دعا، يوم أمس، أساتذة و باحثون إلى الانتباه لحتمية دفع وتطوير البحوث في قطاع الزراعة، وبالأخص التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال، بغية الخروج من حالة التبعية المناخية المعمرة، والبحث عن بدائل تستجيب لطبيعة المنتوج والمنطقة، ومن ذلك تطوير أصناف البذور وتقنيات السقي والري، واستصلاح التربة ومحاولة التكيف مع البيئة وتطويع التقنيات الزراعية حسب الاحتياجات والظروف المحيطة.
وأكد، بوضرساية بوعزة مدير جامعة محمد البشير الإبراهيمي بولاية برج بوعريريج، في افتتاح الملتقى الوطني المخصص لدراسة إشكالية البحث الزراعي في قلب الأمن الغذائي وفي خدمة البيئة، على أهمية الموضوع، والحاجة إلى تجسيد مختلف الأفكار وتوسيع البحوث، لا سيما في هذا الظرف المتميز بالأزمات الاقتصادية والصناعية العالمية التي خلفها وباء كورونا، و ما تقتضيه من حتميات لتطوير الاقتصاديات والقطاع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي الذي أضحى يكتسي أهمية أكبر في ظل هذه المتغيرات، وأصبح كما أضاف من ضمن التحديات الرئيسية التي توليها الحكومة أهمية بالغة.
و ركز أغلب الأساتذة المشاركين في هذا الملتقى  مداخلاتهم حول البحوث الزراعية، ودورها الحاسم في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية، من خلال زيادة الإنتاج الزراعي لتلبية الطلب على الغذاء للسكان، في ظل النمو الديموغرافي المتزايد والتحولات العالمية، منبهين إلى ضرورة تطوير ودعم بحوث التكنولوجيا الزراعية باعتبارها أكثر من ضرورية لزيادة الإنتاج، مع الحرص على استدامة الموارد الطبيعية والبيئة، إلى جانب تخصص البحوث في هذا الجانب، والتركيز على موضوعات البحث عبر القطاعات التي تنقب عن عوامل الترابط بين المحاصيل والثروة الحيوانية وتربية الأسماك والغابات، والاستخدام العقلاني للموارد الطبيعية بما في ذلك الاستغلال الأمثل للمياه والتربة في النشاط الزراعي والفلاحي.
و قد شارك في هذا الملتقى، العديد من الأساتذة الباحثين و طلبة الدكتوراه من مختلف الجامعات الجزائرية، من بينهم البروفيسور إبراهيم موحوش من المدرسة الوطنية العليا للفلاحة بالجزائر العاصمة، الذي نبه في مداخلته إلى نقص الموارد المائية في الجزائر، التي صنفت، حسبه، من بين الدول الأكثر معاناة من نقص المياه في العالم، بكمية محددة للفرد أقل من 30٪ مقارنة بعتبة الندرة النظرية، التي حددها البنك الدولي للفرد في السنة والمقدرة بألف متر مكعب سنويا، وكذلك الحال بالنسبة للمياه الموجهة للزراعة والذي يظهر تأثيرها على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي للسكان.
من جانبها تحدثت الدكتورة بن خرباش نجاة، مستشارة وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، في محاضرة قدمتها، عن مسألة أقلمة زراعة الشعير في المناطق الجافة وشبه الجافة بواسطة التحسين الجيني لبعض الأصناف، مبرزة دور التقدم الوراثي في تطوير هذه الزراعة و نتائجه في وفرة كمية المنتوج وكثافته، باستخدام التقنية الجيدة.
و أشارت إلى التبعية المناخية في زراعة محاصيل الحبوب بشكل عام في الجزائر، ما يجعل إنتاج مختلف المحاصيل يخضع لعدم الانتظام، لعدم كفاية معدلات التساقط، وسوء توزيعها في المكان والزمان، خاصة في حالة شحها خلال فترات نمو المحاصيل، مقدمة دراسة عن منتوج الشعير، الذي يرتبط عدم استقرار محصوله بحساسية الأصناف للظروف البيئية، داعية إلى تطوير تقنيات الزراعة والسعي إلى تكييفها مع البيئة وتقلبات المناخ، إذ تعتبر هذه الأخيرة، مثل ما أكدت، من أهم القيود الأكثر تأثيرا، بفعل نقص المياه والحوادث الحرارية المرتبطة بالترسيب ودرجة الحرارة، و قالت أنه يفترض أن يكون التوجه في الزراعة انتقائيا حسب الأصناف التي تتكيف مع الظروف البيئية في الجزائر.
كما تطرق الأستاذ حرطاني طارق، في مداخلته إلى كيفية تأثير أساليب تحسين مردود الأراضي بالاعتماد على الممارسات المستدامة، مبرزا ضرورة التركيز على تقنية إراحة الأراضي الزراعية،  كما تقدمت البروفيسورة شوتري أمال مديرة مخبر بحث دراسات اقتصادية للمناطق الصناعية بجامعة برج بوعريريج، بتوضيح وتبيان الدور الجديد للبحث الجامعي الزراعي، انطلاقا من تغير وظائف الجامعة بهدف الاستجابة للتغيرات التي تشهدها المجتمعات، حيث أشارت إلى أن مسؤولية تحقيق الأمن الغذائي لم تعد تقتصر على القطاع الزراعي وحده، بل أصبح يتشارك في تحقيقه العديد من الأطراف والهيئات خارج القطاع الزراعي أبرزها الجامعة ليس بما توفره من بحوث أكاديمية فقط، بل بما تقدمه من ابتكارات تساهم في تقديم قيم مضافة في تجسيد الأمن الغذائي، داعية إلى تحيين طرق ومناهج التدريس، لتخدم التوجهات الجديدة للبحث الزراعي، و خدمة المجتمع من خلال تقديم تعليم مستمر للفاعلين بالقطاع الزراعي، وتجسيد الابتكارات والمساهمة في النقل التكنولوجي في كل ما يرتبط بهذا القطاع.
ع/ بوعبدالله

الرجوع إلى الأعلى