لم تتمكن مؤسسة «سيترام» قسنطينة من ضبط وتنظيم رحلات ترامواي علي منجلي، الذي دخل الخدمة قبل أسابيع قليلة فقط، فقد تحوّلت العربات إلى "طرام" يكثر فيه التدافع وتعلو فيه أصوات الشجارات، فيما أصبح السفر فيه شاقا ويستغرق قرابة الساعة للوصول إلى وسط المدينة، ناهيك عن الاختلالات التقنية الكثيرة التي تتسبب في إنزال المسافرين في مواقف تخلو من أي حركة، في مشاهد بدائية خلقت صورة سلبية لهذه الوسيلة الحضرية.
روبورتاج: لقمان قوادري       
في الوقت الذي كان يعول فيه القسنطينيون، بعد فترة انتظار ومسلسل طويل من التأخرات، على انفراج في أزمة النقل، ها هي اليوم تزداد حدة بعد دخول الشطر الثاني للترامواي الخدمة ليلة عيد الفطر الماضي، فقد وقفت النصر على مشاهد فوضوية وتدافع في هذه الوسيلة الحضرية التي تحوّلت إلى ما يشبه الحافلات من حيث الاكتظاظ و سوء الخدمات.
فوضى عارمة بمحطة قادري
لم يكن يتوقع أسوء المتشائمين بمشروع الترامواي، أن يجد نفسه محبوسا داخل عربة أو ينتظر في مكان خال لا تمر عبره المركبات ووسائل النقل، فكثيرا ما تتوقف العربات بمواقف ويتم إنزال المسافرين دون إعلامهم بوجود أعطاب أو اختلالات تقنية، لتكون النتيجة في كل مرة شجارات وتبادل للشتم بين الركاب وأعوان وسائقي  الترامواي.
في تمام التاسعة صباحا، وبعد انتظار لأزيد من 10 دقائق بمحطة قادري ابراهيم بعلي منجلي، تراءت لنا عربة الترامواي قادمة من منطقة النشاطات بسرعة منخفضة جدا، ليتجمع المواطنون على حافة رصيف السكة بعد أن كانوا متناثرين هنا وهناك. كانت الجموع غفيرة جدا ولم يستوعبها المكان، في حين كان غالبية المسافرين يجلسون تحت أشعة الشمس والعرق يتصبب من وجوههم، أما العشرات فكانوا يحيطون بشباك بيع التذاكر الوحيد، وهو ما تسبب في فوضى عارمة.
وأبدى المواطنون استهجانا كبيرا للوضع السائد، حيث انتقدوا بحدة ما وصفوه بسوء تقدير الأوضاع وغياب التخطيط التجاري، فكان يجب مثلما قالوا إنشاء ثلاثة شبابيك على الأقل ، للتكفل بسكان المدينة بدل تركهم ينتظرون في طوابير طويلة.
تدافع للظفر بمكان

لم نستطع ركوب العربة الأولى نظرا للعدد الكبير للمواطنين، فقد سارعوا مندفعين إلى ركوبها ووجد أعوان الأمن صعوبة في تنظيم الوضع وحتى السائق وجد عائقا في غلق الأبواب، فقد كانت ثوان قليلة كافية لملء العربة عن آخرها علما أنها تتسع وفق تصريحات رسمية لمؤسسة «سيترام» لـ 400 مسافر بين جالسين وواقفين.
وبعد قدوم العربة الثانية، اضطررنا إلى التقدم بالقرب من رصيف السكة واستطعنا ركوبها بعد انتظار دام 15 دقيقة، لكن دون الجلوس، فقد تم حجز جميع الأماكن، فكل من يركب يحجز مقعدين أو ثلاثة لأصدقائه أو عائلته، و قد وقفنا على حالة شجار بسبب هذا الأمر ، فيما ذكر لنا أحد الأعوان أنهم وجدوا صعوبة كبيرة في إقناع المسافرين بالانتظار في رصيف الانطلاق ، إذ كانوا يترصدون العربات القادمة عند رصيف الوصول ويحاولون ركوبها، ثم العودة معها تفاديا للازدحام.
أجهزة المصادقة  خارج الخدمة
انطلقت العربة ببطء في الساعة التاسعة و النصف، ووقفنا وسط ازدحام كبير بأحد الأركان، فيما وجد غالبية الراكبين صعوبة في المصادقة على التذاكر، حيث أن معظم الأجهزة كانت خارج نطاق الخدمة وأخرى تعمل ثم تتوقف، ولم يستطع المسافرون الوصول إليها بسبب الازدحام الكبير.
لم تتجاوز سرعة الترامواي منذ انطلاقه 40 كيلومترا في الساعة، كما لاحظنا أن موقفي منطقة النشاطات والإقامة الجامعية شاغرين تماما ولم يلتحق منهما أي مواطن، قبل أن يركب عدد معتبر من الطلبة بصعوبة بمحطة صالح بوبنيدر، ما تسبب في ارتفاع كبير في درجة الحرارة داخل العربة، التي لم يستطع غالبية المواطنين بمحطة زواغي ركوبها، وهو ما وقفنا عليه في غالبية باقي المحطات التي بدت مكتظة عن آخرها.
وأكد لنا أعوان أمن أن الوضع تغير كثيرا منذ دخول مشروع توسعة الترامواي الخدمة، حيث أنهم يعانون يوميا من الشتائم والاعتداءات اللفظية بسبب ما يسجل من ازدحام واكتظاظ، كما أن المرودوية المالية بحسبهم، في تراجع، حيث وجدوا صعوبة في مراقبة جميع الرحلات إضافة إلى أن غالبية أجهزة المصادقة التي تم اقتناؤها مؤخرا غير صالحة، وكثيرا ما تتعطل، ما جعلهم في مواجهة وضع صعب طيلة فترات اليوم.
55 دقيقة للوصول إلى محطة بن عبد المالك
واستغرقت رحلة علي منجلي- وسط مدينة قسنطينة 55 دقيقة، خلافا لما صرحت به المؤسسة يوم إطلاق الجهاز ، إذ تم تحديد المدة بـ 37 دقيقة، علما أن 55 دقيقة هي المدة المحددة لسير العربات من المحطة النهائية بجامعة عبد الحميد مهري، فيما  تفاجأنا عند وصولنا إلى بن عبد المالك، بالعدد الكبير من المواطنين الذين كانوا في انتظار وصول العربات، إلى درجة أننا نزلنا بصعوبة بسبب التدافع عند الباب.
وذكر لنا أعوان سيترام، أن هذه المشاهد  تتكرر يوميا لاسيما في ساعات الذروة ، وهو ما تسبب لهم في ضغط كبير في ظل نقص عدد الموظفين، حيث أكدوا على ضرورة مضاعفة أعداد العمال غير القادرين على استيعاب الوضع أو التحكم فيه.
وأكد لنا مواطن، أنه انتظر لأزيد من ربع ساعة كما تحدث باستياء عن الخدمات، التي وصفها بالمتدهورة منذ إطلاق مشروع التوسعة ، حيث أن مدة الانتظار مثلما قال ، لم تكن تتجاوز 5 دقائق لكنها تضاعفت لثلاث مرات.  
توقفات ومناوشات
بين مراقبين وزبائن
في رحلة العودة مساء، كانت العربات مكتظة عن آخرها، وعبر أحد المواطنين قائلا لقد تحول الترامواي إلى “طرام”، حيث وقفنا على مناوشات ومشادات لفظية بين المراقبين و الزبائن بسبب المصادقة على التذاكر، إذ يقوم بعدها الأعوان بكتابة تاريخ الرحلة ووقتها على التذاكر التي لم يتمكن المسافرون من المصادقة عليها.
و أثناء سيرنا تفاجأ الركاب بإعلان السائق أن العربة ستتوقف اضطراريا وتنزلهم بمحطة 19 ماي، وأن العربة التي تأتي بعدها هي التي ستقلهم إلى علي منجلي، وهي حوادث وقفنا عليها كثيرا في رحلاتنا اليومية، إذ أن العربات تتوقف تارة بمحطة الجامعة و تارة أخرى قرب الإقامة الجامعية.
وقد وقفنا على شجار بين سائق  عربة وأحد المواطنين، حيث انتقد ذلك الشخص مؤسسة «سيترام» بنبرة حادة وبصوت عال ، لكن السائق لم يستوعب الأمر ودخل في مناوشات كلامية تطورت إلى شجار بالأيدي لولا تدخل الحاضرين وأعوان الأمن، فيما لم نتمكن من ركوب العربة الموالية لاكتظاظها  واضطررنا إلى انتظار العربة التي تليها ، لتستغرق رحلة من المنطقة الصناعية بالما إلى علي منجلي أزيد من ساعة.

وقبل يومين توقفت عربات الترامواي بالمسافرين في غالبية المحطات و حدثت مناوشات بين الأعوان و الزبائن ، كما اضطر المواطنون إلى المشي لمسافات طويلة للوصول إلى أقرب محطة ، و تساءلوا عن الجهة التي ستعوضهم عن ثمن التذاكر والتأخر، لاسيما وأن هذا الوضع تكرر ليومين متتاليين وقفت من خلاله  النصر على رداءة الخدمات وعدم احترافية ولباقة بعض موظفي الترامواي في التعامل مع المواطنين.
مصدر من مؤسسة سيترام يؤكد
الاختلالات التقنية ستنتهي بداية من هذا الأسبوع
وأكد مصدر مطلع بمؤسسة سيترام أنه سجلت اختلالات تقنية كثيرة بسبب ضعف الطاقة الكهربائية وعدم تنظيم وصول العربات بسبب المشكلة، وأضاف محدثنا، أن الخلل يكمن في عدم تحمل 3 محطات الأخيرة وجود ثلاث عربات دفعة واحدة، كما أشار إلى أن المشكلة تسببت في عدم إدخال عدد كبير من العربات الخط الجديد رغم اقتناء المؤسسة 24 منها، مؤكدا أن هذه الاختلالات ستنتهي ابتداء من هذا الأسبوع.
  ل.ق

الرجوع إلى الأعلى