لدي الكثير من الأغاني الجديدة أرفض تسجيلها مع «السماسرية»
أكد شيخ الأغنية الشعبية عزيوز رايس بأن سبب امتناعه عن تسجيل ألبومات جديدة منذ 2009 راجع لعدم عثوره على  دار تسجيل و توزيع تصون حقوقه كفنان، معلّقا بأن أغلب أصحاب هذه الدور يستعملون لهجة واحدة و هي لهجة «السماسرية»، كما وصف تريثه في تقديم أعمال جديدة باحترامه لجمهوره معتبرا «الفن فاكية..ماشي ماكلة» مثلما قال بأسلوبه المعروف الذي لا يخلو من الأمثال الشعبية و الأشعار المستعملة في أوساط عشاق موسيقى الشعبي الأصيلة، كما اعترف في الحوار الذي أجرته معه النصر باستغرابه من إقصائه من كل الحفلات المنظمة في قسنطينة التي أكد بأن حفله الوحيد و اليتيم فيها يعود إلى 1994.

حاورته: مريم بحشاشي

-النصر: تحيي الكثير من السهرات الرمضانية، فكيف تمضي صباحك في هذا الشهر الفضيل؟

- عزيوز رايس: أتجنب الخروج إلا للضرورة القسوى فأنا مثلما يقول المثل «اللي يحب يعيش لازم يتخبى في الدار كالفار»، فأنا لا أحب رؤية السلوكيات غير الحضرية التي تتضاعف في شهر الرحمة.

- ألا تحن للأسواق الشعبية؟

- بلى لكنني أفضل تجنبها حتى لا أرى مشاهد تفسد يومي و صيامي، فنحن في زمن قلّ فيه احترام الآخر و تقدير الكبير، كما أنني لا أتحمل الضوضاء، و عليه فإن لي عادات خاصة لا أتنازل عنها في هذا الشهر، أهمها المكوث في البيت طيلة الصباح أطالع الكتب و الصحف و أتابع الأخبار المختلفة و في جميع التخصصات على الشاشة، بالإضافة إلى اختيار الألحان و القصائد التي سأقدمها لجمهوري في السهرة.

-بخصوص الألحان لم نر لك ألبومات جديدة منذ فترة طويلة، هلا أخبرتنا عن السبب؟

 - الأسباب كثيرة لكن سأحصرها في نقاط اعتبرها أساسية، أهمها عدم عثوري على دور تسجيل تقدّر جهد الفنان و لا تستغله و لا تصون حقوقه، لقد مللت التعامل مع سماسرة الفن الذين يجنون الملايين على حسابنا، فأغلبهم يستعملون لهجة واحدة، لهجة «السماسرية»، أما السبب الثاني فخاص بقناعتي الخاصة اتجاه الفن الذي اعتبره كالفاكهة  مثلما يقال عندنا الفن «فاكية ماشي ماكلة»أي يجب أن يمنح كطبق تحلية ينتظره الجمهور بلهفة.

-لكنك تقدم من حين إلى آخر ألحانا جديدة؟

- صحيح، في الحفلات الحية، فأنا لدي العديد من الألحان الجديدة التي سمعها الجمهور و أنتظر تسجيلها إذا ما وجدت دار تسجيل مناسبة.

- هل لديك جولات فنية في هذا الشهر أم أنك تفضل إحياء الحفلات العاصمية؟

- صحيح أن أكثر حفلاتي بالعاصمة، لكن لدي سهرات بولاية عنابة في التاسع من شهر جويلية، كما اتصلوا بي من ديوان حقوق المؤلف لأجل المشاركة هذه الأيام في حفل تكريم خاص سينظم على شرف أحد أساتذة الأغنية الشعبية الشيخ الناموس و اسمه الحقيقي محمد راشيدي، و أنا أرحب دائما بالعروض التي تأتيني من باقي الولايات لكنني استغرب إقصائي من حفلات الشعبي التي تقام في قسنطينة التي أتذكر أن حفلي الوحيد و اليتيم فيها، يعود إلى 1994.

-أليس «الكاشيه» الكبير الذي تطلبه في حفلاتك وراء ذلك؟

- أحب من يقدّر فني و الكاشيه الذي أطلبه بسيط و لا يكفي أتعاب أعضاء الجوق.

- صراحة ما قيمة المبلغ الذي يطلبه عزيوز رايس لحفلاته؟

-الأمر يختلف حسب نوعية المناسبة، و المنظمين و إذا كانوا ميسورين فإن الكاشيه الخاص بي لن ينزل عن 20مليون سنتيم، و صدقوني بأنني غالبا ما أتخلى عن حقوقي المالية لأن المال لا يعني لي الكثير بقدر ما تعني قيمة الفن.

-إلى ما يحن عزيوز رايس من زمن الفن الجميل؟

- كلمة الرجال، و القعدة مع الشيوخ و مثلما يقال «اللي ما قعدش مع الشيوخة، كي يكبر تحكمو الدوخة و ما يعرف للخوخ ذوقة»، أعتز كلما تذكرت رأي الشيوخ في شخصي و ذلك في مختلف الطبوع، فأنا لي مكانة بقلوب الكثيرين، و مثلما يقال «اللي يشهدولو لشيوخ واجب يزوخ»و أنا كنت محل إعجاب الشيخ دحمان الحراشي الذي كان يناديني بالمقنين.

-بمن تأثرت أكثـر؟

 - جميعهم فعمر الزاهي تعلمت منه الثقة و العنقة شيخ الشيوخ و الباجي كان وراء شهرتي  و بوعلام رحمة لا أنسى مساعدته و دعمه المتواصل لي، و كذا محبوباتي الذي أتشرف بأدائي لأربعة أغان من تلحينه.

-كلامك كله أمثال شعبية فكيف تتعامل مع الفنانين الشباب اليوم الذين يستعملون لهجة خاصة؟

- شباب اليوم يشبهون الفيميجان، قضى عليهم الغرور و هم في بداية مشوارهم، و فن الشعبي فن المتواضعين، و منذ القدم أوصانا شيوخ هذا الفن الأصيل، بعدم الغرور لأنه مقبرة الفنانين، و أحب أن أستدل في هذا السياق بمثل يعجبني كثيرا «شباب اليوم مغرور يحس روحو طار و هو يدور بين القصعة و المسمار»، لذا فإن الفنان كلما تواضع، كلما كسب احترام الشيوخ و ثقتهم و تعلّم منهم الكثير، أما إذا تعجرف صدوه و ما يجني إلا ما زرع.

-في سياق الحديث عن الشيوخ هل تعتقد أن صفة شيخ لا زالت تليق بفنانين اليوم؟

  - اختفى الشيخ و لم يبق سوى البطيخ و هذا ليس إنقاصا من شأن بعض الفنانين المحترمين و إنما هي الحقيقة، فقد غابت المقاييس الأساسية لاكتساب هذه الصفة و على رأسها الحكمة و الرصانة و الاتزان و التواضع و الحفظ و الابتكار و ليس ترديد ما كتبه الأولون و إدخال تعديلات على الموسيقى و ادعاء الإبداع..

- لماذا لم تعد تقبل إحياء حفلات في الخارج؟

- «اللي يخيّر يحبه المختار» هذا المثل الشعبي ينطبق علّي فأنا لا أطلب الصدقة، و لست مستعدا لترك عائلتي و بلادي و السفر إلى الخارج من أجل مبلغ مالي بإمكاني جنيه في سهرة واحدة في بلادي، لابد أن يفهموا بأنني لست في حاجة إلى الشهرة لأنها تعرف طريقي بين أهلي و جمهوري الواسع بكل مناطق الوطن و هذا يكفيني، و قد رفضت عرضا بكندا و عروضا بفرنسا و لست نادما على ذلك.

-أي أغانيك أحب إلى قلبك؟

- كلها، لأنني انتقيها بعناية و حسبما تقتضيه الظروف، فقد غنيت للشباب
أغاني كثيرة منها «المكتوبة ليا «و عليك الهنا و الضمان»، كما غنيت مواضيع اجتماعية كثيرة منها  «يا رّايح للمكان لا تهوّل ناسو» و  «لا تدنّى لحقوق الناس أدي حقك و خلاص»، و معظم أغنيا من رحم الحياة و التجارب الخاصة «درت يدي في فم السبع ما عرفتو جيعان»...و التي كتب كلماتها كل من رشيد بناني و كمال طواهرية.. وغيرهم ممن أحب التعامل معهم.
م/ب

الرجوع إلى الأعلى