تسببت الأمطار الغزيرة التي شهدتها مدن ولاية سكيكدة، خلال 48 ساعة الفارطة، في حدوث فيضانات عارمة أدت إلى شل الحركة عبر العديد من الطرقات و بقاء عائلات عالقة في المنازل بعد ارتفاع منسوب المياه إلى قرابة المتر، بينما غمرت مدارس و أحياء سكنية حضرية و عاش سكان المدينة القديمة ليال بيضاء بعد تسرب المياه إلى البنايات ، وقد تسبب انهيار بيت قديم في وفاة حامل وجرح طفلين بينما لقيت طفلة حتفها بعد أن سقطت في واد جرفتها مياهه.
و عاش سكان عاصمة الولاية يوم الخميس، لحظات عصيبة و مرعبة جراء الفيضانات التي اجتاحت عديد الأحياء السكنية على غرار مرج الديب والإخوة ساكر و صالح بوالكرة، أين ارتفع منسوب المياه إلى أزيد من 30 سم، متجاوزا بذلك مستوى الأرصفة، ما أجبر السكان على المكوث في المنازل و القليل من أسعفه الحظ في الخروج عبر النوافذ و الشرفات التي كانت الحل الوحيد لإيصال المؤونة و مختلف الأغراض عبر الحبال.
أما حركة المركبات، فقد كانت صعبة للغاية وشهدت طرقات المدينة اختناقا مروريا رهيبا، دفع ببعض السائقين إلى سلك بعض الطرق الاجتنابية و داخل الأزقة هروبا من المستنقعات المائية، كما هو الحال بحي الإخوة ساكر، حيث وجدنا صعوبة كبيرة في السير و التنقل عبر الساحات و العمارات بسبب ارتفاع منسوب المياه التي حولت عاصمة الولاية إلى مدينة عائمة، حيث غمرت السيول العديد من المؤسسات التربوية، كما هو الحال لمتوسطة ابن جبير و مدرسة سعد قرمش. و نفس الشيء بحي مرج الذيب الذي كان الدخول إليه صعبا حتى على أصحاب المركبات، فما بالك بالراجلين، حيث اختفت فيه الحركة تماما و قلما تجد شخصا يسير على الأقدام، فقوة السيول فرضت حظرا للتجول و جعلت المواطنين يقبعون في المنازل و لا يغامرون بالخروج لتفادي أي مكروه ، و لاحظنا بعين المكان طوابير طويلة من المركبات ظلت عالقة لساعات في الطريق، بسبب ارتفاع منسوب المياه، ما جعل بعض السائقين يسلكون الطريق المؤدي إلى خلف الملعب البلدي 20 أوت هروبا من الاختناق المروري. الوضعية نفسها عاشها سكان صالح بوالكروة و بعض الأجزاء بحي عيسى بوكرمة و كذا 700 و500 مسكن، كما شهد الطريق المؤدي إلى سطورة بالواجهة البحرية، صعوبة في الحركة نتيجة لقوة السيول و أمواج البحر الهائج التي وصلت علوها إلى أزيد من 10 أمتار.
أما سكان المدينة القديمة، فعاشوا، حسب ما ذكروا لنا، لحظات مرعبة جراء الخوف الذي تملك نفوسهم، خاصة بعد حادث انهيار سقف مسكن بالمدينة القديمة ما أودى بحياة امرأة و إصابة طفليها بجروح، المنزل   يقع في أعلى عمارة تعود  إلى العهد الاستعماري وبالتحديد في نهج قدور بليزيدية أو ما يعرف بحي « الميزي «،  وقد تم إجلاء الأم من تحت الأنقاض جثة هامدة و يتعلق الأمر بالمسماة (ع. ق) 36 سنة، فيما نجا طفلاها (س. ج)  9 سنوات و (و. ج) 13 سنة من الموت بأعجوبة حيث كان حينها أفراد العائلة نيام و إذا بهم يستيقظون فجأة على دوي صوت انهيار سقف الغرفة، ليجدوا أنفسهم تحت الركام وسط الصراخ.
و علمنا من الحماية المدنية، بأن أعوانها توزعوا عبر 13 نقطة تدخل عبر مدن الولاية لامتصاص المياه أبرزها طريق نفق طريق السكك الحديدية، أين أدت الأمطار إلى توقف الحركة عبر هذا الخط الذي يربط سكيكدة و قسنطينة، بسبب ارتفاع منسوب المياه إلى قرابة المتر و عملية امتصاص المياه تواصلت إلى ساعة متأخرة من، ليلة الخميس إلى الجمعة.
كما تدخل أعوان الحماية بالمدينة القديمة و بالتحديد نهج عبد الله بن غرس الله، لانقاذ عجوز و ابنتها ظلتا عالقتين في الطابق الثاني، بعد انهيار سلالم البناية، حيث تم إنقاذهما من خطر كبير كان يهدد حياتهما، بالإضافة إلى تدخلات أخرى ببلديات الحروش، تمالوس الحدائق و عزابة.
 وقد توفيت أمس طفلة في الرابعة من العمر تدعى (ن. د) بعد سقوطها في وادي الزرامنة بمدينة سكيكدة. وحسب شهود فان الحادث وقع في حدود الثامنة والنصف صباحا عندما كانت الطفلة تلعب مع صديقاتها وفي غفلة من أمرها انزلقت لتهوي في الوادي الذي كان هائجا بفعل الفيضانات التي شهدتها المدينة أمس. الحماية المدنية سارعت على الفور الى عين المكان وسخرت امكانيات مادية وبشرية كبيرة قوامها 50 عنصرا من وحداتها بينهم فرقة غطس 6 شاحنات و6 سيارات اسعاف و2 سيارتي إتصال ، من أجل البحث عن الطفلة، وهي العملية التي دامت الى غاية 11 و10 دقائق، أين تم انتشالها من الوادي جثة هامدة، وذلك بالقرب من متوسطة عواد زيدان.
وقد فتحت مصالح الدرك تحقيقا في ظروف وملابسات الحادثة.                                   كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى