كشفت عملية فتح الأظرفة وإعلان النتائج الأولية للمناقصة الدولية «ألجيريا بيد راوند 2024» الخاصة بالاستكشاف في مجال المحروقات اهتماما متزايدا من قبل المتعاملين الاقتصاديين الدوليين والمجمعات النفطية الكبرى في العالم بالاستثمار في الجزائر.
وأظهرت نتائج العملية فوز شركات من مختلف بلدان العالم بالعروض السبعة التي قدمتها المناقصة التي أطلقت في أكتوبر من العام الماضي، وهو ما يعني نجاح المناقصة وقدرتها على جلب مكتتبين من مختلف القارات من أجل الاستكشاف عن المحروقات في خمس مناطق من الجنوب الكبير من أصل ست مناطق تضمنتها المناقصة. لكن الأهم من ذلك أن العملية برمتها تعطي صورة واضحة على أن مناخ الاستثمار في الجزائر - ليس فقط في ميدان المحروقات بل في ميادين أخرى- قد عرف تحسنا كبيرا وصار جذابا للمتعاملين الاقتصاديين من مختلف بلدان العالم الذين يتنافسون على الفوز بصفقات ومشاريع استثمارية في بلادنا. وتحسين مناخ الاستثمار والرفع من جاذبيته يعد من أهم أولويات برنامج رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منذ توليه سدة الحكم قبل أكثر من خمس سنوات، وهذا بعد وقوفه على مختلف العراقيل التي صدت الاستثمار عن الجزائر في سنوات سابقة، وقد أسدى في هذا الإطار تعليمات وتوصيات صارمة من أجل رفعها والقضاء عليها نهائيا والعمل في اتجاه تحرير الاستثمار وتسهيله. لكن العملية هذه لم تكن بالسهلة، بل كانت عبارة عن مسار باشرته الحكومة منذ سنوات برؤية متبصرة ودراسة دقيقة، من أجل إعطاء الثقة للمتعاملين الاقتصاديين في هذا المجال، فبداية هذا المسار كانت عبر إقرار جملة من الإصلاحات الهيكلية العميقة التي مست المنظومة التشريعية والإطار القانوني الوطني المنظم للاستثمار، فجاء قانون الاستثمار الجديد الذي صادق عليه البرلمان في سنة 2022 الذي خلق حركية وديناميكية جديدة في المجال الاقتصادي عموما في البلاد، و هو القانون الذي خلق أيضا نوعا من الاستقرار التشريعي الذي يعد عنصرا مهما لجلب الاستثمارات خاصة الخارجية منها. وفي هذا الإطار سبق لرئيس الجمهورية أن أكد في أكثر من مناسبة على أن عدم الاستقرار التشريعي في هذا المجال يعد من الأسباب التي كانت وراء عدم جلب الكثير من الاستثمارات الأجنبية في مختلف الميادين، وعليه شدد في هذا الإطار على أن القانون الجديد للاستثمار يتميز بكثير من الاستقرار وأنه لن يتغير على الأقل لمدة عشر سنوات، ما يعطي ضمانات حقيقية للمتعاملين الاقتصاديين.
وقد خلق هذا النص الجديد بما تلاه من إجراءات ذات بعد اقتصادي خاصة منها استرجاع العقار الصناعي و منح الكثير من الضمانات والتسهيلات، بيئة جديدة تسمح للمؤسسات الاقتصادية والعمليات الاستثمارية من النمو و تحقيق التقدم في محيط أكثر شفافية.
وفي إطار مراجعة التشريعات المؤطرة للاستثمار صادق البرلمان أيضا بعد عام فقط، أي في سنة 2023 على القانون الذي يحدد شروط وكيفيات منح العقار الاقتصادي التابع للأملاك الخاصة للدولة الموجه لإنجاز مشاريع استثمارية، والذي يرمي هو الآخر إلى إزالة العراقيل التي فرضها القانون السابق فيما يخص الحصول على العقار الصناعي الموجه للاستثمار بما يحمله من تسهيلات وتحفيزات جديدة. وفي مجال المحروقات صدر أيضا القانون رقم 19-13 المنظم لنشاطات المحروقات، علما أن هذا القطاع يعد حتى الآن من القطاعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، وهو قطاع حيوي بالنسبة للاقتصاد الوطني بما يضمنه من مداخيل مالية هامة للبلاد.
وفي آخر لقاء له مع المتعاملين الاقتصاديين في أفريل الماضي أشاد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، بالحيوية والديناميكية والجاذبية التي صار يتمتع بها مناخ الاستثمار في بلادنا داعيا إلى تحرير المبادرة في هذا المجال، وكشف عن أن الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار سجلت في ظرف وجيز منذ إنشائها في نوفمبر 2022 ما يفوق 13712 مشروع استثماري بقيمة 6 آلاف مليار دينار، مجددا التأكيد على ضرورة الوصول إلى حاجز الـ 20 ألف مشروع استثماري في السنوات القليلة القادمة.
فتفعيل المنظومة الجديدة للاستثمار منذ 2023 خلق بيئة اقتصادية جديدة في الجزائر بدليل زيادة حجم التبادلات التجارية مع العديد من الدول وزيادة حجم الاستثمارات، التي عبرت عنها زيارات الوفود القادمة من مختلف الدول، واتفاقيات الشراكة والتعاون الموقعة بين الجزائر وبلدان عديدة والتي منها بعض المشاريع الكبيرة ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي الواضح، على غرار مشروع إنتاج الحليب بالشراكة مع الجانب القطري ومشروع إنتاج الحبوب بالشراكة مع الإيطاليين، وهي مشاريع عملاقة تبين مدى الثقة التي أصبح يحظى بها مناخ الاستثمار في الجزائر.
إلياس -ب