السكن و التهيئة و الحماية من الفيضانات على رأس مطالب السكان
تصدرت المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية مطالب سكان دائرة حمام دباغ بقالمة خلال زيارة العمل التي قادت والي قالمة كمال عبله إلى الإقليم الغربي للولاية أول أمس الثلاثاء في إطار جولة ستشمل كل دوائر الولاية للإطلاع على واقع التنمية المحلية و الاستماع إلى انشغالات السكان و الوقوف على سير المشاريع الجارية بالمنطقة.   
و في كل موقع من المواقع المبرمجة للزيارة يتجمع السكان حول الوالي و هيئته التنفيذية المرافقة له لطرح انشغالاتهم و مشاكلهم العالقة منذ عدة سنوات، و في مقدمتها أزمة السكن و العزلة و تدهور إطار الحياة العامة بالمناطق الحضرية و شبه الحضرية، و البطالة و الحماية من الفيضانات و مشاكل الاكتظاظ و تدهور وضعية المدارس الابتدائية، إلى جانب مطالب أخرى تتعلق بمنتجي القمح و الهياكل الرياضية و فضاءات الراحة و التسلية، و الربط بشبكات الغاز و الكهرباء و المياه.  
مخازن لا تستوعب المحاصيل بالركنية
بداية الزيارة كانت من بلدية الركنية التاريخية الواقعة بأقصى الشمال الغربي لولاية قالمة، على الحدود مع ولاية سكيكدة، كانت قرية صغيرة للمعمرين سنوات الاحتلال، تقع بين سلسلة من الجبال و الغابات الكثيفة، و تتخللها سهول  زراعية خصبة سيطر عليها كبار الكولون و حولوها إلى مزارع للقمح و الخماسة من أهالي المنطقة المطرودين إلى المناطق الجبلية الفقيرة.  
ظلت الركنية تحت سيطرة المعمرين حتى اندلاع الثورة الخالدة عندما أصبحت هدفا للثوار الذين فرضوا عليها حصارا مشددا، و ضيقوا الخناق عن المزارعين القادمين من وراء البحر للسيطرة على مقدرات المنطقة، و تشريد سكانها و إدخالهم في دائرة الفقر و الجهل و البؤس الاجتماعي، و أمام ضربات الثوار و اشتداد الحصار وضع الكولون قرية الركنية للبيع لكنهم لم يجدوا من يشتريها، و اضطروا إلى مغادرتها عشية الاستقلال و تسليم الأرض لأصحابها الشرعيين.  
كبرت القرية الصغيرة و أصبحت اليوم مدينة كبيرة بعمرانها و مشاكلها المستمرة منذ عقود طويلة، حاول الولاة المتعاقبون على قالمة و معهم المجالس البلدية العديدة، إيجاد حلول لمشاكل المجتمع الزراعي الباحث عن مستقبل جديد تمتزج فيه الزراعة بمظاهر الحياة  العصرية و التمدن، و الخدمات و توفير المرافق الضرورية للحياة.
انتزعت المدينة الصغيرة بعض مطالبها كالغاز الطبيعي و وحدات سكنية قليلة و هياكل تعليمية بينها ثانوية جديدة، لكن النمو الديموغرافي المتزايد و توسع المطلب حال دون تحقيق حلم السكان الذين استقبلوا مسؤولي الولاية بقائمة طويلة من المطالب، و في مقدمتها أزمة السكن الخانقة و نقص البرامج المخصصة للركنية، و خاصة السكن الاجتماعي و مساعدات البناء الريفي التي تعد الأكثر طلبا بالمنطقة التي يغلب عليها الطابع الريفي.  
و تحدث السكان عن معاناة طويلة داخل مساكن قديمة لم تعد تتسع لأهلها، و بيوت صفائح الزنك و الأميونت التي بقيت إلى اليوم شاهدة على معاناة البلدة الصغيرة التي مرت بوضع صعب خلال الثورة و في زمن الأزمة الأمنية الدامية.  
و ألقى السكان باللائمة على مسؤولي الولاية و حملوهم مسؤولية أزمة السكن المتفاقمة على مدى السنوات الماضية، مطالبين بتسجيل برامج جديدة في مجال السكن الاجتماعي و مساعدات البناء الريفي، للتخفيف من حدة  الوضع الاجتماعي المعقد، و خاصة بالأحياء القديمة التي اشتكى سكانها أيضا من تدهور وضعية الطرقات و الأرصفة و الشوارع الترابية التي تتحول إلى كتل من طين عندما تسقط الأمطار.  
كما طالب سكان الركنية بمستشفى صغير يتوفر على الكوادر الطبية و التجهيزات لتقديم الخدمات الصحية للسكان، و تجنيبهم معاناة التنقل إلى الهياكل الصحية المتواجدة بحمام دباغ، قالمة و وادي الزناتي، مؤكدين بأن الهيكل الصحي الحالي لم يعد قادرا على تلبية حاجيات السكان في مجال العلاج و الحالات الطارئة.  
و أشاد سكان الركنية ببعض المنجزات التي تحققت بالبلدة الصغيرة كالغاز الطبيعي و الثانوية و عمليات تعبيد بعض الشوارع الرئيسية و مشاريع سكنية متواضعة، لكنهم تحدثوا في المقابل عن ما وصفوه بالمعاناة الطويلة و التحديات التي تواجههم في مجال السكن و فك العزلة عن الأقاليم الريفية و خاصة الواقعة بمنطقة القرار، و مشاكل الصحة و توسيع شبكات الكهرباء إلى الأحياء السكنية الجديدة، و تعبيد الشوارع و ترميم المدرسة الابتدائية القديمة، و تطوير الطريق الولائي 122 الذي يعد المنفذ الوحيد لسكان الركنية باتجاه المدن و القرى المجاورة.  
و كانت مخازن الحبوب و معاناة منتجي القمح ببلدية الركنية حاضرة بقوة خلال الزيارة، حيث يشتكى المنتجون من ضعف إمكانات التخزين و معاناة التنقل إلى مخازن قالمة، وادي الزناتي، تاملوكة و حتى إلى مخازن ولاية سكيكدة المجاورة.  
و طالب منتجو القمح بالركنية ببناء مخازن كبيرة تتسع للإنتاج المكثف من القمح و مختلف أنواع الحبوب و البقول، حيث حققت الركنية نتائج هامة في هذا المجال و أصبحت تتصدر قائمة الأقاليم المنتجة للقمح بولاية قالمة، و ظهر بالمنطقة مزارعون كبار في السنوات الأخيرة، ساهموا بشكل كبير في تطوير زراعة القمح و توفير فرص الشغل الموسمية.  

و تعد الركنية مهد الرياضات القتالية بقالمة لكنها مازالت تعاني من نقص المرافق و الصالات الواسعة لاستقطاب المزيد من الشباب الراغب في ممارسة هذا النوع من الرياضة إلى جانب لعبة كرة القدم التي تتمتع بشعبية كبيرة وسط المجتمع الزراعي الباحث عن مستقبل جديد، و حلول لازمة السكن و العزلة و الصحة و البطالة التي تثير قلق الشباب.  
 واد يهدد سكان بوحمدان وجسر تغمره السيول    
ببلدية بوحمدان و هي المحطة الثانية من زيارة العمل، كان الوفد الولائي على موعد مع مطالب اجتماعية و اقتصادية أخرى، و في مقدمتها مشكل الوادي الكبير الذي يهدد المدينة الريفية الصغيرة كل شتاء، و يغرق الجسر القديم ويعزل الأحياء السكنية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، و أصبحت تمثل توسعا عمرانيا هاما بالضاحية الشمالية لبوحمدان.  
و قال السكان متحدثين إلى الوفد الولائي عندما وصل إلى الجسر الصغير، بأن حركة التنقل تتوقف تماما عندما يحدث الفيضان و يختفي الجسر الصغير الذي لم يعد قادرا على تحمل قوة المياه و استيعاب فيضانات الخريف و الشتاء، كما حدث منذ أيام قليلة عندما غمرته المياه، و عزلت السكان و منعت التلاميذ من الذهاب إلى الدراسة ساعات طويلة.  
و أضاف أهالي بوحمدان بأنه و بالرغم من توسيع الجسر القديم منذ عدة سنوات فإن الخطر مازال قائما و المعاناة تتفاقم بين سنة و أخرى في ظل ارتفاع الكثافة السكانية بالضفة الشمالية للمدينة، مؤكدين بأن الحل الوحيد هو بناء منشأة فنية جديدة تربط بين شطري المدينة و تستوعب الفيضانات حتى في حالات الذروة عندما يشتد الوادي الكبير، و يصل منسوبه إلى الأحياء السكنية الواقعة في دائرة الخطر.  
و رفع أهالي بوحمدان مطالب أخرى بينها، تدهور وضعية مركز البريد، و مشكل الاكتظاظ بالمدرسة الابتدائية الوحيدة أين تجاوز التعداد في القسم الواحد سقف الأربعين تلميذا، مؤكدين بأن الحل الوحيد، هو ترميم المدرسة القديمة التي تعاني من التدهور و تسرب المياه، و بناء هياكل تعليمية جديدة بالضاحية السكنية الجديدة جنوب المدينة.    
و كانت مخلفات الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت المنطقة مؤخرا في صدارة مطالب أهالي بوحمدان الذين تحدثوا عن شوارع تحولت إلى خراب، و حركة سير صعبة وسط الأحياء المتضررة، مناشدين والي الولاية بتسجيل برنامج استعجالي لإصلاح الأضرار، و تعبيد الشوارع و الأرصفة و إنجاز نظام فعال للحماية من الفيضانات و خاصة بالأحياء السكنية الواقعة بمنحدرات حادة.  
و قد حققت بوحمدان مكاسب تنموية هامة خلال السنوات الماضية حيث تكاد أن تقضي تماما على أزمة السكن بفضل برامج البناء الريفي التي غيرت وجه المنطقة و ساعدت على استقرار السكان بالإقليم الجبلي الصعب.
كما يعد الغاز الطبيعي من بين المكاسب التي أشاد بها السكان إلى جنب المقر الجديد للبلدية و تحديث الطريق الولائي 27 و فك العزلة عن مشاتي كثيرة في انتظار البقية التي تعاني من العزلة منذ سنوات طويلة.    
حمام دباغ.. مدينة سياحية تخنق شبابها البطالة
كانت بلدية حمام دباغ آخر محطة من زيارة الوالي الجديد كمال عبله إلى الّإقليم الغربي، هنا بالجوهرة السياحية حيث تجتمع كل المتناقضات، كانت البطالة في صدارة المطالب التي رفعها الشباب، مؤكدين بأن فرص العمل لم تعد متاحة بعد وقف الأنشطة المختلفة بالمواقع السياحية، و خاصة بساحة الشلال الشهير، مطالبين بإيجاد حل للأزمة التي تمر بها عشرات العائلات التي كانت تحصل على مصادر العيش من الأنشطة المقترنة بالمواسم السياحية.  
و مازالت المدينة السياحية الشهيرة التي تتنفس كرة القدم تعاني من انعدام الملاعب الحديثة، حيث بقي ملعبها الوحيد مغطى بطبقة من الرمل و الحصى منذ سنوات طويلة، كما هول حال ملعب المركب الرياضي الجواري وسط المدينة حيث أصبح اللعب فيه مستحيلا بعد تدهور أرضيته الرملية، و تحوله إلى فضاء للأوحال و الغبار الذي يصل إلى الإحياء السكنية المجاورة.   
و قد وعد والي الولاية بتغيير الوضع، و بناء ملاعب جديدة تكون في مستوى سمعة المدينة السياحية الشهيرة.  
أزمة السكن التي تحولت إلى مشكل مستديم بالمدينة، و تهيئة القطب العمراني الجديد فج الريح، و توسيع شبكات الغاز و الكهرباء و الماء إلى الضواحي الجديدة، و فضاءات الراحة و الاستجمام داخل المحيط العمراني، كانت أيضا من بين مطالب سكان حمام دباغ الذين يتطلعون إلى مستقبل جديد تمتزج فيه السياحة بنهضة عمرانية تنهي أزمة السكن، و مرافق جديدة للخدمات الصحية و الرياضية.              
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى