مباريات تناطح الكباش.. من تقليد للتونسيين إلى ظاهرة تكتسح عنابة
تعود شعبية مصارعة الكباش مع اقتراب كل عيد أضحى بقوة لعنابة،  و أصبحت منافساتها في توسع وتكتسب مزيدا من الجمهور، رغم أنها عادة دخيلة عن المجتمع العنابي، بدأت حسب مهتمين نهاية الثمانينات، في تجربة جلبت من الجارة تونس، حيت تحولت من مبارزات بالأحياء الشعبية إلى لعبة قائمة بذاتها في جميع أرجاء تونس، تطورت بإنشاء اتحادية لها بصفة رسمية، ووضعت لها شروط فنية بعد أن كانت تدور بصفة عشوائية.     
وتعرف بعض الساحات العامة بعنابة هذه الأيام قبيل عيد الأضحى المبارك، تنظيم مبارزات وسط حضور غفير للجماهير يتجاوز في بعض الأحيان الألف متابع يبحثون عن الفرجة والإثارة، يقدم فيها المربون كباش مفتولة العضلات ذات القرون الملفوفة بعد أشهر من التدريب والتحضير.
وفي ذات سياق قال عمي كمال 58 سنة مقيم بحي لاكلون، بأن تنظيم مبارزات للكباش بدأ نهاية سنوات الثمانيات،  حيث جلبها سياح جزائريون كانوا يترددون بكثرة على تونس،  وتدور منافساتها بعنابة بين الأحياء الشعبية المعروفة، منها حي المحافر، لاكلون، ديدوش مراد، كان الاهتمام في البداية محدودا لا يتعدى عدد المتفجرين 100 شخص، ليعرف من سنة لأخرى منحا تصاعديا، مع كثرة الدعاية والإعلان على تنظيم المنافسات قبل أسابيع وعادة ما تجرى في أيام عطلة نهاية الأسبوع.    
وأشار ذات المتحدث إلى انتقال شغف المشاركة في مبارزات من المربين المحترفين إلى الهواة، حيث أصبحوا يتسارعون مع اقتراب كل عيد أضحى إلى الظفر بأفضل أنواع الكباش لشرائها رغم ارتفاع ثمنها، من أجل بعث منافسات التناطح، ومحاولة إسقاط الأسماء الكبيرة التي تسيطر على الدوري بالساحات العامة، وسط حضور جماهيري غفير. وتتصدر عنابة الولايات المعروفة بمصارعة الكباش، لتنظيم مباريات طوال السنة وليس فقط مع اقتراب عيد الأضحى، حيث تقام المنافسات بالأحياء الشعبية وسط المدينة يتم التحضير لها مسبقا، تجلب فيها الكباش ذات القرون الملفوفة مع أصحابها ويقومون بإشعال المبارزة بين الكباش التي أصبح يطلق عليها أسماء الشخصيات السياسية والرياضية المعروفة ، في كل مبارزة يسقط اسم من هذه الأسماء، ويعلو آخر لتبرمج مباراة مقبلة مع كبش جديد له قدرة التغلب على بطل الأسبوع الفارط .
ويتولى أشخاص مختصون ترويض الكباش وتدربيها على المناطحة، حيث يجد مربو هذا النوع من الكباش لذة خاصة في تنظيم المنازلات، و  يتم تلقينها تقنيات المصارعة ومختلف المهارات وتكتيك الصمود التي تضمن النصر، بالإضافة إلى الطرق التي تكفل سلامة الكبش المتبارز أمام خصومه.
في هذا الشأن سرد " زينو" 42 سنة، أحد مربي كباش المصارعة تجربته، والتي بدأت مع كبش صغير اشتراه والده، وأخذ يعتني به ليطلق عليه اسم "الروسي" لأن صوفه تشبه الحيوانات القطبية التي تعيش في درجة حرارة جد منخفضة، حتى أصبح قويا قادرا على المبارزة،  قال أنه كان يقوم بتقديم أجود أنواع الأعلاف له ، ويعرضه على طبيب بيطري بصفة دورية، ليصبح بطلا في فن المناطحة بعد سنوات، كل الكباش تخشى مبارزته، ومن سنة لأخرى بدأ يكبر، حتى توفي بسبب مرض أصحابه لتكون الحادثة بمثابة وفاة أحد أفراد العائلة، أين حزن عليه كثيرا بعد أن كان يحرم نفسه من أجل توفير له الكلأ والدواء، و الآن يقول "زينو"  أنه يربي كبشا صغير يريد أن يحّضره ليكون بطلا " كالروسي " سماه  " الحديدي"  و أخضعه إلى تدريبات شاقة ومنتظمة، كما أنه يوفر له أحسن وأجود الأعلاف.
وفي سؤلنا عن سبب اهتمامه المبالغ فيه بتربية كباش المبارزة قال " لست أبحث عن المال أو القمار بل المتعة هي التي دفعتني إلى ذلك". كما يطالب المولعين بمبارزة الكباش إلى تخصيص فضاءات أكبر من أجل تنظيم دورات خاصة بمصارعة الكباش لما تحظى به من شعبية بأحياء المدينة، إلى جانب تقنينها .
وفي ذات السياق يقول بعض الأئمة عن هذا النوع من المبارزة بين الحيوانات حرام شرعا، لأن ذلك يدخل في باب اللهو غير المباح،و تعرض البهيمة إلى الهلاك أو الموت، بسبب الجروح الناجمة عن الصدام العنيف بين الكبشين الأقرنين، مستدلين بما روي عن أبي عباس عن ابن عمر (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم).            
حسين دريدح

الرجوع إلى الأعلى