مستعدون للتفاوض وسنلجأ إلى أساليب أخرى للمقاومة إذا استمر المغرب في عناده
أشاد السفير الصحراوي بالجزائر بشرايا حمودي بيون، بالموقف الجزائري المبدئي والثابت من القضية الصحراوية وبمختلف أشكال الدعم والمساعدات الإنسانية التي تقدمها الجزائر للاجئين الصحراويين في المخيمات، وأبرز بأنه  كلما تضاءلت المساعدات الدولية أو شحت، إلا وسارعت الجزائر لتعويض كل نقص، أو عجز، مؤكدا في ذات الوقت، عزم الصحراويين للمضي في كفاحهم ونضالهم إلى غاية تحقيق الحرية والاستقلال.
وفي حديث خص به جريدة النصر عشية انطلاق أشغال الجامعة الصيفية لجبهة البوليزاريو التي تحتضنها بومرداس اعتبارا من اليوم الثلاثاء،  ندّد بيون بالموقف الفرنسي المنحاز للمغرب والذي يرمي بالدرجة الأولى، كما قال إلى عرقلة كل جهود الأمم المتحدة بوضع حواجز أمام حل قضية الشعب الصحراوي وتعطيل قرارات مجلس الأمن، فيما حذر من المناورات المغربية الأخيرة الرامية إلى تكسير الاتحاد الإفريقي.
ما هي أولويات القيادة الصحراوية الجديدة بعد انتخاب السيد إبراهيم غالي أمينا عاما لجبهة البوليزاريو، ورئيسا للدولة؟
إن أولوياتنا وأولويات برنامج عمل الرئيس الصحراوي الجديد قد تم تحديدها في المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليزاريو المنعقد في الـ 14 ديسمبر 2015 وهذه السياسة لم تتغير مع تغير الرئيس الجديد، الذي جاء لإكمال المسيرة، وبالتالي فسياستنا العامة وتوجهاتنا وأولوياتنا تم تحديدها في المؤتمر المشار إليه، ونحن في جبهة البوليزاريو كل فلسفتنا وإيديولوجيتنا وكل عقيدتنا تبنى على نقطتين أساسيتين وهي تحرير الأراضي الصحراوية وبناء الدولة الصحراوية لذلك فإن مجهوداتنا ودائرة اهتمامنا اليوم، كلها تنصب في هذا الاتجاه ، كما أن شغلنا الشاغل اليوم يدور حول كيفية تجسيد الأمم المتحدة لالتزاماتها تجاه الشعب الصحراوي من خلال تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، بموجب الاتفاق الذي سبق وأن وقعناه مع المغرب برعاية الأمم المتحدة، وكل آمالنا معلقة على التسوية السياسية السلمية للقضية الصحراوية، وإذا استمر المغرب في سياسة الهروب إلى الأمام، يتحتم علينا اللجوء إلى أساليب أخرى للمقاومة.


هل تعتقدون أنه بالإسراع في عودة المينورسو إلى المنطقة يمكن إعطاء دفع جديد للقضية الصحراوية؟
إن مهمة بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية،  ‹›مينورسو››، واضحة ولكن المغرب يعمل كل مرة على عرقلة أدائها لوظيفتها، ولا شك أن مجلس الأمن كان كل مرة أيضا متسامحا مع المغرب المدعوم من طرف فرنسا المتحالفة معه ضد تقرير مصير الشعب الصحراوي، وها هو نظام الاحتلال المغربي يتجاوز في الفترة الأخيرة كل الحدود ووصلت به الجرأة إلى حد طرد البعثة الأممية، في محاولة يائسة منه للتملص من الشرعية الدولية، بحجة واهية تتعلق بالتصريحات الأخيرة للأمين العام الأممي، بان كيمون، التي قال فيها خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة أن ‹›الصحراء الغربية أرض محتلة››، وما يجعلنا نقول أن حجة المغرب واهية كون كل أدبيات الأمم المتحدة كلها تتكلم بأن الصحراء الغربية أرض محتلة على غرار القرار 3437 القرار 3519 للأمم المتحدة، والحاصل أن المغرب حاول اختلاق أزمة للعالم بطرده بعثة المينورسو، ولكن الأزمة كان المقصود منها لفت أنظار العالم عن الأزمة الحقيقية، وهي احتلال واستعمار الصحراء الغربية، وإخفاقاته الكثيرة بسببها سيما بعد رفض الولايات المتحدة الأمريكية أن يشمل اتفاق التجارة الحرة مع الرباط، الصحراء الغربية، فضلا عن إلغاء المحكمة الأوروبية للاتفاق الفلاحي والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي و المغرب لأنه شمل الأراضي الصحراوية المحتلة.  ونحن هنا نطلب من مجلس الأمن تحمل مسؤوليته وإجبار المغرب على قبول عودة كل أعضاء ‹›المينورسو›› دون قيد أو شرط وتحديد تاريخ الاستفتاء.

هل يمكن أن يعود طرفا النزاع إلى المفاوضات المباشرة ؟
قبل أيام صرح الناطق الرسمي للأمم المتحدة، وبشكل علني عن ترتيبات جديدة لبعث المفاوضات من جديد لكنه لم يكشف فحواها، و نحن ننتظر ما هي خطوة الأمم المتحدة المعلن عنها، وفي انتظار قدوم كريستوفر روس إلى المنطقة، نحن على أتم استعداد للتعاون معه والتعاطي بإيجابية مع الأمم المتحدة بالحرص على تنفيذ قرارات، وقد كنا وما زلنا في أتم الجاهزية للتفاوض الجدي والبناء من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بقضيتنا العادلة.
لا يزال انحياز فرنسا للمغرب يعرقل إلى حد كبير الجهود الأممية لحل القضية الصحراوية، لماذا لا يتقدم الصحراويون أكثـر من المجتمع المدني الفرنسي للضغط على باريس؟
لقد قدمت فرنسا كل الدعم والمساندة للمحتل المغربي الظالم لأرضنا طيلة 40 سنة، وشاركت بكل ما أمكنها من قوة في الحرب ضدنا، سياسيا وعسكريا وماليا واقتصاديا ودعائيا، فقد شاركت بقوات جوية ضدنا، وقنبلت شعبنا الصحراوي بطائرات الميراج التي أقلعت من السينغال، وكانت القوة الأوروبية الوحيدة التي وقفت ضدنا مع المغرب في حربه التدميرية لنا ورغم ذلك فلم تنجح،
 وفرنسا هي البلد الوحيد دائم العضوية في مجلس الأمن الذي يقف دائما ضدنا، حيث تقوم بعرقلة معلنة لكل جهود الأمم المتحدة وتضع حواجز أمام حل قضية الشعب الصحراوي على الرغم من عدم استعمالها لحق الفيتو إلا أنها تهدد باستخدامه في حال اتخاذ مجلس الأمن قرارا حاسما في الصحراء الغربية.
ولا يختلف إثنان في أن السياسة الحالية لفرنسا في المنطقة تطمح للهيمنة على شمال إفريقيا، والمغرب هو بوابتها وسندها في تنفيذ سياستها القذرة في المنطقة، ولكنها أصبحت يوما بعد يوم محرجة لأنها تتعاون مع الظلم وتقف ضد الشرعية الدولية.
من جهة أخرى، فإن الدولة الفرنسية مازالت تؤثر في المجتمع المدني الفرنسي والكثير من تنظيمات المجتمع المدني ما تزال تساند موقف بلدها في دعم النظام المغربي الظالم ولا اعتقد أن هذا سيطول، لأن العالم يتغير بسرعة حتى في مواقفه ففرنسا التي كانت في السنوات الماضية تستطيع جر بعض البلدان لمساندة طروحاتها الاستعمارية، في مجلس الأمن، لم تعد تستطيع اليوم سوى جر السينغال.
يقع على عاتق إسبانيا دين تاريخي تجاه الشعب الصحراوي ومسؤولية جسيمة في الوضع القائم في الصحراء الغربية.


من الناحية القانونية فإن إسبانيا هي البلد المستعمر للصحراء الغربية بموجب القانون الدولي، ورغم ذلك فإن اسبانيا تحاول التملص من هذه المسؤولية ولكننا سنظل نحملها المسؤولية و سيأتي يوم لا محالة وتتحمل الحكومة الإسبانية مسؤولياتها باعتبار أن ثمة أحزاب صاعدة من مؤيدي القضية الصحراوية وستصل إلى الحكم لتكون بديلة للقوى السياسية الحالية المتداولة على الحكم والمؤيدة للمغرب.
ماذا تنتظرون من دول الإتحاد الإفريقي في ظل عمليات الابتزاز التي بدأ المغرب يقوم بها من أجل العودة إلى الاتحاد؟
إن أول خطوة إيجابية قام بها الاتحاد الإفريقي هو قبول انضمام الصحراء الغربية إلى المنظمة، وكان هذا الموقف التاريخي الدافع كما هو معلوم لاتخاذ المغرب قرار مغادرة منظمة الوحدة الإفريقية، في فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني، واليوم أصبحت أغلب بلدان الاتحاد تدافع بقوة في مختلف المحافل الدولية عن شرعية القضية الصحراوية وعدالتها، وموقف ذات المنظمة يزداد في هذا الاتجاه قوة أكبر.
واليوم إن محاولة المغرب العودة إلى الاتحاد الإفريقي المغرب لم تأت بنية  البناء وإنما بنية محاولة تفتيت الاتحاد الإفريقي وتكسيره باستعمال بعض الدول لتنفيذ هذه المهمة على غرار السينغال وغينيا وكوت ديفوار وجزر القمر، لكن ستظل 46 دولة حصنا منيعا أمام المناورات المغربية، بحرصها على بقاء وتماسك الاتحاد الإفريقي من أجل أن يكون له دور فعال في تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، ومن أجل أن يكون لهذا الفضاء دورا بارزا ومؤثرا في السياسة الدولية، الحاصل أن المغرب لن يستطيع طرد الجمهورية الصحراوية من المنظمة لأنه لا يحترم العهد التأسيسي للمنظمة ومبادئها.
لماذا بقيت منطقة الخليج العربي عصية نوعا ما عليكم إلى درجة أنه لا توجد أي دولة من هذه الدول تعترف بالجمهورية الصحراوية؟
يجب أن يعلم الجميع بأن الحرب التي شنها المغرب من بدايتها من تمويل خليجي باعتبار أنه لا يملك المال الكافي لتمويل الحرب ولا ثروات باطنية والآن وبعد الأزمة المالية التي تمر بها بلدان منطقة الخليج واشتداد العزلة الدولية عليه فإن المغرب أصبح يقتنع بمجرد أن يتصدق الخليجيون عليه بتصريحات مؤيدة.
عموما لقد اتصلنا بقادة هذه البلدان منذ البداية وناشدناهم أن لا يكونوا مع الظالم المحتل، وأن يقفوا مع المظلوم الذي يدافع عن أرضه وعِرضه لكن بدون فائدة لأن المماليك متضامنة في ما بينها، حيث استمروا في التخندق إلى جانب الظالمين والمتغطرسين والوقوف في الصف المعادي لنا.
ما هي حقيقة الوضع في مخيمات اللجوء وهل تكفي المساعدات الجزائرية والدولية التي تصل لسد أدنى الضروريات؟
يجب الإشارة إلى أننا استطعنا بناء دولة في المنطقة، ( في مخيمات اللجوء والأراضي المحررة )  بوزاراتها ومؤسساتها التي تستطيع التعاطي مع العالم، فلدينا وزارة الدفاع ووزارة الخارجية، ووزارات التعليم، الداخلية، الصحة، الإعلام، الجالية في الخارج، تعمير الأراضي المحررة، ومستوى أداء بعض وزاراتنا أحسن مما هو حاصل في بعض دول الجوار، ولدينا ممثليات دبلوماسية في مختلف أنحاء العالم و جيش نظامي في مستوى الدفاع، غير أن أمورنا نسيرها بالدعم الدولي الذي نتحصل عليه من الجزائر ومن مختلف أنحاء العالم، ولاشك أن هذا قد خلق لنا صعوبات ومتاعب في الجانب المادي ورغم ذلك فإن الأمر لا يؤدي بنا إلى الخذلان والتخلي عن الوطنية.
وكثيرا ما استعمل المغرب في هذا الشأن الضغط المادي  بعلاقاته مع بعض الدول المانحة، ما يجعل الدعم الأوروبي كثيرا ما يتضاءل، سيما عندما تتدخل فرنسا بدورها لممارسة ضغوط على المانحين إلى حد استعمال سياسة التجويع.
 إن المساعدات التي نتحصل عليها اليوم تأتي بالأساس من الجزائر ومن بلدان الاتحاد الإفريقي ومن فنزويلا ومن كوبا ومن بلدان أوروبية، ومن منظمات غير حكومية، ورغم الظروف الصعبة التي يعيشها سكان المخيمات إلا أنهم لا يعانون في المقابل من أي أمراض خطيرة أو أوبئة، وليس لدينا من يتسول أو يموت جوعا أو يبيت في الشارع بفضل سياسة العدالة الاجتماعية، كما أن لدينا مستوى عال من الحضارة الاجتماعية و السياسية، ونحن راضون عن الظروف التي نعيشها وهي لا تنقص من روح المقاومة أو حب الوطن.
وماذا عن الموقف الجزائري وكذا عن المساعدات التي تتحصلون عليها من الجزائر؟
عندما أعلنا حرب التحرير في 1973 كنا متأكدين بأن الجزائر بصفتها نصير حركات التحرر ستساندنا، وتناصر قضيتنا العادلة من منطلق مبدئي، ولم يخب ظننا في بلد المليون ونصف مليون شهيد، فمنذ ذلك الوقت إلى اليوم وهي تساند الشعب الصحراوي في حق تقرير مصير بنفسه، وكلما انقطعت علينا المساعدات أو شحّت إلا وجاءت النجدة والهبة التضامنية من الجزائر، كما أنه كلما تضاءل الدعم الإنساني الدولي إلا وتتدخل الجزائر، التي تظل حليفنا القوي في المنطقة.
جرى الحديث من قبل عن إمكانية القيام بمشاريع استثمارية ومنشآت في المناطق المحررة، هل ثمة ما يعرقل تحقيق بعض هذه المشاريع؟
لقد حاولنا خلق ظروف استقرار وظروف الحياة في الصحراء الغربية خارج المخيمات، من خلال فتح مستشفيات محترمة في الأراضي المحررة بكل من غوينيت ومهيريس وبير لحلو وتيفاريتي، أين يعيش البدو وأين تتواجد أيضا وحدات عسكرية، كما شيدنا مدارس وتجمعات وأحياء سكانية ومنشآت فلاحية فضلا عن حفر آبار لتوفير المياه بمساعدة منظمات دولية، كل ذلك من أجل خلق ظروف العيش الكريم والاستقرار لمئات العائلات التي تقيم هناك، كما أننا نحرص على إقامة مؤتمرات في تيفاريتي، رغم التهديدات المغربية بقنبلة هذه المناطق.

• حـاوره: عـبد الحكيـم أسابـع

الرجوع إلى الأعلى