جــلال..بلديــة لا تزيد مداخيلهــا عن 50 مليونـــا

تقع بلدية جلال جنوب مقر ولاية خنشلة بنحو 75 كيلومترا على مشارف صحراء ولاية بسكرة مرورا بالطريق الوطني رقم 83، تتربع فوق قمة جبلية صخرية و تبلغ مساحتها الإجمالية 452 ألف كيلومتر مربع، تتميز بطابعها شبة الصحراوي الجاف إذ أكثر من ثلثي المساحة رملية قابلة للاستصلاح و الشطر المتبقي جبلي ذو طابع رعوي، ينحدر سكانها الذين يبلغ عددهم حوالي 5 آلاف نسمة من ثلاثة عروش هي بني عمران، لعشاش، وأولاد تيفورغ، تضم العديد من القرى و المشاتي تيزينت، تاممايت، ايث بلقاسم و الفيض الأبيض.
روبورتاج :خالد ضرباني * تصوير : الشريف قليب
بلدية جلال أو كما يحلو للسكان تسميتها «بالبنت العذراء لقسنطينة»، هجرها العديد من السكان نظرا للعزلة و التهميش الذي عانت منه القرية في مراحل سابقة، و تحولت مساكنهم المبنية بواسطة الحجارة إلى أطلال في ما يشبه الآثار القديمة، إضافة إلى اهتراء الطريق الوحيد المؤدي إليها، و الذي يتميز بمنعرجاته الضيقة التي تشكل خطرا على مستعملي الطريق خاصة أولئك الذين لا يعرفون المنطقة، كما تزخر المنطقة بمناظر طبيعية خلابة و آثار رومانية ترجع بحسب الكتابات و النقوش إلى عصور ما قبل التاريخ، و تشكل الأودية المحاطة بالجبال الصخرية صورا سياحية تستهوي الزوار من كل أنحاء الوطن، خاصة المغتربين الذين يفضلون قضاء عطلهم بالمنطقة المعروفة بنشاط تربية المواشي، و كذا اهتمام أهلها بالفلاحة كتوجه أساسي في هذه الجهة التي لا تتواجد بها مصانع أو مؤسسات، حيث يطالب أهل المنطقة من السلطات المحلية دعم سكان القرية المهتمين بخلق وحدات صناعية مصغرة في الحرف التقليدية كالغزل و الفخار و صناعة الزرابي و غيرها، فضلا عن المطالبة بتكثيف عمليات التشجير في جهة تتميز بجبالها الجرداء و بانعدام الاخضرار في الوسط العمراني.
و بالرغم من شح الموارد المالية على البلدية، فقد تمكنت الأخيرة بفضل المشاريع القطاعية و إعانات الولاية من قطع أشواط كبيرة بخصوص التنمية، و ذلك من خلال إنجاز قاعات العلاج و فتح فروع إدارية و شق المسالك الريفية، و استفادت أغلب العائلات من خدمة الغاز و الماء بنسبة تجاوزت 80 بالمائة، ناهيك عن توزيع استفادات البناء الريفي الغالب على الطابع العمراني لبلدية جلال، و الشروع في حملات غرس الأشجار حيث لاحظنا على طول جوانب الطريق بمدخل القرية، غرس ما يقارب 1100 شجيرة من نوع التوت في إطار عمليات تكثيف الغطاء النباتي شبه المنعدم، سوى بمحاذاة بعض السكنات التي تتواجد بجوارها بساتين الخضار و أشجار الفواكه، و كذا على ضفاف «واد العناصر» الذي يشق طريقه وسط الجبال.       

قريـــة عمرهـــا  3000 سنــة
موقع بلدية جلال ما بين جبال صخرية لم يمكننا من رؤية منظر القرية لدى اقترابنا من المنطقة العمرانية، إلا بعد وصولنا إلى المدخل الشمالي أين لفت انتباهنا وجود صخور من الحجم الكبير على الجانب الأيمن للطريق، مترامية بمنخفضات الجبال التي امتدت إلى غاية وسط القرية، و بعد المرور عبر منعرجات ضيقة أين صادفنا وجود بعض المحلات المتخصصة في بيع الشواء، حيث كانت لحوم الخرفان معلقة في مداخل هذه المطاعم الصغيرة، خاصة و أن المنطقة معروفة بتربية أجود أنواع سلالات «الكباش»، وسط ديكور شبه صحراوي جاف و مناظر طبيعية رائعة، قبل أن نصل إلى وسط البلدية المعروفة «بجلال القديمة» التي تتربع  فوق هضبة صخرية، بها العديد من البناءات القديمة المبنية بواسطة الحجارة و التي كانت مهدمة بعد مغادرة السكان لها، في حين تتواجد بمحاذاتها سكنات أغلبها ريفية تملكها العائلات التي تقطن حاليا بالمنطقة، تتميز ببساطة إنجازها في أماكن متفرقة و بنوافذها الصغيرة تقع العديد منها على ضفاف «واد العناصر» الجاف الذي يتوسط القرية، تتواجد على حوافه العديد من بساتين الخضراوات و الفواكه و أشجار النخيل التي زادت في منظر المدينة جمالا، خاصة و أن المنطقة تقع وسط بيئة صحراوية جافة تنعدم فيها الرطوبة و الغطاء النباتي، سوى بعض النباتات التي تنمو في الأوساط التي تعاني نقص الأمطار كالحلفة و الشيح و السدرة، و هي نباتات ذات قيمة غذائية جد مفيدة يعتمد عليها ملاك المواشي كمورد أساسي للأعلاف بمثل هذه المناطق.
و ما لا يعرفه الكثير من العامة عن المنطقة، أن بلدية جلال مصنفة ضمن التراث الوطني و ربما حتى العالمي، و ذلك نظرا لقدم و عراقة المنطقة التي يعود تأسيسها إلى أزيد من 3000 سنة حسب السلطات المحلية و العارفين بالمنطقة، كما يصطلح عليها القدماء بتسمية «البنت العذراء لقسنطينة»، و هو وصف لم نجد تفسيرا  لدى السكان عن خلفياته و سر العلاقة بين بلدية قرية تقع في بوابة الصحراء بولاية خنشلة و عاصمة الشرق قسنطينة عدا  تواجد جلال القديمة فوق هضبة صخرية منقسمة إلى نصفين، في صورة مكررة و تشبه إلى حد كبير مدينة الضخر العتيق قسنطينة، و هو ما قد يكون ربما الرابط الأساسي الموجود في التسمية بين المنطقتين، في حين تؤكد أسطورة المنطقة أن سبب اتخاذ السكان للهضبة الصخرية المرتفعة مكانا لبناء سكناتهم، يرجع إلى كون المنطقة كانت تتواجد بها عصابات قطاع الطرق عبر الطريق و الشعاب الواقعة أسفل المنطقة، ما اضطر العائلات آنذاك إلى الصعود نحو القمم المرتفعة تجنبا للمضايقات و الاعتداءات من طرف هذه الجماعات. كما تعتبر المنطقة مركزا   للزوايا و منارة للعلم و المعرفة، أنجبت العديد من العلماء و الإطارات الذين يتولى الكثير منهم مناصب هامة في الدولة،  و ساهمت عزلة المنطقة في جعل المعرفة و حفظ القرآن التوجه الأساسي لسكان المنطقة خاصة من فئة الشباب، و روي لنا أن بعض المسؤولين في الجيش الفرنسي إبان الاستعمار، كانوا يرسلون المتخاصمين و أصحاب قضايا النزاعات إلى شيوخ و أعيان المنطقة للإفتاء و حل الخلافات.
80 بالمائة من السكان يشتغلون في البناء
قبل دخولنا إلى وسط بلدية جلال، انعطفنا يمينا باتجاه طريق مرتفع ما بين جبل صخري و منحدرات على ارتفاع عشرات الأمتار فوق الطريق المؤدي إلى المدينة القديمة، توغلنا بعدها في المنطقة بحوالي 1 كيلومتر فقط مررنا بقرية «الفيض الأبيض» ثم وصلنا إلى تجمع سكني ريفي ثانوي يسمى «عين الصفاء»، يقع على بعد عشرات الأمتار من «واد العناصر» الذي غمرته الفيضانات في الأمسية التي غادرنا فيها المنطقة بعد أن كان جافا تماما خلال تواجدنا ذاك اليوم في بلدية جلال، يتوسط عين الصفاء و أحد الجبال الذي كان يقابلنا في الضفة الأخرى بينما كانت البساتين و الأشجار متربعة على طول مسار «الواد»، في ديكور امتزج بين الطبيعة الصحراوية و الصخور العملاقة يتوسطها شريط نباتي أخضر، بمحاذاة السكنات المبنية بواسطة الحجارة فيما كانت أخرى مهجورة و مهدمة، خاصة و أن الحجارة المستعملة في البناء من النوع الأحمر وكأن الأمر يتعلق بآثار قديمة.
تحدثنا مع قلة من السكان الذين التقينا بهم جالسين على حافة محل ربما الوحيد على مستوى قرية عين الصفاء، و كان أول انشغالاتهم هو مشكل البطالة خاصة و أن المنطقة ريفية صحراوية معزولة تنعدم بها مؤسسات و إدارات سوى بعض مكاتب و مراكز القطاع الخدماتي الضرورية، حيث يشتغل العديد من سكان المنطقة في مجال تربية المواشي في حين يقتصر النشاط الفلاحي في البساتين على الاكتفاء الذاتي فقط. 
حيث علمنا من أهل المنطقة أن حوالي 80 بالمائة من العاملين يشتغلون في مجال البناء، و هي الحرفة الأولى المعروفة في المنطقة نظرا لتنامي مشاريع البناء الريفي و عدم توفر مناصب العمل، حيث يعتبر الوظيف العمومي الجهاز الوحيد للتوظيف حسب السلطات المحلية، في حين تراهن الأخيرة على مشروع استصلاح المحيطات في الجهة الجنوبية للبلدية، و الذي عين بشأنه مكتب دراسات من الجزائر العاصمة لتقسيم 800 هكتار من إجمالي أزيد من 75 ألف هكتار من الأراضي الصحراوية الجافة، و توزيعها على الشباب لخلق نشاط فلاحي و اقتصادي بهدف التقليل من حدة البطالة، بحيث يستفيد كل شاب من مساحة 10 هكتارات.
الاستصلاح هو الحل
تعتبر جلال ثاني أبعد بلدية عن عاصمة الولاية بـ70 كيلومترا إلى الجنوب، و هو الإشكال الذي يؤرق سكان المنطقة في تنقلاتهم اليومية سواء للعمل أو لقضاء حاجياتهم في ظل انعدام شبه تام لوسائل النقل بالمنطقة، وذلك بسبب رفض الناقلين النشاط على هذا الخط نظرا لانعدام كثافة سكانية كبيرة، و كذا لقلة الحركة من و إلى هذه الناحية التي تقع على مشارف الصحراء، حيث لم نلاحظ طيلة تواجدنا بالبلدية و تجولنا بكل المحاور و التجمعات السكنية لا حافلات نقل و لا سيارات أجرة، سوى بعض مركبات الفرود التي تعتبر الوسيلة الوحيدة للتنقل في القرية و ضواحيها. كما تتميز الجبال الصخرية للمنطقة بتواجد طبقات على حوافها في منظر طبيعي خلاب، فيما كانت حجارة ضخمة مترامية من حين لآخر على جوانب الطريق أسفل جرف الجبال، و كأن الأمر يتعلق بانهيارات صخرية حدثت في أوقات معينة، كما لاحظنا بعض المطاعم الواقعة بمنعرجات مدخل البلدية، مبنية تحت سفوح الجبال الصخرية في شكل شرفات كان العديد من المرتادين جالسين بها على كراسي في الهواء الطلق، تطل مباشرة على الطريق المؤدي إلى وسط جلال على بعد أقل من 1 كلم.
و تعد بلدية جلال من أفقر بلديات الولاية نظرا لانعدام موارد مالية أو مرافق ذات مداخيل، و هو ما يضطر مصالح البلدية للاعتماد في جميع النفقات تقريبا على إعانات الولاية، حيث تعتمد الخزينة في شق التمويل على موارد جد محدودة و ذات مردودية ضعيفة لا ترقى إلى مستوى النفقات و إنجاز المشاريع، حيث أكد رئيس البلدية في هذا الشأن أن الهوائيات التابعة لمتعاملي الهاتف النقال و كذا رخص البناء، هي الموارد الأساسية للخزينة، و قال أن المداخيل السنوية لا تتجاوز 50 مليون سنتيم في السنة، حيث يتم تسديد أجور الموظفين و النفقات الإجبارية المتعلقة بفواتير الغاز و الإنارة العمومية للمقرات التابعة للبدية، من نفقات الدولة التي تمنحها الولاية، و هو ما اضطر مصالح البلدية إلى التوجه نحو جرد كل الأملاك العمومية المنتجة للمداخيل، و ذلك من أجل خلق موارد مالية و تدعيم الميزانية.

مشاريع للتخلص من هاجس نقص المياه
منذ تنصيب المجلس الشعبي البلدي الحالي سنة 2007 و بفضل المشاريع القطاعية و إعانات الولاية، تم إنجاز أكثر من 100 مشروع أغلبها في مجالات تموين السكان بمياه الشرب و الغاز الطبيعي، حيث تم تموين كل السكنات الواقعة بوسط جلال و التجمع الثانوي فيض لبيض بهذه المادة منذ حوالي 5 سنوات، فيما توقفت أشغال ربط تجمعات عين الصفاء و الصمعة و حديدان التي انطلقت في 2014، من طرف المقاولة المكلفة بالمشروع على مستوى التجمعين الأولين، أين تم إنجاز القناة الرئيسية و لم يتبق سوى إيصال السكنات بالشبكة. و بخصوص المؤسسات التربوية فبلدية جلال تتوفر على ابتدائية و متوسطة و هو ما يكفي لاستيعاب أعداد كل المتمدرسين في هذين الطورين من أبناء المنطقة، في حين تراهن البلدية على استلام ثانوية تضم 800 مقعد بيداغوجي و 200 مقعد بالنسبة للداخلي، و التي لا تزال الأشغال جارية بها خلال الموسم الدراسي المقبل، لحل مشكل تنقل تلاميذ الثانوي إلى ششار على بعد حوالي 25 كلم لمزاولة دراستهم، بالرغم من ضمان البلدية للنقل المدرسي المجاني لهذه الفئة من المتمدرسين، كما تتوفر البلدية على مركز صحي مجهز بالعتاد الطبي اللازم، إضافة إلى مصلحة خاصة بأمراض النساء و التوليد و طاقم طبي كافي للتكفل بالانشغالات الصحية لمواطني القرية، حيث أوضح المير أن «جلال» لا تعاني أي نقص في ما يتعلق بالهياكل الصحية، و لاسيما فتح مصلحة للتوليد التي أنهت معاناة الحوامل من التنقل إلى ششار أو خنشلة بحثا عن سرير للولادة.
و يعتبر نقص المياه الهاجس الأكبر بالنسبة لبعض التجمعات السكنية المتبقية، و التي يعتمد سكانها في سقي البساتين المحاذية «لواد العناصر» على مياه الشرب التي تزود بها السكنات، إلا أن البلدية تراهن على القضاء على مشكل نقص التموين من خلال العديد من المشاريع المنجزة وأخرى منتظرة، حيث تم حفر بئر عميقة بمنطقة «عين الكنز» التابعة لبلدية ششار و إنجاز قنوات لتزويد جلال بمياه الشرب على مسافة حوالي 45 كيلومترا، و هي المنشأة التي تم تدشينها من طرف رئيس الجمهورية خلال احتفالية 5 جويلية 2008 و التي دخلت على إثرها حيز الخدمة، إلا أن رئيس البلدية اعترف أن مشكل نقص المياه لا يزال قائما بالرغم من إنجاز هذا المشروع، خاصة بعد انخفاض منسوب مياه هذه البئر من 12 لترا في الثانية إلى 4 لتر في الثانية، و القيام بعملية الضخ على ثلاث مراحل، و هو ما تسبب في حدوث تذبذبات في تموين المواطنين بالمياه بعد ثلاث سنوات من التوزيع العادي و نجاح المشروع، و بالرغم من حفر بئر ثانية و ربطها بأحد الخزانات بغلاف مالي قدر بحوالي 6 ملايير دينار، خاصة و أن المنطقة معروفة بجبالها الصخرية ما صعب من عملية مد القنوات ما بين الصخور، في حين ظل مشكل التموين مطروحا لدى السكان ما استدعى تسجيل مشروع إضافي في مخططات التنمية البلدية لسنة 2016، لجلب المياه من بئر ثالثة على مستوى قرية «بئر حديدان» بقوة ضخ تصل إلى 6 لترات في الثانية، و هو المشروع الذي تراهن البلدية على إنجازه خلال الصائفة المقبلة للقضاء نهائيا على أزمة نقص المياه بالتجمعات السكنية المعنية، فيما أكد رئيس البلدية أن القرى النائية تتواجد بها آبار سطحية بعمق لا يتجاوز 120 مترا، من شأنها تزويد أهالي هذه المناطق المتواجدة في المرتفعات المجاورة لبلدية جلال بهذه المادة الحيوية.      
سكان لا يؤمنون بلغة الاحتجاج رغم قساوة الظروف
يعرف المجلس الشعبي البلدي الحالي برئاسة ابن المنطقة «خميسي فرحاتي»، و المنتخب عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، استقرارا منذ انتخاب الأخير على رأس البلدية سنة 2007، و ذلك بعد عهدتين تخللتها العديد من المشاريع خاصة في مجالي الغاز و مياه الشرب بصفتهما أكبر انشغالات المواطنين، و من النقائص التي شكلت تحديا بالنسبة للسلطات المحلية، حيث يذكر أن البلدية عرفت في فترات سابقة حالة من الانسداد و عدم التفاهم بين أعضاء المجلس طيلة 15 سنة كاملة، و هو ما أثر سلبا في سيرورة المشاريع التنموية و معالجة انشغالات المواطنين، إلى غاية انتخاب المير و تنصيب المجلس الحالي الذي تمكن في عهدتين من استدراك العديد من النقائص، أهمها الجانب الخدماتي و تحسين الأداء الإداري لصالح المواطن، حيث تعتبر جلال حاليا حسب رئيس البلدية من بين البلديات الرائدة في استخراج الوثائق و البطاقات الرسمية على مستوى الوطن و ليس على مستوى الولاية فقط، حيث تم استخراج أكثر من 50 جواز سفر بيومتري سلم منهم 26 جوازا، إضافة إلى استخراج 14 بطاقة تعريف خاصة بمجتازي شهادة البكالوريا، حيث طافت النصر بمكاتب استخراج الوثائق البيومترية و كذا الحالة المدنية، أين اطلعت على ظروف عمل الأعوان الذين تدعمت مكاتبهم بكل التجهيزات الإلكترونية الحديثة و غير الموجودة ربما بالعديد من البلديات و حتى دوائر أخرى على مستوى الوطن، حيث تمكنت مصالح الحالة المدنية من تحسين الأداء الخدماتي و هو ما يعكس أرقام ملفات الوثائق المنجزة و التي تم تسليمها لأصحابها، و هي أرقام تعتبر قياسية في بلدية جلال مقارنة بعدد السكان الذي لا يتجاوز 5 آلاف نسمة، و كذا بالنظر إلى عدد الطلبات المقدمة من طرف المواطنين المعنيين، في حين شرع في استخراج البطاقات الرمادية من البلدية منذ جانفي 2016، و هو ما خلص المواطنين من معاناة التنقل إلى الدائرة، و بلغ عدد شهادات الميلاد الأصلية «خ12» حوالي 2300 نسخة.

كما منحت مؤخرا استفادات لحوالي 100 مواطن من البناء الريفي من أصل 400 طلب مودع لدى مصالح البلدية، على أن يتم رفع عدد الاستفادات في المستقبل بالنظر إلى انعدام صيغ البناء الأخرى على غرار الاجتماعي أو التساهمي بهذه الجهة، و قد يرجع ذلك إلى انعدام الوعاء العقاري الخاص ببناء عمارات، خاصة و أن المنطقة صخرية و تتميز بكثرة المنخفضات و المرتفعات، ما يشكل عائقا تقنيا بخصوص إنجاز سكنات ذات طوابق، إضافة إلى الطابع الفلاحي لبلدية جلال حيث يتطلع سكانها إلى توسيع استثماراتهم سواء باستغلال المساحات الفلاحية المتاحة، أو تربية المواشي و النحل.   
و اعترف رئيس البلدية أن جلال هي البلدية الوحيدة التي لا يحتج فيها المواطنون، حيث تجدر الإشارة أنه لدى تجولنا في وسط القرية و خلال تحدثنا مع بعض السكان، لمسنا طيبة أهل المنطقة المعروفين بالضيافة و الكرم، كما سجلنا هدوء شبه تام طيلة تواجدنا بالبلدية بالنظر إلى قلة عدد السكان و نقص الحركة من و إلى جلال، و قال المير أن العهدة الانتخابية الثانية كانت بإلحاح شديد من سكان القرية، مضيفا أن عمله يرتكز في غالب الأحيان على العمل الميداني رفقة أعضاء المجلس، للاطلاع عن قرب على انشغالات السكان و معالجة الإشكالات بفعالية، حيث اعتبر النقائص التي يعاني منها المواطن في بلديته من انشغالاته الشخصية، و أكد أن السلطات المحلية تراهن على خدمة المواطن و حل كل النقائص خلال السنوات القليلة المقبلة.   
مرصد فلكي قريبا بقمة «علي الناس»
منطقة جلال معروفة بعلوها عن سطح البحر بمرتفعات تصل إلى أزيد من 2000 متر، تحيط بها العديد من الجبال التي تغطيها الحلفة و الشيح و نباتات أخرى لا تنمو إلا في بيئة شبه صحراوية جافة، و التي يعتمد عليها ملاك قطعان المواشي كمورد أساسي للرعي، كما يذكر أن الاستعمار الفرنسي و حسب سكان المنطقة، اتخذ من مرتفعات المنطقة آنذاك أماكن لمراقبة تحركات المجاهدين و تفادي الهجومات على الجيش الفرنسي، فيما كانت المروحيات العسكرية للمستعمر تحط بهذه المرتفعات لنقل أفراد الجيش و تموين الثكنات المتواجدة بالمنطقة ككل انطلاقا من هذه القواعد المرتفعة.  
علو المنطقة جعلها تصنف كأحسن موقع لترصد حركة الكواكب و النجوم، حيث سجلت البلدية مشروعا قطاعيا لإنجاز مرصد فلكي بقمة «علي الناس»، على ارتفاع يصل إلى حوالي 2300 متر فوق سطح البحر، يشرف عليه مهندسون من اليابان و الشيلي و فرنسا و يعمل بواسطة الأقمار الصناعية، حيث تم إعداد البطاقة التقنية من طرف بلدية جلال لتعبيد الطريق المؤدي إلى موقع تنصيب الأجهزة الخاصة بالرصد على مسافة حوالي 36 كيلومترا، استفادت من خلاله البلدية من غلاف مالي إضافي يقدر بـ21 مليار سنتيم لاستكمال الأشغال، في حين تم تخصيص 50 مليار سنتيم لتهيئة الأرضية الخاصة بوضع الهوائيات بقمة «علي الناس».
المشروع تابع للمرصد الوطني لعلم الفلك، من شأنه دعم وسائل تبادل المعلومات بين الأخير و المراصد المتواجدة عبر العالم في مجال مراقبة تحركات النجوم و الكواكب، كما يعتبر مكسبا للبلدية نظرا للأهمية العلمية للإنجاز، و الذي سيحول جلال إلى منطقة يتوافد عليها الطلاب من كل أنحاء الوطن خاصة الشرقية منها، و ذلك لإعداد البحوث و إجراء دورات تكوينية و غيرها.

الرجوع إلى الأعلى