اقترح، أول أمس، أكاديميون خلال أشغال ملتقى وطني حول التجارة البينية للدول العربية والإسلامية، بقسنطينة، أن تبادر الجزائر بإنشاء تكتلات اقتصادية، بالإضافة إلى الاعتماد على التمويل الإسلامي في الرفع من قيمة التجارة البينية.
واحتضن مجمع مخابر البحث بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية أشغال الملتقى الذي أكد فيه الأستاذ، خالد رويبح، على دور النخب في ترقية المبادلات البينية للدول العربية والإسلامية من مجرّد أسواق إلى تكامل اقتصادي، موزّعا إياها على 3 أقسام، السياسية، الاقتصادية والعلمية الفكرية، إذ اقترح تطوير الدبلوماسية الاقتصادية الذي يراه المتحدث غائبا في الدول العربية، كما يرى إمكانية إنشاء النخب الاقتصادية لاتحادات وجمعيات في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، إذ يكون بعدها كبيرا وتتمتع بالحماية السياسية.
كذلك أوصى أن تتقدم الجزائر بمبادرة لإنشاء وكالتين على مستوى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مستقلة عن بقية الأجهزة تتكفل بجانب البحث العلمي والتكوين المهني، موضحا أن هذه النخبة تحتاج للعمل في سياسات بينية ومد جسور تعاونية.
وقال الدكتور جابر فرطاقي من جامعة سكيكدة للنصر، إن جميع الدول متقدمة أو نامية تلجأ لإنشاء أو الانضمام إلى تكتلات اقتصادية لتحقيق التنمية والاستدامة، لافتا أن تكتل منطقة التجارة العربية الحرة يعرف صعوبات كبيرة، بحيث يقترح المتحدث أن تبادر الجزائر بإنشاء تكتل اقتصادي جديد بديل لاتحاد دول المغرب العربي، بغية تطوير العلاقات الاقتصادية المغاربية والمضي إلى مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي عبر الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، أو حتى الانضمام إلى تكتلات موجودة.
ولفت إلى تكامل الدول الإفريقية في أقاليم مجزأة رغم ودود الاتحاد الافريقي، وبالتالي ينبغي التفكير في مقاربة اقتصادية لإنشاء تكتل افريقي.
من جهته دعا البروفيسور من جامعة الأمير عبد القادر، شعيب يونس، إلى تكتل بين الدول الإسلامية، لافتا أنه يمكن الاستفادة من حجم الأصول الإسلامية أو المبالغ لتطوير حجم التجارة البينية بين الدول الإسلامية، ذلك أن حجم التجارة البينية للدول الإسلامية بلغ 884 مليار دولار خلال آخر إحصائية لسنة 2023، بنسبة 19.04 بالمائة، وهي نسبة ضعيفة وفق المتحدث مقارنة بالتعداد السكاني للدول الإسلامية في العالم البالغ 25 بالمائة، فيما بلغت أصول التمويل الإسلامي حتى بداية سنة 2025، 4.5 ترليون دولار، كما يتوقع أن ترتفع إلى 4.9 ترليون دولار نهاية هذه السنة، مع أن التمويل الإسلامي تتحكم فيه 10 دول إسلامية.
ويمكن الاعتماد وفق المتحدث في هذا الطرح على المرابحة الدولية، السلم لتمويل المنتجات الزراعية، كذلك الاستصناع لتسهيل التبادل في مجال الصناعة، فضلا عن الصكوك الإسلامية التي تساهم في تطوير البنية التحتية اللوجستية لتسهيل حركة السلع والخدمات بين الدول الإسلامية، مؤكدا أن الجزائر قطعت أشواطا منذ 2020 لأجل تطوير المالية الإسلامية، موضحا أن الهياكل الموجودة والشبابيك الإسلامية ومؤسسات التأمين التكافلي يمكن من خلال تمويلاتها التسريع في وتيرة التجارة البينية على المستوى الدولي، لكن ينبغي توحيد المعايير لتتوافق مع المعايير الإسلامية الدولية، حتى تستطيع المؤسسات التعامل في إطار موحد لتسهيل انتقال رؤوس الأموال ما يعني انتقالا طبيعيا للسلع والخدمات.
أما رئيسة الملتقى والمختصة في الاقتصاد والمالية الدكتورة، سارة دريدي، فقالت في حديثها مع النصر إن الوصول إلى الوحدة الاقتصادية سبيل لإيجاد وحدة سياسية، مضيفة أن تحقيق الوحدة الاقتصادية يمر عبر تكتل اقتصادي عربي بحيث تكون هناك مصلحة مشتركة، أن تشكل قوة تفاوضية اقتصادية وسياسية في المحافل الدولية تسمح بمعالجة القضايا العربية.
وأكدت المتحدثة طرحها في اللجنة الختامية للملتقى توصية تخص تطبيق نموذج «الإوز الطائر» في المنطقة العربية، يتبلور حسبها فكرة العمل الاقتصادي المشترك في التجارة العربية البينية والاستثمارات، قائلة إنه نموذج مستمد نظيره في جنوب شرق آسيا في ثلاثينيات القرن الماضي إذ كان اليابان قائد سرب دول تلك المنطقة.
وتقول المتحدثة إن النموذج عبارة عن سرب تقوده دولة معينة يقسم أفقيا إلى مجموعات، بحسب درجات النمو الاقتصادي المحقق في هذه الدول، بحيث تنتقل العملية الإنتاجية مرفقة بالتكنولوجيا من القائد إلى الصفوف، إذ يتم تجسيد 3 محاور اقتصادية تشمل دورة حياة المنتج، اقتصاديات الحجم الكبير وأيضا الميزة النسبية المعبرة عن نظريات معروفة في الاقتصاد، ويعمل القائد على جلب صناعة جديدة مع التكنولوجيا لتصدرها لبقية المجموعات بالصف، فتتبنى دول الصف الأول تكنولوجيا الإنتاج فيقوم بتصويرها بدوره إلى البقية بما فيها القائد الذي يتوقف عن إنتاجها، وداخل هذه المجموعة يمكن أن يحدث تكامل بناء على قانون الميزة النسبية، ثم ينتقل الإنتاج بعدها إلى الصف الأقل نموا منه، فتتم عملية الانتقال من خلال الاستثمارات الأجنبية.
وتعتقد المتحدثة أن هذه العملية ترتقي بالاستثمارات وتقوي التجارة البينية، كما ترى أن الصين هي قائدة النموذج اعتبارا لاستضافة الرئيس، تبون، السفير الصيني في اجتماع جامعة الدول العربية بالجزائر سنة 2022، حيث يعتبر حسب المتحدثة مؤشر للتعاون مع هذه الدولة، كما أوضحت أن حجم المعاملات الاقتصادية التي ستستفيد منها الصين سيحفزها على التعاون ضمن المقترح، باعتبارها من تقوم بنقل تكنولوجيا الإنتاج في كل مرة من خلال توسيع الاستثمارات وخلق أسواق عربية، فضلا عن حجم الصادرات لهذه السلع عربيا، كما يمكنها الولوج إلى مناطق أخرى عبر المنطقة العربية.
إسلام. ق