الأصالة هي سر نجاح الأغنية الجـــزائرية في الخــــارج
يصر الفنان رابح درياسة على ضرورة أن تحتفظ الأغنية الجزائرية بأصالتها حيث إعتبر بأن الفنان لا يمكنه أن يكون فنانا يبهر الآخر إن لم يقدم ثقافته و تراثه الفني.
الفنان الجزائري الكبير رابح درياسة التقيناه مؤخرا على هامش إحياء حفل تكريم وردة الجزائر في قسنطينة وأسر للنصر بأنه توجه لكتابة كلمات الأغاني والتلحين للشباب خاصة طلاب مدرسة ألحان وشباب والذين وعدهم بمساعدتهم بعد نهاية مشوار المدرسة.
النصر: أهلا بالفنان الكبير رابح درياسة
العفو أنا كنت فنانا لكن حاليا أن في مرحلة يمكن وصفها بأنها راحة . حيث أكتب الأغاني للشباب وألحن وأعتبر نفسي الآن من جنود الخفاء ولست فنانا كما كنت من قبل . حيث أقوم بكتابة الكلمات والتلحين لخريجي مدرسة ألحان وشباب في طبعتها الأخيرة .
 رابح درياسة : رغم أن الجزائر تحفل بأسماء فنية كبيرة على غرار شخصك الكريم ،  لكن نلاحظ قطيعة فنية من مرجعية الأغاني الرائجة حاليا ؟
أنا مستعد لتقديم تجربتي بل في بعض الأحيان لي شوق لرؤية الجيل الجديد يقصدنا ويرغب في أن يتعلم منا . فالعلم يؤتى ولا يأتي . إذ أتذكر شيوخي الذين كانوا يسافرون من أجل الحصول على قصيدة أو لحن لكن الجيل الجديد ليس لديه هذا الهاجس . هذا هاجس مهم في تواصل وإنتقال المعرفة الموسيقية.
وسأخبرك بحكاية ظريفة حصلت لي إذ توسطت لشباب من الجيل الجديد من أجل أن يلحن لهم الفنان الكبير بلاوي الهواري . ولكن حين إلتقيت هذا الأخير في وهران أخبرني بأنه لم يأتوا إليه ولم يبحثوا عنه من الأصل وهذا شيء غريب فعلا.
هل تعتبر هذا تنكرا لجيل مهم ساهم في الموسيقى الجزائرية ؟
حقيقة لا أعتبره تنكرا أو شيئا من هذا القبيل . أن أتفهم بأنه عصر السرعة حيث أن الفنان يدخل للأستديو ويسجل ألبوما غنائيا بنفسه دون أن يستعين بكاتب كلمات أو ملحن والغريب في الأمر أن هذا الألبوم يلقى رواجا كبيرا.
لديك تجربة في نقل الغناء للأجيال فإبنك عبدو إختار الفن لكنه لم يختر الطبع الغنائي لوالده ..
أنا فخور بإبني جدا . وهو قرة عيني فقد أعطيته الحرية المطلقة .  الصوت وراثة . أما الطابع الغنائي فهو إختيار. وأنا أحترم هذا الإختيار وفخور بإبني بأن لديه أغانيه الخاصة به ولم يكن صورة طبق الأصل عن شخص آخر.
بما أننا نتحدث عن الطبوع الموسيقية فما رأيك بالراي كفن ؟
الراي هو فن جزائري أصيل ولا أحد يمكنه إنكار ذلك إلا جاهل بالموسيقى الجزائرية  . كانت بدايته مع الشيوخ الكبار والذين كانوا يغنون بالقصبة و البندير والغلار . وهذا ما أخده عنه الشباب اليوم وأصبحوا يغنونه بآلات عصرية . الأمر الذي سمح له بأن يكون عالميا وأنا حين أقول عالمي فأنا لا أقصد أوروبا بل أقصد كل بلدان العالم . حتى أن القنوات العربية أصبحت تبحث عن فناني الراي بشق الأنفس ، وهذا شيئ مهم جدا أن تصل الموسيقى الجزائرية إلى هذه المرتبة في العالم .
كيف تقيم الأغنية الجزائرية بعد مسيرتك الطويلة في الغناء ؟
الأغنية الجزائرية بخير وهي تتطور بشكل مشرف .وإلا لما وصلت بعض الأغاني إلى العالمية كالراي والأغنية الأمازيغية والصحراوية . لكني أؤكد بأن الأغنية لا تكون جزائرية لو لم تستمد روحها من أصالة ثقافتنا.
أنت فنان جزائري إستطاع أن يفرض نفسه في الساحة العربية دون أن يذهب للمشرق العربي ... ؟
هنا بيت القصيد فالأصالة ثم الأصالة . هي التي تسمح للفنان بأن يمتع المستمعين من بلدان أخرى .  خدمت الجزائر انطلاقا بتشبعي بثقافتنا مثل أغنية نجمة قطبية خلالك مال  ولم أواجه مشكلة اللهجة حيث فهمت بشكل جيد أما من يذهب عن الشرقيين ليغني الشرقي فإنني أعتبر بأن غناء فنان جزائري أمام صباح فخري أغاني شرقية لن تبهره بل يعد عيبا. أليس كذلك ؟ . قدم لونك الغنائي وقدم هويتك هذه رسالتي للفنان الشاب . هنا أستذكر أغاني الثورة التحريرية المجيدة كانت جزائرية ولم نأت بأغانيها لا من الشرق أو من الغرب.
هل هناك أزمة كتابة شعر جزائري يليق بالأغنية ؟
هي ليست أزمة شعر بل أزمة كتاب أغاني . الشعر ليس كله صالحا للغناء . حيث أن كلمات الأغاني تشبه رسائل الهاتف القصيرة تحتاج إلى معنى مع محدودية كلماتها . والطرب وحده يحتاج إلى كلمات معينة تحتاج إلى نفس طويل ، لذلك تجد أهل الطرب لا يستطيعون كتابة كلمات  مثل كلمات بعض الأغاني التي أديتها لأن كلماتها تمتاز بالسهل الممتنع وأنا شخصيا لا أغني الطرب إلا إستثناءا.
غنيت في مرحلة سابقة لمشروع الثورة الزراعية هل ترى بأن على الفنان أن يساهم في المشاريع الوطنية بصوته ؟  
إنها الأسئلة التي لا أحبها أنت أخرجتني من ميدان الفن . وحين غنيت أنا  للثورة الزراعية لم تولد أنت بعد . لكن سأجيبك  بجملة أنا لا أغني شيئا لا أؤمن به وأثناء غنائي في تلك الفترة كانت ظروفا سياسية واقتصادية معينة جعلت كل الجزائريين يؤمنون بالثورة الزراعية وكانت تمثل أملا اقتصاديا في حينها.
إنتشرت في الأونة الأخيرة طبوع فنية جديدة تأخذ هويتها من مزج الطبوع الغنائية الجزائرية على غرار  “ السطاي- راي “ هل ترى أن هذا الدمج يخدم الموسيقى الجزائرية ؟.
إنها تجارب جيدة رغم عدم إطلاعي الكبير على طابع السطاي راي ، لكن ما يهم في الموسيقى هو مدى أصالتها وتشبعها بالثقافة . جميل أن يمتزج السطايفي مع الراي لكن يجب أن تكون الكلمات مؤدبة وقابلة لأن تدخل بيوت الجزائرين المحترمة .
حاوره / حمزة دايلي/تصوير:شريف قليب

الرجوع إلى الأعلى