شهدت مدينة الحروش بولاية سكيكدة، فجر أمس، هطول أمطار طوفانية غمرت أحياء سكنية ومدارس وألحقت خسائر كبيرة بممتلكات المواطنين الذين عاشوا ليلة وصفوها بالمرعبة، أعادت إلى الأذهان الفيضانات التي شهدتها المنطقة سنة 1984.

وتسببت قوة السيول التي اجتاحت أحياء سكنية وطرقات ومبان، في فرار عائلات من المنازل بعد ارتفاع منسوب المياه إلى أزيد من المتر ونصف المتر، بينما حاصرت الأمطار عائلات على مستوى العمارات وظلت محبوسة في منازلها  إلى غاية المساء، وأدت قوة السيول إلى تدفق فيضانات بقوة هائلة على مستوى أودية وشعاب اجتاحت مبان متسببة في انهيار جدران وسقوط أشجار وتسرب المياه إلى أرضية مسجد، كما غمرت أقسام مدرسة ابتدائية، في وقت سارعت فيه الحماية المدنية إلى التدخل منذ الصباح الباكر، بتوزيع أعوانها وتسخير آلياتها وعتادها لامتصاص المياه بالأماكن المتضررة ورفع الحصار عن المتضررين.
وعاشت عائلات تقيم بالمنطقة السفلى يوما وصفته بالمرعب سيبقى عالقا في الأذهان، نظرا لصور وهول قوة السيول التي شبهها مواطنون بأمواج بحرية تداهم الأحياء السكنية والطرقات والمباني، لاسيما بأحياء التحصيص رقم 3، 200، 201، علي نفير، و8 ماي 1945 أين تحولت إلى بحيرات.
ولعل حي 8 ماي 1945، حسب ما وقفنا عليه، هو أكثر المناطق تضررا بفعل الأمطار التي حاصرته من كافة الجوانب والمنافذ، حيث ارتفع منسوبها إلى أزيد من 2 متر وبقي السكان محبوسين في المنازل إلى غاية المساء، فيما ظلت سيارات عالقة وسط الحي  وأخرى انحرفت في مجرى مياه الأمطار. وأكد سكان أن قوة السيول جرفت في طريقها هذه السيارات من أماكنها التي كانت مركونة فيها بعشرات الأمتار.
وذكر سكان الحي أن السبب الرئيسي في تجمع المياه وارتفاع منسوبها، يعود بالأساس إلى انسداد البالوعات، فضلا عن موقع العمارات التي تم تشييدها في منخفض أرضي كان في وقت سابق عبارة عن أراض فلاحية.
وقد سارعت الحماية المدنية إلى تسخير إمكانيات بشرية مادية هامة على مستوى هذا الحي السكني بالتنسيق مع ديوان التطهير وعمال البلدية، من أجل امتصاص الماء عن طريق المضخات وتنقية البالوعات، والعملية الثانية كانت صعبة للغاية، حسب ما وقفنا عليه، بسبب ارتفاع منسوب المياه وتعذر على العمال إيجاد مكان البالوعات وفي الأخير تم استعمال جرافة، قبل أن تتدخل الحماية المدنية في المرحلة الثانية لامتصاص المياه بالمضخات وهي العملية التي تواصلت إلى غاية ساعة متأخرة من المساء بحضور المدير الولائي.
وعلى بعد أمتار قليلة، تنقلنا إلى عمارات الشرطة، أين وجدنا البعض منهمكا في تنظيف الحي من الأوحال التي اجتاحت الطوابق الأرضية والمحلات، وأكد السكان أن قوة السيول أدت إلى تهديم جدار يحيط بالعمارات، بسبب انعدام أي منفذ ولولا ذلك لكانت العواقب حسبهم ستكون وخيمة.
وغير بعيد عن هذا الحي، تتواجد مدرسة الشهيد مصطفى بوربطة التي تضررت كثيرا بسبب الأوحال التي جرفتها السيول مصحوبة بحبات البطاطا والتين الشوكي، حيث تعتقد أنك في أرض فلاحية. ودخلنا بصعوبة كبيرة خوفا من السقوط في أرضية زلجة وبخطوات متثاقلة وحذرة وصلنا إلى غاية الأقسام بالطابق الأرضي التي وجدناها في حالة كارثية، بعد أن غمرتها الأمطار والأوحال التي بلغ منسوبها أزيد من 40 سم، وتُظهر وضعية الكراسي والطاولات كأن المؤسسة تعرضت إلى تسونامي.
وبمسجد عبد الحميد بن باديس ألحقت الفيضانات والأوحال أضرارا بفراش قاعة الصلاة وجزء من الساحة الخارجية وسجل انهيار بعض الجدران، وأرجع مواطنون وجدناهم متجمعين قرب المسجد، الأمر، إلى فيضان واد شعبة مروش وكذا سد المزرعة بطريق بوقرينة الذي امتلأ عن آخره بفعل غزارة الأمطار وأدى إلى فيضان الوادي الذي داهم «الفيلات»، متسببا في انهيار جدران وسقوط أشجار وتسرب الأوحال مخلفا أضرارا كبيرة بممتلكات السكان الذين وجدناهم منهمكين في تطهير المنازل من الشوائب التي جرفتها الفيضانات وكذا من الأحوال التي غمرت الغرف والمستودعات.

وذكر مواطنون متضررون، أن البنايات الفوضوية بالتحصيص رقم 7 المجاور لهم، كان لها دور كبير في حدوث هذه الفيضانات ولا بد على السلطات الولائية، حسبهم، التدخل لفتح تحقيق في هذه القضية، بحكم أن العديد من هؤلاء السكان شيدوا «فيلات» بطريقة فوضوية. وتسببت سيول الأمطار في تضرر طرقات الحي، لاسيما طريق الجهة السفلى بحكم قرب السكنات من الوادي، وأكد السكان أن فيضان الوادي داهم الحي من الطريق وكذا من جهة الوادي، وتحدث مواطنون عن ضرورة إيجاد حل جدري لمشكل وادي شعبة مروش لأنه في كل مرة يتسبب في حدوث فيضانات.
سكـان حوصروا داخل العمارات
وبحي 500 مسكن كانت الوضعية نفسها حيث وجدنا السكان محاصرين في الشارع ينتظرون أعوان الحماية المدنية لامتصاص المياه التي غمرت ساحة الحي ومداخل العمارات بارتفاع يتجاوز المتر، ما جعل البعض من السكان  يلجؤون إلى صناعة زوارق تقليدية صغيرة من الخشب لعبور البحيرة كما سموها باتجاه مداخل العمارات وهي الصورة التي وقفنا عليها لطفل صغير في إحدى العمارات. كما وجدنا سيارات وحافلات عالقة بالمكان وخزانات المياه مرمية خلف العمارة قال السكان بأن قوة الأمطار تسببت في سقوطها، وانتقد آخرون مشروع قنوات الصرف الصحي الذي أنجز خلال السنوات الأخيرة وقالوا إنه مغشوش. غادرنا الحي وتركنا الحماية المدنية منهمكة في امتصاص المياه والسكان على عجلة من أمرهم في الالتحاق بمنازلهم، واتجهنا بعدها إلى حيي 200 و201 مسكن أين وجدنا شللا شبه تام وحركة تكاد تكون منعدمة للسكان بسبب الأحوال والمياه التي حاصرت العمارات.
أما ببلدية صالح بوالشعور فقد تضررت العديد من المساكن بقرية جبل مسكن مما استدعى تدخل الحماية المدنية لامتصاص المياه وتقديم مساعدة للمتضررين. وصرح المدير الولائي للحماية المدنية العقيد صادق دراوات للنصر، أن الأمطار الطوفانية ورغم أنها كانت لفترة وجيزة لكنها خلفت أضرارا مادية على مستوى قرية جبل مسكن وخاصة بمدينة الحروش حيث تدخل أعوانه بتسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية لامتصاص مياه الأمطار، مضيفا أن الوضعية متحكم فيها وأن مصالحه على أهبة الاستعداد لأي طارئ.
وقامت والية الولاية حورية مداحي رفقة رئيسة الدائرة ورئيس البلدية بزيارة ميدانية للأحياء المتضررة بصالح بوالشعور والحروش ووقفت على حجم الخسائر واستمعت للمواطنين المتضررين، ووعدت باتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل التكفل بهم.
كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى