أعلنت الحكومة عن تخصيص إعانات تتراوح بين 80 ألفا إلى 100 ألف دينار، لتمكين العائلات بدون دخل من الانخراط في برنامج الأسرة المنتجة الذي يهدف إلى دعم الأسر ذات الدخل المحدود بهدف تنمية مواردها الاقتصادية ومرافقتها في خلق نشاطات إنتاجية، ما يعكس تحولًا مهمًا في السياسة الاجتماعية للدولة، والانتقال من منطق الإعانات الاستهلاكية إلى الاستثمار في رأس المال البشري المحلي.
و وقّع الوزير الأول، سيفي غريب، مرسوما تنفيذيا يحدد شروط وكيفيات الاستفادة من برنامج الأسرة المنتجة، الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، ويتعلق الأمر بالأسرة التي تعتمد في تلبية حاجياتها على ممارسة نشاطات على أساس المؤهلات الحرفية أو المهارات المهنية لأفرادها، المكتسبة والمصادق عليها، أو الناتجة عن تكوين طبقا للتنظيم المعمول به.
ويسعى برنامج الأسرة المنتجة إلى تمكين الأسر اقتصاديا واجتماعيا قصد ضمان دخل لها، من خلال ممارسة أنشطة إنتاجية. حيث تمنح للأسرة المنتجة مرة واحدة إعانة في شكل معدات أو أجهزة أو تجهيزات مرتبطة بالنشاطات الممارسة، يتراوح مبلغها بين 80 ألف دينار (8 مليون سنتيم) إلى 100 ألف دينار (10 مليون سنتيم).
وبحسب المادة (05) من المرسوم تستفيد من برنامج الأسرة المنتجة الفئات بدون دخل، سواء تعلق الأمر بأب أو أم لأسرة، المرأة المعيلة لأوليائها أو إخوتها أو أخواتها. حيث يمكنهم ممارسة أنشطة إنتاجية تضمن دخلا اقتصاديا واجتماعيا.
تشمل الأنشطة المرتبطة بالإعانة على الخصوص، الطبخ والحلويات ومختلف أنواع العجائن الغذائية، الخياطة والطرز وغزل الصوف والنسج، الأنشطة الحرفية للفخار والخزف والسيراميك والزجاجة والمعادن والحلفاء والخشب والجلود وكذا الأنشطة الحرفية للحلي والمجوهرات وفنون الديكور، والأنشطة الفلاحية وتثمين منتجاتها، لا سيما منها تجفيف الفواكه واستخلاص الزيوت الطبيعية والتقطير، وكذا أنشطة تربية الحيوانات والنحل.
شروط مرنة ولجان تقييم ولائية لضمان الشفافية
وبحسب المرسوم، يشترط في المستفيد أن يكون من جنسية جزائرية مقيما داخل الوطن، يبلغ من العمر 19 سنة كاملة فما فوق، أن تكون له مهارات حرفية او مؤهلات مهنية مكتسبة مصادق عليها أو ناتجة عن تكوين، وألا يتوفر لديه دخل مهما تكن طبيعته، ويتوجب ألا يكون قد استفاد من اعانات أو أجرة أو من برامج دعم من الدولة، و أن يكون قادرا على ممارسة الأنشطة الانتاجية المنصوص عليها في المرسوم، كما يتوجب على المستفيد أن يلتزم باستعمال المعدات أو الأجهزة أو التجهيزات في الممارسة الفعلية للنشاط.
ويتم تسجيل طلبات الاستفادة من برنامج الأسرة المنتجة على مستوى مديريات النشاط الاجتماعي والتضامن لولاية مقر إقامته في سجل خاص، مع إيداع ملف مقابل تسليم وصل إيداع. ويتضمن ملف الاستفادة، طلب المعني، شهادة الميلاد، شهادة الإقامة، الوثائق التي تثبت المهارات الحرفية أو المؤهلات المهنية أو شهادة التكوين، شهادة عدم تقاضي أي دخل، شهادات عدم الانتساب لأي هيئة من هيئات الضمان الاجتماعي.
كما يمكن التسجيل في هذا البرنامج عن طريق المنصة الرقمية المنشأة لهذا الغرض التي تسمح بضمان المتابعة وتفادي الاستفادة المزدوجة من مختلف الإعانات أو الأجهزة أو برامج دعم الدولة، عن طريق الربط البيني.
وبحسب المرسوم، يقوم مدير النشاط الاجتماعي والتضامن للولاية، عن طريق الخلايا الجوارية للتضامن التابعة لوكالة التنمية الاجتماعية، بإجراء تحقيق اجتماعي بخصوص طالبي الاستفادة من برنامج الأسرة المنتجة للتأكد من وضعيتهم الاجتماعية. وبعد التأكد من أن الملفات تحتوي على كل الوثائق الإدارية الضرورية، يقوم مدير النشاط الاجتماعي والتضامن للولاية بإرسالها مرفقة بالتحقيقات الاجتماعية التي قامت بها الخلايا الجوارية للتضامن، إلى لجنة يتم استحداثها على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن للولاية، يرأسها مدير النشاط الاجتماعي، تكلف بالدراسة والفصل في طلبات الاستفادة من برنامج الأسرة المنتجة.
وتجتمع اللجنة كل ستة (6) أشهر، وكلّما كان ذلك ضروريا، حيث تحدد اللجنة القائمة النهائية للأسر المنتجة المستفيدة وكذا العتاد والأجهزة والتجهيزات التي تستفيد منها هذه الأسر، وترسل القائمة النهائية من رئيس اللجنة إلى الوالي للموافقة عليها، ويتم تبليغ قرار اللجنة، كتابيا، إلى طالبي الاستفادة من برنامج الأسرة المنتجة.
كما يمكن لطالب الاستفادة، في حالة رفض طلبه، تقديم طعن لدى الوزير المكلف بالتضامن الوطني في أجل ثلاثين (30) يوما، ابتداء من تاريخ تبليغ قرار اللجنة. ويبت الوزير المكلف بالتضامن الوطني في الطعن في أجل لا يتعدى ثلاثين (30) يوما.
منع تحويل التجهيزات وتسهيلات للتسويق
وينص المرسوم على أن عملية اقتناء العتاد والأجهزة والتجهيزات، تتم من قبل مصالح مديرية الضمان الاجتماعي والتضامن للولاية وفقا للأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها، ويسجل العتاد والتجهيزات المقتناة بحسب المادة 17 منه، في سجل خاص مرقم ومؤشر عليه من طرف مدير النشاط الاجتماعي والتضامن للولاية.
ويسلّم للمستفيدين مقابل وصل استلام، وذلك بعد إبرام اتفاقية بين مدير النشاط الاجتماعي والمستفيد، والتي يجب أن تنص على استعمال العتاد والأجهزة والتجهيزات حصريا لمزاولة النشاط.
وتستفيد الأسر المنتجة من تسهيلات لعرض منتجاتها في المؤسسات الفندقية وغرف الصناعة التقليدية والحرف، وكذا في فضاءات العرض بالتنسيق مع القطاعات والهيئات المعنية، كما تستفيد العائلات المنتجة من برامج ودورات تكوينية في قطاعات التكوين المهني، الفلاحة والسياحة والصناعة التقليدية، والمؤسسات المصغرة.
وتتولى مصالح مديرية النشاط الاجتماعي للولايات، متابعة تنفيذ برنامج الأسرة المنتجة، ومراقبته، وفيما يتعلق بالنفقات المتعلقة بتمويل البرنامج، يتم التكفل بها من الاعتمادات المرصودة سنويا في محفظة برامج الوزارة المكلفة بالتضامن الوطني.
كما يحظى البرنامج بدعم مباشر من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي شدد خلال اجتماع لمجلس الوزراء على ضرورة تعزيز دعم مشاريع الأسرة المنتجة، وفتح مجالات أوسع للنساء لتوسيع نشاطاتهن الاقتصادية.
ويمثل هذا المرسوم خطوة جادة نحو إرساء نموذج تنموي شامل وعادل، يرتكز على تمكين المرأة اقتصاديًا وإعطاء أولوية للفئات ذات الدخل المحدود، من خلال أدوات تمويل مرنة، شراكات مؤسساتية، وآليات حوكمة شفافة. كما يعكس تحولًا مهمًا في السياسة الاجتماعية للدولة، من منطق الإعانات الاستهلاكية إلى الاستثمار في رأس المال البشري المحلي كرافعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي.
ع سمير