السبت 23 أوت 2025 الموافق لـ 28 صفر 1447
Accueil Top Pub

الطبعة التاسعة لمهرجان البرنوس بتيزي وزو: تثمين للتراث و ترويج للسياحة الثقافية


اختتمت أمس، على مستوى قرية حورة ببلدية بوزقان 70 كلم شرق ولاية تيزي وزو، فعاليات الطبعة التاسعة لمهرجان البرنوس الذي نظمته الجمعية الثقافية «يعقوبي فرحات»، وهو تقليد ثقافي ومحطة سنوية بارزة تستقطب المهتمين بالتراث الجزائري.

وشارك في هذه التظاهرة أكثر من 40 حرفيا قدموا من مختلف ولايات الوطن لإبراز أحد أهم رموز الهوية الجزائرية (البرنوس)، الذي ارتبط بالشموخ، والرجولة، والوقار، وتناقلته الأجيال.
وأقيمت معارض للصناعات التقليدية والمنتجات المرتبطة بالبرنوس كالغزل، والنسيج، والصوف المحلي، إلى جانب أدوات تقليدية استُعملت عبر العصور في صناعة هذا الزي.
ونُظّمت محاضرات وندوات حول التراث غير المادي، أكدت على ضرورة حماية الحرف اليدوية من الزوال، ودعم الحرفيين ماديا ومعنويا حتى يواصلوا تعليم هذا الفن للأجيال القادمة.
وأكد المنظمون أن الهدف الأساسي من هذه الفعالية هو إعادة الاعتبار لهذا الزي التقليدي الذي يعد رمزا للهوية والكرامة، قاوم الاندثار وأثبت أنه ما يزال حاضرا خاصة في المناطق الجبلية والريفية.
ويعدّ البرنوس القبائلي، تحفة فنية تعكس مهارة الحرفيات ودقة أناملهن، ويختلف عن غيره من حيث النسيج والألوان، إذ يتميز عادة بخيوط صوفية بيضاء نقية تُغزل يدويا، ما يجعله قطعة نادرة تحمل في طياتها تاريخ منطقة القبائل.
وتكمن أهمية البرنوس القبائلي في كونه أكثر من مجرد لباس يحمي من يرتديه من برد الشتاء، بل شهادة حيّة على مقاومة الزمن، ورمز للتشبث بالهوية الأمازيغية التي تشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية الجزائرية.
وإضافة إلى ذلك، يكتسي البرنوس القبائلي قيمة اجتماعية عالية، وارتبط بمجموعة من الطقوس الاجتماعية، حيث يرتديه الرجال في مختلف المناسبات من الأعراس إلى المآتم، وفي المناسبات الدينية كالأعياد، وحتى في المناسبات الوطنية، حيث يظهر المسؤولون وكبار الشخصيات ووهم يزينون أكتافهم بالبرنوس الجزائري الأصيل، بما يعكس صورة المتشبث بأصوله وجذوره. كما يُقدّم البرنوس كهدية ثمينة عند تكريم شخصية اجتماعية، ليصبح علامة احترام واعتراف بالمكانة المرموقة لصاحبه.
وللبرنوس القبائلي أيضا دلالة سياسية وتاريخية، إذ ارتداه المقاومون والمجاهدون في فترات الاستعمار، ليصبح غطاء يحميهم من البرد وفي الوقت نفسه ستارا يخفي تحركاتهم، ليرتبط بذلك بالحرية والنضال.
وقد أجمعت الشهادات حوله، أنّ حياكة البرنوس ليست مجرد مهنة، بل فن وطقس يومي يتطلب الصبر والدقة، ويعكس حب الأرض والانتماء ودعا المشاركون في المهرجان، إلى إنشاء مدارس ومراكز تكوين متخصصة في تعليم حرفة صناعة البرنوس للأجيال الصاعدة، لضمان استمراريته كجزء من الهوية الجزائرية، كما يجب دعم الحرفيات عبر تعاونيات تضمن لهن دخلا ثابتا.
وتطرق المشاركون أيضا، إلى البعد الاقتصادي للبرنوس، باعتباره منتجا تقليديا ذو قيمة عالية، يمكن أن يساهم في تنمية الاقتصاد المحلي من خلال تسويقه على المستويين الوطني والدولي، وتم اقتراح إدراج فكرة «مهرجان البرنوس» ضمن التظاهرات الدولية للترويج للسياحة الثقافية الجزائرية، خاصة وأنّ السياح الأجانب يبدون إعجابا كبيرا بالبرنوس كقطعة فنية مميزة تحمل هوية بلد بأكمله.
ورغم قيمته الكبيرة، يواجه البرنوس القبائلي اليوم تحديات عديدة، أبرزها عزوف الأجيال الجديدة عن تعلم حرفة النسج، حيث تحسرت الحرفيات على تراجع حرفة الأجداد التي طالما شكّلت رمزا للهوية والشموخ والرجولة في منطقة القبائل. وفي ذات الصدد تقول الحرفية «نا هنية»، التي قضت أكثر من أربعين سنة وهي تنسج البرنوس: «إن الفتيات لم يعدن يقبلن على تعلم هذه الحرفة، لأنها متعبة وتتطلب الإتقان والدقة والصبر، وبدل ذلك يفضلن البحث عن عمل مربح ومريح، ويعتبرن البرنوس تقليدا لا مستقبل له، بالرغم من أنه جزء من هويتنا».
مؤكدة، أنه إذا ضاعت هذه الحرفة سنخسر جزءا من ذاكرتنا الجماعية داعية إلى ضرورة المحافظة عليها وإنقاذها من النسيان وصون التراث، لأن البرنوس ليس فقط لباسا يقي من برد الشتاء، بل هو شاهد على تاريخ وهوية، ورمز من رموز الوحدة الوطنية في تنوعها.
ورغم هذه الصعوبات والتراجع الملحوظ، لا يزال هناك من يسعى للحفاظ على هذه التقاليد، من جمعيات محلية وحرفيين شباب يحاولون الترويج للبرنوس عبر المعارض والمهرجانات، وحتى عبر المنصات الإلكترونية، في محاولة لربطه بالموضة العصرية دون أن يفقد أصالته. سامية إخليف

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com