نافورات تتحول إلى مسابح و منتزهات على حواف الطرقات السريعة
اتخذت عديد العائلات بقسنطينة  من  حواف الطرقات السريعة  فضاءات للالتقاء و التنزه ، فيما وجد الأطفال ضالتهم في النافورات التي تحولت إلى ما يشبه أحواض سباحة    تشهد تهافتا كبيرا خاصة في الفترات المسائية  ، في وقت تبقى فيه مشاريع المنتزهات ومرافق التسلية مؤجلة وتظل حديقة جبل الوحش مغلقة في وجه سكان المدينة.
استطلاع:مريم بحشاشي
و إن لم يعد تحويل النافورات إلى مسابح بالأمر الجديد و الغريب على المجتمع القسنطيني،  كون  مشاهد الأطفال و هم يتزاحمون على النافورات القريبة من الأحياء السكنية، بات جزء لا يتجزأ من ديكور المدينة في فصل الصيف، لكن أن يصل الأمر إلى تشجيع الأولياء لصغارهم و اصطحابهم إليها ، مع توفير كل ظروف الاستجمام لهم، مثلما هول حاصل بالنافورة الواقعة بين حيي «سوناتيبا» و «زواغي سليمان» و التي باتت تلفت انتباه كل من يمر  من هناك، لما تشهده من اكتظاظ يومي للعائلات التي تأتي من مختلف الأماكن و ليس فقط من الأحياء المجاورة، و هو ما وقفت عليه النصر بعد الاقتراب من مرتادي المكان ،  الذين جعلوا من الموقع فضاء للقاء و الترفيه، خاصة بعد تهيئته و تخصيص مكان لبيع المشروبات و المأكولات الخفيفة، فضلا عن  متحيّني فرص الكسب السريع، من باعة متجوّلين و عارضي خدمات التقاط صور تذكارية مع الخيل، مثلما وقفنا عليه حوالي الساعة السابعة مساء أول امس.
  حيث لاحظنا أطفالا ينتظرون دورهم لركوب مهر صغير و القيام بجولة بسيطة بالمكان الذي لا تزيد مساحته عن 20 مترا، و أولياء يتجاذبون أطراف الحديث و عيونهم تراقب أطفالهم في «المسبح» ـ النافورة و هم يحملون مناشف لتجفيف أجسادهم بعد الخروج من الحوض، و لمجة لسد رمقهم، تماما كما في شاطئ البحر.
المكان يشهد أيضا كل مساء فوضى في حركة المرور بسبب الركن الفوضوي لسيارات المتجوّلين الذين يفضل أكثرهم الجلوس بالقرب من النافورة، رغم ضيق المكان والاكتظاظ، بدل التوّجه إلى الجهة العلوية التي انتهت أشغال تهيئتها منذ فترة و التي تتوّفر على مساحة أكبر، و أرجع بعض من تحدثنا إليهم السبب، إلى خوفهم على صغارهم من حوادث المرور، باعتبار النافورة تتوسط طريقا وطنيا، مما يحتم عليهم البقاء بالقرب منهم لحراستهم، فضلا عن قرب المكان من حي يتوّفر على محلات تجارية يقصدونها عند الحاجة، مثلما ذكرت إحدى السيدات التي قالت أنها تعوّدت على الحضور مع جارتيها و طفليها لقضاء ساعات بإلحاح من صغارهن.
 المشهد  نفسه يتكرر بمختلف الأماكن التي تحوّلت إلى نقاط لقاء و ترفيه مفضلة بالنسبة للأسر القسنطينية، كحافة طريق الطريق الوطني بين علي منجلي و الخروب و زواغي و علي منجلي و مناطق أخرى كثيرة، ي ما حتم طرح الكثير من الأسئلة أهمها، أين وصلت مشاريع تهيئة الحدائق و الفضاءات الخضراء و حظائر التسلية و المسابح..؟ و ما سر عزوف العائلات عن التجوّل بالغابات و الحدائق، خاصة وأن قسنطينة لا تنقصها المساحات الخضراء و الغابات الشاسعة؟
النصر زارت كل من غابتي المريج و جبل الوحش و حظيرة التسلية كريستال و الحديقة الحضرية باردو، أين لاحظنا تقدم أشغال تجسيد بعض المشاريع و توقف أخرى و تدهور حال حظيرة التسلية «الشبح» بجبل الوحش و عدم الاستغلال الكافي لغابة المريج التي تسجل أكبر نسبة زيارة و توافد للمتجولين في فصل الربيع و تراجع عدد العائلات إلى أقل من النصف في الصيف، رغم توفير الأمن و الإنارة العمومية بها.
حظيرة باردو الحضرية لن تفتح قبل التحكم في الانزلاقات  
استطلاعنا قادنا إلى حظيرة باردو التي أعلن المسؤولون مرارا عن فتحها قريبا، و حددوا مواعيد تم تخطيها دون تحقق ذلك، كان آخرها شهر رمضان المنصرم، و إن بدت الأشغال قد قطعت خطوات عملاقة، مقارنة بما كانت عليه منذ إجرائنا لتحقيق سابق بخصوص ذات الحظيرة البيئية، حيث أصبحت ملامح الحدائق واضحة بعد نمو النباتات و الأشجار، غير أن الافتتاح الرسمي لهذه الحظيرة التي تمتد على مساحة 65 هكتارا، و انطلقت أشغال انجازها عام 2013، يبدو بعيدا، هذا ما لمسناه من حديث المديرة المحلية للبيئة عبلة بن حسين التي أكدت بأن الانزلاق المسجل على مستوى مساحة شاسعة بالمنطقة، وراء تأجيل مواعيد الفتح في كل مرة،  موضحة بأن القائمين على المشروع اضطروا للقيام بدراسة جديدة للأرضية، لتفادي أي مشاكل و مفاجآت في ما بعد.
ذات المسؤولة أضافت بأن أشغال حظيرة حي زواغي التي تقلّصت مساحتها إلى 22 هكتارا بسبب مشروع الترامواي و كذا أنابيب الغاز، تسير هي الأخرى على قدم و ساق دون تحديد موعد تسليمها و استغلالها.
مسؤول حظيرة التسلية بالمريج:
مشروع ألعاب مائية لاستقطاب الزوار في الصيف
في غابة المريج وجدنا فرقا كثيرة لأعوان النظافة التابعة لشركة خاصة، و هي تعكف على تنقية و تنظيف المحيط، و قد أكد لنا المسؤول عن حظيرة التسلية جمال كاسولي، تراجع إقبال العائلات على الغابة  في الصيف، مقارنة بفصل الربيع بنسبة تفوق 50 بالمائة، و إن كان هناك توافد وصفه بالمقبول، ابتداء من الساعة الرابعة مساء للأسر الباحثة عن الهواء المنعش و الفارة من الحر بالمنازل، أين ساهمت الإنارة العمومية، في بقاء العائلات إلى غاية الليل و قضاء الأطفال الذين لم يسعفهم الحظ في الذهاب إلى الشاطئ، لحظات ممتعة و هم يتسلون بمختلف الألعاب، خاصة الأراجيح  و ألعاب التزحلق، و هو ما حفز الجهات المعنية على التفكير في مشاريع جديدة، يطمحون لتجسيدها قريبا، تتعلّق بإنشاء مساحات للألعاب المائية، حسبه.
للتذكير كانت غابة المريج قد استفادت عام 2012 من أشغال إعادة التأهيل، تطلبت تسخير 140 مليون دج، تم بفضلها إنشاء مساحات للعب و الراحة و بناء شاليهات للمصالح الإدارية المكلفة بتسيير و مراقبة الحظيرة و إنجاز مسالك للدخول و الخروج، فضلا عن شبكات للتطهير و إمدادات بقنوات المياه و الكهرباء، و كذا تهيئة حاجز مائي بسعة 1000 متر مكعب.
حديقة  جبل الوحش  في خبر كان
الغابة كانت مهجورة و كأنها مكان للأشباح، و لم نجد في مدخلها سوى عون الحراسة يجلس بمعية رفيق له يتجاذبان أطراف الحديث، إلى جانب  سيارتين اختار مالكاهما تصليحهما تحت الأشجار الوارفة، في حين غزت النفايات و الأوساخ المكان و حلت الأبقار محل البشر بين أحضان هذه الغابة الشاسعة التي شهدت تدهورا كبيرا و بات أمل فتح حديقة تسلية جديدة شبه مستحيل، أمام تكرّر سقوط صفقات استثمار و استغلال جديدة للمكان، الذي كان بمثابة رئة قسنطينة، و لا تزال الكثير من العائلات تحتفظ بذكريات جميلة في هذه المنطقة التي تحوّلت بمرور الوقت إلى مرتع للمنحرفين، بعد أن وقعت الغابة تحت سيطرة عصابات السرقة و تحوّلت بحيراتها إلى محطات لغسل السيارات، فيما بقيت حديقة التسلية مجرّد هيكل بلا روح و أطلال يبكيها كبار حرموا من هوائها المنعش و أطفال لم يحالفهم الحظ في اللعب بين أحضانها و التمتع بألعابها، بل اضطروا لقطع عشرات الكيلومترات، من أجل الاستمتاع و المرح بحدائق التسلية بالولايات المجاورة التي كان سكانها من قبل يقصدون جبل الوحش خاصة في منتصف الثمانينات، غير أن هذه الحديقة الممتدة على 14هكتارا تعرضت للغلق المتكرّر منذ سنة 1987، و تأزم الأمر أكثر بعد منتصف التسعينات، حيث شهدت عزوف الزوار عن زيارتها، عدا بعض المبادرات، التي يصفها البعض بالمجازفة، خلال فصل الشتاء بعد تساقط الثلوج، لأن الغابة تكتسي حلة بيضاء مغرية.
المركب السياحي للألعاب المائية كريستال يراوح مكانه
و كباقي المشاريع التي يرتقب القسنطينيون انتهاء أشغال إنجازها، يبقى المركب السياحي للألعاب المائية كريستال، بين منطقتي زرزارة و زواغي، المحاذي لمسرح الهواء الطلق، و الذي بدأ تجسيده عام 2014، يراوح مكانه، حيث لا تزال الأشغال في بدايتها و وحدها اللافتة المعلنة عن المشروع بصورتها المغرية، تؤشر لوجود مشروع مهم، من شأنه منح أطفال قسنطينة فضاء ترفيهيا مهما، قد يجنبهم السباحة بالنافورات و البرك المائية، لكن في انتظار تجسيد ذلك، تبقى الصورة البارزة للمناطق البديلة لاستجمام الأسر القسنطينية لا تتعدى حواف الطرقات في أحسن الأحوال.

الرجوع إلى الأعلى