"التونسي" علامـــة مميزة في صنع الزلابيـــة و الحلويـــــات التقليديـــة  بفرجيــــوة
ورث مصطفى رباع حرفة صنع الحلويات التقليدية التونسية من والده الذي قدم إلى مدينة فرجيوة بولاية ميلة في سنة 1959 من مسقط رأسه منطقة الغمراسي التابعة لولاية تاطاوين جنوب شرق تونس، حيث كان يعمل بنفس المجال، باعتبار هذه الحرفة هي صنعة العائلة، وصنع الأب و بعده الابن اسمين لامعين في هذا التخصص بفرجيوة .
«التونسي» هكذا ينادي سكان المنطقة مصطفى البالغ من العمر 45 عاما، الذي بدأ يمارس الحرفة منذ عام 1985 أي بعد وفاة والده كما قال للنصر، تاركا أسرته وأبناءه في تونس ليزورونه من حين لآخر في فترات العطل، مؤكدا بأنه أتى إلى فرجيوة ليكمل مشوار والده في صناعة الحلويات التقليدية التونسية من مقروظ، فطائر، هريسة أو قلب اللوز ، أصابع العروسة، المقرقشات والزلابية بأنواعها .
هذه الحلويات يقبل عليها الكثير من أهل فرجيوة و حتى من ولايات أخرى،  و يتلقى مصطفى طلبيات على الزلابية، كما أكد لنا، بكميات معتبرة من بعض الأشخاص  لينقلونها إلى ولايات أخرى بعيدة بالغرب الجزائري و حتى إلى خارج الجزائر على غرار باريس و دبي ، خصوصا قبيل شهر رمضان، مشيرا إلى أن لديه شقيقين ، يعملان بنفس المجال في فرنسا منذ مدة طويلة، و معظم زبائنهما من الجالية المغاربية هناك ومن بينهم جزائريين تناول بعضهم من قبل حلويات تقليدية في محل الوالد بفرجيوة.
 قال مصطفى أن الصيت الذي تتميز به حلوياته، ثمرة خبرة السنين التي قضتها الأسرة ككل من الوالد إلى الأبناء في هذا المجال، و كذا حب المهنة والتفاني في أدائها، بالإضافة إلى الالتزام بقواعد و  شروط معينة في تحضيرها والتي على بساطتها جعلت، حسبه،  الفرق جليا في ما يقدمه محل آل رباع عن باقي المحلات الأخرى التي تمارس نفس الصنعة.
سر المهنة، كما أكد مصطفى، يكمن في  الخلطة التونسية الخاصة بهذه الحلويات واسم الوالد بلا شك الذي صارت تنسب إليه الزلابية، «زلابية التونسي»، مضيفا بأنه يستعمل نفس المكونات المستعملة من قبل بقية الحرفيين الذين منهم من تعلم المهنة في محله، لكن يبقى الفرق واضحا في المذاق بين التونسي وغيره،  لأنه يحضر الشربات أو العسل  بطريقة خاصة،  و العجين الذي هو أساس الحلوى يحضر وفق شروط معينة و بمكونات ثابتة للمحافظة على نفس المذاق في كل مرة،  كما أن الحجم مهم، فالأنسب للزلابية مثلا هو الحجم المتوسط، مع الحرص على ألا تكون «معجنة» أي ألا تكون مقلية كما يجب أو «يابسة» و جافة بعد قليها ما يجعلها غير مستساغة.
بالنسبة للفطائر التي هي تخصص العائلة  الأصلي،  قال الحرفي مصطفى بأنها يجب أن تأخذ وقتها في التحضير، فيترك الطحين، أي الفرينة يبيت في الماء لليلة كاملة، و في الصباح  الباكر يعجن وآخر ما يضاف إليه الخميرة،  ثم يوضع في الزيت الساخن لقليه، و تبقى طريقة التقديم و المعاملة الحسنة للزبائن ضمن أسرار الحرفة ، و أكد بهذا الخصوص «نحن في النهاية تجار والزبون بالنسبة للتاجر هو الملك».
تجلب زلابية التونسي خصوصا والحلويات الأخرى عموما، الكثير من الزبائن إلى محله الواقع بوسط مدينة فرجيوة، فتراه يعج بهم حتى في الأيام العادية غير أيام الشهر الفضيل الذي يكثر فيه الطلب على هذه الحلويات، فتحدثنا إلى عدد منهم عن سبب قصد التونسي دون غيره من صانعي الحلويات التقليدية بالمنطقة، فأجابنا رجل كان يتناول حلوى الهريسة بأن حلوياته لا يصنعها أي شخص آخر مهما حاول ذلك، «فنكهتها خاصة ومذاقها لذيذ، لم يتغيرا مذ كان يصنعها والده وهو ما كنا نسمع عنه ممن سبقونا ووقفنا عليه بأنفسنا، كما أننا بفرجيوة لا نتناول الحلويات بأي مكان آخر حتى خارج المدينة ، ربما الأمر بالنسبة إلينا صار نفسيا و إذا حدث و أن تناولناها في مكان آخر، نقارنها دائما بحلوياته وتكون هي الأفضل بالنسبة إلينا».
لا نكهة لرمضان وأيام الصيام الأخرى دون حلويات التونسي
و قال لنا زبون شاب بأن نكهة رمضان تغيب بغياب التونسي وحلوياته، حيث لا توجد مائدة فرجيوية إلا و تكون بها زلابية التونسي، أو أي نوع من الأنواع الأخرى من الحلويات، و الاكتظاظ أمام محله قبيل آذان المغرب عادة من عادات سكان فرجيوة، كما يقصدونه في بقية أيام السنة.
  وقال لنا زبون آخر بأن ضيوفا ببيته و قصد التونسي ليبتاع الهريسة  و يقدمها لهم ، مؤكدا بأنه لا يزور أحد مدينة فرجيوة إلا و تقدم له حلويات التونسي، التي صارت تقليدا لدى السكان.  و أضاف رجل خمسيني « كبرنا ونحن نعرف محل التونسي الوالد، وها نحن اليوم نقصد الابن لتناول ما يصنعه من حلويات لأننا تعودنا عليها».
ابن الشيخ الحسين.م

الرجوع إلى الأعلى