لم نفضل منطقة القبائل و برنامجنا  تطوعي إنساني
نفى الإعلامي نعيم سلطاني، مدير مجلة دزيريات و معد برنامج  «اليد فاليد» الذي يعرض عبر إحدى القنوات الجزائرية الخاصة، صفة الجهوية عن برنامجه، مؤكدا بأن الحديث عن ترجيح كفة منطقة القبائل على حساب مدن جزائرية أخرى، مجرد مغالطة لأن معايير اختيار المستفيدين صارمة.
نور الهدى طابي
و أشار في حوار خص به النصر ، إلى أن الانتقادات التي تطال البرنامج لم تحبط من عزيمة فريقه الذي يحظى بكثير من التشجيع ويهدف لإعادة بعث ثقافة التكافل والتراحم في المجتمع.
النصر: فكرة برنامج «اليد فاليد» مستنسخة عن برنامج أجنبي، لماذا اخترتم هذا النوع من الأعمال بدلا من البرامج الفنية الشهيرة رغم كونها أكثـر مشاهدة وشعبية؟
نعيم سلطاني: مبدأ البرنامج معروف في العالم، فكرته مستنسخة فعلا عن برامج عالمية، لكن الجديد في الأمر هو أننا كعالم عربي إسلامي نعد الوحيدين الذين لا نملك نسخة خاصة عنه عكس برامج أخرى، واختيارنا لهذا البرنامج بالذات نابع من توجهه الإنساني، حيث نهدف من خلاله إلى بعث روح التضامن و الثقة في المجتمع، وحث الناس على فعل الخير.
 الكثير منا لا يزور جاره ولا يعلم بحاله، حتى في الأعياد أصبحنا نكتفي برسالة أو اتصال هاتفي و لا نكلف أنفسنا عناء زيارة الأقارب و الاطمئنان على أحوالهم، إن كانوا بخير فعلا و يملكون قوت يومهم أم لا، ومن هنا جاءتنا فكرة انجاز برنامج يكون بمثابة دافع لإعادة إرساء مبادئ التكافل و التراحم، نذكر من خلاله الناس بمن يحيطون بهم من الفقراء و المحتاجين.
أما بخصوص المتابعة و الشعبية، فالبرنامج منذ انطلاق بثه سنة 2014 حقق نسب مشاهدة كبيرة، كما أن صفحتنا على الفيسبوك تعد رائدة و تسجل رقما قياسيا للمتابعات.
ـ هل كانت عملية جمع التبرعات والإعانات صعبة  و ما هي مصادر تمويلكم ؟
ـ في الحقيقة لم نواجه أية صعوبات في جمع التبرعات منذ البداية ، فعلاقاتي الخاصة سهلت الأمر، لأن أصحاب الشركات و رجال الأعمال يعرفونني و يثقون في شخصي، لذلك كانوا مستعدين لتقديم الدعم من البداية ليقينهم بأن الإعانات ستصل فعلا إلى أصحابها وهو ما أعطانا كطاقم عمل دفعا إضافيا.
ومنذ بداية البرنامج الى اليوم نتلقى يوميا مئات الرسائل من أشخاص يرغبون في المساعدة كل بما يستطيع، منهم مواطنون بسطاء ومنهم تجار و أصحاب محلات و رجال أعمال، أصحاب مؤسسات اقتصادية و ماركات عالمية و محلية، وغيرهم ، و هم تحديدا مصدر كل المساعدات، وهنا أريد أن أشير إلى أن روح العطاء لا تزال موجودة في المجتمع، لكن ما كان ينقص هو التوجيه، البعض يحبون التصدق ، لكن لا يعرفون على من يتصدقون، لذلك فكثيرون أحبوا فكرة البرنامج ودعموه لأنهم وجدوا فيه بابا لفعل الخير.
ـ هل هناك أسماء سياسية أو فنية عرضت المساهمة؟
 ـ هناك دائما من يعرضون المساهمة، أحيانا ننتقل لولاية معينة من أجل مساعدة أسرة و إعادة بناء منزلها، فنجد أنفسنا أمام الكثير من المتطوعين و المتبرعين، كما قد نضطر أحيانا لطرق أبواب أهل الخير في المنطقة، لنجمع الإعانات المطلوبة.
 حب الخير صفة لا تزال موجودة في مجتمعنا، ولا تقتصر فقط على السياسيين أو الفنانين، رغم أنهم يساهمون كذلك، لكن هناك من يحب التصدق دون أن تعلم يسراه ما أخرجته يمناه.
أحدثكم عن رجل في مدينة بالجنوب الجزائري تبرع بواحة كاملة بما في ذلك مردود نخيلها للمرضى و المعاقين.
 ـ على أي أساس يتم اختيار المستفيدين، وكم من الوقت تتطلب منكم عملية إعادة تعمير منازل المعنيين؟
ـ لدينا صفحة على الفايسبوك مرفقة بعنوان البريد الإلكتروني للحصة، نتلقى يوميا معدل 500 رسالة من متبرعين و طالبين للمساعدة ، نقوم بقراءة كل الطلبات دون استثناء، ونختار الحالات الأكثر حاجة، لكن وفق معايير انتقاء صارمة، أولها أننا لا نعيد البيوت القصديرية لأن ذلك يعني تشجيع البناء الفوضوي، كما لا نهيئ شقق العمارات، لأن الأولوية لمن يعيشون داخل مرآب أو مكان قصي، أيضا يعتبر توفر عقد ملكية المنزل أو الكوخ شرطا أساسيا فنحن  لا نهيئ المنازل المؤجرة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك معايير أخرى أحيانا نتجاوز عنها، فمن المفروض أننا لا نساعد العائلات كبيرة العدد ، لأن ذلك يتعارض مع إمكانياتنا المادية ، أيضا يفترض أننا لا نعود لولاية قصدناها من قبل، لأننا قطعنا على أنفسنا وعدا بزيارة كل ولايات الوطن دون استثناء، لذا نفضل اختيار عائلة واحدة من كل منطقة، مع ذلك فقد نكسر القاعدة في حال كانت وضعية المعنيين حرجة و تتطلب تدخلنا.
كم من الوقت تتطلب منكم عملية تهيئة منازل الأسر المعوزة  وهل هي مكلفة لدرجة كبيرة؟
ـ كل حلقة تتطلب منا أسبوعا تقريبا، ما يضطرني للتغيب بشكل دوري عن المنزل، أحيانا أشتاق لابنتي الصغيرة حتى وهي بجانبي.
أما مدة الانجاز فتختلف، بعض المنازل ننهي عملية تهيئتها و استكمال أشغالها في 10أيام كأقصى حد، أحيانا نجد أنفسنا أمام عدد كبير من المتطوعين 10عمال بناء، خمسة مهندسين، 20 تقنيا في الكهرباء، ما يساعدنا على استكمال العمل سريعا.
بخصوص التكلفة فهي تختلف ولا يمكن تحديدها بالأرقام، فنحن لا نتعامل بالشيكات أو المبالغ المالية بقدر ما نطلب تبرعات عينية، أي نطلب ما نحتاجه مباشرة كمواد البناء أو الأثاث، أما فريق العمل بمن في ذلك مهندسة ديكور و عمال طلاء و مهندس معماري وتقني في الكهرباء ، فكلهم متطوعون.
ـ من بين الحالات التي رصدتموها منذ بداية البرنامج أيها كانت الأصعب؟
ـ تقريبا كل الحالات كانت صعبة، لكن بدرجات متفاوتة نسبيا، مثلا حلقة   تيزي وزو، كانت مؤثرة جدا فهي قصة رب أسرة توفيت زوجته وتركت له ثلاثة أبناء أكبرهم مصاب بالسكري، أقاموا لفترة مع جدتهم و الوالد حاول الانتحار مرتين ، لكنه قبل ثلاثة أشهر تزوج مجددا، وزوجته قبلت أبناءه وقبلته رغم فقره و مرضه وظروفه المزرية، وقد تدخلنا لمساعدتهم واستكمال أشغال منزل بدأ في بنائه سنة1995 لكنه لم يستطع إتمامه بسبب الفقر.
هناك أيضا حلقة بسكرة كانت جد مؤثرة وقد شهدنا خلالها على كرم أهل المنطقة الذين هبوا للتضامن بصورة منقطعة النظير، عكس حلقة مدينة الجلفة التي كانت بين المحطات الأصعب، أولا بسبب الظروف الجوية و شدة البرد و كذا نقص الإعانات.
في الجلفة قصدنا عائلة أرملة تعمل في أحد الحمامات الشعبية بالمدينة، قتل زوجها وترك لها ثلاثة أبناء أكبرهم متزوجة من رجل ظروفه المادية صعبة، أما الوسطى عفاف، فكانت صماء و الأخ الأصغر عانى المرض لمدة أربعة أيام و لم يتمكنوا حتى من نقله إلى الطبيب، وضعيتهم كانت حقا مزرية و تدمي القلوب.
ـ خلال حلقة مدينة الجلفة، تعرضتم لانتقادات شديدة بسبب ظهور رمز له علاقة بمنظمة « روتاري»، وبعض التعليقات على الفايسبوك كانت حادة هل من توضيح؟
ـ لقد سبق وأن وضحنا الأمر عبر صفحتنا، وقلنا بأن الانتقادات الهدامة لا تؤدي إلى أي نتيجة، الهدف من البرنامج إنساني و فعل الخير لا يقتصر على أحد دون غيره، نحن لا نملك أي توجهات أو خلفيات تضعنا محط تشكيك، بالعكس المغزى مما نقوم به هو مساعدة الناس.
 الانتقادات من هذا النوع لا تزيدنا إلا إصرارا، البعض اتهموني بالجهوية و بأنني أفضل منطقة القبائل على باقي المدن، نظرا لأصولي القبائلية، و الأمر غير صحيح، فسبق وأن قطعت وعدا بأن أزور كل ربوع الوطن و أساعد الجميع دون استثناءات، منطقة القبائل تضم وحدها ثلاث ولايات، و بالتالي فإننا تنقلنا بين عدد منها بشكل عادي و دون خلفيات.
 كما أننا إلى غاية حلقة أمس، زرنا 32 ولاية  من الشمال للغرب و من الشرق، وصولا للجنوب وآخر محطاتنا كانت مدينة بسكرة، هذا فضلا عن أننا نعتزم زيارة أقصى الجنوب قريبا.
ـ بعيدا عن برنامج «اليد فاليد»، تديرون أكبر مجلة منوعات في الجزائر، حدثنا عن هذه التجربة، و هل ينافس إصداركم المجلات الأجنبية من حيث المقروئية؟
ـ مجلة «دزيريات» تجربة يمكنني وصفها دون شك بالناجحة، فنحن نسجل شهريا ما يعادل 3.8 مليون قارئ، وهو رقم كبير جدا و تنافسي، إن صح الوصف.
 أما عن فكرة إنشائها فهي مشتركة بيني و بين زوجتي وهي صحفية فرنسية، تحب العمل الإعلامي و أنا باعتباري كنت مذيعا سابقا بإذاعة البهجة، فإنني أملك خلفية جيدة في مجال الإعلام ، وقد فكرنا في أن نقدم للجزائر مشروعا ثقافيا و إعلاميا مفيدا و مختلفا، يصب بالأساس في صلب تخصصنا ومن هنا ولدت «دزيريات» بالنسختين العربية
 و الفرنسية.
ن.ط

الرجوع إلى الأعلى