يمارس فاروق أقدم وأشهر بائع "بيتزا كاري" بوسط مدينة القل، نشاطه في محل صغير يزوره المئات يوميا، بعدما تحوّل إلى علامة مسجلة في الشرق ككل، بدأت قصتها سنة 1991، ولا تزال مستمرة إلى غاية الآن رغم تعب السنوات، حيث يتمسك الرجل بحرفته التي وفرت عيشا كريما لعائلته، وأكسبته احترام وحب سكان ولايته، كما حققت له شهرة تعدت حدودها.
استقبلنا فاروق بمحله البسيط بكل حفاوة وفرح، منطلقا في الحديث بعفويته عن مختلف أنواع البيتزا التي يصنعها، وعن مسيرته الحافلة في هذه المدينة، وكيف تمكن من افتكاك لقب أقدم وأشهر صانع "بيتزا كاري" في المنطقة، رغم بساطة المكونات التي يستخدمها كاشفا عن السر وراء استقطاب ملحه لزبائن من كل ولايات الوطن.
كان محل "لابرينسيس" ضيقا جدا ولا يتسع لأكثر من طاولتين ولوح حديدي معلق في شكل رف طويل على الجدار، أين جلس زبائن لتناول قطع البيتزا وقوفا، أما عند مدخل المحل البسيط فقد وضعت طاولة كبيرة عليها ما لذ وطاب من أنواع البيتزا والمعجّنات مختلفة الألوان والأشكال مكونة لوحة شهية، تعبق بالروائح الطيبة التي تدفع المارة للدخول و التذوق.
يعتبر فاروق من أقدم وأشهر صانعي البيتزا في مدينة القل، بدليل أن جميع من سألناهم من سكان المنطقة دلونا على محله مباشرة، وقد أوضح لنا المعني أن السر وراء هذه الشهرة هي المدة الطويلة التي قضاها في النشاط والتي أكسبته خبرة وسمعة جيدة.
سرد علينا بعض تفاصيل سيرته الذاتية، وقال إنه أنه بدأ في ممارسة هذه المهنة منذ سنة 1991، وكان ذلك مباشرة بعد مغادرته أسوار المدرسة، ليستقر على مهنة " البيزاريو" لسنوات، مرجعا الفضل في نجاحه إلى قريب له علّمه كان لما مساعدا له تقنيات صنع عجين البيتزا، ليكتسب الخبرة بمرور السنوات ويتحول اليوم إلى أحد أشهر صانعيها في الشرق الجزائري.
قصة عشق للمهنة بدأت قبل 25 سنة
أكد لنا فاروق الذي تجاوز العقد السادس من عمره، أنه خضع في بداياته لتكوينات وتربصات مكّنته من النجاح في مسيرته، كما أن مرافقة قريبه وجاره له ساهمت في تفوقه في المجال، وقد بدا ذلك واضحا منذ البداية لذلك لم يطل الأمر كثيرا حتى افتتح محله الخاص، أين عمل بكل جد وكد لمدة لا تقل عن 25 سنة، تعلم خلالها كل أسرار الأكلة الإيطالية الشهيرة، وأضفى عليها لمسته الإبداعية الخاصة، ليكتسب اسما مهما في مجال الإطعام في مدينة، وتمتد شهرته إلى ولايات أخرى عديدة مع مرور السنوات، على اعتبار أنه ابنة منطقة ساحلية تستقطب عديد الزوار كل صائفة.
وأطنب المتحدث في الحديث عن طريقته في صنع "البيتزا" وهو مديح ذاتي مستحق، لأننا تذوقنا البيتزا التي يصنعها عندما دخلنا المحل في البداية، وكنا قد قررنا أن نختبر طعمها قبل أن نقدم أنفسنا إليه حتى نقف على مدى صحة كل ما يشاع عنها، وبالفعل كانت البيتزا التي يحضرها لذيذة جدا رغم أن مكوناتها بسيطة، وهو ما يعرف أساسا عن " البيتزا كاري"، التي يعتبرها البعض وصفة جزائرية خالصة، خصوصا تلك المزينة بقطع السردين المملح "أونشوا".
توفر المحل كذلك، على أنواع أخرى من البيتزا المختلفة المربعة والدائرية، بالجبن أو بالطماطم فقد، كما يتيح الصانع لزبائنه تجربة تذوق أنواع أخرى من المعجنات.
لاحظنا عند تواجدنا في المحل الصغير، أن عدد الزبائن يزيد كلما مر الوقت رغم أن الساعة كانت تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، اكتظ المكان كليا بعد نصف ساعة وصار من الصعب علينا إتمام الحوار مع فاروق، الذي انشغل جدا بتسيير المحل و التعامل مع الزبائن، وقد علمنا منه أنهم يأتون من مختلف الولايات الشرقية وبخاصة قسنطينة وسكيكدة، وقالمة، وميلة، وطبعا من مدينة القل كذلك.
قال محدثنا:" لما تقول بيتزا كاري في مدينة القل فإنك أكيد تقول فاروق، أما اختصاصي الأساسي فهو صنع بيتزا بالسردين المملح".
سر الوصفة
وعن سر الوصفة الخاصة بتلك البيتزا التي تجذب الزبون إليها رغم شكلها البسيط والتقليدي رد فاروق: " إنها طريقة وضع المكونات وكيفية توزيعها، السر يكمن فيما يكتسبه الصانع من مهارة بمرور السنوات".
مضيفا " يصنع عامل الخبرة الفارق، فرغم تشابه المقادير في بعض الأحيان، إلا أن الذوق يختلف، وهذا راجع إلى طريقة الطهي، وتحضير "العجينة"، وتوقيت وضعها داخل الفرن وفترة بقائها فيه".
لاحظنا أن المحل يتوفر على ثلاثة عمال فقط، فاروق المسؤول عن التعامل مع الزبائن والبيع بعد أن ترك نشاط الطبخ بسبب تقدمه في السن، ورشيد المتخصص في صناعة البيتزا وبقية المعجنات الأخرى، والذي يشتغل في المجال منذ مدة طولية كذلك تناهز أو تفوق 30 سنة. أما ثالث عنصر فكان الشاب عادل المعني بتقطيع "البيتزا" ولوحة الطبخ المخصصة لطهي اللحم المفروم والبيض وغير ذلك. ورغم العدد الصغير من العاملين إلا أنهم يغطون طلبات المئات من الزبائن يوميا، كما أكده صاحب المجل الذي أبدى حرصه أيضا على ضمان الجودة واستحالة عرض البيتزا إلا إذا كانت جودتها عالية.
الصلصة الطبيعية والسردين عوامل التميّز
وتحدث أقدم صانع بيتزا في القل، عن أنه يتعمد على منتجات طبيعية أثناء عملية الطهي والتحضير، بداية بصلصة الطماطم الخالية من أية مواد صناعية كالطماطم المصبّرة التي تعتمدها أغلب المحلات الأخرى، إضافة إلى قطع السردين الطازجة القادمة من على بعد أمتار قليلة من ميناء مدينة القل.
وقال، إنه يقوم بتجهيز السردين قبل يوم من استعماله، من خلال تركه لليلة كاملة في سائل مملح يحتوي على عدة توابل ومكونات، وهو سر من أسرار الذوق المميز، مضيفا أن السردين يتوفر بشكل أكبر خلال شهري جويلية وأوت، ثم تنخفض الكميات فيما بعد.
وضاعف صانع بيتزا نشاطه وأدخل على قائمة الطعام بصنع المعجنات الأخرى على غرار "فويطي" و"كالدي"، التي يحضرها بمكونات بسيطة، وهي معجنات تصنع من عجين مقرمش عليه صلصة طماطم، وقليل من الجبن، والبيض، أو التونة، تجهز حسب طلب الزبون. كما يصنع البرغر الذي يحظى أيضا بشهرة واسعة لدى زبائنه القادمين من مدن الشرق، ذلك لأنه يتكفل بتحضير وخبز الخبز الخاص به بنفسه.
طموح للتوسع واستقبال عدد أكبر من الزبائن
وعن طموحه المستقبلي، أكد فاروق بعفويته المعهودة، أنه كان يهدف دائما إلى فتح محل واسع لتمكين العائلات من تناول البيتزا في ظروف مثالية، خاصة وأن زبائنه الحاليين من الرجال فقط، وذلك لانعدام مساحة كافية لاستقبال العائلات.
مؤكدا، أنه سينطلق في تجهيز محل وساع بداية من شهر سبتمبر المقبل، ستكون به قاعة مخصصة للعائلات، وفي رده عن سؤالنا عما إذا كان يرغب في توسيع نشاطه بولايات شرقية أخرى، رد بأنه لم يفكر يوما في الابتعاد عن مدينة القل لأن له ارتباطا وثيقا بها. وأضاف، أنه يحب كثيرا هذه المهنة ويعشقها ولن يغيرها إلى حين نهاية أجله، موضحا أنه أعال بها عائلته لعدة سنوات منذ أن كان صغيرا، أما بخصوص توريث الحرفة لأبنائه، فرد بالقول :" إنهم جامعيون ولا يفكرون في السير على نهجي، رغم أن إحدى ابنتي تصنع البيتزا في المنزل بين الحين والآخر، وتطلب مني تذوقها لتتأكد مما إذا كانت قد ورثت الموهبة ذاتها".
تفوّق على صانعي البيتزا بسكيكدة في مهرجان 1994
استذكر المتحدث، بكثير من الفخر نيله الجائزة الأولى في مهرجان سنوي لصناع البيتزا بسكيكدة، وقد كان ذلك سنة 1994، حيث تمكن حينها من التفوق عليهم جميعا وحصل على المرتبة الأولى في الولاية، متحدثا على جائزة أخرى حققها سنة 1996، وتعد تلك المشاركة الأخيرة له في مهرجانات ومسابقات من هذا النوع.
كما أوضح ساخرا، أن أي زبون من مدينة القل، يمكنه التعرف على "البيتزا" الخاصة به دون أن يُكشف له ذلك من قبل، أي يمكنه التعرف عليها مباشرة عند تذوقها، لأن صناعته فريدة من نوعها ومختلفة عن أي "بيتزا" أخرى، مرجعا السر أيضا إلى فرنه الإيطالي الذي يعمل بالغاز والكهرباء و يعد مناسبا جدا لطبخ العجين الذي يحضره.
تحدثنا مع بعض الزبائن، فقال بعضهم بأنهم يقصدون محل فاروق من أزيد من 15 سنة، ويتبعونه أينما حل وارتحل، مؤكدين أن البيتزا التي يحضرها تبقى لذيذة وشهية حتى وإن كانت بادرة عكس المحلات الأخرى، وهو ما أوضحه الشاب محمد بوعسلة، الذي أضاف أنه يغير المحل منذ سنوات، وأنه يدمن بيتزا فاروق ويتناولها إما كمقبلات، أو كوجبة وحيدة أحيانا.
تشير حصيلة الغرقى المسجلة في الأيام الأخيرة، إلى مدى التهاون والاستخفاف بخطورة السباحة في الحالات الممنوعة، فبالرغم من إطلاق مصالح الحماية المدنية والأرصاد الجوية لصفارات إنذار للتحذير من السباحة، بسبب اضطراب الوضعية الجوية وحالة البحر، إلا أن الناس استمروا في زيارة الشواطئ، مع الإصرار على السباحة في أماكن غير محروسة، ما يدل حسب الأخصائي النفساني كمال بن عميرة، على ضعف التربية الوقائية.
وفيات وعشرات الغرقى
طغت حوادث الغرق على حديث الصحافة والمواقع في الأيام القليلة الماضية، وتحول الفضاء الرقمي إلى فضاء لترقب مستجدات العثور على مفقودين ونعي من تم انتشالهم من قبل مصالح الحماية المدنية، أو لفظتهم أمواج البحر، فكانت الحصيلة ثقيلة، حسب ما أعلنت عنه المديرية العامة للحماية المدنية في بيان لها، كشفت من خلاله عن إنقاذ 517 شخصا من الغرق والموت المحقق، حيث قام حراس الشواطئ بـ711 تدخلا، وتقديم الإسعافات الأولية لـ 156 شخصا، بالإضافة إلى تحويل 31 آخرين إلى المراكز الصحية.
وتم خلال نفس الفترة، تسجيل 7 حالات وفاة غرقا في شواطئ البحر، اثنان في ولاية سكيكدة، وثلاث حالات في بجاية، وحالة في وهران وأخرى في الطارف.
وقد بلغت حصيلة الوفيات 7 غرقى عبر شواطئ الساحل الجزائري، منهم من كان يحاول انقاد ابنه ليلقى حتفه، ومنهم من كان يحاول النجاة طالبا النجدة من المصطفين، ما أحدث هلعا على مستوى الشواطئ، وانتقل الحزن للمدن الداخلية عبر مواقع التواصل، أين تناقل نشطاء صور وفيديوهات توثق مشاهد مرعبة لأشخاص يصارعون الأمواج والتيارات البحرية لإنقاذ حياتهم.
ومن المقاطع التي أثارت ضجة، مشهد غرق طفل أمام أنظار والده وفيديو لحادثة غرق أب بينما كان يحاول انقاد ابنه بشاطئ شطايبي بعنابة، وقد روى شهود عيان الحادثة بتأثر عميق.
هناك أيضا فيديوهات عديدة تظهر تدخلات مصالح الحماية المدنية وسط ذهول المصطافين، وأخرى لمحاولة انقاد أب وابنتيه علقوا فوق صخرة بتيبازة بعد أن ارتفع مستوى البحر.
تفش لسلوك المخاطرة بين فئات عمرية مختلفة
وتدل الحوادث المسجلة على استخفاف الناس بفكرة الخطر، وتعريض حياتهم وحياة الغير للتهلكة، بسبب اللامبالاة وعدم التقيد بتحذيرات مصالح الحماية المدنية والأرصاد الجوية، التي نبهت إلى تغير حالة الطقس وحذرت من السباحة لخطورة حالة البحر، إلا أن الرغبة في الاستمتاع بالسباحة في عطلة نهاية الأسبوع تغلبت على حماية النفس والعائلة من الموت، وهو ما أشار إليه النفساني كمال بن عميرة، قائلا بأن المجازفة بالسباحة في الحالات الممنوعة خاصة من قبل عائلات، دليل على عدم التفريق بين الاستمتاع وتعريض النفس للهلاك، ولا يمكن تصنيف هذا السلوك في خانة التهور وفقط، وإنما وجب تحليله والنظر في خلفياته من جانب علم النفس الذي يطلق عليه سلوك المخاطرة.
ويشمل كما أوضح، الأفعال التي يقوم بها الفرد رغم علمه المسبق بالعواقب السلبية المحتملة لسلوكه، كالسباحة رغم خطورة وضعية البحر أو التوجه إلى الشواطئ المعزولة غير المحروسة.
وأرجع النفساني، توايد سلوك المخاطرة وسط مختلف فئات المجتمع بما في ذلك الأولياء، إلى ضعف التربية الوقائية والخلط بين قيم الشجاعة ومواجهة الخطر، والميل إلى التقليد خاصة في أوساط المراهقين والشباب، وذلك كنوع من إثبات الذات و الحصول على التقدير، وتجنب السخرية والتنمر، كما يعتبر يسيء البعض تقدير المخاطر وهو في حد ذاته نوع التهور يؤدي في حالات كثيرة إلى الوفاة.
ذكر بن عميرة، عاملا آخر يؤدي للاستخفاف بخطر فقدان الحياة ربطه بتراجع الوعي لدى الأولياء الذين يعرضون حياتهم وحياة أبنائهم للخطر ويبررون هذه التجاوزات في الغالب بمحاولة التخلص من ضغوطات الحياة والرغبة في التحرر من التوتر، أو الوقوع في خطأ سوء التقدير بسبب إصرار الأبناء على السباحة، ناهك عن التغافل عن إتباع أسلوب الردع في حالات الخطر.
وقال النفساني، إنها عوامل تكرس شعورا
بالا مسؤولية و الاستخفاف بالموت، كما أن هناك أولياء يلجأون إلى تجاهل خطورة الوضع تجنبا للتصادم مع الأبناء فيستسلمون بذلك لضغط الصغار دون تغليب سلطة العقل، وكل هذا ناجم حسبه، عن غياب بيئة تنشئة سليمة ركيزتها الأساسية الاحترام و التوعية.
هكذا نغرس الوعي في الصغار و نقوم السلوك
ولزرع وتنمية سلوك الوعي بالخطر وعواقب المجازفة في هذه الحالات يجب كما قال، إتباع خطوات علمية مدروسة لضمان نتائج ملومسة وتوفير حماية لأبنائنا في إطار ينمي حس الخطر، وذلك باتباع أسلوب التوضيح والشرح وليس المنع من أجل المنع وفقط، مع تقديم قصص واقعية بأسلوب بسيط.
كما حدد الأخصائي النفساني العيادي بمستشفى قسنطينة الجامعي، العمر الذي يراه مناسبا لبداية التوعية، وذلك من 3 سنوات حين يبدأ الطفل في إدراك الخطر الجسدي، ليصبح بين سن 6 إلى 10 سنوات قادرا على فهم القواعد و الالتزام بالحدود، ثم يصل إلى مرحلة التمييز وتعلم المسؤولية في سن 11.
مؤكدا، بأن التوعية والتنشئة الاجتماعية تبدآن منذ الصغر، ولا تعتمدان على الأولياء فقط، بل تنجح العملية بتضافر جهود كل من الطاقم التربوي والأخصائيين والإعلام، وذلك من خلال نقل شهادات وقصص تبين حالات نجاة الموت، أو حالات إعاقة أو ضرر وغيرها.
ودعا النفساني، الأولياء إلى التحلي بالحيطة والحذر، و مراقبة الأبناء أثناء السباحة، وتجنب استعمال الهاتف أو أي وسيلة أخرى قد تلهيهم عن دورهم الأساسي، لأن العديد من الأبناء يعتقدون أنهم في مأمن عن خطر الغرق بحضور الأولياء، الذين منهم من يرمي بمسؤوليته على حراس الشواطئ ويعتقد أن وجودهم يلغي دوره الرقابي ويعني أن الجميع في مأمن.
الشرع نهى عن الرمي بالنفس لأحضان الموت
من جهته، أوضح محمد مصطفى بن عبد الرحمن، إمام وخطيب مسجد عمرو بن عاص، بحي سيدي مبروك قسنطينة، أن الرمي بالنفس لأحضان الموت مرفوض شرعا، فالله عز وجل أمرنا بأن لا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة.
وعن رأي الدين في موضوع المجازفة بالنفس، قال الإمام محمد مصطفى، إن أعظم ما خلقه الله هي النفس البشرية، وقد قال ربنا تعالى "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، لكن للأسف الشديد بعض الناس لا يلتفتون لهذه النفس بالعناية والرعاية ويلقوا بأنفسهم للتهلكة، وهذا ما لاحظناه منذ بداية الصيف.
فرغم تحذيرات مصالح الحماية المدنية حسبه، وحثها الناس على توخي الحيطة والحذر والامتناع عن السباحة في الحالات الممنوعة، إلا أن هناك من يرمون بأنفسهم إلى أحضان الموت، وهو سلوك نهى عنه الشرع، لأن الله عزو جل قال لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة، والإسلام أمر بأن يحافظ الإنسان على نفسه وحياته.
مردفا، أن الحياة هي أقدس ما في الكون و التعدي عليها من أكبر الجرائم لهذا علينا المحافظة عليها، فالله سبحانه وتعالى أمر بالشرب والأكل والتداوي واللباس من أجل العناية بها.
ومن اللامعقول كما عبر، أن عقول بعض شبابنا اليوم خفيفة جدا، ولا يلتفت هؤلاء إلى التوجيهات والنصائح، فتجدهم يزعمون أنهم من كبار السباحين، ليجدوا أنفسهم في صراع مع الموت فيروعون عائلاتهم. ولابد عليهم كما أعرب، أن يتزينوا بالعقل وأن يفكروا مليا في أن لا يعرضوا انفسهم للهلاك والموت الذي سماه الله عزو جل في القرآن الكريم "مصيبة".
كما يتوجب على الأولياء أيضا التحلي بالوعي، فالولي لابد أن يكون ناصحا راعيا لأبنائه من خلال تقديم التوجيهات، فإذا كانت السباحة ممنوعة، فإنه على الولي أن ينصح أهله بعدم تعريض حياتهم للخطر، وعلينا أيضا تذكير بعضنا البعض وتبادل النصح، فالدين النصيحة، والله عزو جل قال "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين". أ بوقرن
يبرز الفضاء العائلي "جاك فيرجيس" كمكان ينبض بالحياة وسط العمارات الشاهقة والمباني السكنية المتراصة بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، ويتحول مع غروب الشمس إلى ملتقى مميز للعائلات القسنطينية الباحثة عن الراحة و الترفيه والأنس الجماعي في أجواء آمنة ومهيأة.
يحمل الفضاء اسم محامي الثورة الجزائرية ومناصرها "جاك فيرجيس"، وقد أصبح خلال السنوات الأخيرة وجهة رئيسية لسكان المدينة الجديدة، ومكانا مثاليا للاستجمام والترفيه، بما يقدمه من خدمات متنوعة تجمع بين التسلية و الراحة.
خدمات متكاملة وتركيز على الطابع العائلي
يشغل فضاء "جاك فيرجيس" مساحة معتبرة وسط حي سكني نشط بمدينة علي منجلي، يمتد من مفترق الطرق لحي قادري إبراهيم، إلى مفتق الطرق بحي الياسمين المقابل لمقر المقاطعة الإدارية لعلي منجلي.
يضم المكان مجموعة من المرافق التي تلبي احتياجات مختلف الفئات، منها مساحات خضراء واسعة، ومنصات جلوس تتيح للعائلات الاسترخاء في أجواء هادئة، إلى جانب أرضيات لعب مخصصة للأطفال مزودة بألعاب مطاطية حديثة وآمنة.
كما يحتوي المكان على ممرات مهيأة للمشي والركض وللدراجات الهوائية يقصدها الشباب وكبار السن لممارسة الرياضة، ومناطق للراحة العائلية مجهزة بكراس. وتضفي الأكشاك الصغيرة نكهة خاصة على المكان، حيث تقدم وجبات خفيفة ومرطبات بأسعار معقولة، إضافة إلى المقاهي ومحلات بيع المثلجات المقابلة للفضاء، أما الجانب الأمني فقد حظي باهتمام خاص من خلال تواجد دائم لعناصر الأمن الحضري، ما جعل الفضاء يصنف من بين المناطق الآمنة والمناسبة لقضاء وقت نوعي برفقة الأسرة.
هدوء و أمن و أجواء صيفية ممتازة
ويعتبر سكان علي منجلي المكان إضافة مهمة للمدينة، خصوصا وأنها ظلت لسنوات أشبه بمرقد كبير بسبب انعدام المساحات الخضراء و مرافق الراحة و الترفيه وهو ما جعل الحركية فيها تقتصر على نشاط المراكز التجارية التي غالبا ما تكون مساحات اللعب فيها مكلفة نوعا ما. ويرى البعض، أن المدينة بحاجة إلى حدائق عمومية مهيئة للعب و الراحة، تكون ذات طابع عائلي يسمح للسكان بالخروج مساء وليلا و تجاوز ضغوطات العمل و المسؤوليات، كما أن الأطفال يحتاجون إلى اهتمام أكبر، عن طريق توفير مساحات للعب تشتمل على شروط الأمان.
تحدثنا إلى بعض المواطنين خلال جولتنا في المكان، فعبر الشاب حمزة (32 سنة) عن ارتياحه قائلا بأنه يشعر بالراحة عند الجلوس في فضاء نظيف وآمن، فالجو هنا عائلي بامتياز، أين يمكن للناس ممارسة نشاطاتهم بكل حرية، حتى أن هناك من يبقى إلى ساعات متأخرة من الليل دون خوف، بفضل التواجد الأمني الدائم.
من جانبه، أخبرنا أسامة، وهو بائع "كريب" يعمل داخل الفضاء، بأنه يشتغل في الحديقة منذ أسابيع، و قد لاحظ أن أغلب الزبائن من العائلات والأطفال، معلقا بالقول بأن المكان حيوي والمواطنون معجبون كثيرا بجوه. أما عمي كمال، وهو متقاعد ورب أسرة في عقده السادس، فأشار إلى أن الفضاء أصبح جزءا من روتينه اليومي حيث يلتقي بأصدقائه كل مساء لتبادل الحديث والاستمتاع بالنسيم. فالأطفال يلعبون في أمان، والشباب يجدون فيه متنفسا بعيدا عن ضجيج المقاهي. وأضاف أنه يمارس المشي مساء ويشعر بالراحة.
مواطنون يطالبون بدورات مياه ومزيد من الإنارة
ورغم الإشادة الواسعة التي يحظى بها فضاء "جاك فيرجيس" من قبل العائلات والزوار، إلا أن بعض المرتادين لم يخفوا تطلعاتهم نحو تحسينات إضافية من شأنها الارتقاء بالخدمات المقدمة.
وبرزت جملة من الاقتراحات العملية التي من شأنها تحسين تجربة الزوار وتوفير بيئة أكثر راحة وشمولا، على غرار فتح دورات المياه العمومية المتواجدة داخل الفضاء بصفة دائمة، مع تخصيصها للذكور والإناث، كما يقترحون توفير نوافير مياه عمومية مزودة بمرشحات حديثة، تضمن نظافة المياه وسلامتها، خاصة في ظل الارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة خلال الصيف. وفي الجانب الثقافي، يبرز مطلب إقامة مكتبة صغيرة أو فضاء مطالعة موجه للأطفال، يضم باقة من القصص والكتب التربوية، أما على مستوى البنية البيئية، فالدعوة قائمة لتعزيز الإنارة الذكية بالفضاء، عبر تركيب مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية، خاصة على مستوى الممرات ومداخل الفضاء والأماكن التي فيها ضعف في الإنارة، لضمان سلامة الزوار وتوفير طابع حضاري مستدام يعكس الرؤية الحديثة في تسيير الفضاءات العمومية.
جاك فيرجيس.. من اسم ثوري
إلى عنوان للسلام العائلي
تجدر الإشارة إلى أن الفضاء سمي تكريما لـجاك فيرجيس، وهو محام فرنسي من أصول فيتنامية، ولد في 5 مارس 1925 وتوفي في 15 أوت 2013. اشتهر بدفاعه عن مناضلي جبهة التحرير الوطني الجزائري خلال الثورة، خاصة جميلة بوحيرد التي تزوجها لاحقا. ويعد من أبرز الشخصيات القانونية والسياسية التي عرفت بدفاعها عن القضايا التحررية في العالم.
كما تولى قضايا معقدة ودافع عن شخصيات مثيرة للجدل، كما سحبت منه رخصة المحاماة مؤقتا في الستينات بسبب نشاطه السياسي، مثل فيرجيس رمزا للتمرد القانوني، واختار دائما الوقوف في صف القضايا العادلة والمرفوضة جماهيريا، مما جعله من أكثر الشخصيات القانونية إثارة للجدل في القرن العشرين.
وتسمية الفضاء العمومي باسمه في قلب مدينة علي منجلي، يعد أكثر من مجرد تكريم، بل هو تثمين لرمزية رجل وقف إلى جانب الجزائر في أحلك ظروفها، ورسالة تذكير للأجيال بأن الحرية ثمرة تضحيات ومواقف شجاعة. وقد بين فضاء "جاك فيرجيس" بمدينة علي منجلي بقسنطينة، أن الفضاءات الحضرية المهيأة بعناية ليست مجرد حدائق أو مناطق لعب، بل هي أدوات فعالة لتعزيز التماسك الاجتماعي، الراحة النفسية، والإحساس بالانتماء للمدينة.
ولا تزال علي منجلي في حاجة إلى مزيد من مثل هذه المبادرات، لأن ما تحقق حاليا يمثل نموذجا حضريا ناجحا يجب دعمه وتوسيعه ليشمل مختلف الأحياء، في مدينة قسنطينة وفي باقي ولايات الوطن. كما يذهب إليه العديد من المواطنين.
رضا حلاس
يلجأ زوار جيجل هذه الأيام، إلى حديقة الحيوانات و التسلية ببرج بليدة بالعوانة، و قرية الألعاب بتاسوست ببلدية الأمير عبد القادر، كتعويض عن الشواطئ التي تعرف هيجان مؤخرا، وقد سجلت الحديقة وحدها إقبالا قياسيا يوم الجمعة الماضي فاق 20 ألف زائر. يعتبر الفضاءان من بين الأماكن التي تعرف إقبالا طيلة موسم الاصطياف، و يزداد التوافد عليهما أكثر مع اضطراب البحر و صعوبة السباحة.
وقد وجدت العائلات المصطافة و الزائرة لعاصمة الكورنيش الجيجلي ضالتها في المرفقين، لاسيما مع تسجيل اضطرابات جوية هذه الأيام وهيجان البحر، فاختار الزوار أن يوجهوا البوصلة نحو حديقة الحيوانات و التسلية بالعوانة، و قرية الألعاب " فاميلي لاند " بتاسوست، حيث استحسن جل من تحدثنا إليهم وجود استثمارات مماثلة، وأكدوا أن السياحية في الصيف لا يجب أن تقتصر على الشواطئ فقط، بل من الضروري أن تتعزز المدن بالحدائق وفضاءات التسلية، التي توفر بدائل مريحة ممتعة ومناسبة للعائلات.
وقد زاد حجم التوافد على المرفقين ليبلغ الذروة هذه الأيام و تحديدا في نهاية الأسبوع، بعدما رفعت مصالح الحماية المدنية الراية الحمراء معلنة عن منع السباحة في البحر لخطورة ذلك، الأمر الذي لم يؤثر كثيرا على العائلات التي تقضي إجازتها في جيجل، بالنظر إلى وجود أماكن أخرى تعوض الشاطئ مثل حدائق التسلية، إلى جانب زيارة الواجهات البحرية.
وقد بلغ حجم استيعاب هذه الفضاءات ذروته بالنظر إلى العدد الكبير من الزوار، حيث امتلأت قرية الألعاب بتاسوست عن آخرها بالعائلات والأطفال الصغار،مع استمرار أجواء اللعب و المرح إلى غاية ساعات متأخرة.
حديقة الحيوانات الوجهة الأولى
وشهدت حديقة الحيوانات و التسلية بالعوانة حسب مسيرتها، توافدا لأزيد من 20 ألف زائر يوم الجمعة الماضي، و هو رقم قياسي حسبه سجل خلال يوم واحد، بحيث يصل المعدل اليومي عادة إلى حدود 11 ألف زائر. وأرجعت المتحدثة، السبب لعدة عوامل أهمها أن الحديقة أضحت بديلا ومتنفسا للعائلات لاسيما في حالة هيجان البحر، كما أشارت إلى التغييرات التي طرأت على الحديقة و جعلت الزوار مرتاحين أكثر. وقالت، إنه كان من المتوقع أن يعرف المكان إقبالا خلال اليومين الفارطين، ما دفع الإدارة إلا بذل مجهودات أكبر لتسهيل استقبال الزوار وتجهيز مختلف الفضاءات لضمان راحتهم.
مؤكدة، بأن سهرات العائلات استمرت لساعات متأخرة من الليل وقالت المسؤولة، إنه يتم خلال كل موسم اصطياف تمديد ساعات العمل و الاستقبال إلى منتصف الليل مع رفع عدد الصناديق و معابر المرور.
"فاميلي لاند" تسجل ذروة الإقبال
وبالجهة الشرقية للولاية، وتحديدا بمنطقة تاسوست، تتوجه العائلات لقضاء سويعات من المرح و اللعب مع الأطفال في حديقة الألعاب " فاميلي لاند"، حيث يوفر الفضاء مختلف الألعاب للكبار و الصغار ويمكن لكل زائر مهما كان سنه أن يستمتع بوقته في الفضاء الفسيح المجهز بشكل عصري.
وأشار مالك حديقة الألعاب في حديثه للنصر، إلى سجل توافدا قياسيا نهاية الأسبوع المنصرم ومع بداية الأسبوع الجاري، تزامنا والاضطرابات الجوية التي مست الولاية. وقد وجدت حسبه العائلات ضالتها في الحديقة المغطاة و المكيفة التي تستوعب مئات الزوار عبر وتقدم فرصة رائعة لتجربة عديد الألعاب الموزعة داخل المنشأة وخارجها.
مضيفا، بأن الحديقة تعرف توافدا للزوار بداية من الساعة 10 صباحا وإلى غاية ساعات متأخرة من الليل، بحيث يتم توفير كافة الظروف والخدمات لراحة الزوار.
كـ. طويل
يتردد مواطنون بقسنطينة وغيرها من المدن الداخلية على المسابح والحدائق المائية و الشواطئ الاصطناعية في فصل الصيف، ويعتبرها أولياء بديلا آمنا للأبناء يجنبهم خطر البحر، غير أن هناك من يجهل شروط الأمن الصحي ويتهاون في تطبيق قواعد السباحة الصحية بداية بالالتزام بالأوقات المناسبة للسباحة، ما يعرض حياة البعض للخطر، ويؤدي للإصابة بأمراض، وقد يتسبب حتى في تسجيل حالات غرق ووفاة. وعليه يدعو الدكتور بالحماية المدنية الرائد محمود حمدي، إلى التحلي بالحيطة والحذر من خلال التقيد بتوصيات، لضمان سباحة آمنة وصحية.
تعكس الصور والفيديوهات المتناقلة عبر الفضاء الافتراضي حجم الإقبال على المسابح الخاصة أو العمومية وكذا الحدائق المائية، التي تقصدها العائلات للهرب من لهيب الحر، وتعتبرها فضاءات آمنة للأبناء تضمن الترفيه والمتعة وتجنب خطر الغرق.
والملفت أنه رغم شعبية هذه المسابح و حجم التوافد عليها، إلا أن هناك نوعا من عدم الوعي أو الإلمام بثقافة السباحة فيها، فهناك من مرتاديها من يجهلون الفرق بين السباحة في البحر وبين السباحة في المياه الراكدة التي تمثلها المسابح و الحظائر المائية، ومنهم من لا يكترث لشروط الوقاية والأمن الصحيين، كما لا يلتزم بقواعد السباحة الآمنة.
وقد أثارت هذه الملاحظة انتباه أطباء مدربي سباحة، نبهوا من خلال منشورات على مواقع التواصل، لعديد المغالطات والأخطاء التي يرون بأنها قد تكون مصدر خطر على الصحة والحياة، وقدموا مقابل ذلك توجيهات تشرح الفرق بين السباحة في الشاطئ والمسبح أو الحظيرة المائية.
الالتزام بالقواعد الصحية يضمن بيئة آمنة
تشمل التوصيات، اختيار اللباس المناسب، وأوقات السباحة، ووسائل الوقائية، والالتزام بالقواعد الصحية لضمان بيئة آمنة، وغيرها من الأساسيات التي تجنب التعرض لأي خطر، كتصفية مياه المسبح وإخضاع عينات منه للاختبار الدوري، للتأكد من نظافته وتعقيمه.
كما نبه نشطاء إلى أضرار كراء المسابح المنزلية التي لا تتوفر على مضخات خاصة بتصفية المياه وتعقيمها، ويكتفي أصحابها بتغيير الماء عند تغير لونه أو اتساخه أحيانا دون إعادة تنظيف المسبح، أو قد يقومون بإضافة مواد كيميائية خاصة بالتعقيم، ظنا منهم أنها كافية لجعل المياه صالحة للاستخدام والسباحة مجددا.
ويعد تحليل عينات من المياه في المختبر من الإجراءات التي لا تؤخذ بعين الاعتبار لدى أصحاب المسابح المنزلية عادة، لاعتقادهم أن تغيير المياه بشكل دوري يضمن السلامة الصحية، وقد نبه المختصون إلى غياب قواعد وشروط التنظيف والتعقيم، ما قد يؤثر على صحة مستعملي المسبح ويتسبب في انتشار بعض أمراض المنقولة خصوصا وأن هذه المسابح الخاصة صارت مطلوبة جدا من قبل العائلات و المجموعات نظرا لأنها توفر خصوصية أكثر، و تؤجر في العادة ليوم كامل مقابل مبالغ في المتناول، حيث يشددون على ضرورة التنبه لكل التفاصيل المتعلقة بالنظافة وسلامة المياه للوقاية من خطر العدوى.
طبيب الحماية المدنية بقسنطينة الدكتور الرائد محمود حمدي
المسابح غير المراقبة خطر يهدد صحة مرتاديها
وقد حذر طبيب الحماية المدنية بقسنطينة، الدكتور الرائد محمود حمدي، مرتادي المسابح من القيام بتجاوزات تعرض حياتهم وحياة الغير للخطر، كالسباحة في المرافق غير المعقمة والتي لا تخضع لمراقبة دورية من المصالح المعنية، مقدما من خلال النصر، جملة من التوجيهات والتوصيات لضمان سباحة آمنة وممتعة.
ينصح الطبيب، بالانتباه لنظافة المسبح قبل دخوله، والتأكد من أنه يخضع لمراقبة دورية من قبل المصالح المعنية وعلى رأسها مصالح النظافة بالبلدية، وذلك بأخذ عينات الماء وإخضاعها بصفة دورية لاختبار الكلور، لقياس معدله في الماء، والتأكد مما إذا كان مطابقا للمعايير المتعارف عليها، كما يجب أيضا، إجراء تحاليل للتأكيد من خلو المياه من الجراثيم.
وذكر في هذا السياق، مؤشرات تدل على أن مياه المسبح ملوثة، تتعلق بلون المياه والرائحة، مشيرا أنه بإمكان أي شخص الانتباه إليها ورصدها، فإذا كان الماء شفافا وخاليا من الرائحة، يعد ذلك مؤشرا إيجابيا، لكن في حال كان لونه مائلا للاخضرار وتنبعث منه رائحة ما فالماء ملوث ووجب الامتناع عن السباحة فيه.
السباحة خطيرة في المسابح في هذه الأوقات
يعد اختيار وقت السباحة من الشروط اللازمة الواجب التقيد بها في المسابح المكشوفة، وذلك لتجنب ضربات الشمس، لذا وجب اختيار الأوقات المناسبة التي تكون عادة بين الثامنة والحادية عشرة صباحا، أو ابتداء من الساعة الرابعة مساء، وتجنب أوقات الذروة وتأثيرات الأشعة ما فوق البنفسجية التي تبلغ أقسى درجة بداية من الحادية عشرة صباحا إلى الثالثة بعد الزوال.
وقال إن الالتزام بالمواقيت المذكورة فيه وقاية من ضربات الشمس كما ينصح في سياق ذي صلة، بالاغتسال للتخلص من العرق وكل ما قد يكون عالقا بالجسم، قبل مباشرة السباحة لضمان الأمن الصحي للمسبح.
وقال الطبيب، إن السباحة بعد تناول الطعام مباشرة من الأخطاء التي يقع فيها الناس وتؤدي لعواقب وخيمة، لأن الجهاز العصبي في هذه الفترة يؤدي حسبه، وظيفة مهمة وحساسة تكمن في مساعدة الجهاز الهضمي على القيام بعمله، لهذا يجب أخذ وقت مستقطع قبل العودة للمسبح، ويجب أن يتم ذلك بشكل تدريجي خاصة في حال التعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة.
وأوضح، أن هذه الإجراءات مهمة لتجنب الصدمة المائية التي تنتج عن الدخول المباشر للمسبح بعد قضاء وقت تحت شمس، فالاختلال في درجة الحرارة يؤدي كما قال، للإصابة بصدمة مائية قد تتسبب في الوفاة ويوصي في هذه الحالة بالغسل التدريجي، أي غسل الأطراف والرأس أولا لضمان تأقلم الجسم مع درجة حرارة الماء، ومن ثم الانتقال إلى السباحة بشكل كامل، كما يشدد على ضرورة الحرص على استعمال واقيات الشمس كل ساعتين، لأنها تضمن وقاية من الأشعة فوق البنفسجية بأكثر من 50 بالمائة.
ويدعو محدثنا، إلى ضرورة تعلم والإلمام بقواعد الإسعافات الأولية خاصة بالنسبة للأولياء، لأجل ضمان تدخل آمن وسريع وتجنب حالات الغرق التي تحدث في المسابح والحدائق المائية، كما حث على استعمال ألبسة خاصة بالسباحة في هذه المرافق، والتأكد من توفر المسبح على منقدين أو مختصين في السباحة ومعدات مخصصة للأطفال، مع التقيد بالتعليمات التي يضعها المرفق لضمان سباحة آمنة، محذرا في الختام من السباحة في المرافق التي لا تخضع للمراقبة الدورية.
أ بوقرن
يستمتع شباب ومراهقون بالسباحة في الشواطئ الصخرية بحثا عن التسلية بالقفز من أعلى الصخور، مؤدين حركات استعراضية متابهين بشجاعتهم أمام أصدقائهم، في منظر مثير ومخيف في الوقت نفسه، غير مبالين بخطورة المجازفة التي يقومون بها، ولا خائفين من الكسور والجروح خطيرة.
خلال تواجدنا في شاطئ "ميرامار" الصخري بولاية سكيكدة، مساء وهو موقع يعرف بكثرة صخوره واختلاف أحجامها، إضافة إلى الحجارة الحادة المتواجدة أسفل المياه، لاحظنا أن الزوار ينقسمون إلى فئتين فبينما تجلس العائلات والأطفال قبالة البحر للسباحة في هدوء، يجتمع شباب ومراهقون أعلى الصخور، حفاة مبللي الأقدام، أو بأحذية شاطئ بلاستيكية مضادة للانزلاق ويتنافسون على القفز من أعلى ارتفاع كاسرين بأجسادهم تكتل المياه.
وغالبا ما يقفزون لأكثر من مرة، فكلما انتهت مغامرة باشروا مجددا تسلق الصخور وهم يقومون بحركات استعراضية خطيرة، فإما يهوون على رؤوسهم أو بأرجلهم، لتتعالي الصيحات ويحاول كل واحد منهم رفع مستوى الحماس أكثر بالابتعاد لمسافة أطول ثم قطعها جريا، فيطير في الهواء ويرتطم جسده بسطح الماء.
أخطر من ذلك، كان هناك شباب يسبحون أسفل الصخرة مباشرة، فيما كان هناك من يقفزون بمحاذاة القوارب الصغيرة التي تمر قرب الشاطئ بسرعة جنونية.
لفت المنظر انتباه عائلات ارتسمت على ملامحها علامات الخوف، فما إن يقفز فرد من هؤلاء تتبع الأعين مكان الغطس مترقبة خروجه، فيما غطت امرأة وجهها بكلتا يديها هلعا وهي تراقب حركة شاب قطع مسافة طويلة جريا ثم هوى على رأسه يُجانب صخرة متوسطة الحجم، وعلق شباب سلبا على ما يقوم به هؤلاء خصوصا وأن أغلبهم لا يتجاوز سن السابعة عشر.
دردشنا مع شاب اسمه محمد، كان يجلس على مقربة منا فحدثنا عن خطورة الإصابة التي يمكن أن يتعرض لها أحدهم خصوصا وأن أغلبهم ذوو أجساد هزيلة ويفتقرون لمهارات الغطس الحقيقة
ذكر لنا حادثا وقع له سابقا، بينما كان يمارس القفز من فوق صخور الشاطئ الكبير المتواجد في الولاية ذاتها، حيث أراد أن ينتقل إلى صخرة أخرى أعلى لكن قدمه انزلقت وتعرض لجروح على مستوى الذراعين والركبتين بسبب النتوءات الحادة على الصخرتين، وقد كان الألم رهيبا ما جعله يسبح بصعوبة ليصل إلى الشاطئ ويلتقط أنفاسه.
أما صديقه لؤي، فقال إنه شهد في إحدى المرات على حادثة إنقاذ شخص بسبب هذه الممارسة، فبعد تناول المعني لوجبة الغذاء توجه مباشرة لمواصلة اللعب مع أصدقائه، ولأن الحرارة كانت مرتفعة جدا في ذلك اليوم أُصيب بدوار خفيف لكنه لم يعره اهتماما، وعندما هَمَّ بالقفز تعرض لالتواء على مستوى القدم بسبب لزوجة الصخرة أين كان يقف، وقد تطلب الأمر تدخل شباب كانوا يسبحون أمامه لإخراجه.
وذكر صديقهما رؤوف، أنه عانى من آلام حادة لأيام على مستوى الأذن وخلل في حاسة السمع بسبب قفزه على رأسه من مكان عال ما اضطره لزيارة الطبيب.
انتبهنا بينما كنا نراقب ما يحدث إلى أن أطفالا صغارا كانوا يقلدون المشهد الذي يجري أمامهم من قفز جنوني ومخاطرة، وقد بدو متحمسين لخوض التجربة.
القفز غير المحترف يسبب الشلل ويصل إلى الوفاة
وبحسب الرائد محمود حمدي، طبيب رئيسي في مصلحة التدخلات بالحماية المدنية، فإن خطورة القفز من المرتفعات أو السقوط في عمق صغير تكمن في موضع الإصابة بسبب صدمة الماء أو الارتطام بالرمل. وذكر، أن أصعب الإصابات هي كسور العمود الفقري وتحديدا في فقرات الرقبة، التي تسبب شللا في جميع الأطراف وقد يصل الأمر إلى الوفاة عند إصابة النخاع الشوكي، ناهيك عن السقوط على الرأس وكسر قاعدة الجمجمة، والتعرض إلى نزيف داخلي تدخل بعده الضحية في غيبوبة، أو الوفاة إن لم يكن التدخل سريعا.
وأشار، إلى عوامل زيادة حدة خطورة الحادث وهي الارتفاع، وعمق الماء، والصدمة إذا كانت طريقة الغطس غير احترافية، وشبهها بارتطام الجسد بخرسانة مسلحة لأن الانسيابية التي يعتقد البعض أنهم يملكونها تكون لدى الغطاسين الذين يكسرون الصدمة بواسطة اليدين والرجلين.
كما عرج إلى تعرض الجسد للإجهاد بسبب ممارسة مجموعة من الأنشطة في وقت واحد وهي السباحة، التسلق، ثم القفز، وهي ملائمة حسبه للمحترفين فقط، وقد عرفها الطبيب بـ"الألعاب الثلاثية".
مضيفا، أن ارتداء الأحذية المضادة للانزلاق لا يوفر الحماية الكافية خصوصا إذا كانت رديئة الجودة لأنها لا تلتصق في الصخر بشكل كاف ولا يمكنها مقاومة اللزوجة.
كما حذر المتحدث، الشباب من الانتقال إلى الشواطئ الصخرية خصوصا هذا الأسبوع الذي يعرف اضطرابا في البحر، وأوضح أن صخورها غير منظمة عكس المسابح، أين يكون لوح القفز بعيدا عن الأطراف الصلبة فعندما يقفز الشخص حسبه، يسقط مباشرة في الماء.
ونبه أيضا، إلى خطورة السباحة في الشواطئ غير المحروسة أين يغيب أعوان الحماية المدنية ما يؤدي إلى تأخر عملية الإنقاذ.
يبرز اسم شهاب قوادري، كأحد الوجوه الفنية الشابة التي اختارت أن تحمل فن المالوف وتحييه بروح جديدة، هو فنان يرى في المالوف أكثر من موسيقى، بل هو ذاكرة وهوية وقصص لا تنتهي.
كان لفن المالوف حضور قوي في حياة شهاب، حيث نشأ في بيئة تحترم الموسيقى التقليدية وتقدس الكلمة والنغمة، أين نما حبه للمالوف وتعلقت روحه به، لم تكن البدايات سهلة أو مخططة، لكنها كانت صادقة وعفوية، حيث بدأ يخطو خطواته الأولى في عالم الفن مع جمعية "لخوان"، أين تعلم أصول المالوف ونهل من شيوخه ليتابع مساره على خطاهم بشغف كبير.
بعد تعلم أبجديات الموسيقى القسنطينية وتحكمه في مداعبة أوتار آلات موسيقية، أصبح شهاب من الأسماء الشابة الحاضرة في حفلات وأعراس المدينة، أين لفت صوته الانتباه، ولاقى الثناء من الكثيرين على نبرة صوته، الذين شجعوه على المواصلة في عالم المالوف واقتحامه بجدية، يقول بأنه كلام بسيط في نظر البعض إلا أنه كان بمثابة الشرارة التي أيقظت رغبته في احتراف هذا الفن.
دخلت الأستوديو بفضل الفنانين رضا بودباغ وبن خلاف
جاءت فرصته شهاب الذهبية للبروز في الساحة الفنية، عند الاحتكاك بفنانين كبار في قسنطينة مثل رضا بودباغ وبن خلاف، حيث تلقى منها الدعم وعززوا من ثقته، ليدخل الأستوديو وسجل أعمالًا وأحيى حفلات بقاعة الزينيت والمسرح الجهوي، أين تعلم أصول الوقوف على الركح، وإتقان الأداء وحظي باحترام الجمهور، يقول شهاب إن هذه المرحلة كانت محطة مهمة في مسيرته، صقلت موهبته ومنحته الثقة.
هدية من صديق وطدت علاقتي بالآلة
يقول الفنان الشاب، أنه سنة 2020، وجد نفسه أمام تحدٍ جديد، إتقان العزف على آلة العود، ما دفعه للإتحاق بجمعية "نسائم الأنس"، وهناك التقى بأستاذه الأول الطاهر بسطانجي الذي علمه أساسيات العزف لمدة ثلاثة أشهر، كانت البداية مع الغيتار، كما نصحه أصدقاؤه، لكن العود كان حلمه الدائم، ومع جائحة كورونا والحجر الصحي، وجد الفرصة ليتفرغ للتعلم في منزله، يجرب، يخطئ، ويتحسن يومًا بعد يوم، ليتنقل بسرعة في الجمعية من قسم المبتدئين إلى القسم أ، حيث كان تحت إشراف الشيخ حسان برمكي الذي ساعده على صقل موهبته أكثر، وشارك معه في إحياء حفلات ونشاطات عديدة.
يعتبر الفنان القسنطيني شهاب الآلة الموسيقية صديقا له، مرجعا سر علاقتهما لموقف جمعه بصديق من الجمعية، بإهدائه آلة عود شكلت نقطة فاصلة في مساره وشددت ارتباطه بالآلة، قائلا : "العود ليس مجرد آلة، هو صديقي ورفيقي، نغماته تمشي في عروقي، وتساعدني على التخلص من ضغوط الحياة."
جائزتان في ميلانو تتويجا لاجتهاد متواصل
هذا الشغف لم يكن عابرًا، فخلال ستة أشهر فقط من بداية تعلمه العزف الاحترافي، شارك شهاب في مهرجان دولي في ميلانو، حيث فاز بجائزة "أحسن عازف" إلى جانب جائزة "أحسن صوت" في التظاهرة نفسها، إنجاز وصفه بأنه تتويج لحب صادق واجتهاد متواصل.
بعد أربع سنوات من العمل الجاد، أصبح شهاب قوادري اسما معروفًا في الوسط الفني القسنطيني، أحيا حفلات عدة، وأتيحت له فرص المشاركة في مهرجانات خارج الوطن، لكن ظروفه الخاصة آنذاك حالت دون مشاركته، ورغم ذلك، لم يفقد الأمل وأصر على تحقيق هذا الحلم فيما بعد. شهاب لن ينس فضل جمعية "نسائم الأنس" التي يعتبرها بيته الثاني، ويشيد بالدور الذي لعبته في فتح الأبواب أمامه ومنحه فرص التعلم والظهور، كما يفتخر بتكريمه في اليوم الوطني للفنان، حين تم الاحتفاء به كوجه من الجيل الجديد إلى جانب الفنان كمال بودة من الجيل القديم، في رمز جميل لاستمرارية هذا الفن.
قدوته في آلة العود هو سليم الفرقاني، أما في حياته الفنية فيضع الحاج محمد الطاهر فرقاني في مرتبة القدوة والمثل الأعلى، مستلهمًا منه حب الفن والالتزام به، يصر شهاب على أن المالوف ليس مجرد غناء بل "حكايات، حب، وغرام"، ويرى أن النجاح في هذا المجال لا يأتي إلا بالحب والإخلاص.
رغم التحديات، يواصل شهاب قوادري دربه بثقة وتواضع، مؤمنًا بأن العود سيظل صوته وقصته، وأن مهمته كفنان هي نقل هذا التراث الأصيل للأجيال القادمة بأمانة وصدق، ليبقى المالوف حيًا نابضًا في قسنطينة وكل الجزائر.
عبد الغاني بوالودنين