تعد وردة الرمال ورقلة أحد أهم الأقطاب الاقتصادية بالبلاد ووجهة سياحية بامتياز، جمال هذه المدينة استمدته من غناها بواحاتها، وعمرانها وقصورها التي سحرت أعين زوارها، هذا السحر الذي تمتاز به المنطقة جعلها منذ القديم تستقطب العديد من الرحالة والمؤرخين والكتاب مثل ابن خلدون، والحسن بن محمد الوزاني الفاسي، وإبراهيم العوامر، ومادلان روفيلوا بريقلو، وذكر هؤلاء الكتاب ورقلة في كتاباتهم واجتهدوا في وصفها والايشاد بها، فمنهم من وصف عمرانها ومنهم من نقل عادات وتقاليد أهلها ومنهم من تحدث عن جمال طبيعتها، ويحمل اسم ورقلة بين طياته حقب زمنية وتاريخية عريقة رسم معالمها حكماء وعلماء قبيلة بنو واركلا الذين عمرو المنطقة منذ مئات السنين لأهداف تجارية حضارية وأخرى دينية.
وفي الآونة الأخيرة تحول ملف التشغيل إلى جزء من يوميات المواطنين بهذه الولاية، و قد وقفت النصر بورقلة على واقع هذا الملف وتحدثنا مع عشرات البطالين الذي أكدوا على أن مطالبهم اجتماعية بحتة والوحدة الوطنية خط أحمر بالنسبة لهم ولا يريدون انسياق الجزائر إلى نفس الاتجاه الذي وصلت إليه بعض الدول العربية مع ما عرف بثورات الربيع العربي، ولا يزال يشتكي هؤلاء من العراقيل التي توضع في وجه التشغيل مؤكدين بأن التعليمات التي قدمها الوزير الأول عبد المالك سلال فيما يتعلق بسياسة التشغيل بالمنطقة بإعطاء الأولوية لسكان المنطقة لم تنفذ، كما لا تزال شركات المناولة تفرض نفسها خاصة مع الشركات البترولية، وفي نفس الوقت اشتكى هؤلاء من المحسوبية التي ترمي بجذورها بعدة مؤسسات، كل هذه الأمور دفعت عشرات الشباب للاحتجاج مطالبين بوضع حد لهذه المظاهر السلبية في سياسة التشغيل وتحقيق المساواة في توفير مناصب العمل خاصة لدى الشركات البترولية والابتعاد عن سياسة تقديم الوعود فقط .
وكان أو لقاء لنا فيما يخص ملف التشغيل مع رئيسة لجنة التشغيل والشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية فتيحة حمانة التي رافقت هذا الملف منذ سنوات وهي على اطلاع جيد بكل حيثياته وأصبحت تسمى بالمرأة الحديدية التي تطفئ نيران احتجاجات الشغل، بحيث تكون دائما على حد تعبيرها  في الميدان لطمأنة الشباب المحتجين لوقف الاحتجاجات والتوسط لهم مع السلطات المحلية للولاية لمساعدتهم في توفير مناصب الشغل، وكانت قد تدخلت لإقناع مجموعة من الشباب صعدوا فوق مبنى المجلس الشعبي الولائي قصد الانتحار، كما تدخلت في عدة مواقع أخرى لتهدئة هؤلاء الشباب، وكان لنا حديثا مطولا مع هذه السيدة حول موضوع الشغل، وبحكم احتكاكها الدائم والمستمر مع المحتجين تؤكد نفس المتحدثة بأن مطلب الشباب المحتجين هو الشغل وشعورهم بالحقرة والتهميش، ونفت أن تكون هناك أية خلفيات سياسية لديهم قد تمس بالوحدة الوطنية لدى هؤلاء الشباب المتشبعين حسبها بالوحدة الوطنية والجزائر واحدة موحدة، وتؤكد نفس المتحدثة بأن الاحتجاج تحول إلى لغة الشارع للظفر بمنصب عمل في الشركات البترولية، كما أن غياب الحوار والتواصل الدائم مع هؤلاء البطالين كان أحد أهم الأسباب لاستمرار الحركات الاحتجاجية من حين لآخر وتحمل هذه الاحتجاجات عنوان واحد وهو المطالبة بالشغل، وتشير في هذا السياق رئيسة لجنة الشغل والشباب والرياضة بالمجلس الشعبي الولائي لورقلة إلى أن رئيس الوكالة الولائية للتشغيل ورغم أنه من سكان المنطقة إلا أن تواصله مع المحتجين لا يتماشى والشكل المطلوب، وتضيف بأن هذا الأخير أصبح مستهدفا خاصة بعد تعرض رئيس الوكالة السابق لاعتداء من طرف محتجين، وقد حاولنا بطرق عديدة الاتصال برئيس الوكالة الولائية للتشغيل من أجل الحديث معه حول واقع التشغيل وعروض العمل المقدمة خاصة من طرف الشركات البترولية وطريقة التوظيف إلا أننا لم نتمكن من ذلك .
لن نعمل برواتب تقل عن 10 ملايين سنتيم
من جانب آخر ما يميز ملف التشغيل بورقلة هو ارتباطه بالشركات البترولية فقط، بحيث لا حديث بهذه الولاية عن مناصب العمل في الإدارات العمومية أو في قطاع التربية، أو قطاع الفلاحة الذي يعد من أهم القطاعات بالولاية التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تطوير ونمو الولاية وكل الوطن خاصة واحات النخيل وأشجار الزيتون، ونفس الشيئ بالنسبة للعمل لدى الخواص الذي يرفضه أغلبية شباب الولاية، والاهتمام منصب بشكل كبير نحو الشركات البترولية فقط، وفي هذا السياق يذكر لنا أحد المواطنين بأن ابنه العازب تحصل على منصب عمل براتب شهري يقدرب30 ألف دينار، إلا أنه منعه من العمل بحجة ضعف الراتب، ويؤكد هذا الأخير بأن راتب ابنه يجب أن يزيد عن 10 ملايين سنتيم وبأقل عن هذا المبلغ لن ينصحه بالعمل، ويبر ذلك بحجة ارتفاع تكاليف المعيشة في ولايات الجنوب، كما كان لنا حديثا مع عدد من الشباب الآخرين الذين أكدوا بأن رواتب تقل عن 10 ملايين سنتيم لن يقبلوا بها بحجة ارتفاع التكاليف بولايات الجنوب، ولكون أن الإدارات العمومية والخواص لا يمنحون هذه الرواتب كان اهتمام هؤلاء الشباب منصبا نحو الشركات البترولية فقط التي تمنح رواتب ما بين 15 إلى 20 مليون سنتيم، وفي نفس الوقت يتهربون من العمل في شركات حفر الآبار بسبب صعوبة الأشغال فيها. وبهذا فإن ملف التشغيل حسب تصريحات العديد من الشباب و نشطاء في حركات جمعوية أصبح مختصرا في الشركات البترولية فقط، أو نحو إنشاء مقاولات البناء، وقد رصدنا خلال زيارتنا للولاية قيام عدد من الشباب خريجي الجامعات بإنشاء مقاولات مختصة في البناء والأشغال العمومية وأغلبهم من خريجي الجامعات الذين لم يتمكنوا من الظفر بمناصب عمل في الشركات البترولية وتوجهوا بذلك نحو إنشاء مؤسسات خاصة، في حين لم يفكروا في التوجه نحو العمل في المؤسسات الإدارية أو لدى الخواص.
    الانسداد في البلديات يعطل مشاريع منذ أزيد من عشرية
أما فيما يتعلق بالتنمية بولاية ورقلة فهي تسير ببطئ، وكشفت لنا عضو المجلس الشعبي الولائي فتيحة حمانة عن تسجيل عشرات المشاريع المعطلة منذ أزيد من 10 سنوات، بحيث بعضها يعود إلى سنة 2003، وتتعلق هذه المشاريع بقطاعات مختلفة منها التهيئة العمرانية، الصحة، التعليم وغيرها، وترى نفس المتحدثة بأن هذا التأخر في إنجاز المشاريع يعود بدرجة كبيرة إلى الانسداد المسجل في المجالس الشعبية البلدية، مما ينعكس ذلك سلبا على إنجاز المشاريع، وفي نفس الوقت يقول ناشط جمعوي بفوج شباب الخير بأن بلديات ورقلة تتوفر على أموال طائلة لانجاز مشاريع تنموية، لكن هذه الأموال مجمدة حاليا ولم تنجز هذه المشاريع بسبب الانسداد الحاصل في أغلب المجالس البلدية المنتخبة، إلى جانب نقص الخبرة والكفاءة لدى المنتخبين الذي أثر هو الآخر على إنجاز المشاريع التنموية، وأشارت في هذا الإطار عضو المجلس الشعبي الولائي إلى مشروع هام يتعلق بالتهيئة بوسط مدينة ورقلة اضطر والي الولاية إلى سحبه من البلدية بعد تقاعس مسؤوليها في انجازه، وتكفلت به حاليا مصالح الولاية ودخل طور الإنجاز، ومن أهم المشاريع التنموية الهامة الموجودة قيد الانجاز بورقلة مشروع الترمواي الذي يربط مدينة ورقلة بالمدينة الجديدة، وقد حول المشروع وسط مدينة ورقلة إلى ورشة، إلا أن المواطنين اختلفت آراؤهم حول هذا المشروع، بحيث في الوقت الذي ينظر إليه البعض على أنه مكسب هام في إطار النقل الحضري ويخفف على المواطنين حركة التنقل، في حين ينظر إليه آخرون بنظرة مخالفة ويقولون بأنه لا يعتبر أولية بالنسبة لهم، خاصة وأن مدينة ورقلة لا تعرف حركية ازدحام كبيرة للسيارات، كما هي عليه الحال الولايات الشمالية، وينتظر أن يستلم هذا المشروع وفق مصادر بالمنطقة قبل نهاية السنة الجارية، من جانب آخر يشتكي المواطنون بمدينة ورقلة من النقص الكبير المسجل في المرافق الصحية، إلى جانب الاكتظاظ الكبير في المدارس التربوية، وغياب التهيئة بوسط المدينة، إلى جانب نقص المرافق الشبابية والترفيهية والرياضية .

ثروة سياحية هامة بحاجة إلى إنعاش
تزخر ولاية ورقلة بثروة سياحية هامة وتعد وجهة سياحية بامتياز، في حين العديد من المناطق السياحية التي تزخر بها بحاجة إلى اهتمام أفضل من خلال انجاز مرافق سياحية تليق بمقام السياح، ونفس الشيء بالنسبة لعاصمة الولاية ورقلة التي تحتاج إلى عناية أكبر وانجاز مرافق أفضل حتى تستقطب سياح أكثر، و حسب ممثل عن مديرية السياحة بولاية ورقلة فإن الثروة السياحية بورقلة تتنوع بين المساحات الشاسعة للكثبان الرملية، والحمامات، إلى جانب السهول، والمواقع السياحية التاريخية والثقافية، مشيرا إلى أن جل مساحات ولاية ورقلة يسودها كثبان رملية، يراها الزائر من بعيد كأنها جبال ممتدة بين مناطق ورمالها ذهبية تشد الزائر، ومن أهم المناطق السياحية بالمنطقة نجد سيدي خويلد، الشط، أم الرانب، حاسي ميلود، البور، عين موسى، أنقوسة، وغيرها، كما تعرف ورقلة بوردة الرمال ذات الأشكال المختلفة والمتنوعة التي تستعمل للتزيين والديكور المنزلي، ولونها رملي بين الأحمر والبني، وتتواجد مناجم هذه التحفة بمنطقة البور وهي إحدى قرى بلدية أنقوسة، وفي نفس السياق تتوفر ولاية ورقلة على عدد من البحيرات الصغيرة والعجيبة وساحرة الجمال ومنها بحيرة تماسين، المقارين، مرجاجة والمير، وغيرها من البحيرات المتواجدة بالمنطقة، كما يوجد بهذه البحيرات العديد من أصناف السمك التي تلقى اهتمام الزوار، كما تعد هذه البحيرات الملاذ المفضل للعديد من أنواع الطيور المهاجرة التي تعيش عادة على حوافها ، وفي نفس الوقت تعد هذه البحيرات المكان المفضل للعائلات وتقصدها من أجل الترفيه والتنزه خاصة في أيام نهاية الأسبوع، وكانت لنا في هذه الجولة زيارة إلى بحيرة سيد خويلد التي تقصدها العائلات مع ساعات المغرب الأخيرة أين تنخفض درجة الحرارة نسبيا، والمميز بالنسبة لهذه البحيرة هي الكثبان الرملية التي تحيطها مما زاد في سحرها وجمالها، في حين هي بحاجة إلى مرافق وفضاءات الترفيه، وفي هذا الإطار قام أحد المستثمرين الخواص بإنجاز فضاء عائلي تقليدي يتناسب والمنطقة بمحيط البحيرة حتى يتحول إلى فضاء لراحة العائلات، إلا أن أكبر مشكلة يواجهها هذا المستثمر هي غياب الكهرباء، ويضطر بذلك إلى غلق أبوابه مع غروب الشمس . وفي نفس الإطار تعرف منطقة ورقلة بقصورها العتيدة، وتعد هي الأخرى الوجهة المفضلة للعديد من السياح المنبهرين بجمالها وهندستها وببساطة تصميمها، كما أن لكل قصر تاريخ وحكاية جميلة يرويها، وتتواجد أغلب هذه القصور وسط واحات وحدائق جميلة يجد فيها الزائر كل الراحة والانتعاش، ومن هذه القصور نجد قصر ورقلة الذي يقع شمال المدينة ويتربع على مساحة 30 هكتار، ويعود تاريخه حسب بعض الروايات إلى عهد الفتوحات الإسلامية، واختار مشيدو هذا القصر موقعا مرتفعا يطل على واد ميه القديم والذي ساهم فيما بعد في ازدهار واحات النخيل التي ما تزال صامدة إلى يومنا هذا، كما تعرف ولاية ورقلة بمدينة سدراتة الأثرية والتي تعد من بين أهم المعالم الأثرية والتاريخية بالمنطقة، كما تتوفر على قصر أنفوسة وهو قصر قديم ذا خصوصية مميزة بها أزقة عديدة ملتوية ومتشبعة، بالإضافة إلى قصر تماسين الذي أنجز على تلة يقدر ارتفاعها بنحو 08أمتار وحتى لا يستطيع العدو اقتحامه أحيط به جدار يبلغ ارتفاعه 08أمتار وكان يحيط بالقصر خندق به أربع أبواب اندثر وزال مع مرور الزمن.
نورالدين-ع

الرجوع إلى الأعلى