«الكان» يجمع العائلات الجزائرية و يعيد أجواء المونديال إلى الأذهان
تعيش الأسر الجزائرية منذ انطلاق العرس الكروي الإفريقي 2015، أجواء استثنائية، صنعتها تجمعات عائلية حولت الحدث إلى عرس، و أدخلت البيوت في حالة استنفار ،بهتافات لمناصرين لم تسمح لهم الظروف بالتنقل إلى ملاعب غينيا الاستوائية، فارتدوا ألوان الراية الوطنية ،و حملوا الأعلام ،و حولوا منازلهم إلى ملاعب للتقليل من حدة التوتر و تخليد اللحظة.
فالكان، أو كأس أمم إفريقيا لهذا الموسم، أخرج الكثير من الجزائريين عن عاداتهم المألوفة في متابعة مباريات الخضر، و على الرغم من أن أغلب البيوت الجزائرية تتوفر بها كل الإمكانيات لمشاهدة المقابلات، إلا أن المتابعة الجماعية باتت تستهويهم، حيث يتركون بيوتهم فارغة و يتجمعون ببيت أحد أفراد العائلة.
بيوت تتحول إلى ملاعب
 و الكثيرون يطلقون المقاهي
و إن كان البعض يفضل متابعة المباريات داخل المقاهي وسط عشرات المتتبعين، فإن الكثيرين قد تخلوا عن هذه العادة، و فضلوا المتابعة وسط جو العائلة من وراء شاشات المنازل، حيث تجتمع الأسر في كل مقابلة في بيت واحد، ويحرص الكثيرون على صنع أجواء الملاعب، بارتداء ألوان المنتخب الوطني و حمل الراية و الهتاف مع ترديد الأغاني التشجيعية، في حين يسجل الانضباط و الوقوف أمام النشيد الوطني. و ما يجعل المناسبة أكثر تميزا، هو الحرص على أن ينظم أهل البيت عشاء خاص، تليه سهرة مطولة يفتح فيها النقاش لتحليل مجريات المقابلة، و تحديد الأخطاء و الهفوات و تقييم مردود ممثلي الجزائر، ما أعاد أجواء المونديال إلى الأذهان في جو حماسي منقطع النظير.
نسوة تسكن المطابخ
 و أطفال يناصرون أكثر من الكبار
السيدة ليلى واحدة ممن تحول بيتها إلى ملعب منذ انطلاق البطولة، فهي تقول  بأنها كلفت بتنظيم فعاليات اليوم الأول من الكان بالنسبة للمنتخب الوطني، في حين يتناوب إخوتها و أخواتها على باقي المباريات، في نوع من تبادل للأدوار، لأجل خلق جو استثنائي و محاولة التقليل من حدة التوتر الذي يسيطر على أفراد العائلة، و هو ما تعتبره أمرا إيجابيا، خاصة و أنها ،كما قالت، لا تمتلك القدرة و الصبر الكافيين لمتابعة مجريات المقابلة، ما يجعلها تركز على الطبخ، كالكثير من النسوة، في وقت يركز الجميع على ما يقوم به رفقاء فغولي فوق أرضية الميدان. و تضيف محدثتنا، بأن أفراد العائلة الكبيرة يشترطون تحضير عشاء مميز، علما بأن طبق «الشخشوخة» يكون على رأس الأطباق في حال الفوز، و هو الطبق الذي تناوله أفراد العائلة ليلة أمس الأول، بعد فوز الخضر على المنتخب السينيغالي، و مروره إلى الدور الربع النهائي. و ما لفت انتباهنا أكثر في هذه البطولة، هو انشغال الأطفال بشكل كبير، بما يقدمه الخضر، حيث يحرصون على ارتداء ألوانهم قبل المنافسات، و يقومون بواجباتهم المنزلية مسبقا، تحسبا لموعد المباريات، و يصنعون جوا مميزا بهتافات المناصرة و الحماس ،تفوق التصور، كحال الطفل أيمن الذي لم يعد يتحدث هذه الأيام، سوى عن المنتخب الوطني و كأس أمم إفريقيا.
فيديوهات وصور لتخليد أجواء المناصرة بالمنازل
و ما يجعل هذه الأيام أكثر تميزا أيضا، هو تخليدها من قبل البعض، حيث يوجد من يكلف بتصوير فيديوهات للمتتبعين، و التقاط صور لانفعالات أفراد العائلة،  فتتحول إلى لقطات مضحكة بعد نهاية المباراة، خاصة و أن الأشخاص يكونون في قمة انفعالهم، ما يجعلهم يقومون بتصرفات عفوية، يفجرون عبرها الضغط و التوتر الناتجين عن متابعة مجريات المباريات، في حين تنتج فرحة الفوز لقطات مميزة تبقى راسخة في الأذهان، حتى  و إن لم ترسخ بالصور. و ربما تشكل القراءات المسبقة لمسار البطولة، أحد أهم العوامل التي ضاعفت من حجم التوتر، بالنسبة للجزائريين، الذين باتت تحبس أنفاسهم طوال المقابلات، فترشيح الجزائر لنيل الكأس الإفريقية في هذه الدورة، زاد من دائرة المتتبعين، و حول الجميع إلى محللين رياضيين بامتياز، فحتى الأطفال و النسوة انتقلت إليهم العدوى، و العامل المشترك بين كل الشرائح  هو مناصرة و تشجيع الخضر و لو عن بعد ،أملا في التتويج بالكأس
 الإفريقية.            
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى