مداغ.. الشاطئ الحاجب  الذي يحرس عروس المتوسط

يعد شاطئ مداغ بوهران، من أنظف شواطئ الولاية هذا الموسم الصيفي، بالنظر لعمليات التهيئة التي خضع لها، فبمجرد أن تصل إلى بوابته،  تكتشف تحفة سياحية عذراء ، ذات رمال ذهبية و بحر نقي في حضن الطبيعة الجبلية التي تفصل وهران عن ولاية عين تموشنت.

عندما تحط الرحال بشاطئ مداغ، قد يذكرك اسمه  بأبرز محطات الموريسكيين الذين قدموا من إسبانيا بعد سقوط الأندلس، و يبدو أنهم  وجدوا آنذاك  البحر هائجا، فصرخوا «مداغ، مداغ» التي تعني بالإسبانية «الهيجان»، فعلا هو شاطئ يتميز عن باقي شواطئ الولاية بهيجانه الذي يتقلص صيفا، نوعا ما وبعمقه، حيث لا يزال صامدا أمام تحولات الطبيعة ويحافظ على تزاوج البحر، الجبال، الغابات والشاطئ المقوس على شكل حاجب يحرس و يزين عين عروس المتوسط وهران.

هذا الموسم طبعت النظافة الشاطئ ، كما أن تواجد مركز الدرك الوطني هناك نشر به الأمن و الأمان و الهدوء، والملفت هذا العام أن الشاطئ رسم الحدود مع ولاية عين تموشنت، حيث يوجد به مركزان للدرك ، كل مركز تابع لولاية إلى جانب مركز للحماية المدنية،  والفاصل بينهما طبيعة خلابة تحفز المصطاف على التجول في الشاطئ، ولعل هذه الميزة الأمنية هي التي أبعدت قوافل «الحراقة» عن مداغ، وجعلت العائلات تتوافد عليه وتستجم في راحة و إطمئنان، وخلال تجولنا فوق الرمال الذهبية، لاحظنا إنتشارا كبيرا لحاويات القمامة النظيفة التي تشجع الوافدين على استعمالها والإبقاء على جمال و نقاء الطبيعة.
 و أبرز ما يمكن لزائر مداغ أن يلاحظه قلة المصطافين، حيث قال أحد الشباب من سكان بلدية عين الكرمة التي يعد الشاطئ تابعا لها إداريا، بأن قلة المصطافين طبعت الموسم منذ بدايته، ولم يجد تفسيرا مناسبا لها، بينما أرجع آخرون السبب لبعد الشاطئ عن وهران، و ندرة وسائل النقل، فانطلاقا من وهران يجب أن يشترك مجموعة من المواطنين لكراء وسيلة نقل جماعية توصلهم لمداغ وتعود مساء لإرجاعهم، أو أن تكون للعائلة وسيلة نقل خاصة، ومع غلاء المعيشة أصبح العديد من المصطافين يتفادون الإستجمام في مداغ، مفضلين باقي شواطئ الولاية القريبة من مدينة وهران، والتي يتوفر فيها النقل.
أما أصحاب الطاولات والشمسيات، فاعتبروا الموسم فاشلا بالنسبة إليهم، فحتى الذين يقصدون الشاطئ يحملون معهم كل اللوازم،كما أن نظافته تجعل  العديد منهم يفضلون الجلوس فوق الرمال، عوض كراء الطاولات، كما تغيب عن مداغ وسائل الترفيه مثل «جات سكي» و»قوارب التزحلق» وغيرها، ورغم ذلك لا يزال يراود الباعة الذين التقينا بهم، بأن يكون شهر أوت أكثر نشاطا وحركية في الاصطياف، فالشاطئ تزين هذا الموسم وينتظر زواره.  
أخبرنا أحد الشباب قبل أن نغادر الشاطئ الجميل بأسطورة «لالة خضرا والزينبات، مشيرا إلى أن قمة الجبل في الجهة الغربية  تسمى «لالة خضرا» ، وهي مزار لمن يعرف المنطقة، فيصعد إليها الكثيرون ليستمتعوا بمناظر جميلة جدا ، وهي القمة التي تعد هذا العام تابعة إداريا لولاية عين تموشنت، و لم يجد مرافقنا تفسيرا للتسمية التي قال أنه من المحتمل أن تكون لولية صالحة، كانت تتعبد هناك، بينما تسمى القمة الشرقية «الزينبات» وهي تابعة لوهران، ولم يجد أيضا تفسيرا للتسمية،  وربما الأرجح، حسب مرافقنا، أن تكون مركبة من شطرين «الزين» ، أي الجمال، و «بات» يعني قضى الليل.
 علما بأن سفح هذا الجبل عبارة عن غابة كان المصطافون إلى وقت قريب، ينصبون بها الخيم ، أما اليوم فقد لجأ أحد المستثمرين لإنجاز مخيم خاص هناك، المهم أنهما قمتان غير مرتفعتين كثيرا، لكنهما تحتضنان الشاطئ و تزيناه بمناظرهما الخلابة .    
  بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى