نقص الماشية و التهافت يرفعان أسعـار أضـاحي العيد بسوق الخـروب عشية العـيد
عرفت الأسعار  في آخر سوق للمواشي ببلدية الخروب بقسنطينة يوم أمس، ارتفاعا مقارنة بالأيام السابقة، بسبب تناقص العرض و التهافت الكبير للمواطنين الذين توافدوا على المرفق بالآلاف، حيث قدر الموالون الزيادة بحوالي 4 آلاف دينار، فيما شهد محيط السوق اختناقا مروريا شديدا و انتشارا لسيارات «الفرود» و أصحاب شاحنات نقل البضائع و الباعة الفوضويين.
روبورتاج : سامي حباطي
وصلنا إلى سوق المواشي بالخروب حوالي الساعة السابعة صباحا، و لاحظنا أجواء عادية على مستوى المدخل العلوي المجاور لحي «الكومينال»، و قد اضطررنا إلى تسلق السور للانتقال من الجزء المخصص لبيع مختلف السلع، إلى الجزء الخاص بالمواشي، كما يفعل مختلف المواطنين، بسبب غلق جميع الأبواب باستثناء منفذين اثنين، أخبرنا بائعون بأنهم يقومون بذلك لمنع السرقات و الحيلولة دون تمكن اللصوص من الفرار في حال وقوع أمر مماثل. و قد انطلقت جولتنا من القسم الخاص ببيع العجول و الأبقار و الثيران، و رصدنا فيه عددا من المواطنين و هم يقومون بتفحص الحيوانات و التفاوض مع بائعيها القادمين من عدة ولايات شرقية، من أجل الظفر بتخفيضات على الثمن الأولي، لكننا لم نلاحظ تهافتا كبيرا عليها مقارنة بالأقسام الأخرى.
و وصلت أسعار الأبقار بالسوق إلى ما يقارب 18 مليون سنتيم، في حين تراوحت بالنسبة للعجول بين 8 ملايين سنتيم و نصف و 12 مليون سنتيم، حسب السلالة و الحجم و السن، في حين جاء بعض الموالين بعدد محدود من الخيول التي عرضوها للبيع، فضلا عن عدد مماثل من الثيران، التي غطوا أعينها لمنعها من إحداث فوضى بسبب خوفها من البشر.
و أكد لنا بائع بأن أغلبية عمليات شراء الأبقار و العجول لنحرها كأضحية للعيد، تتم بشكل جماعي و غالبا بين مجموعة من الأقرباء، الذين يفضلون لحم العجول على لحم الخراف، فضلا عن أن الأمر يكلفهم أحيانا أقل مما يكلف الكبش الواحد، لكن يظل الإقبال عليها محدودا جدا، حسب ما أكده محدثنا.
موالون يتهمون المضاربين برفع الأسعار
وقد رجحت كفة ميزان السوق يوم أمس، بشكل شبه تام إلى القسم المخصص لبيع الكباش و الخرفان، حيث تزاحم الآلاف من أرباب الأسر، الذين لا همّ لهم إلا الحصول على كبش سمين بأقل سعر ممكن، في حين بدا العرض باهتا، بسبب الكميات القليلة من المواشي المعروضة مقارنة بعدد الزبائن، و قد أكد لنا الموالون الذين تحدثنا إليهم نفس ما ذهب إليه تخميننا، مشيرين إلى أن الأغلبية من العائلات تؤجل اقتناء خروف العيد إلى الأيام الأخيرة للاستفادة من انخفاض الأسعار، لكن العملية تنعكس بسبب نفاد الكميات الموجودة لدى الموالين في الأيام السابقة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواشي في الأيام الأخيرة.
و ذهب موالون أيضا إلى أن سبب نقص العرض يعود إلى التهريب، لكن آخرين لم يوافقوهم الرأي و أكدوا لنا بأن عمليات التهريب لم تسجل بشكل كبير على مستوى الحدود الجزائرية الشرقية، كما اتهم مربون المضاربين أيضا بالمساهمة في رفع الأسعار بالسوق، مشيرين إلى أن عمل عدد كبير من المتواجدين بالسوق يقتصر على عيد الأضحى فحسب، فضلا عن أن بعضهم لا يملكون الأضاحي التي يعرضونها، لذلك لا يخفضون من أسعارها لبيعها، و تأكد لنا ما يقوله الموالون، عندما أخبرنا أحد البائعين بأنه لا يجيد حتى كيفية التعرف على عمر الخروف من خلال تفقد أسنانه، لكونه مكلف بالبيع فقط، و لا يمتلك الماشية التي يعرضها.
و بلغ أقصى ارتفاع لأسعار الكباش الضخمة بسوق الخروب صباح أمس، 7 ملايين سنتيم و نصف، حسب ما لمسناه لدى البائعين، لينخفض إلى 7 ملايين للكباش الأقل حجما، في حين وصل أدنى حد لها إلى 22 ألف دينار لخرفان صغيرة من جنس ذكر يبلغ سنها حوالي 6 أشهر، و قد شهدت تهافتا عليها من المتزوجين الجدد و العائلات التي ليس لها عدد كبير من الأفراد، و منها ما بيع أيضا بسعر 24 ألف دينار، في حين يبدأ سعر الأضاحي الأكبر حجما من حوالي 33 ألف دينار للخروف الواحد، مرورا بـ 40 و 45 ألف دينار، لتصل إلى غاية 6 ملايين سنتيم فما فوق، مع ذلك لا يمكن تحديد أسعار الأضاحي، فالسوق تشهد تفاوتا كبيرا، حيث يمكن الحصول على خراف بنفس الحجم بأسعار متباينة لدى مختلف البائعين.
و عجزنا عن تحديد سعر ثابت لبعض الخرفان، بسبب ذكر أصحابها لسعر البيع بالجملة فقط، دون أية إشارة إلى الثمن المطلوب لكل خروف، مثل مجموعة قال صاحبها بأن سعر الجملة لها يصل إلى 28 ألف دينار، فيما رفض آخر بيع أزواج من الكباش بشكل منفصل، و تمسك بسعر 10 ملايين سنتيم ثمنا للكبشين معا، و عندما سألناه عن السبب، قال أن الكمية التي جاء بها لعرضها نفدت، و لم يبق منها إلا ستة رؤوس، يريد بيعها دفعة واحدة، متحججا بأنه قام بتخفيض سعرها، أما عن مصادر تلك المواشي، فهي قادمة من عدة ولايات شرقية على غرار باتنة و أم البواقي و سطيف و من بلديات قسنطينة.
زبائن يتهافتون على الكباش ذات القرون
و من الظواهر الغريبة التي رصدناها من السوق، أن الزبائن يتهافتون على الكباش ذات القرون بشكل أكبر من غيرها، حتى لو كانت أقل حجما، حيث أشار لنا أحد المواطنين بأنه لم يسبق له أن اقتنى كبشا للعيد دون قرنين، موضحا بأن الأمر تحول إلى عادة لديه، و قد تجلى هذا الأمر في السوق لدى موال من بلدية عين عبيد، عرض مجموعة من الكباش ذات القرون، بسعر 55 ألف دينار للواحد، و باع عددا كبيرا منها في وقت قليل، خصوصا أن بعضا منها كانت بأربعة قرون، فيما التف العشرات من الزبائن حوله، حتى صار الذين يقتنون الكباش يجدون صعوبة في إخراجها من بين الأشخاص.
و لم يخف بعض البائعين امتعاضهم من تركيز بعض المواطنين على المظاهر في اقتناء الكبش، حيث أشار أحدهم إلى أن بعض الأشخاص يسعى إلى المفاخرة بأضحية العيد، و يضع البائع في حرج كبير، بسبب إلحاحه على تخفيض السعر، و هو ما وقفنا عليه لدى أحدهم، وقف عنده زبونان قالا بأنهما لا يعرفان بعضهما، و لكنها أصرا على شراء خروفين معا بسعر 31 ألف دج للواحد، بينما طلب البائع سعر 35 ألف دج، و قد كاد الأمر أن يتطور إلى مناوشة كلامية بعد أن رفض البيع. من جهة أخرى، تراوحت أسعار النعاج بين 14 ألف دينار إلى 38 ألف حسب الحجم، حيث وجد كثير من أرباب الأسر من ذوي الدخل المحدود ضالتهم فيها، بسبب انخفاض سعرها، في حين وجدنا بعض الماعز تعرض بالسوق، تراوح سعرها بين 20 و 22 ألف دينار بالنسبة للتيوس، و أقل من 2 ملايين سنتيم للماعز، لكن الإقبال عليها كان ضعيفا جدا مقارنة بالنعاج، كما يفضل البعض اقتناءها لتربيتها، على غرار شيخ كان يجر خمسة منها و يبحث عن مركبة لنقلها.
سلّم لدخول السوق مقابل 20 دينارا
و فتح سوق المواشي بالخروب أبواب الحصول على المال أمام الكثير من شباب الأحياء المجاورة له، حيث اغتنم بعضهم فرصة غلق المنافذ، و قاموا بنصب سلمين على سور المرفق، يمكن للمواطنين الدخول عبرهما بعد دفع 20 دج، و من يرفض ذلك يضطر إلى السير مسافة إضافية و الالتفاف حول السور للدخول من البوابة، في حين انتعشت حركة التجارة بمحيطه، و خصوصا بيع الحبال و النقل العمومي و بيع جذوع الأشجار لتقطيع اللحم و السكاكين و أكياس الفحم، لكن الزبائن عبروا عن استيائهم من عدم تخصيص منفذ خاص بالمواشي، فعلى مستوى المخرج السفلي، يعاني من يحاولون الخروج من السوق من الازدحام و الفوضى، ليجدوا أنفسهم عالقين بالاختناق المروري بالطريق المحاذي للمرفق.و تجدر الإشارة إلى أن قسنطينة تشهد زيادة في عدد النقاط الفوضوية لبيع المواشي، و لاحظنا على مستواها يوم أمس، شاحنات قادمة من ولاية مسيلة، أوصلت العشرات من الرؤوس إلى بعض النقاط المذكورة، حيث يرتقب بعض البائعين أن تساهم في خفض الأسعار، فيما يقول بائعون بأنها سترتفع أكثر، لكنها قد تكون مجرد حيلة لدفع المترددين إلى حسم قرارهم بالشراء.

الرجوع إلى الأعلى