حليش - قلب الأسد - يغادر بيت الخضر في ثوب البطل
شكلت المباراة الودية للمنتخب الوطني سهرة أول أمس، أمام منتخب البنين محطة الختام، لمشوار صخرة الدفاع رفيق حليش مع الخضر، لأنه قرر وضع حد لمسيرته الدولية، بعد فترة امتدت على مدار 11 سنة، كان فيها ابن حي «باش جراح» من ركائز التشكيلة، وظل وفيا لرقم 5 في القميص الذي يرتديه، ليكون اعتزاله الدولي في حفل كبير يليق بمقام «قلب الأسد» الذي شهد على حقبة، هي الأزهى في مسار النخبة الوطنية، ويخرج عبر أوسع الأبواب، بعدما كان «عريس» السهرة دون منازع، في احتفالية «أبطال القارة» مع آلاف الجماهير الجزائرية.
طريقة اعتزال حليش، لقيت استحسانا كبيرا من طرف كل المتتبعين، وجعلتهم يلحون على ضرورة تعميم مثل هذه المبادرات، من أجل تمكين من قدموا خدمات جليلة للكرة الجزائرية، من نيل حقهم من التقدير والاعتراف، لأن حليش كان بمثابة آخر ورقة تسقط من قائمة الجيل الذي عايش «ملحمة أم درمان»، ومسيرته الدولية تواصلت، فشاءت الأقدار أن تكون خاتمتها مسك، من خلال التتويج مع «الخضر» باللقب الإفريقي في الأراضي المصرية، مما جعل ودية البنين أفضل مناسبة لتكريمه، ويعلق الحذاء في «احتفالية» تتماشى والإنجازات التي حققها وكذا التضحيات، التي قدمها طيلة الفترة التي تقمص فيها الألوان الوطنية.
حليش، وضع نقطة النهاية لمشواره مع المنتخب بعد أسبوع، فقط من إطفائه الشمعة 33، وقد خاض في مسيرته الدولية 40 مباراة، لكنه يعد اللاعب الجزائري الأكثر مشاركة في نهائيات كاس العالم، من حيث عدد المقابلات، على اعتبار أنه سجل تواجده في 7 لقاءات من المونديال، لأنه شارك في نسخة 2010 بجنوب إفريقيا، وكان من أبطال «ملحمة» كاب تاون، عندما تعادل «الخضر» مع انجلترا دون أهداف، وخرج من تلك الطبعة بخبرة مونديالية، حصيلتها 3 لقاءات ضد منتخبات سلوفينيا، انجلترا وأمريكا، قبل أن يعايش خريج مدرسة نصر حسين داي تجربة ثانية في نهائيات كأس العالم، كانت في سنة 2014 بالأراضي البرازيلية، رفع بها حليش رصيده الشخصي إلى 7 مباريات في المونديال، مع النجاح في بلوغ ثمن النهائي، وكذا تسجيل اسمه في قائمة اللاعبين، الذين سجلوا أهدافا في نهائيات كأس العالم، بعدما وقع هدفا تاريخيا في مرمى منتخب كوريا الجنوبية بضربة رأسية، في لقاء الجولة الثانية من الدور الأول.
خروج حليش من المنتخب عبر أوسع الأبواب، وفي ثوب «البطل»، كان في احتفالية تليق بمقام لاعب، قدّم عرقه ودمه فداء للألوان الوطنية، لأنه كان من ضحايا حادثة الاعتداء، الذي استهدف حافلة المنتخب الوطني في العاصمة المصرية القاهرة ذات نوفمبر 2009، وصورة الدم الذي يلطخ وجهه كانت قد هزت في تلك الفترة الرأي العام العالمي، لكنه تسلح رفقة باقي زملائه بإرادة جزائرية، كانت وراء صنع ملحمة «تاريخية» في أم درمان بالأراضي السودانية، فحمل ذلك «الكومندوس» التسمية المستمدة من تلك الملحمة وذكرياتها، مادام الأمر يتعلق بإنجاز عاد بالكرة الجزائرية إلى المونديال بعد غياب دام 24 سنة.
حليش، المدافع المحوري الذي طرق بوابة الاحتراف من بوابة نادي بنفيكا البرتغالي، مع إعارته لعدة فرق أخرى، كان قد نال شرف حمل الألوان الوطنية في سنة 2008، في فترة كانت بمثابة نقطة تحول في مسيرة الكرة الجزائرية، وقد شارك في نهائيات كأس أمم إفريقيا سنة 2010، وبصم على نجاح «الخضر» في تجاوز عقبة الدور الأول، بفضل الهدف الذي سجله في مرمى منتخب مالي بضربة رأسية، وهو الهدف الوحيد الذي أمضته النخبة الوطنية في لقاءات دور المجموعات، وبفضله تمكنت من المرور إلى ربع النهائي، لكن خاتمة تلك النسخة من العرس الإفريقي كانت بحادثة مميزة لحليش، الذي تلقى بطاقة حمراء في لقاء نصف النهائي ضد مصر، بعد التحيز المفضوح للحكم البنيني كوفي كوجيا، ولو أن اللاعب سجل حضوره في 3 دورات أخرى من «الكان» في سنوات 2013، 2015 و 2019، بعد إعفائه من دورة 2017 بالغابون.
وشاءت الأقدار أن يعود حليش إلى مصر بعد قرابة 10 سنوات من ذكريات حادثة الاعتداء عليه، لكنه هذه المرة خرج غانما بأغلى «هدية»، سيما وأن التاج الإفريقي كان جزائريا، فارتأى الناخب الوطني جمال بلماضي، ضمه إلى القائمة المعنية بودية البنين، من أجل تكريمه في لقاء الاعتزال، والدقائق السبع الأخيرة التي شارك فيها سهرة أول أمس كانت الأطول في مسيرته مع «الخضر»، لأنه كان يستحضر فيها كل الذكريات الحلوة التي قضاها مع المنتخب، ويحظى بتكريم «الأبطال»، مادامت الاحتفالية بلغت الذروة بين اللاعبين وآلاف الأنصار في حضور كل الأطراف التي ساهمت في التتويج باللقب القاري.
ص / فرطـــاس

الرجوع إلى الأعلى