنا مريم ، بأنه كان أكبر تحد لها، لأن أول رمضان صامته كان السنة الماضية،في  يوم صيفي طويل وحار، كما عبرت، ما جعلها تفقد قدرتها على التحمل خلال الثلاثة أيام الأولى منه، لكن تشجيع عائلتها الجديدة و حبها لله و الرغبة في طاعته شكلت دافعا قويا لها.
تقول محدثتنا :» كنت مصرة على الصوم إيمانا و احتسابا، أفطر على التمر و أحافظ على صلواتي الخمس في أوقاتها، كما أنني هذه السنة التزمت بأداء صلاة التراويح دون انقطاع، رغم  أنني أواجه صعوبة في اللغة».
مريم التشيكية، حدثتنا مطولا عن الاختلاف الكبير بين العادات و التقاليد في بلدها و في الجزائر، مؤكدة بأن أكثر ما شدها هو المطبخ التقليدي الجزائري، موضحة بأنها تعلمت إعداد أطباقه على اختلافها، ما جعلها تدخل المطبخ هذه السنة مع والدة زوجها و تساهم بدورها في تحضير مائدة الإفطار، من خلال إعداد « الكسرة، شربة الفريك، البوراك و الكسكسي «، كما قالت.
 تبتسم قليلا و تضيف :»  لم أندم يوما على اختياري لهذا الدين، لأنه الدين الحق، لقد وجدت السلام و تلذذت بحلاوة الإيمان، حياتي هنا سعيدة، بالرغم من أن وزني قد زاد كثيرا بعد الزواج، ربما أصعب مرحلة كانت التحول الجذري من سيدة مستقلة عاملة، إلى ربت بيت تعيش رفقة أسرة كبيرة ، لكن مع ذلك يبقى الإسلام نقطة تحول هامة في حياتي لأنه أصبح أساسا لها الآن». محدثتنا أوضحت بأن اعتناقها للإسلام، تم على يد إمام مسجد، أحضره زوجها إلى المنزل كخطوة مبدئية، في الوقت الذي تستعد فيه لإعلان شهادتها رسميا و النطق بها أمام الملأ داخل أحد مساجد قسنطينة صبيحة اليوم الثاني من عيد الفطر، وذلك تمهيدا للشروع في إجراءات تغيير إسمها إداريا من يانا إلى مريم كما أكدت.
من جهته أوضح زوج مريم، بلال دربال، بأنه يفكر جديا في التخلي عن فكرة تغيير اسم زوجته، بسبب تعقيد الإجراءات، كون الأمر يتطلب مجموعة من الوثائق الإدارية الخاصة بمريم، والتي يتطلب الحصول عليها سفرها مجددا إلى بلدها تشيكوسلوفاكيا، علما بأنها لم تغادر الجزائر منذ 14 شهرا.
 نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى