تحتضن العاصمة الإيطالية روما، اليوم، أشغال الدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية الإيطالية رفيعة المستوى، بحضور رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، حيث شرع الرئيس تبون بالمناسبة في زيارة إلى إيطاليا لتعزيز علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين اللذين يتطلعان لبعث ديناميكية جديدة للحوار والتعاون الثنائي.
بدأ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون زيارة إلى إيطاليا، في زيارة رسمية، حسب ما أكدته رئاسة الجمهورية في بيان لها أمس، حيث سيترأس الرئيس تبون أشغال الدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية الإيطالية رفيعة المستوى عن الجانب الجزائري. وقال بيان رئاسة الجمهورية، بأن الزيارة تكتسي «أهمية خاصة، في تمتين أواصر الصداقة التاريخية، وتعزيز العلاقات الثنائية، في عديد المجلات بين البلدين الصديقين”.
وتأتي زيارة الرئيس تبون إلى ايطاليا التي يربطها بالجزائر اتفاق صداقة وتعاون وحسن جوار منذ أزيد من 18 سنة، لتعزيز العلاقات الثنائية في عديد الميادين وتوسيع هذه الشراكة لتشمل فضلا عن قطاع الطاقة ميادين أخرى كالصناعة الميكانيكية والفلاحة والسياحة والتعليم العالي.
وقد أكد كلا البلدين في عديد المناسبات على تعزيز العلاقات الوثيقة التي تربطهما، سيما بمناسبة الزيارات الثنائية والتي سمحت بدفع التعاون الثنائي إلى مستويات غير مسبوقة.
وستتيح الزيارة والفعاليات التي ستُعقد في خضمها، تقييم ما تم تنفيذه من خطة الشراكة التي تم التفاهم بشأنها قبل ثلاث سنوات، والتوقيع على اتفاقات شراكة جديدة بين البلدين، في بعض القطاعات الحيوية بالنسبة للجزائر، خاصة في مجالات الاستثمار والصناعة والصناعات الدوائية والغذائية والطاقة والنقل، وهي قطاعات باتت تمثل أهمية استراتيجية بالنسبة للجزائر. ومن شأن هذه الزيارة أن تعزز اختيار الجزائر لإيطاليا شريكاً استراتيجياً في أوروبا ومنطقة المتوسط، حيث توصف العلاقات السياسية والاقتصادية بين إيطاليا والجزائر في السنوات الأخيرة بالممتازة، خاصة بعد سلسلة الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، أبرزها زيارة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا إلى الجزائر في نوفمبر 2021، تلتها زيارة الرئيس تبون إلى روما في ماي 2022، وزيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني للجزائر في يناير2023، ثم لقاؤها الأخير مع تبون في روما على هامش اجتماع قمة السبع.
عـلاقات قوية وتعاون مثمر
وعرفت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا على مدى السنوات الثلاث الماضية، في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والتعاون الأمني ومكافحة المخدرات، إلى جانب شراكات مهمة في قطاعات الطاقة والفلاحة والسكك الحديدية وصناعة الأدوية والصناعة الميكانيكية والمؤسسات المصغرة.
وتُعد الجزائر الممون الرئيسي لإيطاليا بالغاز، بنسبة تغطي 40 بالمائة من احتياجاتها، إذ رفعت الجزائر من إمداداتها من الغاز إلى روما بأكثر من 25 مليار متر مكعب منذ نهاية سنة 2022. وتمثل روما شريكا استراتيجيا بالنسبة للجزائر، كونها تحرص على بناء علاقات سياسية متوازنة مع أوروبا.
ووقّعت الجزائر وإيطاليا خلال الزيارات السابقة سلسلة اتفاقات شراكة وتعاون، كان أبرزها اتفاق جانفي 2023 على بناء خط أنابيب من الجزائر إلى أوروبا عبر إيطاليا، لنقل الغاز، والأمونياك، والكهرباء، والهيدروجين إلى إيطاليا التي تتولى توزيعها إلى أوروبا. والخط البحري الذي يربط بين الجزائر وسردينيا جنوبي إيطاليا.
كما تم التوقيع، بداية عام 2023، على اتفاق بين مجموعة «ستيلانس» الإيطالية وصندوق الجزائر للاستثمار، لإقامة مصنع وبدء تركيب السيارات، بنسبة إدماج محلية تتجاوز 17 بالمائة وترتفع تدريجياً. وبدأ الإنتاج في ديسمبر 2023 في أول خط مخصص لتركيب السيارات، ومن المخطط أن تصل طاقة إنتاجه إلى 90 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2026.
ارتفاع الصادرات الجزائرية
نحو إيطاليا
كما شهدت الصادرات الجزائرية إلى إيطاليا زيادة ملحوظة خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، مدفوعة بارتفاع إمدادات الطاقة. بزيادة قدرها 6.5 بالمائة على أساس سنوي لتصل إلى 3.8 مليار يورو. ويُفسر هذا الارتفاع بزيادة إمدادات الغاز إلى السوق الإيطالية عبر خط أنابيب ترانسميد، والذي يمثل وحده 79 بالمائة من إجمالي صادرات الجزائر إلى إيطاليا خلال هذه الفترة من العام، بقيمة تزيد عن 3 مليارات يورو.
وبلغت صادرات المنتجات المكررة أكثر من 62 مليون يورو. وهذا ما يفسر هيمنة قطاع الطاقة على التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة. وقد غذت الصراعات الجيوسياسية هذا الوضع الذي جعل الوصول المنتظم إلى موارد الطاقة أمرًا صعبًا، مما أعاد الجزائر إلى مركز المعادلة الأوروبية. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية.
بلغت الصادرات الإيطالية إلى الجزائر ما يقرب من مليار يورو، بزيادة قدرها 7.4 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتهيمن الآلات والمعدات على الواردات الجزائرية من إيطاليا، بقيمة 216 مليون يورو، و60 مليون يورو للسيارات.
وتُسلّط هذه الأرقام الضوء بشكل متزايد على التقارب الجزائري الإيطالي، الذي يسعى منذ عامين إلى إرساء آليات شراكة رابح-رابح، وهو ما ينعكس على أرض الواقع في صادرات الجزائر من الطاقة إلى إيطاليا وفي الاستثمارات الإيطالية في السوق الجزائرية، والتي تمتد إلى قطاعات استراتيجية خارج قطاع الطاقة، كالصناعة والزراعة. ويواكب هذا النهج إرادة سياسية أكّد عليها مراراً كبار المسؤولين في كلا البلدين.
ع سمير