لوحة زرقاء تعانق خضرة جبل الطبانة
يمر زوار مدينة القل حتما بمنطقة الشركة، مفترق الطريق نحو  شولو الفنيقية التي تفتح ذراعيها لاستقبالهم، وتفاجئهم بهدية شاطئ عين أم القصب الذي  يتراءى لهم من بعيد وكأنه لوحة فنية، و بالاقتراب منه يتجلى بوضوح جمال الطبيعة وعظمة صنع الخالق من خلال الصفحة المائية الزرقاء اللامتناهية و حركة أمواج البحر في مدها وجزرها، تنعش الزائر قبل أن يحط الرحال وتدفعه للسير على مهل للتمتع بخلفية الشاطئ بمناظر خلابة من صخور تضع أرجلها في الماء، وتعانق اخضرار جبل الطبانة،  من خلال منعرجات الطريق ليتحوّل شاطئ عين أم القصب إلى بوابة القل، يستقبل المصطافين بحفاوة و يجبرهم على أخذ تأشيرة الدخول إلى المدينة بالبقاء و لو لفترة من الزمن.
الشاطئ كان يسمى في عهد الاستعمار الفرنسي «شاطئ الخنازير»،  لأن المكان معزولا وتحيط به غابات تأوي إليها الخنازير من جبل الطبانة المطل على المدينة، لكن التسمية الحالية تعود إلى فجر الاستقلال، حيث سمي عين أم القصب نسبة للمنبع الطبيعي المتواجد في الجانب القريب من الطريق، و كانت تنمو بجانبه نباتات القصب بكثرة ، و اليوم تحول المنبع إلى ما يشبه الحمام الطبيعي ولا أثر لنباتات القصب.
المنبع الطبيعي  يتيح للمصطافين فرصة إزالة ملوحة البحر من أجسادهم بعد فترة من السباحة، وهو محاط بأشجار الكاليتوس التي تجعل المكان أكثر أريحية للمصطافين الذين لا يكلفون أنفسهم عناء إحضار مظلاتهم للوقاية من حرارة الشمس، وعلى مسافة أكثر من كيلومتر واحد،  يمتد الشاطئ برماله الذهبية إلى حدود فندق طورش الذي فتح منذ سنوات، و يعتبر شاطئ عين القصب الملاذ المحبب للكثير من العائلات القسنطينية، حيث تقوم بحجز كل فصل صيف سكنات قريبة من هذا الشاطئ الذي دأبت على اختياره منذ عدة سنوات .
و يمتد نحو شاطئ تلزة و شاطئ بن زويت دون فواصل، على مسافة أكثر من 8 كلم ضمن منظر ساحر متميز،  يسر الناظرين و يسيل لعاب المستثمرين.
الشاطئ عرف قطيعة قسرية مع المصطافين لأكثر من 10سنوات، مع بداية سنوات التسعينيات بسبب احتلاله من قبل شركة"ميديترام" المكلفة بمشروع توسيع ميناء القل، من أجل وضع القاعدة الحيوية للشركة و اللبنات الإسمنتية العملاقة المستعملة في بناء أرصفة الميناء على طول الشاطئ، و بعد نهاية أشغال المشروع ورحيل الشركة سنة 2002 ، فتح الشاطئ في وجه حركة الاصطياف، و كانت المعاناة كبيرة للمصطافين مع مخلفات القطع الإسمنتية والحديدية التي ظلت مدفونة برمال الشاطئ، قبل تدخل السلطات الولائية سنة 2010 ، لمنح مشروع تنظيف الشاطئ وانجاز أرصفة لجعله ضمن الشواطئ النموذجية بولاية سكيكدة ، كما حظي باهتمام كبير سنة 2012 ، كمحطة للافتتاح الرسمي لموسم الاصطياف على مستوى الولاية.

اليوم يستعيد الشاطئ حيويته،  لكنه  بحاجة ماسة إلى إنجاز بعض المرافق الخدماتية، وتبقى النقطة السوداء التي تهدد شاطئ عين أم القصب، المفرغة العمومية المتواجدة بمنطقة بومهاجر والتي لا تبعد كثير ا عن الشاطئ بدخانها المتطاير وروائحها الكريهة التي تبعث على التقزز، في انتظار تحويلها، خاصة في وجود مشروع لإنجاز مفرغة عمومية مشتركة بين البلديات .               
بوزيد مخبي

الرجوع إلى الأعلى