نقلت مغنية الطابع الصحراوي جميلة منصوري، شغفها الفني إلى اللباس التقليدي، واتخذت من ماركتها الجديدة «تيهوساي» بابا يمتد من خلاله حبها لهوية تمنراست والصحراء الجزائرية الكبيرة إلى العالم أجمع.
أبدعت الفنانة جميلة، في الخروج ببراند «تيهوساي» إلى النور، بمجموعة من الأزياء تعكس عمق التاريخ من خلال كل تفصيلة، حيث ترى أن تصاميمها هي امتداد للروح الصحراوية، وهي وسيلة لتوثيق هوية المنطقة وتخليد رموزها الثقافية من خلال استخدام كل ما يرمز لها من ألوان وزخارف معينة.
وعن دلالة تسمية «تيهوساي»، أوضحت جميلة أن الكلمة هي وصف بليغ باللغة التارقية لمصطلح «الجميلة» وتجسيد حرفي لاسمها، أو بمعنى أدق» الجمال « و هو وصف للأصالة و الفخامة المعروفة عن الجنوب الجزائري.
وفي حديثها عن اللباس الصحراوي أكدت جميلة، أن ثقافة المجتمع الصحراوي المحافظ انعكست على الأزياء التقليدية التي نجدها محتشمة تغطي الجسد بقطعة قماش واحدة، تكون كفيلة بستر الجسد خاصة عند ملابس المرأة الحرة التي لا تظهر مفاتنها بل تتعمد تغطية كل جسدها بشكل أنيق راقي ومحتشم .
وتستخدم جميلة الألوان الترابية بتنوعها، لون الرمال الذهبية، والبرتقالي الذي تتميز به «هيتوساي»، كتعبير عن الغروب الاستثنائي هناك بتمنراست، كما يستهوي هذه الأخيرة استخدام اللون الأزرق المستوحى من اللباس التارقي، إلى جانب الرموز الأمازيغية والنقوش الصحراوية التي تزين كل قطعة من قطعها.
حكايات الرحل مصدر إلهام
وقالت منصوري، إن حكايات الرحل وقصص الحب الصحراوية، هي أكثر ما تستوحي منه تفاصيل تصاميمها، كقصص المرأة القوسة التي كانت رمزا للوفاء والقيادة، وأسطورة الواحة المفقودة التي يبحث عنها كل مسافر، خاصة وأن هذه الحكايا تحفزها على خلق كل ما يحمل في طياته مشاعر الانتماء، الصبر والجمال الخفي الذي يميز حياة الفلاة.
وتؤمن جميلة، أن الأصالة لا تتعارض أبدا مع الحداثة بل تغذيها، حيث تعمل على إعادة تفسير القطع التقليدية كالملحفة والجوالي والتيسغنس، العباية وأخباي وغيرها من الأزياء الصحراوية البهية، دون أن تفقد أصالتها.
إدراج التطريز التقليدي في السترات العصرية
وتعتمد على تنسيق يتميز بمزيج بين التقليدي والعصري، كإدراج التطريز التقليدي في السترات العصرية واستخدام الزخارف الصحراوية، وكذا ربط فساتين بسراويل عريضة، لتصبح كل قطعة تجسيدا لحوار حي بين الماضي والحاضر.
وعن أكبر التحديات التي واجهتها جميلة منصوري في طريقها نحو تجسيد غايتها، أكدت محدثتنا أن أكبرها كان تغيير النظرة النمطية تجاه الأزياء المستوحاة من التراث الصحراوي، حسبها، وغالبا ما تُصنف على أنها فولكلور فقط، لا كموضة قابلة للارتداء عالميا، كما كان من الصعب عليها، العثور على حرفيين لديهم الفهم الكافي للتفاصيل الدقيقة للرموز التراثية لتنفيذها بالجودة العالية والمطلوبة.
وقد تجاوزت جميلة تلك الصعوبات من خلال التوعية، وتنظيم معارض وعروض أزياء تُبرز جمال هذا التراث برؤية معاصرة، كما أكدت دمجها للتصميم التقليدي مع ابتكارات تقنية في الخياطة والتطريز، وأوضحت أن الأهم لديها هو الوفاء للهوية الثقافية الصحراوية الجزائرية دون التقيد بالشكل الجامد، مما يسمح لها بجذب جمهور محلي ودولي في كل مرة تعرض فيها اللباس التقليدي للجنوب الكبير إلى جانب الحلي الخاص بالمنطقة.
وتسعى خريجة مدرسة ألحان وشباب، إلى توسيع علامتها «تيهوساي» من خلال مزج العمق الثقافي مع الانتشار العالمي، مؤكدة أنها تعمل حاليًا على إطلاق مجموعات موسمية تُعرض في معارض دولية، مع التركيز على التسويق الرقمي عبر منصات التواصل والمنصات العالمية المختصة، ولم تضع جميلة حدا لطموحها بالسير نحو شغف افتتاح متجر يدمج بين الأزياء، الحرف التقليدية، وتجارب فنية مستوحاة من روح الصحراء، كما أنها تخطط لتوسيع شبكة التعاون مع حرفيين محليين، لتعزيز استدامة الإنتاج والحفاظ على التراث الصحراوي الجزائري . حليمة خطوف