سأعيد أغنية "عينينك يا عينيك" بتوزيع جديد والقنوات الخاصة  تستغل الفنانين
ترى ابنة مدينة قسنطينة، الشابة يمينة، بأن الساحة الفنية الجزائرية صارت حاضنة لمختلف الطبوع الفنية المستوردة من أقطار عربية وعالمية أخرى، دون أن يكون فنانوها قادرون على تصدير شيء من الثروة الموسيقية والفنية التي يزخر بها بلدهم، وأشارت إلى ضرورة النهوض بالمجال الفني، و تحدثت في حوار فتحت فيه قلبها للنصر، عن أهم العراقيل التي صادفتها خلال مشوارها الفني بداية من قسنطينة إلى الجزائر العاصمة التي  تقول أنه نظر إليها بها على أنها دخيلة، كما انتقدت القنوات الخاصة واتهمتها  باستغلال الفنانين دون إعطائهم حقوقهم، مرجعة غيابها الطويل عن الحفلات الرسمية إلى تقصير من وزارة الثقافة في دعوتها، بالرغم من تأكيدها على أنها لا تزال تملك شعبية لدى جمهور وفي ينصبها دائما نجمة المناسبات التي تسنح لها فرصة حضورها ، لأن الفنان حسبها لا يصنعه الإعلام والحوارات.

-النصر : هل شعبية الشابة يمينة لدى الجمهور الجزائري، لا تزال بنفس القدر الذي كانت عليه في بداياتها الفنية؟
-الشابة يمينة : الحمد لله، لازلت إلى الآن نجمة السهرة في كل الحفلات التي أشارك في إحيائها رغم قلة ظهوري في الحفلات الرسمية، فمنذ بدايتي سنة 1991 إلى اليوم، أي خلال 25 سنة، لا زلت أرقص الجمهور وألهبه  بمجرد اعتلائي الركح.
-ما سر غياب الشابة يمينة عن الحفلات في السنوات الأخيرة، بالرغم من حضورها لدى الجمهور ومكانتها لديه؟
- غيابي أمر خارج عن نطاق سيطرتي، فهو ليس تقاعسا مني، وإنما تقصير من وزارة الثقافة لكونها الجهة المخولة بدعوتي، ومن الممكن أنهم وجدوا بديلا عني لإحياء الحفلات، أو ربما أصابهم الملل مني، أو غفلوا عن أن الجمهور لا يزال يحبني، وحتى التلفزة الجزائرية لم تعد تدعوني منذ تغير أشخاص معينين على مستوى المجموعة المسيرة للمؤسسة.

نحن نستورد الفن ولا نصدره


-وهل جاءتك دعوات من قنوات للمشاركة في حصص تلفزيونية ورفضتها؟
- نعم أنا أرفض أحيانا دعوات بعض الجهات التي تبالغ في الأمر، خصوصا من القنوات الخاصة، فأنا أعمل معهم لكني لو أجاريهم فسأكون أنا الخاسرة في نهاية الأمر، بسبب كثرة دعواتهم لي، دون أن أستفيد من مردود مادي يذكر، ما يضيع علي وقتي وجهدي، في وقت تقوم فيه مؤسساتهم ببيع الحصة التلفزيونية وتحصيل كم كبير من الأموال، وهذا الأمر على عكس الدول المتقدمة، أين يتلقى الفنانون مقابلا ماديا محترما من القنوات التلفزيونية مقابل تسجيل حصص معهم، فالأمر ليس مثل الحوارات التي نجيرها مع الصحافة المكتوبة، ولو شئت أن أظهر يوميا في القنوات الخاصة لفعلت، لكن لا عائدات في الأمر، كما أنني كنت لأشارك مجانا لو أن الحصص المذكورة كانت تقدم بشكل مجاني.

لا زلت  نجمة السهرة في كل الحفلات رغم قلة ظهوري


وقد اتصلوا بي خلال شهر رمضان لكنني رفضت، فأنا أتحمل تكاليف كبيرة للظهور في التلفزيون، على غرار تكاليف الملابس ومستحضرات التجميل وغيرها، وإن قبل الفنانون الآخرون بهذا الأمر فأنا لا أفعل.
-إذا ترين أن القنوات الخاصة
لا تعطي اعتبارا للفنان؟
-بكل تأكيد لا تفعل، فالفنان أيضا لديه أعباء يتحملها، وليس متفرغا للظهور على شاشات التلفزيون فقط، بينما تستغل هذه القنوات الفنانين وتحصل أرباحا عن طريقهم دون أن تعطيهم حقوقهم، وهي على عكس التلفزة الوطنية التي تحترم الفنانين، وتدفع لهم مقابل تسجيل حصص معهم، وحتى إن لم تقبض بشكل آني، تأتيك حقوقك في وقت آخر.

 

تعرضت للحسد كثيرا  و عوملت كدخيلة   في العاصمة


في إحدى المرات اتصلت بي قناة خاصة جزائرية، وطلبت مني المشاركة مقابل 40 ألف دينار، ولذلك رفضت الأمر، (وأضافت متهكمة) يمكنني أن أعطيهم هذا المبلغ من مالي الخاص إن كانوا في حاجة إليه، وقد كان ردي على دعوتهم صارما.
-إذا يمكن القول أن الفنانين الذين يتنازلون عن حقوقهم المادية مقابل المشاركة يفسدون الوضع على زملائهم؟
-الفنان هو من يتسبب في إسقاط قيمة زميله، فلو اتحد الجميع على اتخاذ موقف واحد لارتفعت قيمة الفنان، ولكن تهافت البعض على الظهور في كل المناسبات دون فرض مقابل مادي محترم، كرس طريقة تعامل مهينة في حق الفنانين من طرف القنوات وغيرها، ما يجعل الذين يضعون شروطا للتعامل مع مختلف الجهات، حالات استثنائية، حيث ينتهي الأمر ببساطة بعدم دعوتهم مجددا.

قناة  خاصة عرضت علي 40 ألف دج للمشاركة في برنامج


-وهل تأفل نجومية الفنان دون دعم الإعلام والحفلات الرسمية ؟
- لا أبدا، فعلى سبيل المثال، الفنانة اللبنانية فيروز لا تظهر في الحوارات ولا في الحصص التلفزيونية ولا غيرها، ولكن صيتها وشهرتها لا يزالان ذائعين على المستوى العربي والعالمي، ولا يمكن أن تنطفئ شمعتها، فالفنان بإنتاجه الفني وبما يقدمه لجمهوره، ولا يصنع بالإعلام والحوارات وغيرها من الوسائل.
و أنا مثلا تمكنت من حشد جمهور كبير من المستمعين من خلال أغنية «عينيك يا عينيك»، عبر توزيعها الجيد وجودتها، دون الحاجة إلى الدعم الإعلامي أو الحفلات.
-وكيف تقيمين وضعية الفنان في الجزائر بشكل عام؟
- بصراحة، أنا منعزلة نوعا ما، ولست في موضع جيد يسمح لي بتقديم حكم عام على وضعية الفنانين في الجزائر، بسبب غيابي عن الحفلات الكبرى لمدة طويلة، فضلا عن أنه من المستحيل أن يشتكي الفنان لزميله في الساحة الفنية، من نقص أو ركود في نشاطه، وأنا شخصيا عندما ألتقي ببعض الفنانين ونتبادل أطراف الحديث، يبدؤون بالمفاخرة بالعدد الكبير لحفلاتهم المبرمجة، لكنني لا أستوعب سبب قيامهم بذلك، وإن كان جليا أن الهدف الفعلي من عرض السر المهني والحديث عن الأعمال التي تنتظرهم مع الزملاء، هو مجرد محاولة للقول «أنني في وضع أفضل منك».
إذا بعبارة أخرى هنالك حسد بين الفنانين، أليس كذلك؟
- نعم يوجد حسد بينهم، و»عدوك صاحب هو صنعتك» كما يقول المثل، وحتى تلك الحفلات الكثيرة المبرمجة التي يفاخر بها الكثيرون منهم، لا وجود لها في الحقيقة، فالأفضل هو أن نتعاون لرفع قيمة الفنان، حتى نشارك في الحفلات و»قدرنا مرفوع». وأنا شخصيا لم أدع للمشاركة في حفلات الديوان الوطني للثقافة والإعلام لمدة خمس سنوات، لكن ذلك لم يؤثر علي بشيء.
وهل تعرضت الشابة يمينة خلال مشوارها الفني لمشاكل وعراقيل تسبب فيها الفنانون الحاسدون لها؟
- (تقول وهي تبتسم) تعرضت للحسد كثيرا، فعلى سبيل المثال قال بعض الفنانين عني بـ”أني جئت لأستعمرهم”، عندما انتقلت من قسنطينة إلى الجزائر العاصمة، فهم كانوا يعتقدون بأن الجزائر العاصمة ملكيتهم الخاصة وأنا دخيلة عليهم، ونظروا إلي على أنني جئت من مكان بعيد واحتللت الساحة، بينما يعود سبب تنقلي إلى العاصمة إلى تزايد طلب الجمهور علي، ما جعلني أقرر الإقامة هناك لاختصار المسافة والوقت، والتقليل من أعباء السفر المتواصل من وإلى قسنطينة.

الفنان هو من يتسبب في إسقاط قيمة زميله


فهم كانوا يرون حب الجمهور لي وكثرة حفلاتي على أنها تهديد لمكانتهم، ويعتقدون أن مدينة قسنطينة مكان صغير، بينما هم يعيشون في مدينة راقية، في حين أن الأرزاق حصص قسمها الله على عباده، ولا يمكن لأي كان أن ينال حصة شخص آخر.
-وماذا عن قسنطينة، ألم تتعرضي لحسد الفنانين بها؟
- صادفت عراقيل كبيرة بقسنطينة بسبب غيرة الحاسدين، لكنها من العراقيل التي يمكن مصادفتها في مختلف المجالات، فقد حاولوا عرقلتي عندما كنت أمارس المسرح وعندما بدأت الغناء، ولكني أحاول دائما تجاوز الأمور، فلا يمكن في النهاية الوصول إلى هدف ما دون معاناة أو كما يقول المثل، “لا وشم بدون دماء”، وربما لعبت العراقيل دورا كبيرا في إعطائي دفعا إلى الأمام، رغم أنني لم أصل بعد إلى المكانة التي أريدها، فالطريق لا يزال طويلا أمامي، فطموحاتي كبيرة ولا يمكن أن تنتهي أبدا.
ولا زلت إلى اليوم أطمح إلى تسجيل أغاني جديدة ومقاطع موسيقية عصرية، بتوزيع عالي الجودة، وفي أستديوهات كبيرة، فمثلا أريد أن أسجل اللون الموسيقي الخاص بي، بوسائل ضخمة حتى أصل بموسيقاي وأغاني إلى العالمية وإلى إحياء حفلات راقية، مع فرق موسيقية عالية الاحترافية، ولما لا أصل بهذا اللون الفني إلى بلدان المشرق العربي، مثلما يأتينا فنانو المشرق إلى هنا.
-هل ترين أن حضور النجوم الجزائريين في العالم ضعيف؟
- نعم بكل تأكيد، فنحن نستورد الفن ولا نصدره للأسف، وكأننا نفتقر إلى المادة الفنية، بالرغم مما تزخر به الجزائر من ثروة موسيقية وفنية في مختلف الطبوع، لكن عدم الاعتناء بها جعلها دائما مخفية ومطمورة عن عيون العالم .. ربما ستتمكن الأجيال القادمة من تحقيق ما لم نتمكن من تحقيقه في الوقت الحالي.
-ما هو جديد الشابة يمينة؟
- كنت سأدعها مفاجأة لكن لا بأس يمكنني أن أخبرك، قمت في الحقيقة بإعادة أغنيتين من ألبوماتي القديمة، وهما أغنية “عينيك يا عينيك”، التي لم أسمع بعد كيف تم وضعها وتوزيعها، بالإضافة إلى أغنية قديمة جدا باللغة الأمازيغية الشاوية واللغة العربية، “غرس المال”، وهما في شكل “ديو”، كما سجلت أغنيتين أخريين معهما، وسيتم طرحهما في بالأسواق في الأيام القليلة القادمة، حيث يتم حاليا وضع اللمسات الأخيرة عليها، كما أني سأحيي العديد من الحفلات، خلال الصيف إلى غاية شهر سبتمبر، بعد أن كنا متوقفين عن العمل خلال شهر رمضان، فضلا عن بعض الحفلات مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام.
في الوقت الحالي هذا هو برنامجي، أنا لا أفاخر بالقول بأن لدي حفلات بدول أوروبية أو غربية أخرى، فأنا هنا في الجزائر ولا أزال مواصلة نشاطي بأرض الوطن.
-ما سر اختيارك إنشاء مزرعة في الريف والعيش فيها؟
-العيش في مزرعة حلمي منذ الصغر، فأنا أحب السكن في الأماكن الرحبة وفي سكينة بعيدا عن صخب المدن، تماما مثلما لا أحب التواجد في الأماكن الضيقة وصعود السلام والمصاعد، وهذا ما دفعني إلى اتخاذ هذا القرار.
-...فالمزرعة ليست لأغراض تجارية؟
- لا أبدا، فأنا أنفر من الأحياء المزدحمة، وحتى إن وجدت الفرصة للعيش في منزل وسط المدينة ويكون في الطابق الأرضي، فسأرفض الأمر، فأنا أحب البقاء وحيدة وسط الطبيعة والمناظر الجميلة.

حاورها : سامي حباطي

الرجوع إلى الأعلى