* كوفيد حقيقة لا يعرف قساوتها إلا من أصابته العدوى
عاشوا أياما من الألم و الرعب بمصالح كوفيد19 بمختلف مستشفيات ولاية قسنطينة، استسلموا تارة لليأس القاتل و اعتقدوا أن الموت قادم لا محالة، و تمسكوا بالأمل تارة أخرى، إلى أن تماثلوا للشفاء و غادروا أسرة المرض. النصر التقت بعينة من هؤلاء الناجين، و تنقل لكم شهاداتهم و تجاربهم الخاصة في مواجهة الفيروس، لعل الشريحة الواسعة من المجتمع التي  تناست  خطورة الجائحة، و أهملت إجراءات الوقاية وعادت لممارسة حياتها بصورة عادية، تراجع موقفها، خاصة في ظل تفاقم الوضع و ارتفاع عدد الإصابات و الوفيات ببلادنا، كما أن الفئات التي تعتقد أن الوباء غير موجود، و التي أضحت خطرا حقيقيا على الصحة العمومية، يمكن أن تغير سلوكياتها قبل فوات الأوان.
هيبة عزيون

* الممثل حكيم دكار
من يقول أن الفيروس غير موجود عليه أن يزور مصالح كوفيد 19
«رغم الاحتياطات التي اتخذتها منذ ظهور الجائحة، و مشاركتي الواسعة في حملة التحسيس بفيديوهات و ومضات إشهارية لتوعية الناس بخطورة الفيروس، غير أنني كنت من بين ضحاياه«، بهذه العبارة استهل الممثل الفكاهي حكيم دكار سرد تجربته مع  وباء كورونا، الذي أصابه قبل أيام قليلة من حلول عيد الفطر الماضي، مشيرا إلى أنه شعر بأولى الأعراض المتمثلة في آلام في الظهر و ارتفاع في درجة الحرارة، فتناول بعض المسكنات، اعتقادا منه أنه أصيب بنزلة برد،  و مع استمرار هذه الأعراض، قرر التوجه إلى طبيب، فوصف له بعض المضادات الحيوية، لكنها لم تعط النتائج المرجوة، و تدهورت حالته الصحية.
أضاف المتحدث أنه استبعد تماما إصابته بالوباء، لكنه وبحكم ارتباطه و التزامه بالسفر نحو العاصمة، قرر إجراء الاختبار ليصدم بنتيجته الإيجابية، و هو الخبر الذي نزل عليه كالصاعقة.
اعترف حكيم أن تقبل فكرة المرض في حد ذاتها صعب، خاصة و أن الأمر يتعلق  بمرض مجهول و قاتل، كما أن المكوث بمصلحة كوفيد 19 التي كتب في مدخلها بمستشفى البير «المنطقة الحمراء»، لا يمكن إلا أن يثير الخوف  في نفس المصاب، و دخولها يعني الذهاب نحو المجهول و الدخول في حرب نهايتها غير معلومة.
« كانت بداية العلاج جد صعبة في أول يوم بالمستشفى، هيمنت عليّ حالة من الارتباك و الخوف و التوتر النفسي، ناهيك عن حجم الألم  و الارتفاع الرهيب في درجة حرارة الجسم، إلى جانب  السعال و ضيق التنفس، و كان علي المكوث في غرفة مغلقة  تشبه زنزانة في سجن»، قال حكيم.
و أضاف « لم يكن يربطنا بالعالم الخارجي سوى الهاتف، رعب دائم يسود المكان الذي كان يعج بالمصابين، الذين كانوا يتبادلون من حين لآخر أحاديث مقتضبة حول الفيروس، و يحاولون رفع معنويات بعضهم البعض، فنشأت بينهم علاقات تعاطف و تضامن في تلك الظروف الحرجة.
عشرة أيام من الخضوع لبروتوكول العلاج بالكلوروكين، و ترقب دائم لنتائج التحاليل التي تبرز مدى استجابة جسم المريض للعلاج،  كانت أياما طويلة ومخيفة  لا مجال فيها للتكهنات و التوقعات».
بالرغم من الإمكانيات الطبية المحدودة و الاكتظاظ الكبير، كانت الطواقم الطبية تعمل بجد و تفان، من أجل إنقاذ الأرواح من الوباء المدمر،  و تتابع و تراقب باستمرار كل الحالات طوال ساعات النهار و الليل، خاصة  الحالات المعقدة المتعلقة بكبار السن و أصحاب الأمراض المزمنة، كما أكد المتحدث.
بعد أيام من العلاج حانت لحظة الحسم التي انتظرها حكيم دكار كغيره من المرضى بفارغ الصبر، فالتحاليل  النهائية هي التي تحدد مكوثه لفترة أخرى في « المنطقة الحمراء» أو مغادرتها، لحسن الحظ بينت التحاليل أنه تجاوب بشكل جيد مع العلاج، ما سمح له بتوديع المصلحة و من فيها من المرضى، و هذا لا يعني العودة للحياة العادية، بل يستلزم الحجر المنزلي المشدد لمدة 14 يوما أخرى، مع تناول مجموعة من الأدوية. و هكذا توجه حكيم من غرفته في المستشفى مباشرة إلى غرفة معزولة في منزله.
و تأسف كثيرا لحالة الاستهتار السائدة عند فئة واسعة من المواطنين بقسنطينة، بعد قرار الرفع التدريجي للحجر، مؤكدا أن الكثير من الشباب غير واعين بخطورة الوضع، و منهم من لا يصدق أن فيروس كورونا موجود، ما جعله ينقل تجربته و ما شاهده من صور مرعبة بالمستشفى لمرضى أودى الفيروس بحياتهم، فيما يرقد آخرون داخل  المستشفيات و في  غرف الإنعاش، بينما فشل آخرون في الظفر بسرير للاستشفاء، جراء  حالة الضغط التي تسبب فيها تزايد الإصابات بشكل مخيف.  حكيم دكار وصف الوضعية بالمخيفة، و تستدعي»تشديد الإجراءات  الردعية بعدما تجاوزنا فترة التوعية بمراحل، و نحن اليوم في منعطف خطير»، كما أكد.

* عصام بحري عضو بالمجلس الشعبي الولائي
عشت ضغطا رهيبا و لن أنسى صور المصابين و الموتى  
عضو المجلس الشعبي الولائي بقسنطينة عصام بحري، تحدث من جهته عن تجربته مع فيروس كورونا ، مشيرا إلى أنه نقل إلى مستشفى البير للخضوع للعلاج لمدة عشرة أيام،  وصفها بالمرعبة   لهول ما شاهده هناك، خاصة و أن فترة مرضه تزامنت مع إصدار قرار تخفيف الحجر الكلي ليصبح جزئيا بالولاية، و تزايد عدد الإصابات بين المواطنين، مقابل تشبع كلي للمستشفيات التي استنفدت طاقاتها الاستيعابية.
 المتحدث قال للنصر، أنه بحكم منصبه كنائب في اللجنة الصحية، كان يشارك بشكل يومي في حملات التحسيس و التوعية، و يزور المستشفيات، لكنه لم يتصور أن يصاب و يصبح مجرد رقم بين الإصابات التي تحصى كل يوم.
 و أوضح المنتخب أنه أصيب في البداية بارتفاع في درجة حرارة جسمه، مع إحساس  دائم بالتعب و الوهن طيلة خمسة أيام، و شعر أن حالته الصحية سيئة،  فقرر اللجوء إلى الفحص بجهاز سكانير و الخضوع للتحاليل التي أكدت إصابته بالوباء بنسبة 25 بالمئة، مع إمكانية  الاستشفاء في المنزل، لكن حالته الصحية تدهورت أكثر فأكثر، ما حتم عليه التوجه إلى مستشفى البير يوم 15 جوان الماضي، و  تزامن مرضه، كما قال، مع  إصابة أربعة من زملائه في المجلس  الشعبي الولائي بكوفيد 19، منهم من دخل المستشفى، فيما بقي آخرون  تحت الرقابة الطبية في الحجر المنزلي.
المنتخب الشاب عصام بحري أكد أن حالته النفسية، عند دخوله إلى المستشفى، كانت سيئة، حيث هيمنت عليه مشاعر الخوف و كانت لها مضاعفات على حالته الصحية يوما بعد آخر.
كما كان يفكر بشكل مستمر في احتمال أن يكون سببا في مرض أحد أفراد عائلته خاصة والديه، و لم تكن صور المرضى و الموتى في المصلحة تفارق ذهنه، و كذا مشاهد الاكتظاظ، حيث كان المصابون بالفيروس يتوافدون كل لحظة على المستشفى، و يقابل ذلك محدودية الطاقة الاستيعابية و الإمكانيات، و الإرهاق  المزمن الذي تعاني منه  الطواقم  الطبية و شبه الطبية، والكثير من الأطباء و الممرضين قضوا أسابيع بعيدا عن عائلاتهم بسبب الجائحة. صور صادمة، قال عصام، أنها لا تزال عالقة  في  ذهنه، واصفا  الوضع بـ»الخطير  و تداعياته الصحية وخيمة، نهايتها تكون الموت المحتوم بالنسبة للكثيرين، لهذا فهو يدعو الجميع  إلى توخي الحذر و الالتزام بالوقاية فهي خير من الموت»، على حد تعبيره .
المتحدث تابع أنه يقضي حاليا فترة حجر منزلي احترازي،  بعد مغادرته المستشفى منذ أيام قليلة، و لا يزال جسمه ضعيفا وآثار المرض لم تفارقه بشكل نهائي، و هو يواصل العلاج، إلى غاية التخلص نهائيا من الفيروس.

* الزوجان أ.ع و هـ. خ من المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة
تعرضنا للتنمر و حرمنا من أطفالنا لعدة أيام بسبب الفيروس
لم يتردد السيد أ/ع ، البالغ من العمر 51 سنة، عامل بإحدى مؤسسات التطهير بولاية قسنطينة، و زوجته هـ/خ البالغة من العمر 47 سنة، في سرد تجربتهما مع الجائحة، فقد أصيبا معا بالفيروس  الذي خلف آثارا جسدية ونفسية لا يزالان يعانيان منها.
بدأت قصة الزوجين مع كورونا خلال شهر رمضان، حيث  ظهرت عليهما و على أخ الزوج، بحكم تواجده في منزل شقيقه، أعراض الإصابة، فتوجهوا إلى المستشفى، و بعد إخضاعهم للفحص بجهاز سكانير، تبين أن الزوج مصاب بنسبة  50 بالمئة و الزوجة بنسبة30 بالمئة وشقيق الزوج بنسبة 27بالمئة .
الطبيب المعاين قرر إدخال الزوج إلى المستشفى للعلاج، أما الزوجة و بحكم عدم توفر الأسرة الكافية، طلب منها الخضوع للحجر المنزلي.
شرع الأطباء المشرفون على مرضى كوفيد في مستشفى البير بحقن الزوج بالبروتوكول العلاجي كلوروكين، و حقن منع تخثر الدم ، مع إخضاعه للتحاليل، و بعد ثلاثة أيام كانت نتائج التحاليل سلبية، لكن مكوثه في المستشفى للعلاج كان ضروريا، إلى غاية اليوم 11 ، حيث قرر الأطباء خروجه من المستشفى مع الخضوع لحجر منزلي لمدة 14يوما، و وصف علاج له يشمل الفيتامينات و المسكنات.
 الزوج قال أنه قضى فترة صعبة بالمصلحة، و كان الأطباء يتفادون الاقتراب من المرضى الذين كانوا يتجنبون الخروج من الغرفة، خوفا من انتقال العدوى بينهم، خاصة مع  تواجد  حالات حرجة في الإنعاش و منهم من فارق الحياة .
أما الزوجة فقالت أنها  التزمت بالحجر المنزلي طيلة 28  يوما، مع متابعة العلاج الذي وصفه الطبيب، حيث لم تكن تغادر غرفتها نهائيا، و كانت ترفض الاقتراب من طفليها أو التحدث إليهما.
و اضطرت ابنتها، صاحبة 15 عاما ، إلى الاهتمام بشؤون المنزل و تحضير الطعام، بعدما رفض الأقارب تقديم يد المساعدة، خوفا من العدوى.
وأكدت المتحدثة أن أفراد أسرتها مروا بفترة عصيبة، فإلى جانب المرض و أعراضه الخطيرة ، كان للعامل النفسي أثره الكبير عليهم، بعد حالة التنمر التي طالتهم، سواء من الجيران و حتى من الأقارب ، مؤكدة أنها كانت حريصة جدا منذ بداية الجائحة على سلامة عائلتها و التزمت بآليات الوقاية  و التعقيم، كما لم تغادر منزلها طيلة  أشهر خوفا من العدوى  غير أن الفيروس لم يرحم عائلتها ، فيما تأسفت من  تصرفات  المواطنين حاليا، و حذرت من خطورة الفيروس.

* شمس الدين تامن مراسل قناة النهار من قسنطينة
خمسة أيام دون نوم  و  لحظات فقط فصلتني عن الموت
قال شمس الدين  تامن، مراسل قناة النهار من قسنطينة للنصر ، أن أعراض الإصابة بدأت تظهر عليه بعد أيام من تغطية إعلامية بمصلحة كوفيد  19 بالمستشفى الجامعي الحكيم ابن باديس بقسنطينة، حيث بدأ يشعر بآلام شديدة في العضلات، و حمى طيلة ثلاثة أيام دون انقطاع ، فعزل نفسه في غرفة بالمنزل، تفاديا لنقل العدوى لأفراد عائلته.
 بعد ذلك توجه إلى المستشفى، حيث خضع للفحص عن طريق جهاز سكانير فأظهر إصابته بنسبة 25 بالمئة، و في اليوم الموالي التحق بمستشفى البير و تحديدا مصلحة كوفيد 19 و بدأ العلاج.
أكد المتحدث أن ولوج المصلحة مرعب جدا،  و مكث بغرفة منعزلة طيلة عشرة أيام، لا يمكنه استقبال أي شخص، بينما كان يلقي التحية على بعض أصدقائه و أفراد عائلته من شرفة الغرفة .
خمسة أيام دون نوم،  إرهاق شديد و آلام لا تتوقف، سعال حاد و ضيق في التنفس، كانت لحظات حرجة في المصلحة التي كانت تعرف ضغطا رهيبا و استقبالا متواصلا للمصابين، قال شمس الدين، مضيفا أن  الساعات و الأيام الأولى من العلاج بالكلوروكين ، كانت حساسة جدا..  كان الخوف و التفكير في الموت يسيطران على المتواجدين في المصلحة، و من بينهم شمس الدين الذي كان يخشى أيضا أن يكون قد تسبب في نقل العدوى إلى أحد أفراد العائلة أو المقربين منه.
 انقضت نصف مدة العلاج، و هي خمسة أيام ، كما أردف المتحدث، و كانت حاسمة و دقيقة،  و بدأت بعدها النتائج الإيجابية للبروتوكول تظهر ، حيث لاحظ تحسنا طفيفا في حالته ، مع تقلص الأعراض يوما بعد آخر ، إلى أن حل اليوم العاشر من العلاج، و اتخذ قرار مغادرته المستشفى، بناء على نتائج التحاليل التي أظهرت تلاشي الفيروس،  ليقضي شمس الدين مدة حجر منزلية طيلة 14 يوما، مع إتباع علاج خاص يتضمن مسكنات و مكملات غذائية و فيتامينات.
شمس الدين تامن و من خلال نشر قصته مع المرض في النصر، يريد أن يبعث برسالة توعية  لبعض الفئات المستهترة من المجتمع ، مع التأكيد على خطورة الوضع ، في ظل تخلي الكثيرين عن  التدابير الوقائية من ارتداء الكمامة و تعقيم الأيدي و كذا الالتزام بمسافة الأمان ،  ناهيك عن بعض المظاهر السلبية كتنظيم الأعراس و التجمعات العائلية  التي تسببت في تفاقم الوضع و تزايد عدد الإصابات،  من منطلق أن شرائح واسعة من المجتمع لا تصدق أن الفيروس موجود.

أنشأ مجموعة افتراضية تحت اسم»العيش مع كوفيد 19»
طبيب ينشر شهادات ضحايا الجائحة للمشاركة في التوعية
خلال جمع شهادات المرضى، صادفتنا مجموعة افتراضية على موقع فايسبوك تحمل اسم « العيش مع كوفيد19 «،  تهتم بجمع و نشر قصص مرضى كورونا ، و قد أنشأها الطبيب زيغد إسماعيل،  مختص في أمراض السكري من قسنطينة.
 الطبيب أكد للنصر، أن فكرة إنشاء المجموعة، بدأت إثر إصدار قرار رفع الحجر جزئيا، حيث بدأ في البحث عن آلية تمكنه من توعية الناس بضرورة الالتزام  بالوقاية أكثر من أي وقت آخر ، و ذلك بعد أن لاحظ  حالة من الاستهتار عند المواطنين و تجاهل فئات واسعة للمرض، خلال نشاطه في إحدى المجموعات الطبية التوعوية التي ظهرت مع بداية الوباء.
الدكتور زيغد أوضح أنه  كان يتابع التعليقات، و لفتت انتباهه انقسامات بين المواطنين حول حقيقة المرض،  و وجود  فئة عانت من المرض و ترغب في نقل تجربتها إلى الآخرين، لكن بطريقة سرية من أجل المساهمة في التوعية و من هنا  راودته فكرة إنشاء مجموعة حملت اسم «العيش مع كوفيد 19» .
و أضاف أن المجموعة مفتوحة، و قد استقبل من خلالها عديد الشهادات و القصص الواقعية من مختلف ولايات الوطن، كتبها أصحابها بأنفسهم، و قام هو بنشرها ،  كما اعتمد على تحقيقات ميدانية، حيث يزور بنفسه بعض المرضى في مصالح كوفيد 19،  من أجل جمع شهاداتهم.
و في مدة لا تتجاوز  شهر منذ تأسيس المجموعة، بلغ عدد المنخرطين بها 10 آلاف عضو بين مرضى و مواطنين عاديين، حسب المتحدث، مضيفا  أن المجموعة هدفها الأساسي توعوي و تحسيسي، لتبادل التجارب وتفادي الأخطاء التي وقع فيها البعض، وكذا لتوفير نوع من الدعم النفسي لبعض المرضى الذين يتواجدون في المستشفيات، وقرروا كتابة قصصهم ، و منهم من قرر كتابة يومياته خلال العلاج،  كما أن مغتربين في فرنسا و بعض الدول الأخرى نشروا تجاربهم مع الفيروس .
و أشار الطبيب إلى أنه يشترط على صاحب الشهادة أن تكون حصرية للمجموعة،  كما يتم احترام رغبة الناشر في الكشف أو عدم الكشف عن هويته، و اللافت أن المجموعة تحولت أيضا إلى فضاء للاستفسار عن الكثير من المسائل الطبية ذات الصلة بمرض كورونا، خاصة هذه الأيام التي تشهد ارتفاعا في عدد الإصابات بكورونا و كذا نزلات البرد التي رافقتها حالة من الهلع.

* س/ ف موظفة بإحدى المؤسسات الثقافية بقسنطينة
حصولــــي علـى سريـــر بالمستشفــى كان شبـــه معجـــــزة!
 محدثتنا فضلت نشر حرفين يرمزان لاسمها،  خوفا من نظرة المجتمع إليها، خاصة و أنها تعاني من حملة تنمر شرسة من أقاربها و معارفها الذين ابتعدوا عنها، بعد سماعهم بخبر إصابتها بفيروس كورونا المستجد.
 س/ف، 45 سنة ، تعمل بإحدى المؤسسات الثقافية بولاية قسنطينة، عند  اتصالنا بها، وافقت على نشر قصتها مع الفيروس الخبيث الذي فتك بجسمها هي و والدتها،  و هما حاليا في الحجر المنزلي، بعد مغادرتهما المستشفى قبل أيام .
المتحدثة قالت أن الخطر لا يزال يحدق بها و خاصة أمها التي تعاني من عدة أمراض مزمنة، مشيرة إلى أنها طيلة  ثلاثة أشهر، أي منذ إعلان حالة الحجر الصحي ببلادنا، التزمت بكافة إجراءات الوقاية، خاصة و أنها لم تكن معنية بالعطلة الاحترازية، و بالتالي واصلت عملها.  و بحكم نقص عدد الموظفين في المؤسسة التي تعمل بها كرئيسة مصلحة، اضطرت للقيام بالكثير من المهام و التوجه من حين لآخر إلى عدد  من الإدارات  لتسوية الأمور الإدارية، مضيفة أن إصابتها بالعدوى قد تكون خلال تلك الخرجات المهنية.
بدأت أعراض الوباء تظهر عليها  في 15 جوان، على غرار  الحمى و السعال و التعب،  فخضعت للفحص بجهاز سكانير و تحاليل الدم،  فأظهرت إصابتها بكوفيد  19، حسبها، فأدركت ضرورة دخولها  إلى المستشفى للعلاج، لكن الأمر لم يكن سهلا، فالحصول على سرير في هذا الظرف معجزة، على حد قولها، بعد  حالة التشبع التي تعاني منها مستشفيات الولاية الثلاثة.
و بعد يوم طويل من البحث عن مكان للاستشفاء، تمكنت أخيرا و في حدود منتصف الليل من إيجاد مكان في مستشفى ديدوش مراد، فأسرعت بالذهاب إلى المنزل لإحضار أغراضها و العودة قبل أن يضيع مكانها و يمنح لمريض آخر من بين الكثيرين في قوائم الانتظار،  ومنهم من كان يفترش الأرض أو قطعة من الكارتون في فناء أو حديقة المستشفى، على أمل الظفر بسرير للعلاج.
محدثتنا أكدت أن رحلة العلاج كانت بمثابة الموت اليومي مع بداية تلقي بروتوكول الكلوروكين، و تفاقم أعراض المرض بين ارتفاع حاد لدرجة حرارة الجسم أي الحمى، و التقيؤ دون انقطاع،  مع آلام حادة في العضلات و صداع و صعوبة في التنفس و سعال حاد.
كلها أعراض كانت تتطلب حقنها بشكل يومي بجرعات من عدة أدوية، ما تسبب في ثقوب عديدة بيديها، فغالبا ما كان الممرضون يفشلون في  العثور على   الأوعية الدموية لحقنها، بينما  عديد الأجهزة ملتصقة بجسدها لمراقبة حالتها الصحية، و كانت الممرضة تضطر لنقل أحد هذه الأجهزة  إلى  مريض آخر ، بحاجة إلى التنفس الاصطناعي أو قياس الضغط  بعد تعقد حالته.
  أما مغادرة السرير فهو شبه مستحيل، بالنظر إلى حالتها المتدهورة و جسمها الضعيف، و هو حال الكثيرين من المرضى، كما قالت محدثتنا، مشيرة إلى أنه في أحيان كثيرة ، كانت وضعية بعض المرضى، خاصة الحالات المعقدة، تتدهور فجأة،  فيسود الهلع بين أفراد الطاقم الطبي و حتى المرضى الذين لا يتوقفون عن الدعاء  للمرضى، لتجاوز مرحلة الخطر، لكن فشل البعض في تخطيها، و وافاهم الأجل. و أضافت أن علاقات طيبة ربطتها بشبه طبيين شباب» سليم ،  أسامة ،  أسماء ، أمينة و شهرزاد»  كانوا يعملون دون انقطاع و  يسهرون على علاج ضحايا الجائحة، أما عن وضعية المستشفى، قالت المتحدثة أن الإمكانيات كانت غير كافية، مقارنة بأعداد المرضى الذين يقصدون يوميا مصلحة كوفيد 19 ، و كل سرير شاغر في انتظاره أزيد من 9 مرضى في الخارج.
 بعد عشرة أيام من العلاج المكثف، قررت المتحدثة الخروج من المستشفى، رغم أن حالتها لم تستقر بعد ، من أجل رعاية والدتها التي كانت تحت العناية الطبية  بنفس المستشفى، فهي، كما أكدت المعنية الوحيدة بمرافقة والدتها التي تعاني من عدة أمراض مزمنة، كالسكري و ارتفاع الضغط الدموي، ما زاد من تعقيد حالتها الصحية، و هي تواصل حاليا فترة العزل المنزلي رفقة والدتها  و تسهر على متابعة حالتها بشكل مستمر، رغم صعوبة الأمر، لأنها لم تتخلص بعد من آثار المرض من سعال حاد و إرهاق، ما يمنعها في الكثير من الأحيان من النهوض من سريرها،  لحسن الحظ فإن عددا من أقاربها يحضرون يوميا الطعام لهما و يضعونه أمام مدخل منزلهما، فيما يبقى هاجسها الوحيد هو حالة  والدتها السيئة و خوفها الدائم من فقدانها.

 

الرجوع إلى الأعلى