الشريعة ..عاصمة النمامشة خفت بريقها و تعطّلت مشاريعها
يتحسر المواطن الشريعي على السنين الذهبية لمدينته التي كانت محط إعجاب الكثيرين ، ويرى أصحاب هذا الرأي أن صورة الأمس وإن لم تكن بالألوان، إلا أنها أفضل من مشاهد الراهن والحاضر، ويبدي البعض منهم استغرابه للإفلاس المبرمج لعاصمة النمامشة التي إنكمش تأثيرها وتراجع بريقها في السنوات الأخيرة، بحيث لم تعد المخبر المنتج للكوادر ولا للقرارات الحاسمة في الولاية رقم 12.
 ورغم ما يحصيه المواطنون من إشكاليات ومشاكل متراكمة بهذه الرقعة الجغرافية، إلا أن قطاعا كبيرا منهم يعتقد أن الشريعة قادرة على النهوض مجددا وتجاوز تلك الحواجز، والكل هنا يمني النفس بترقية بلديتهم التي تعد من كبريات البلديات إلى مصاف الولايات، ويعول هؤلاء على هذا المشروع الحلم لإحداث نقلة نوعية في المجالات التنموية، وإستدراك التأخرات والتعثرات المسجلة خصوصا في السنوات الأخيرة، بينما يعزف المسؤولون على ما تحقق من تطور عمراني ونمو للأحياء ومرافق لم تكن موجودة من قبل، ويرون أن البلدية صارت ورشة مفتوحة في جميع المجالات، مؤكدين أن عامل الوقت من شأنه أن يذيب كل الصعاب ويعالج المشاكل المختلفة بهذه البلدية التي لا زالت حسبهم قادرة على ملامسة أحلام مواطنيها وبغلق تلك الورشات المفتوحة حاليا ستستعيد المدينة نظارتها وبهاءها.

جريمة فرنسا وتصفيتها لـ 500 شهيد تكتشف بعد 4 عقود من الاستقلال

الذاكرة التاريخية لبلدية الشريعة حبلى بالمواقف الشجاعة لسكانها الذين أبلوا البلاء الحسن خلال ثورة التحرير المباركة، فبمقر البلدية القديم ظل يرقد أكثر من 500 شهيد ممن أعدمتهم فرنسا لعقود، غير أن جريمة تصفيتهم جماعيا إنكشفت للعيان في بداية الألفية الجديدة بعد عمليات الحفر الموجهة لإنجاز شبكة المياه، ولم تفلح الأشجار التي غرسها المستدمر بعد توقيعه لها في إخفاء ما تعرض له هؤلاء من تنكيل وتعذيب.
 وبقلب المدينة لا زال مركز التعذيب الذي شيده الإستدمار محافظا على دهاليز غرف التعذيب التي توثق لحجم الجريمة التي كانت تطال كل جزائري، وبين صفحة الأمس المجيد كان الشاعر محمد الشبوكي صاحب رائعة *جزائرنا يا بلاد الجدود *يتغنى بحب الجزائر، كما كان له شرف تسيير هذه البلدية بعد الاستقلال، مثلما مر بها مناضلون وأبطال خلدوا أسماءهم بأحرف من ذهب على غرار العقيد محمد الشريف والمجاهد جدي مقداد والطاهر حراث وبراهمي التابعي وغيرهم،، وبين فسحة التاريخ المجيد والموقع الممتاز والمؤهلات المختلفة لا يخفي البعض رغبته في تحقيق الاقلاع المنشود ويعول آخرون على الوالي الجديد لإحداث هذه الديناميكية.
وتعد بلدية الشريعة من كبرى بلديات ولاية تبسة، وتبعد عن عاصمة الولاية بـ 45 كلم إلى الجنوب الغربي، يقطنها أزيد من 80 ألف ساكن على مساحة الإجمالية تعادل 317 كليومتر مربع، وكانت هذه البلدية مقر لدائرة كبرى تضم بلديات الحمامات، بئر مقدم،قريقر، المزرعة، بجن العقلة وثليجان.

مدينة عطشى رغم أنها بنيت على عرش من الماء

يضع المواطن الشريعي مشكلة توزيع مياه الشرب وتذبذبها على رأس إنشغالاته اليومية المطروحة منذ عدة أشهر، وقاطن هذه البلدية لم يستسغ حالة العطش التي يحياها في هذه المدينة التي إرتبط ذكر اسمها بالماء واشتق منه حسب المصادر المتداولة، إذ يقال *شرعت الإبل *أي وردت الماء فكانت نقطة الشريعة إلتقاء القوافل المتجهة للجنوب والصحراء والممونة لأغلب المناطق والبلديات المجاورة، ولا زالت الذاكرة الشريعية لدى كبار السن تتذكر غزارة المياه بها وعدم خلو أي منزل منها من بئر عميقة.
 واضطر المواطنون في أكثر من مرة إلى تنظيم وقفات واحتجاجات وغلق للطرق للمطالبة بتموين كاف لجميع الأحياء، فيما فضل آخرون الإستعانة بمياه الصهاريج أيام الحر للتغلب على هذه الوضعية التي جثمت على صدرهم ولم تعد سحابة صيف عابرة،، مديرية الري ومؤسسة الجزائرية للمياه تؤكدان من جهتهما أن الكمية التي يضخها بئر أم خالد 27 كلم عن مقر البلدية قادر على تموين السكان بما يقارب 70 لترا في الثانية، غير أن هذا التموين واجهته صعوبات بينها إنعدام شبكة التوزيع في بعض الأحياء وعجز شبكات أخرى قديمة على تأمين إحتياجات ساكني 28 حيا فضلا عن المناطق الريفية.
 مع العلم أن السلطات كانت قد أعلنت الشريعة نقطة سوداء في السنوات القليلة الماضية على خلفية الجفاف الذي ضرب المنطقة لمواسم متتالية وغور المياه الجوفية، وقد دفع ذلك بالمعنيين إلى البحث عن آبار جديدة بعد جفاف 5 منها، وتم اللجوء لخيار جلب هذه المادة من منطقة أم خالد ليصبح عدد الآبار الممونة للبلدية 6 ومن المرتقب أن تتدعم بـ 3 آبار جديدة حسب نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية الشريعة عبيد محمد الذي أشار إلى أنه سيتم تجهيز البئر العميقة المشور بطريق خنشلة وسيتدعم بقناة دفع لخزان سعته 500 متر مكعب، أما على مستوى المناطق الريفية فيرتقب تدعيم الطباقة،بئر الطويل، المستحية، مشير، عبلة، مشنتل، بحنفيات جماعية .

الأتربة المتصاعدة وتباطؤ التهيئة يثيران إستياء السكان

لا تكاد تخلو شوارع مدينة الشريعة من عمليات للحفر فتحولت تلك الشوارع إلى مصائد للسيارات وبرك راكدة شتاء وأتربة متصاعدة صيفا، ويبدي السكان تذمرهم من هذه الحالات التي لم تكن موجودة قبل شروع السلطات في تهيئة أحيائهم، ويأمل سكان حي العربي التبسي، التحصيص البلدي 1 و2، إبن باديس، حي مخلوفي، وسط المدينة والحي البلدي من الجهات المعنية التعجيل بإتمام هذه العمليات وخاصة حي العربي التبسي الذي يعد أكبر حي بالمدينة،ومن ثم مد شبكات المياه والصرف الصحي ومعالجة التسربات الطارئة وإنتهاء بانجاز الأرصفة والتبليط وتعبيد الطرق.
 وفي المقابل يؤكد ممثل البلدية أنه بغلق مختلف عمليات التهيئة الحضرية للأحياء ستستعيد المدينة بهاءها وجمالها، مع العلم أن تهيئة المحور الرئيس بمدينة الشريعة عند المدخل الشمالي إلى غاية المحكمة قد حددت مدة إنجازه بـ 5 أشهر بداية من الأن، فيما سيعاد الاعتبار للطريق الاجتنابي الرابط بين الطريق الوطني رقم 83 وطريق خنشلة سيسلم شهر سبتمر حسب محدثنا، كما تجري الأشغال لتهيئة تحصيص أول نوفمبر الموزع عام 1994 وكذا حي عمر بن الخطاب المجاور.
أما تهيئة حي الشيخ العربي التبسي على مساحة 55 هكتارا فقد بلغت نسبة تقدم الأشغال به 50 بالمائة في انتظار مد خطوط الألياف البصرية من طرف اتصالات الجزائر والانتهاء من تنصيب قنوات الدفع لمياه الصرف الصحي، وتحويل أنبوب الغاز من طرف مؤسسة سونلغاز القريب من المقبرتين،مع العلم أن أكثر من 10 أحياء أخرى إنتهت بها العملية حسب المسؤول ذاته في هذه البلدية التي تضم كذلك 5 تجمعات سكانية.
البلدية يمر بها الطريق الولائي رقم 83 الرابط بين تبسة وخنشلة، كما ينطلق منها الطريق الولائي رقم 01 ورقم 5، فضلا عن عدة مسالك وطرق بلدية أخرى، وفي رزنامة القطاع مشاريع لتهيئة المحور الرئيس للطريق رقم 83 وطريق الضلعة وطريق 250 مسكن ووسط المدينة، ويأمل المواطن بالمناطق الريفية إعادة الاعتبار لعدد منها على غرار طريقي ثازبنت وقريقر اللذين كثرت بهما الحفر وباتا بحاجة لعمليات صيانة، أما بالنسبة لمشروع تدعيم 10 كلم من الطريق الرابط بين الشريعة وبئر مقدم  فهو مشروع قطاعي وقد أعطيت إشارة إنطلاقه شهر نوفمبر 2014، وقد دفعت وتيرة الأشغال بأصحاب الحافلات والمركبات العاملة على مستوى هذا المحور إلى غلق الطريق الأسبوع الماضي والاحتجاج للمطالبة بالاسراع في رفع وتيرة الإنجاز والانتهاء من هذه العملية.
من جهتها مديرية الأشغال العمومية بتبسة أشارت إلى أن هذا المشروع يتضمن رفع الطريق على مسافة 3 كلم لتجاوز مشكلة الفيضانات التي تعيق حركة المرور كلما تساقطت الأمطار، حيث سيتم خلق جسور صغيرة وذلك بعد دراسة هيدرولوجية للمنطقة على أن تنتهي الأشغال في آجال 16 شهرا.
وفي سياق آخر ينتظر المواطن بالشريعة دخول المحطة البرية صنف ج الخدمة بعد الانتهاء من انجازها منذ عدة أشهر واختيار المؤسسة التي ستسند لها مهمة تسييرها، كما يأمل تدعيم النقل بحافلات وسيارات جديدة قادرة على التكفل بالطلبة والعمال والمتجهين خصوصا صوب عاصمة الولاية.

معهد وطني للتعليم العالي لأول مرة بالشريعة

وفضلت السلطات الولائية بالتنسيق مع جامعة الشيخ العربي التبسي بتبسة إختيار الشريعة لإنجاز معهد وطني للفلاحة والتغذية الزراعية بالنظر لما تزخر به هذه البلدية من ثروة حيوانية وإمكانات فلاحية، وعلمنا في السياق ذاته من نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي بأنه تم إختيار الأرضية التي سينجز عليها هذا المرفق العلمي الهام الذي تقدر طاقته بألف مقعد بيداغوجي و500 سرير، وكان والي تبسة علي بوقرة قد أكد في خرجته للقطب الجامعي ببولحاف الدير على إسناد الصفقة لمكتب الدراسات بالولاية على أن تنطلق أشغال تنفيذه بداية من الدخول الإجتماعي المقبل.
ويأتي اختيار الشريعة لهذا المشروع للدفع بتربية الماشية إلى الأمام وإخراجها من الطرق البدائية إذا علمنا أن المصالح المختصة تحصي 65 ألف رأس من الأغنام بالشريعة و30 ألف رأس من الماعز وحوالي 2000 رأس من الأبقار نصفها حلوب، ويتم تجميع الحليب على مستوى مناطق المرجة وعبلة ومشنتل، كما تعد الشريعة قطبا مهما في انتاج البطاطا والطماطم وبعض الخضروات، بحيث تقدر المساحة المسقية بـ 600 هكتار منها 220 هكتار مزروعة خضرا. وبانتهاء مشروع غرف التبريد سيضاعف الفلاحون من نشاطهم وعدم إقتصار العملية على زراعة الشعير والقمح التي تقارب مساحتها بالبلدية 10 آلاف هكتار، ويأمل الفلاح الشريعي والمستثمر في هذا المجال رفع نسبة الدعم لتربية الماشية التي تعد الأشهى لحما والأرقى نوعا والمستهدفة من طرف المهربين بعد إرتفاع كلفة تربية الماشية وانحصار مساحات الرعي.

مشاتي وأحياء بلا غاز ولا كهرباء ومديرية الطاقة تقترحها في البرنامج التكميلي

لا تزال عدة مناطق ريفية وبعض الأحياء بالشريعة بحاجة لعمليات ربط بالكهرباء أو بالغاز، ويراهن مواطنو هذه الجهات على مختلف البرامج القطاعية لتحقيق أمانيهم، ومن جهتها طمأنت مديرية الطاقة والمناجم السكان بأنه تم إحصاء جميع المناطق الريفية التي لم يتم ربطها بالكهرباء ووضعها في البرنامج التكميلي، في الوقت الذي بلغ عدد زبائنها بالنسبة للكهرباء 14896 زبونا أي بنسبة تغطية تقارب الـ 90 بالمائة، و12400 زبون بالنسبة للغاز أي بنسبة 83 بالمائة وهي نسبة أعلى من المعدل الوطني، واستنادا للمصدر ذاته تم تزويد منطقتي القصايع وقصر العطش بالكهرباء الريفية في إطار برامج سابقة، وتمت برمجة ربط أحياء كالنور 1و2 و3 وعبد الباقي وطريق الضلعة وناجي ناجي ونفطال بالكهرباء بناء على اقتراح من البلدية وبعد مصادقة المجلس الشعبي الولائي، أين وضع بعضها في الخدمة وبعضها الآخر بين مرحلة الانجاز والدراسة، كما تم ربط تحصيص النور 1 و2 و3 والسكن الهش  خلال البرنامج الخماسي 2010/2014 بغاز المدينة مع نهاية سنة 2013.
وتجري مصالح مؤسسة توزيع الكهرباء والغاز بتبسة دراسة لربط بعض المشاتي بالكهرباء على غرار منطقة لكراع، البراهمية ،الفراحتية –عبلة- ومشتة شنوفي ،المحدة،وطباقة الجفافلية وأولاد ربعي،واولاد ساسي والمرجة، كما تم إقتراح ربط حي العقيد محمود الشريف وربط المجمع السكني حجرة أم ناب الريفي في حال توفر شروط الربط، فيما يبقى أحياء محمود الشريف ،البراهمية، هنشير عجلة، ناجي ناجي، المرجة، وطريق الضلعة بانتظار ربطها بشبكة الغاز.

ملعب يتسع لـ 25 ألف متفرج قريبا بالمدينة

تعتمد بلدية الشريعة في مواردها على ما يدره كراء بعض ممتلكاتها على غرار السوق الأسبوعي للماشية وكذا الخضر والفواكه، وتكاد تنعدم بها المشاريع الإستثمارية الكبرى القادرة على إمتصاص الجامعيين الذين يحالون سنويا على البطالة بعد تخرجهم، ويأمل المواطن الشريعي دخول المشاريع الاستثمارية التي تمت الموافقة عليها الخدمة لتقليص نسبة البطالة التي تتجاوز العشرين بالمائة حسب بعض المصادر، أما بالنسبة لقطاع التربية الذي يضم 35 ابتدائية و11 متوسطة و6 ثانويات فينتظر أن يتدعم بفتح ابتدائيتين ومتوسطة وذلك لتدعيم هياكل الاستقبال وخاصة بالأحياء الجديدة، قطاع الصحة من جهته سيتدعم باستعجالات جديدة قريبة من المستشفى القديم والمشروع حاليا في طور المنح، ناهيك عن عيادة هي حاليا في طور الإنجاز.
 كما تدعمت البلدية في السنوات الأخيرة بسوقين جواريين أحدهما دخل الخدمة، فضلا عن دار للصناعة التقليدية و5 ملاعب جوارية ماتيكو، ومن المرتقب إنجاز ملعب جواري طاقة استيعابه 25 ألف متفرج وهو مشروع قطاعي تم اختيار أرضيته، وهو ما سيسمح لفرق البلدية مستقبلا استقبال الفرق الأخرى فيه بدلا من التوجه لتبسة أو الونزة.

روبورتاج: الجموعي ساكر

الرجوع إلى الأعلى