أطراف دولية و إقليمية تريد إبعاد الجزائر عن حل الأزمة في ليبيا

هناك أطراف إقليمية ودولية تريد إبعاد الجزائر عن أي حل في ليبيا
 أفاد المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك، أن الجيش الوطني الشعبي يؤدي مهامه الدستورية على أكمل وجه وعلى الشعب الجزائري وكل  المؤسسات من  أحزاب  ومجتمع مدني وهيئات رسمية الالتفاف حول هذه المؤسسة. وأوضح في حوار مع النصر، أمس، أن القضاء على الخطر الإرهابي في الداخل سيحرم الدول المعادية للجزائر من المراهنة على زعزعة استقرار بلادنا، مضيفا في هذا الصدد أن الجزائر بلد مستهدف كما هو الشأن بالنسبة لكل المنطقة العربية، وأشار في هذا السياق، إلى وجود العديد من السيناريوهات لاستهداف الجزائر ومنها زعزعتها من الداخل بخلق أزمة و تكوين جماعات إرهابية من قبل دوائر استخباراتية معادية للجزائر وتمكينها من الأسلحة المتطورة وتحريضها على مهاجمة الجزائر وقال أن هناك  دول في الجوار الجغرافي وفي العالم العربي ودول أوروبية تتمنى أن يحدث في الجزائر ما حدث في سوريا والعراق.
النصر  : تمكنت وحدات الجيش الوطني الشعبي من تنفيذ عدة عمليات ناجحة في الآونة الأخيرة في أطار مكافحة الإرهاب وحماية الحدود ماذا تقولون في هذا الشأن ؟
لزهر ماروك:  العمليات الناجحة التي قام بها الجيش الوطني الشعبي ومنها عملية القضاء على إرهابيين خطيرين في سكيكدة يوم الخميس الماضي وغيرها تعتبر عمليات نوعية، حيث أنها حققت الكثير من الأهداف ، أولها أن هناك يقظة قوية للجيش الوطني الشعبي لرصد العناصر الإرهابية سواء داخل الجزائر أو على الحدود ، وقد حققت هذه العمليات نجاحا بالقضاء على هذه العناصر واسترجاع ما تمتلكه من أسلحة كما أن مسرح هذه العمليات يمتد في عدة ولايات بمعنى أن الجيش ينتهج إستراتيجية شاملة في اجتثاث هذا الخطر بشكل نهائي في القريب العاجل. ومن جهة أخرى، فإن هذه العمليات تتم وهو الأهم في معاقل هذه الجماعات بمعنى أن الجيش في حالة هجوم شامل لاستئصال كل هذه الجماعات و القضاء عليها ومصادرة أسلحتها في أي مكان تتواجد فيه سواء تعلق الأمر بالجبال الوعرة أو بالغابات الصعبة ، فليس هناك الآن  حاجز جغرافي يعطي لهذه الجماعات القدرة أو المناعة على الاستمرار ، فكثيرا ما تحصنت هذه الجماعات في الأماكن الوعرة  الغابية منها والجبلية مما جعل من عملية تصفيتها صعبة ومعقدة وأخذت الكثير من الوقت لكن التطور النوعي لوحدات الجيش في ظل قيادة نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح  ومن خلال التدريبات الدائمة والمستمرة، سواء في النواحي العسكرية أو على مستوى القوات الجوية والبحرية  وانتشار قواتنا على الحدود مع مالي وليبيا وامتلاك الجيش لترسانة من الأسلحة الحديثة يعطي للجيش الآن قوة ضاربة وصاعقة لهذه الجماعات في معاقلها التقليدية  وبالتالي فأن هذه العمليات ستتواصل للقضاء على آخر عنصر من هذه الجماعات ، وهذا ما أدى إلى استنزاف جهودها وفقدانها القدرة على مواجهة الجيش أو القيام بعمليات استعراضية في المدن أو تجنيد مسلحين جدد ، فهذه الجماعات أصبحت في المرحلة الأخيرة قبل الاضمحلال ، كما أن هذه العمليات الناجحة تعتبر ثمارا لسلسلة من التدريبات المتواصلة لقوات الجيش على مدار السنة ، فالجيش الوطني الشعبي أمام تحدي القضاء على هذا الخطر بشكل نهائي في الداخل ومن المستحيل مواجهة تهديدات خارجية أو على الحدود طالما لا يتم القضاء على هذا الخطر الداخلي، كما أن القضاء على هذا الخطر سيحرم الدول المعادية للجزائر من المراهنة على زعزعة استقرارها بتسريب الأسلحة إلى هذه الجماعات أو تقويتها ودعمها بشتى الوسائل لتصبح شوكة تهدد استقرار الجزائر ووحدتها الترابية.
النصر : ماذا بشأن المخاطر والتحديات التي تواجهها الجزائر في ظل الوضع الإقليمي والدولي الراهن؟
لزهر ماروك: الجزائر بلد مستهدف كما هو الشأن بالنسبة لكل المنطقة العربية وخاصة منها الدول المحورية كالعراق وسوريا والسعودية ومصر، فهناك العديد من السيناريوهات لاستهداف الجزائر ، أولا زعزعتها من الداخل بخلق أزمة تؤدي إلى شل المؤسسات وانهيار النظام والزج بالجزائر في حالة من الفوضى والسيناريو الثاني يتمثل في تكوين جماعات إرهابية من قبل دوائر استخباراتية معادية للجزائر وتمكينها من الأسلحة المتطورة وتحريضها على مهاجمة الجزائر عبر الحدود الشاسعة  وثالثا حرمان الجزائر من الموارد المالية بالاستمرار في خفض أسعار النفط وهي حرب اقتصادية تعد الجزائر من بين الدول المستهدفة فيها ، فنقص الموارد المالية سيضع الجزائر أمام خيارات صعبة وخاصة منها الموارد المخصصة للأمن القومي والسيناريو الرابع ويخص استقطاب الحركات الانفصالية ومنحها الدعم السياسي والمالي والإعلامي بخلق رأي عام دولي والتأثير على الدول المؤثرة في القرار الدولي والهيئات الدولية لفرض مخطط تقسيم التراب الوطني إلى دويلات صغيرة بحسب مطالب هذه الحركات الانفصالية التي تحركها دوائر استخباراتية معادية للجزائر فهذه جملة من السيناريوهات التي لا قدر الله تواجه الجزائر ، والجيش الوطني الشعبي يؤدي مهامه الدستورية على أكمل وجه وعلى الشعب الجزائري وكل  المؤسسات ، أحزابا  ومجتمع مدني وهيئات رسمية الالتفاف حول هذه المؤسسة التي تعد العمود الفقري للدولة الجزائرية ولولا وحدات الجيش الوطني الشعبي المرابطة في الحدود فإن تنظيم «داعش» كان سيطرق أبواب العاصمة كما فعل في سوريا والعراق ، فالجيش يشكل مناعة قوية لبقاء الدولة الجزائرية ولمواجهة هذه المخططات لا بد أن تكون الوحدة القوية والصلبة بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية، وأن تكون هناك جبهة داخلية موحدة تعتبر الجدار المنيع لحماية الجزائر من اختراقها وزعزعة استقرارها ومن الأهمية بمكان لمواجهة هذه المخاطر المحدقة بوجودنا أن تتبنى القيادات السياسية خطابات رشيدة  وموحدة لكل أبناء الشعب الجزائري بعيدا عن تلك الخطابات التي تؤجج للفتنة والكراهية والحقد بين أبناء الشعب الواحد ، فخطابات الكراهية ستدفع الشعب الجزائري إلى صراعات عقيمة ووهمية مما يسهل على أعداء الجزائر زعزعتها وتحطيمها وتفكيكها فعلينا جميعا الوحدة في الصف واحد لمواجهة مخطط تفكيك الجزائر ، فهناك دول في الجوار الجغرافي وفي العالم العربي ودول أوروبية تتمنى أن يحدث في الجزائر ألف مرة ما حدث في سوريا والعراق على اعتبار أن الجزائر ما زالت تشكل عائقا بمواقفها وسياساتها أمام المخططات الدولية للهيمنة الشاملة على المنطقة وإعادة تقسيمها إلى دويلات بنفس الطريقة التي تم بها تقسيم السودان كتجربة أولى في انتظار التجارب القادمة ، فعلينا الاستعداد لمثل هذه المخاطر وليس التهوين منها أو اعتبارها شيء من الخيال .
النصر : بعض الأعمال السينمائية الأمريكية تتناول الجزائر بصورة سلبية كما جاء في سلسلة أمريكية جديدة ما رأيكم؟
لزهر ماروك : الصناعة السينمائية في أمريكا مرتبطة بالمجمع العسكري الأمريكي فهي دوما تروج لما تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيقه في الميدان من خلال خلق صورة نمطية حول خطر العدو على المصالح الأمريكية مما يستلزم القضاء عليه بكل الوسائل الممكنة فعلينا أن نأخذ هذه المسلسلات والأفلام بجدية وأنها ليست مسألة للاستهلاك الداخلي بل هي تعكس وجود شيء ما ضد الجزائر، فهناك انسجام بين الصناعات السينمائية في أمريكا ووسائل الإعلام والشركات العملاقة والمجمع العسكري الحربي الأمريكي فكلها تشتغل على شكل فرقة موسيقية متكاملة الأدوار من أجل مصالح الولايات المتحدة، كما أن السلسلة الأمريكية الجديدة والتي تتناول الجزائر في إحدى حلقاتها تعكس وجود لوبي داخل الولايات المتحدة سواء على مستوى المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية الذي يريد تشويه الجزائر كخطوة أولى ثم استهدافها كخطوة ثانية ، وكثيرا ما تستخدم هذه اللوبيات أموالا كثيرة لإنتاج أفلام معادية أو تحريض وسائل الإعلام على شن هجمات إعلامية تنال من صورة البلد المستهدف ، فالجزائر من خلال سفاراتها في الجزائر عليها أن تخلق لوبيات بكل الوسائل الممكنة للدفاع عن مصالح الجزائر في هذه الدول وخاصة منها القوى الفاعلة في النظام الدولي كالولايات المتحدة الأمريكية  والصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي.
أطراف دولية تريد استمرار الأزمة الليبية لضرب استقرار الجزائر
النصر : ماذا بشأن استمرار الأزمة الليبية وتداعياتها السلبية على المنطقة وماذا بخصوص الدور الجزائري لحلحلتها والعوائق التي ترهن إيجاد حل سلمي للصراع القائم  بين الفرقاء هناك؟
لزهر ماروك : تطورات الملف الليبي تعكس بعض الحقائق لابد من الوقوف عليها، أولا أن المجتمع الدولي لا يريد حلا لهذه الأزمة وهو يتقاعس عن حلها عمدا وتحركات الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لليبيا  مارتن كوبلر مجرد ذر للرماد في العيون ، فالأزمة طالت ووصلت إلى مستويات خطيرة وأن هناك أطرافا إقليمية ودولية تريد إبعاد الجزائر عن أي حل في ليبيا ولهذا تعقد الاجتماعات مثلا في باريس ولا تعقد في الجزائر والدليل تغييب الجزائر عن لقاء فرنسا مؤخرا رغم أن الجزائر دولة محورية في المنطقة وتعد من أهم الدول المتضررة من انهيار الوضع في ليبيا بحكم الحدود الممتدة على ألف كلمواستمرار الأزمة في ليبيا يهدد الأمن القومي الجزائري والأزمة الليبية تم تدويلها إقليميا فهناك دول تقف وتدعم أطراف ليبية ضد أطراف أخرى أما جماعات المصالح والشركات في الدول الفاعلة تريد استمرار الفوضى في ليبيا للاستحواذ على ثرواتها النفطية الضخمة ، وأن استمرار الأزمة في ليبيا يرهن الأمن والاستقرار في كامل منطقة شمال إفريقيا ويضعها تحت رحمة  القوى الكبرى  فهناك أطراف أخرى تريد استمرار الأزمة الليبية لضرب استقرار مصر والجزائر باعتبارهما من الدول المحورية في العالم العربي، فكما تم ضرب سوريا والعراق بتنظيم «داعش» سيتم استخدام الأزمة الليبية ومضاعفاتها ونتائجها السلبية لزعزعة استقرار بالأخص الجزائر ومصر وبالتالي من خلال كل هذه الحقائق يتضح أن هناك أطرافا دولية  مستفيدة من استمرار الأزمة في ليبيا والذهاب بها إلى حد تقسيمها وما يسهل ذلك انقسام  الصف الليبي والصراع السياسي وتعدد الحكومات بين الشرق والغرب فليبيا أصبحت في قلب لعبة دولية قذرة تجعل من الحل السلمي لها مسألة بعيدة المنال .
النصر:حققت الدبلوماسية الجزائرية  نجاحات في المجال الاقتصادي في الفترة الأخيرة  برزت خلال اجتماع دول «أوبك» الأخير المنعقد في بلادنا ماذا تقولون في هذا الشأن ؟
لزهر ماروك : ان كل تحرك دبلوماسي جزائري دائما يصب في المصلحة العليا للجزائر والتحدي الكبير أمام الدبلوماسية الجزائرية هو تعزيز المكانة الاقتصادية للجزائر واستقطاب التكنولوجيا والاستثمارات وفتح أسواق أمام الصادرات الجزائرية واستقبال بعثات رجال الأعمال الجزائريين الراغبين في الاستثمار في الخارج  ، والآن الدبلوماسية في كل دول العالم أصبح لها مضمون اقتصادي بالدرجة الأولى بمعنى ما هو المردود الاقتصادي لكل التحركات الدبلوماسية على الساحة الدولية فعلى الجزائر أن تنتهج دبلوماسية براغماتية بعيدا عن الرومانسية الدبلوماسية بمعنى خدمة الاقتصاد الوطني بالدرجة الأولى  فالجزائر أصبحت في أشد الحاجة إلى دبلوماسية بوجه اقتصادي خاصة في ظل الأزمة الخانقة التي نعيشها اليوم وقد كان انعقاد المنتدى الدولي للطاقة  و نجاح اجتماع الأوبك في الجزائر نهاية الشهر الماضي يعتبر خطوة في هذا الاتجاه في انتظار المزيد من التحركات الدبلوماسية الاقتصادية المكثفة وخاصة في إفريقيا التي تعتبر سوقا بالغ الأهمية للجزائر ولكنها ضاعت من أيدينا كما أن الدبلوماسية الاقتصادية عليها أن تضع في الحسبان أن أهم سوق للغاز الجزائري وهو السوق الأوروبية لكنه أصبح يواجه منافسة شرسة من الغاز الروسي والقطري والأمريكي مما يهدد حصة الجزائر في السوق الغازية الأوروبية كما أن هذه الدبلوماسية الاقتصادية مدعوة لتفتح قنوات لحضور اقتصادي جزائري في آسيا التي أصبحت مركز الاقتصاد العالمي وخاصة مع اليابان والصين والهند ودول الآسيان التي تتحكم في التكنولوجيا والأموال وأصبحت نموذجا للتطور الاقتصادي في العالم .
  أجرى الحوار : مراد حمو

الرجوع إلى الأعلى