صالون حلاقــة بميلــة بديكــور يحــاكي الزمــن القديــم
كل من يقصد صالون وحيد للحلاقة بحي 300 مسكن بمدينة ميلة، يفاجأ بعد أن تطأ قدماه المحل الذي ألف الجميع من صاحبه التحديث ومواكبة العصر في الديكور والتزيين، لكن الجديد في التغييرات التي أحدثها وحيد على صالونه هي العودة إلى الماضي من خلال التعديلات التي أدخلها على الحيطان، الطلاء والألوان المختارة ، التجهيزات والمقتنيات التي اختارها الحلاق لإكمال لمسات حقبة زمنية مرت، استحضرها في صالونه الذي جعله متحفا مصغرا يشعر قاصده أنه يزور  متجر تحف عتيقة يقدر ثمنها بعمرها والذكريات التي ترمز لها و تعيده إليها، سواء في مجال الحلاقة أو أساليب التزيين والبناء المستعملة في السنوات التي خلت.
صاحب الصالون وهو شاب في الثلاثينات من عمره له باع في مجال الحلاقة،  قال لنا أنه كلما غير مقر صالونه إلا وأحدث فيه تغييرات جمالية من خلال الديكور، ولكن ما أحدثه مؤخرا في محله كما  أكد كلفه الكثير من المال، بالإضافة إلى العناء الذي تكبده للحصول على المواد الأولية للبناء كالآجر الذي تنقل لاقتنائه إلى عين الدفلى، بعد أن بحث ووجه إلى مكان تصنيعه، لجلب ما ينقصه منه،  مشيرا أن أفكاره التي تشكلت في مخيلته بعد سنوات من العمل في مجال الحلاقة زادت من حنينه لسنوات مضت، كان الذهاب فيها للحلاقة يعني اقتراب مناسبة كالعيد أو الدخول المدرسي ما يعني الفرحة المرسومة على وجه الطفل المرافق لأبيه أو جده إلى الحلاق والسعيد بقصة شعره الجديدة  عند ذلك الحلاق الذي تعودنا أن يكون رجلا كبيرا في السن، يمارس عمله بأدوات بسيطة كالمقص أو آلة الحلاقة العتيقة والمشط، و يأخذ مع كل شخص زمنا معتبرا لتحسين شكل شعره،  في جو من الدفء غاب عنا اليوم يضيف محدثنا، بحيث أصبحت الحلاقة سريعة و أغلب القصات صارت غريبة على ثقافتنا لكنها مطلوبة ويجب على أي حلاق مواكبتها لاستمرار عمله، كما أخبرنا وحيد عن سر تعلقه بالمقتنيات العتيقة التي وزعها في مختلف زوايا صالونه الصغير مساحة والكبير برمزيته، مرجعا ذلك لكثرة سفره إلى تونس أين وجد اهتماما كبيرا هناك بما هو قديم ما أثر في نفسه،  حيث وجدنا في صالونه كرسي حلاقة اقتناه من هناك معطلا، وأخذ منه وقتا لإيصاله إلى ميلة إضافة إلى قيمته التي تجاوزت  بعد إصلاحه قيمة الكرسي الحديث والمتطور، ولديه مختلف ماكنات الحلاقة المستعملة سنوات السبعينات منها ما أخذها من أقربائه واحتفظ بها لليوم،  و هاتف من الثمانينات اشتراه من مدينة عين البيضاء بأم البواقي، يضعه على حقيبة خشبية أقفالها حديدية اقتناها من   نجار كانت مرمية بورشته يعود عمرها للستينات،  أكد له أنها إيطالية الصنع وكانت في جهاز امرأة تمكن من أخذها منه بثمن زهيد.  كما يوجد في الصالون العديد من اللوازم الأخرى كمنبه قديم كان لجده المرحوم و  مروحة هوائية عتيقة لم تستعمل قط، وحتى يبقي لمسات الماضي حاضرة حاول استعمال مواد تحاكي تلك الحقبة كالنحاس المتمثل في الأنابيب والحنفيات، الدلاء الحديدية، الحطب غير المطلي، إضافة إلى أدق التفاصيل كمآخذ الكهرباء القديمة، حاملات الملابس، ليكون التحديث والمواكبة في الآلات فقط المستعملة في الحلاقة كآلة الحلاقة الكهربائية ، مجفف الشعر و مكيف الهواء.
وأضاف شاب وجدناه في الصالون رد على سؤالنا له بخصوص ما يوحي له ديكور هذا الصالون فقال مجيبا أن «هناك نوسطالجيا في المكان، والبساطة التي تجدها في الديكور زادته جمالا فكلما اقترب موعد الذهاب للحلاق أجدني متلهفا لزيارة صالون وحيد دون غيره ، لاستحضار صورتي في صغري وأنا متوجه  بصحبة والدي للحلاق، كما أن التحف والمقتنيات التي تزين هذا الصالون تعيدنا لوقت اشتقنا جميعا له، لما فيه من دفء وسكينة عكس ضوضاء اليوم والسرعة التي يتميز بها»،  كما  وصف رجل متقاعد أتى للحلاقة،  الجو الذي يجده في الصالون بالخاص جدا،  معلقا «يأخذك في رحلة مليئة بالذكريات التي تسترجعها من خلال تأمل المكان وما فيه من مقتنيات متميزة عمرا ورمزا».
ابن الشيخ الحسين.م

الرجوع إلى الأعلى