مسابقة - الجزائر تقرأ - كشفت عن وجه مشرق للرواية الجزائرية
نشط أول أمس، الكاتب و الناقد و المترجم سعيد بوطاجين ، ندوة  أدبية على مستوى المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة، تحدث خلالها بإسهاب عن واقع الترجمة في الجزائر و عن الرواية الجزائرية و تحدياتها، كما تطرق إلى أسلوبه  الخاص في السرد القصصي و علاقته بالسعادة وبالسياسة و بالراحل الطاهر وطار.
سعيد  بوطاجين الذي شارك مؤخرا في فعاليات المعرض الدولي للكتاب، بإصدارات جديدة، استهل الندوة بالحديث عن الترجمة الأدبية في الجزائر التي قال، بأنها لن تتطور ما لم نبادر حسبه، إلى طرح سؤال  «ماذا نترجم و لماذا؟»، مشيرا إلى أنه مجال يخضع لمنطق العشوائية رغم وجود الكثير من المترجمين ذوي المستوى، لكن غياب قانون ينظم النشاط، فضلا عن ضعف التنسيق بين الناشرين و المترجمين، جعل الفوضى تعم الساحة كما علق، فهناك كتب ترجمت لأكثر من مرة على غرار « الأمير الصغير» مثلا، بالمقابل هناك من يشتغلون في الترجمة مجانا خدمة للهدف الأدبي أو الأكاديمي، في حين أن هدف الناشرين لا يعدو تحقيق الربح المادي، دون السؤال عن قيمة الكتاب وما يضيفه للساحة الثقافية و الفكرية عموما، وهذه العوامل مجتمعة حسبه، جعلت الترجمة تتراجع في بلادنا و تنحصر بدليل أن عدد الترجمات سنويا لا تتعدى 25 إلى 30 كتابا.
 الكاتب قال، بأنه  طرح قبل ست سنوات رفقة مجموعة من الباحثين و المهتمين، فكرة على وزارة الثقافة تتعلق بجرد الكتب التي تمت ترجمتها في الجزائر، كما اقترحوا على ذات الهيئة ضبط إستراتيجية ترجمة  خصوصا في ظل وجود كفاءات يمكنها العمل تحت تأطير الدكتورة إنعام بيوض، وقد تم في ذات الصدد عقد اجتماع في المكتبة الوطنية لدراسة سبل تنفيذ المقترحات لكن نتائج اللقاء «سقطت في الماء» كما عبر ، ولم تتحقق إلى غاية الآن.
 بالمقابل كشف المترجم، عن مشروع يعمل عليه  مركز البحث في الأنثروبولوجيا الإجتماعية و الثقافية بوهران، يتمثل في إعداد وطبع فهرس كامل يعنى بجرد أسماء المترجمين الجزائريين و الأعمال التي تمت ترجمتها إلى العربية ، وهو عمل أكد بأنه سيقدم الكثير للساحة الثقافية و الفكرية في غضون السنتين القادمتين.
«لدينا كتاب بمستوى تلاميذ ابتدائيات»
و عن تجربته كعضو في لجنة القراءة، في مسابقة  الإبداع الروائي « الجزائر تقرا» التي نظمتها دار نشر الجزائر تقرأ مؤخرا، قال الناقد بأنها تجربة تطلبت منه الاطلاع على ما يعادل 270 مخطوطا روائيا، رفقة كتاب آخرين من الجزائر وألمانيا و المغرب، وقد كشفت عن وجه مشرق للرواية الجزائرية، التي أشار إلى أنها أثبتت قدرتها على المنافسة.
 بالمقابل كانت هنالك على حد وصفه، مشاركات لأشخاص يتجرأون على التجني على الرواية و كتابة ما يقل مستوى عن التعبير الكتابي لتلميذ في الطور الابتدائي ووصفه بأنه رواية، إذ تحدث عن رصد أخطاء نحوية و لغوية وإملائية لا يمكن استيعابها، مضيفا بأن الرواية فن سهل ممتنع ولكتابتها يتعين على الشخص أن يتعلم كيف يكتب ويمزق بحثا عن المثالية، فمن غير المنطقي حسبه أن يكتب أي كان رواية في شهرين، لأنه أمر يعجز عنه حتى الكتاب الكبار أمثال  بوجدرة و تولستوي و الطاهر وطار ، الذي تحدث بإسهاب عن علاقته القوية به، و قال بأنه من يتجرأ على انتقاده لابد و أن يكون ناقصا، أو فردا قادرا على الأقل على تقديم ما يرقى لمستوى هذه القامة الأدبية.
«لا أحب السعادة لأنها تضر بالكاتب»  
وفي رده عن سؤال حول سبب تملصه من كتابة مصير أبطال أعماله، و إسناده للمهمة إليهم شخصيا، قال بوطاجين بأنه، كثيرا ما يفضل الانسحاب ككاتب  بعد أن يكون قد خط الصفحات الأولى من العمل، ليحول شخصياته إلى كتاب، ففي داخل كل واحد منا كما عبر، يوجد كاتب، فقط هناك من هو جرئ كفاية ليخرج قلمه ويخط أول سطر، وهناك من لا يملك الجرأة الكافية لخوض التجربة، و الدليل هو بعض النهايات التي قرأها لأبطال أعماله، والتي كانت أبلغ و أروع مما كان ليتصوره هو نفسه، مستشهدا في ذلك بنص للشاعر عادل صياد.
و بخصوص، النصوص المقلوبة أوضح الكاتب، بأن التجربة التي بدأها في روايته الوحيدة « الحمد لله»، لا تعد جديدة في عالم الأدب، بل هو أسلوب معتمد ولو كان ذلك نادرا وبالتالي فالتوظيف لم يكن عبثيا بل ذو غرض وظيفي بحث، مشيرا إلى أن سبب جنوحه إليه هو عجزه «عن قناعة» عن الكتابة بسعادة، فهو كما عبر،  ليس سعيدا ولا يعيش في مجتمع سعيد، ولا يحب السعادة لأنها ظاهرة غير صحية في الكتابة، فالمتفائل في مجتمعاتنا العربية حسبه، إما أن يكون كاذبا أو أخرق، و هو لا يحب أن يتسم بالصفتين، وكتاباته «التي تحتمل الخطأ «، ما هي إلا ترجمة لواقع هذه المجتمعات الممتدة، يقول :» لست مرتاحا في هذا السياق السريالي لكنني أرى كل شىء سرياليا وعابثا، قيل لي يوما لما تكتب بشكل مقلوب ، فأجبت أنا طبيعي مجتمعاتنا هي المقلوبة، هدفي هو أن أصدم القارئ».
 يضيف : « أكتب بمنطق و أسقط كتاباتي على واقعي، لست معنيا بما يقوله كافكا و دوستويفسكي، أنا استقي شخصياتي من واقعي ومن محيطي الضيق الذي قد لا يزيد عن 50مترا، لذلك أعطي شخصيات أعمالي بطاقات دلالية و أركز على إبراز بعدها الإنساني».
صاحب كتاب « اللعنة عليكم جميعا»،  أوضح أيضا بأنه سيظل ساخرا ما بقي المجتمع ساخرا، و السخرية في أسلوبه الأدبي يوظفها نقلا عنه، لغرض الانتقام، « فلا يمكنني كما قال، أن أكون منطقيا، و أقيم علاقة طيبة مع مجتمع  عابث و سريالي و ذاهب إلى الجحيم، و أتحدث هنا على المجتمع العربي والإنساني عموما، أنا لا أثق في الأنظمة السياسية ككل، وكلما سمعت مسؤولا يتحدث أقول هو يكذب بشكل جيد  أنا أسخر منه بشكل جيد أيضا».
هدى / ط    

الرجوع إلى الأعلى