.7 سنوات لعصابة من أم البواقي لاحقت فلاحا و اعتدت على ممتلكاته بقالمة  
لم يكن الفلاح الشاب (غ.شكري) البالغ من العمر 29 سنة يدري بأنه سيقع بين أيدي عصابة محترفة عندما دخل إلى بنك الفلاحة و التنمية الريفية بمدينة عين مخلوف صباح 18 فيفري 2015 لسحب مبلغ من المال يواجه به حاجيات الأسرة و تكاليف الأنشطة الفلاحية بواحدة من أصعب المشاتي قسوة في فصل الشتاء ببلدية عين العربي جنوبي قالمة، لم تستغرق عملية سحب المبلغ المالي الزهيد وقتا طويلا و خرج شكري من البنك يرتدي القشابية الصوفية التي تعد اللباس الرئيسي لأهالي عين العربي و غيرها من الأقاليم الباردة بقالمة أين تعمر الثلوج أياما طويلة يستهلك فيها الناس ما جمعوه في فصل الصيف من مؤن و أموال و أعلاف.  
و بينما كان شكري يغادر مسرعا باتجاه شاحنته الصغيرة للعودة إلى مزرعته كانت سيارة البيجو 207 ترقبه من بعيد وعلى متنها 3 شبان بين 29 و 31 سنة قدموا من عين كرشة و هنشير تومغني بولاية أم البواقي المجاورة في رحلة مثيرة جمعت بين عمليات السطو على كل ما يمكن السطو عليه و بين الاستجمام و الاستحمام بحمامات قالمة الدافئة و المغرية أيضا في فصل الشتاء.  
تحركت الشاحنة الصغيرة باتجاه مشته الذياب بعين العربي و لحقتها البيجو 207 القوية التي ستتحول بعد لحظات قليلة إلى فريسة بن أيدي القرويين المتضامنين و المتحدين في مواجهة الصعوبات و المخاطر التي تعترض حياتهم بمشاتي عين العربي النائية.  
لم يكن شكري يدري بان السيارة الجميلة التي كانت تسير خلفه ستحول يومه و بقية حياته إلى كابوس مرعب لن ينساه أبدا، غادرت الشاحنة الطريق المعبد بين عين مخلوف و عين العربي و انحرفت إلى مسلك ترابي موحل يؤدي إلى مزرعة صغيرة بمشته الذياب و تبعتها سيارة العصابة و توقفت على مسافة قريبة منها.  
أوقف شكري شاحنته بعيدا عن المزرعة أين يقيم مع عائلته حيث لم تتمكن الشاحنة من التحرك على المسلك الريفي الموحل الذي يشكل متاعب كبيرة لسكان المزرعة كما مزارع و مشاتي أخرى بقالمة تعزلها الأمطار و الأوحال و تحول حياة سكانها إلى جحيم على امتداد فصل الشتاء الطويل، أغلق أبواب الشاحنة و توجه إلى منزله مشيا على الأقدام أمام أنظار العصابة التي كانت تعد خطواته المتثاقلة واحدة واحدة حتى دخل المزرعة و لم يعد يرى شاحنته التي ترك فيها القشابية الصوفية و المبلغ المالي معتقدا كالعادة بأن المركبة في أمان على المسلك الريفي الذي يستعمله سكان المشته فقط و لا يدخله زائر أو غريب في فصل الشتاء، كان الفلاح الشاب مخطئا هذه المرة و لم يتنبه لتحركات البيجو 207 التي كانت تناور خلفه و أمامه عندما كان على الطريق المعبد.   نزل أحد أفراد العصابة من السيارة و توجه مباشرة إلى الشاحنة المتوقفة و كسر زجاجها و استولى على القشابية و المبلغ المالي و عاد بسرعة محملا بالغنيمة التي ستطعمهم من جوع و تحميهم من برد الشتاء القارص خلال رحلة الاستجمام و الصيد المثيرة.   
كانت عملية كسر زجاج الشاحنة صعبة للغاية و أحدثت صوتا و ضجيجا بلغ مسامع الفلاح الصغير فخرج مسرعا و ألقى بنظره على العصابة التي كانت تحاول مغادرة المسلك الريفي الموحل و حينها فقط أدرك بأن السيارة التي كانت تناور خلفه و أمامه بين عين مخلوف و عين العربي هي سيارة عصابة خطيرة كانت ترصده أمام البنك الصغير دون أن ينتبه إليها.  
كان شجاعا كما أهل الريف و عاد إلى منزله و ركب دراجة كبيرة و نادى في القوم الذين هبوا لنجدته من كل مكان، و في هذه الأثناء كانت البيجو 207 القوية تحاول الإفلات من الوحل و تنفث دخان محركها بقوة لكنها استسلمت لكتل الطين المتماسك و اضطر أفراد العصابة إلى الهروب في كل الاتجاهات حتى لا يقعوا بين أيدي السكان.  
كانت مطاردة مثيرة شارك فيها العديد من سكان مشته الذياب و تم القبض على أفراد العصابة قرب مسرح الجريمة و قدموا حسابا عسيرا هناك قبل تسليمهم للدرك الوطني و العدالة التي أحالتهم على محكمة الجنايات بمجلس قضاء قالمة أين خضعوا لمحاكمة ساخنة يوم الخميس و حاولوا التنصل من تهم تكوين جمعية أشرار و السرقة الموصوفة و اتفقوا على إلصاق التهمة بشخص واحد منهم حتى تكون الأحكام خفيفة، لكن النيابة العامة تفطنت لتصريحات المتهمين و حاصرتهم من كل الجهات مؤكدة بأن الوقائع الجنائية ثابتة و أن المجموعة تشكل فعلا جمعية أشرار قامت بعملية سرقة موصوفة بالتعدد و باستعمال مركبة، و التمست 7 سنوات سجنا نافذا و هو ما اتفقت عليه الهيئة الجنائية المكونة من قضاة و محلفين في نهاية المحاكمة التي استمات فيها الدفاع و استطاع انتزاع بعض المكاسب القانونية التي خففت الأحكام الجنائية الرهيبة.  غادر شكري قاعة الجلسات بعد أن ألقى نظرة أخيرة على عصابة خطيرة أرعبته في صباح ذالك اليوم الأسود الحزين و هي اليوم قابعة أمامه في قفص الاتهام تنتظر الإذن بالعودة إلى السجن لقضاء العقوبة و العودة إلى حياة جديدة قد تكون بعيدة عن الإجرام و التهور الذي لعب بعقول الكثير من الشباب و قادهم إلى غياهب السجون.                                           فريد.غ  

الرجوع إلى الأعلى