نغني بالشاوية لأن اللهجات ستندثر إذا لم يرعها الفن
 تقدم فرقة إيثرن، من أم البواقي، طابعا غنائيا فريدا، حيث تمزج بين الجاز العالمي و التراث الشاوي الجزائري، ضمن توليفة تميزها جمالية اللهجة الشاوية التي تعطي للأغاني قوة و صدى يرحل بالمستمع إلى جبال الأوراس الأشم، أين تدور حكايات كثيرة عن المرأة و الطفل و الحب و النضال و الوطن، كما أوضح لنا أعضاء الفرقة التي أحيت إحدى سهرات الطبعة 15 من المهرجان الدولي ديما جاز، بقسنطينة،  التي اختتمت أمس.
حسب فراح محسن، عازف القيثار الأساسي في الفرقة، فإن اختيار اللهجة الشاوية للغناء، كان بناء على قناعة راسخة، مفادها أن مهمة الفن لا تكمن فقط في الإمتاع، بل تشمل كذلك أبعادا اجتماعية و ثقافية، أهمها الحفاظ على اللهجة المحلية و إخراجها من محيطها الضيق و حمايتها من الاندثار، من خلال توظيفها موسيقيا، وذلك على اعتبار أن الموسيقى هي لغة كونية يفهمها الجميع، لأن الألحان هي في حد ذاتها ترجمة للكلمات، مضيفا بأن الشاوية لهجة قوية و حالمة، وقد خدمت فن الفرقة و انصهرت بشكل رائع مع الموسيقى العالمية، و بالأخص الجاز و الروك، نظرا لطبيعة الطابعين.عازف القيثار، قال بأن الفرقة و منذ تأسيسها سنة 1992، على يد الأخوين رابح و يزيد فراح، أخذت على عاتقها مهمة ترقية الثقافة الشاوية، سواء عن طريق إدخال الإيقاعات المحلية على أغاني الجاز و تكريس وجود البندير و القصبة ضمن الألحان، أو من خلال إحياء التراث الغنائي القديم و عصرنته بتوظيف آلات حديثة إيقاعية كالساكسوفون و القيثارة و الباص و البيانو و غيرها، وهو تحديدا ما قامت به « إيثرن» في ألبومها الأول « إيمازغن»، الذي صدر سنة 1994، و جمع بين الروك و الشاوي. و في سنة 2012 عادت بإصدار جديد، كرمت من خلاله مسيرة الفنان الراحل عثمان بالي، و عنوانه « نيوـ تيندي»، حيث تميز الألبوم بمزيج من الطبوع التراثية كالموسيقى الصحراوية التيندي و الجاز، أما في سنة 2017 فقد أصدرت الفرقة ألبوم « المحفل»، الذي صورت منه على شكل فيديو كليب أغنية « الفوشي»، ترويجا للثقافة الشاوية وتعريفا بها.  أعضاء الفرقة تحدثوا، أيضا عن شغفهم الكبير بعصرنة الأغنية الشاوية و تحريرها من النمط التراثي القديم الذي كرس له الراحل عيسى الجرموني، وفرق الرحابة الفلكلورية، وذلك بإعطائها لمسة عصرية مع الحفاظ على روح التراث فيها، لأن الموسيقى، حسبهم، لا يمكن أن تصل إلى العالمية إذا لم تتطور، مستشهدين بتجربة الراي، الذي تخطى حدود الوطن بفضل قدرات الشاب خالد و مامي و آخرين على الإبداع و التجديد. و اعتبر عازفو و مغنيو إيثرن، القادمة من مدينة أم البواقي، بأن الجاز الجزائري موسيقى نخبوية،  لها جمهور محدود،  لكنها ليست لونا موسيقيا تجاريا، و عليه فإن التعريف بها ، يتطلب تكييفها لتتماشى مع كل الأذواق.                                      هدى /ط

الرجوع إلى الأعلى