كشف مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن توثيق استشهاد 105 فلسطينيين من الجوعى وإصابة 680 آخرين خلال اليومين الماضيين في محيط ما يعرف باسم “مؤسسة غزة الإنسانية” التي يديرها الاحتلال الإسرائيلي، وعلى امتداد طرق القوافل في منطقة زكيم شمال غزة، ونقطة موراج جنوب خان يونس.
و وصف المكتب الحقوقي الأممي ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في غزة من تجويع وتقتيل وعرقلة وصول الإغاثة الإنسانية بجرائم الحرب، مشيرًا إلى أنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وتأتي هذه الجرائم، وفق تقرير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الصادر أمس، رغم إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي وقفًا مؤقتًا للعمليات العسكرية في المناطق الغربية من مدينة غزة وحتى المواصي خلال ساعات محددة لتحسين الاستجابة الإنسانية، وأكد المصدر ذاته أن إطلاق النار وقصف الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف على امتداد طرق قوافل المساعدات الإنسانية وفي محيط ما يُعرف بـ “مؤسسة غزة الإنسانية” التي تحولت إلى مصيدة لقتل الفلسطينيين بدل تقديم الطعام لهم.
وأشار تقرير مكتب حقوق الإنسان إلى ارتفاع عدد الشهداء الذين ارتقوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء بحثهم عن الغذاء إلى 1373 شهيدًا، منهم 859 شهيدًا في محيط مؤسسة غزة الإنسانية، و514 على امتداد طرق قوافل المساعدات.
وفي نفس السياق ، أشار التقرير ذاته إلى ارتفاع عدد الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال وكبار السن وذوو الإعاقة والمرضى والمصابون، الذين يموتون نتيجة سوء التغذية والمجاعة، لافتًا إلى أن هؤلاء غالبًا ما يفتقرون إلى يدٍ تعينهم، ولا يمكنهم الوصول إلى المواقع التي قد تتوفر فيها كميات ضئيلة من المساعدات، ووصف المكتب الأممي الوضع الإنساني في غزة بأنه «كارثة من صنع الإنسان»، ونتيجة مباشرة لسياسات فرضها الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى تقليص حاد في كميات المساعدات المنقذة للحياة في غزة.
ودعا مكتب حقوق الإنسان إلى ضرورة فتح تحقيق عاجل ومستقل في كل عملية قتل من هذه العمليات التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، مؤكدًا على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها، ومشددًا على أهمية اتخاذ تدابير فورية لمنع تكرارها، وحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن ضمان توفير كافة أشكال المساعدات المنقذة للحياة للفلسطينيين في غزة، وتسهيل الظروف التي تمكّن الوكالات الإنسانية من التحرك الآمن والحر لتوزيع المساعدات، كما دعا المصدر ذاته الدول إلى استخدام الوسائل المتاحة لوقف انتهاكات القانون الدولي، والوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية لمنع قتل المزيد من المدنيين.
وفي الإطار ذاته، أشار تقرير نشره مراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة أمس إلى أن طوابير الجوع في غزة عبارة عن معركة يومية من أجل رشفة من العدس، واصفًا الوضع الإنساني في غزة بالمأساة التي تستعصي على الوصف، مشيرًا إلى أن المئات من الرجال والنساء والأطفال يقفون يوميًا في طوابير طويلة لا تنتهي، تحت أشعة الشمس الحارقة، أمام مطابخ مجتمعية قليلة لا تملك سوى شوربة العدس لتقديمها.
وأكد المصدر نفسه أن غزة تواجه خطر المجاعة الشديد، لافتًا إلى أن مؤشرات استهلاك الغذاء والتغذية وصلت إلى أسوأ معدلاتها منذ بداية الحرب، مضيفًا أن هذه الحقائق لا يمكن إنكارها، وأن الفلسطينيين يعانون من كارثة إنسانية ذات أبعاد ملحمية.
من جهة أخرى، أشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يكرّس «هندسة الفوضى والتجويع»، مشيرًا إلى دخول 104 شاحنات مساعدات أمس إلى قطاع غزة، تعرضت للنهب المنهجي برعاية الاحتلال، وذلك ضمن ما بات يُعرف بسياسة «هندسة الفوضى والتجويع»، بهدف إفشال جهود توزيع المساعدات الإنسانية وحرمان السكان المدنيين منها.
وجدد المكتب الإعلامي الحكومي في بيان أصدره أمس التأكيد على حاجة قطاع غزة إلى 600 شاحنة من المواد الإغاثية والوقود يوميًا لتلبية الحد الأدنى من متطلبات الحياة في القطاعات الصحية والخدماتية والغذائية، في ظل الانهيار الكامل للبنية التحتية بسبب حرب الإبادة الجماعية، وأدان المصدر ذاته استمرار جريمة الفوضى والتجويع، مؤكدًا أن استمرار هذا الواقع الإجرامي يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية، ويستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف واحدة من أفظع الجرائم الجماعية في القرن الحالي.
وفي السياق نفسه، دعت حركة حماس في بيان نشرته أمس جماهير الأمة العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى مواصلة وتصعيد كل أشكال الحراك الجماهيري، والتظاهر أمام سفارات الاحتلال وأمريكا والدول الداعمة له خلال الأيام القادمة، حتى يتوقف العدوان وتنتهي المجاعة في غزة.
وعلى صعيد تطورات الأوضاع الميدانية في غزة، كشف التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي عن وصول 83 شهيدًا و554 مصابًا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الأخيرة، من بينهم 53 شهيدًا من شهداء «لقمة العيش» الذين استهدفتهم قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء بحثهم عن الغذاء في محيط ما يُعرف بـ “ مؤسسة غزة الإنسانية” كما كشف التقرير ذاته عن ارتفاع إجمالي ضحايا العدوان إلى 60332 شهيدًا و147643 مصابًا منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023.
نورالدين ع
