"الضريح".. تجمّع حضري جديد بمشاكل قديمة!
لا يزال حي 19 مارس «3200 مسكن»، بالقطب الجديد الواقع بأعالي مدينة ماسينيسا بقسنطينة، و بعد أشهر قليلة من توزيع شققه، يفتقر للعديد من الضروريات التي يطالب قاطنوه بتوفيرها، على غرار الأمن و النظافة و تحسين النقل، و كذا تشغيل مصاعد العمارات و توفير خدمة الأنترنت، إلى جانب القضاء على مشكلة الاكتظاظ بالمدارس و التي تعد مديرية التربية بإنهائها مع بداية الموسم المقبل، فيما تؤكد البلدية أنها على دراية بكافة النقائص، و بأنها تعمل على تذليلها بالتنسيق مع الجهات المعنية.
روبورتاج: عبد الرزاق مشاطي
و بات الوصول إلى القطب السكني الجديد أو «الضريح» كما يسمى وسط السكان نظرا لقربه من ضريح ماسينيسا، ممكنا عبر حي 900 مسكن، غير أن معظم أجزاء هذا المحور مهترئة، فضلا عن أنه يقع وسط تجمع حضري كبير، ما يجعل السير عبره أمرا مزعجا بالنسبة لقاطني المنطقة و كذلك للسائقين، غير أنه يبقى أفضل من الطريق الآخر، الذي يمتد على مسافة طويلة تقدر بعدة كيلومترات، و ذلك عبر أحياء ماسينيسا، وصولا إلى الوجهة المطلوبة، إذ يستحيل قطع هذه المسافة على الأرجل، إلا بعد معاناة طويلة.
ألعاب و كراسٍ مخرّبة!

و داخل حي 3200 مسكن، الذي أصبح آهلا بالسكان منذ أكثر من نصف عام، يبدو أن الكثير من الأشياء لا تزال تنقص المكان، فمن خلال جولة قصيرة بين العمارات، أول ما يلاحظ هو تراكم القمامة في الكثير من النقاط المخصصة لرميها، كما أن النفايات الصلبة ترمى بشكل عشوائي داخل الحي، و يبدو أن سلوكيات فئة من السكان، أدت إلى تشويه الحي بعد أشهر قليلة من تسليمه من طرف السلطات، فالألعاب المخصصة للأطفال تم تكسيرها، و منها ما تم اقتلاعه من مكانه، ما جعلها غير صالحة للاستعمال، و حتى بعض الكراسي الحجرية التي وضعت في أنحاء الحي، تم تكسير عدد منها.
ما لاحظناه كذلك على مستوى مداخل العمارات، أن جدران الدعم غير كافية لإيقاف انجراف التربة، التي تنزل إلى الأرصفة و تغلق مداخل البنايات، و ذلك مع كل تساقط للأمطار، حسب ما أكده سكان التقيناهم بالمكان، كما تغيب البالوعات المخصصة لتصريف المياه على مستوى بعض هذه النقاط، ما يؤدي إلى تشكل البرك، و هو أمر يبدو أنه تم تداركه، حيث شاهدنا أشغالا خاصة بإنجاز بالوعات جديدة، رغم أن العائلات استلمت منازلها منذ مدة ليست بالقصيرة.
عائلات تشغل مصاعد العمارات بأموالها
و على مستوى العمارات المؤلفة من تسعة طوابق، لاحظنا أن الكثير من المصاعد متوقفة، حيث أكد السكان أنها لا تعمل منذ أن سكنوا المكان ، و على حد توضيحهم، فإنها لم تُشغل عمدا حتى لا يتم استعمالها من طرف العائلات في نقل الأثاث و مواد البناء، خاصة أن الكثير من المستفيدين من الشقق، قاموا بأشغال إعادة تهيئة داخلها، غير أن محدثينا من السكان أوضحوا بأنهم يعانون، بسبب ارتفاع الطوابق، و عدم قدرة كبار السن و المرضى و كذلك النساء الحوامل، على الصعود و النزول، و هو ما دفع ببعضهم إلى القيام بتشغيلها، عبر الاستعانة بمؤسسة خاصة، و ذلك بمقابل مادي يصل إلى 7 ملايين سنتيم في مرة أولى، ثم 2 مليون سنتيم كأجر للصيانة الشهرية، و التي يتقاسمها قاطنو كل عمارة.

و يبدو أن هذا الإشكال ليس الوحيد، فبعض السكان يشتكون من تسربات المياه خارج العمارات، و التي لم يكتشفوا مصدرها، لأنها تحت الأرض، فيما لم تتدخل الجهات الوصية لإصلاحها رغم النداءات المتكررة، كما تحدث آخرون عن معاناتهم بسبب عدم تشغيل خطوط الهاتف الثابت، و بالتالي عدم توفر خدمة الأنترنت، فضلا عن ضعف شبكة جميع متعاملي الهاتف المحمول، و هو أمر وقفنا عليه، حيث لا يمكن إجراء الاتصالات إلا بصعوبة بالغة، كما أن النقل يعد إشكالا كبيرا بالنسبة لقاطني هذا الحي الجديد، فركوب الحافلة لحوالي ساعتين للوصول إلى مدينة قسنطينة هو أمر طبيعي لقاطني ماسينيسا الجديدة، الذين باتوا يلجأون إلى سيارات «الفرود»، رغم الأجرة الباهظة، فثمن التنقل إلى وسط قسنطينة هو 150 دج للشخص الواحد.
60 تلميذا في القسم بابتدائية زروق
و قد صادف وصولنا إلى المكان، خروج التلاميذ من مدرسة زروق حسين الابتدائية، و التي لاحظنا اكتظاظا كبيرا بها، فعدد الأطفال بدا أكثر من الطبيعي، كما أن عدد الأولياء الذين كانوا في انتظارهم، كان معتبرا، و قد اقتربنا من بعضهم، حيث أوضحوا للنصر بأن عدد المتمدرسين داخل القسم الواحد يصل لـ 60 تلميذا، يضاف له إشكال نقص المعلمين، حيث لا يتوفر العدد الكافي منهم لتأطير أكثر من 800 تلميذ يدرسون بهذه الابتدائية، على حد تأكيد محدثينا. و بالرغم من أنه تم افتتاح مدرسة جديدة، في جزء آخر من الحي، غير أن الأولياء رفضوا تنقل أبنائهم إليها، بحجة بعدها عن مقرات سكنهم، و عدم توفر الأمن، إذ يخشون على أطفالهم من التنقلات..

و قد لاحظنا نقصا في الخدمات، فباستثناء بعض متاجر المواد الغذائية العامة، و الخضر و الفواكه، فباقي المحلات التي تعد بالمئات جلها مغلق، و منها ما تم تكسير أبوابها، فيما تنتشر التجارة الفوضوية من طاولات و شاحنات، يعرض أصحابها سلعهم في المكان، أما الفرع البلدي فوجدناه مغلقا لدى تنقلنا إلى المكان خلال الأسبوع الماضي، حيث قال السكان بأنه لا يوفر الكثير من الوثائق بسبب غياب الشبكة، كما اشتكوا من وضعية مركز البريد الذي أكدوا بأنه لا يلبي طلباتهم في معظم الأحيان.
و من أهم مطالب السكان، الإسراع في توفير تغطية أمنية كافية، حيث تساءلوا عن موعد فتح مركز الشرطة الذي جهز على مستوى إحدى العمارات، موضحين بأن نقطة المراقبة التي وضعت في مدخل الحي، غير كافية، كما اشتكوا من كثرة المناوشات و الشجارات التي تحدث، موضحين بأنهم أصبحوا متخوفين من حصول الاعتداءات، خاصة في الأجزاء الخالية من «الضريح».
  خلية إصغاء بلدية للتكفل بالانشغالات  
و قد حاولت النصر نقل بعض انشغالات السكان للجهات الوصية، حيث أوضح مدير التربية لولاية قسنطينة، بوهالي محمد، بأن ابتدائيتين جديدتين يجري إنجازهما بالمكان، مؤكدا أن من شأنهما القضاء على مشكلة الاكتظاظ نهائيا، بعد افتتاحهما المرتقب بداية الموسم الدراسي المقبل، كما اتصلنا بالمندوب البلدي بمدينة ماسينيسا، بلال بن يخلف، و الذي أكد أنه على علم بجميع النقائص المسجلة على مستوى هذا الحي، موضحا بأنه قام بإنشاء خلية إصغاء للاستماع لانشغالات المواطنين و تدوينها، قصد التدخل لحل ما أمكن منها، و إيصال باقي المطالب للجهات الوصية.

و في هذا الشأن أكد محدثنا بأنه يتفقد الحي بشكل يومي، موضحا بأن مؤسسة النظافة تقوم بجمع القمامة يوميا، غير أن بعض المواطنين لا يلتزمون برمي القمامة في أماكنها و خلال الأوقات المحددة لذلك، فيما يقومون، حسبه، برمي النفايات الصلبة بطريقة عشوائية، كما أشار إلى أنه تم طرد الباعة الفوضويين و تنظيف أماكن عرضهم للسلع في عدة مرات، غير أنهم يعودون مجددا في كل مرة، و بخصوص المسلك الذي افتتح عبر حي 900 مسكن، قال المنتخب ببلدية الخروب بأنه جاء بطلب من المواطنين لتسهيل تنقلاتهم، و ذلك في انتظار الانتهاء من أشغال الطريق الرئيسي.
من جهة أخرى فقد أكد المندوب البلدي، أن انشغالات المواطنين على غرار المصاعد المتوقفة، قد تم إبلاغها لديوان الترقية و التسيير العقاري «أوبيجي»، مضيفا بأن هناك مؤسسة مختصة في المجال قدمت ملفا للديوان، و تنتظر الرد للقيام بالصيانة اللازمة، كما أشار السيد بن يخلف إلا أنه قد تم إيصال الانشغالات المتعلقة بانجراف التربة، و تجمع مياه الأمطار، و كذا تسربات المياه، سواء من القنوات الخارجية أو من أسطح العمارات.  
ع.م

الرجوع إلى الأعلى