الألعاب المدرسية الإفريقية: الجزائـر وقعـت بنجـاح شهـادة ميـلاد تظاهـرة جمعـت شـباب القـارة

ودعت الجزائر أمس، ضيوفها من الرياضيين الشباب من مختلف بلدان القارة، بإسدال الستار على فعاليات الألعاب الإفريقية المدرسية، في تظاهرة هي الأولى من نوعها، بعد التوقيع على شهادة ميلادها بالجزائر، من خلال الموافقة على استضافة طبعة التدشين، وقد كانت بمثابة عرس رياضي كبير، جمع بين شبان القارة السمراء، بإجمالي 1700 رياضي متمدرس، من الجنسين، تتراوح أعمارهم ما بين 14 و17 سنة، يمثلون 47 دولة، نزلوا في ضيافة بلد، كان مرة أخرى مهد الرياضة الإفريقية، وبرهن بأنه يتوفر على المرافق التي تسمح له بنيل شرف تنظيم أكبر التظاهرات الرياضية العالمية، وقد كان كسب رهان التنظيم بتقدير «ممتاز»، بصرف النظر عن نجاح الرياضيين الجزائريين في انتزاع اللقب الإفريقي، بعد إحكام سيطرة مطلقة على أغلب المنافسات، فكتبت الجزائر اسمها في سجل هذه الألعاب، كأول بطل لهذه المنافسة، في انتظار الطبعة القادمة، المقررة بأبوجا النيجيرية في صائفة 2027.

قراءة: صالح فرطــاس

الجزائر بطلة التنظيم والتنافس الرياضي
تتويج الجزائر بلقب الألعاب الإفريقية المدرسية، كان بعد تحقيق حصاد وفير من الميداليات الذهبية، لأن انتزاع 103 ميداليات من المعدن النفيس كان بمثابة حصيلة قياسية، قاربت إجمالي حصيلة البلدان الأربعة التي تلتها في سبورة الترتيب، وضمان الصدارة بفارق 44 ذهبية عن الوصيف، المنتخب المصري، كرس سيطرة العناصر الوطنية بالطول والعرض على أغلب المنافسات، بدليل أن المنتحب الجزائري أحرز اللقب في 11 اختصاصا، وهو ما يمثل أزيد من نصف التخصصات التي تم إدراجها رسميا في هذه الطبعة، لأن لجنة التنظيم اضطرت إلى تقليص عدد الاختصاصات الرياضية من 25 إلى 21 عشية انطلاق المنافسة، بسبب عدم القدرة على تسجيل الحد الأدنى المطلوب في 4 رياضات، وعليه فإن الجزائر حصلت على الصدارة قاريا في 11 منافسة، بينما حقق المنتخب المصري اللقب في 5 رياضات، في حين ظفرت 5 منتخبات باللقب الإفريقي في تخصص واحد، ويتعلق الأمر بكل من تونس، غامبيا، نيجيريا، غامبيا والكونغو الديمقراطية، مما يعني بأن 5 منتخبات فقط نجحت في الخروج من دورة الجزائر 2025 بألقاب قارية، مع نيل الجزائر حصة الأسد من التتويجات.
11 لقبا قاريا واحتكار ميداليات عدة اختصاصات
واللافت للانتباه أن بروز الرياضيين الجزائريين كان بشكل ملحوظ في الرياضات الفردية، حيث أن منتخب المصارعة نجح في إحراز أكبر عدد من الميداليات الذهبية، بحصوله على 17 ميدالية من المعدن النفيس، مما مكنه من انتزاع اللقب القاري عن جدارة، بفارق 11 ذهبية عن الوصيف، المنتخب التونسي، حيث أن العناصر الوطنية تمكنت من تسجيل تواجدها فوق «البوديوم» في جميع الأوزان، فكان الحصاد الإجمالي 29 ميدالية.
ما قيل عن المصارعة، يمكن استنساخه على منتخب الجيدو، الذي أحكم سيطرته المطلقة على المنافسة، فكانت حصيلته 14 ذهبية، مقابل اكتفاء الوصيف، منتخب تونس، بذهبيتين فقط، والأمر ذاته ينطبق على منتخب الملاكمة، الذي أحرز لقب النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية بامتياز، لأنه تمكن من الحصول على 13 ميدالية من المعدن «الأصفر»، بعد نجاح 14 ملاكما في بلوغ الدور النهائي، وهو ما سمح بتحقيق فارق شاسع عن المنتخب المصري، الذي انتزع ذهبيتين، في حين حصل منتخب تونس على ذهبية واحدة في هذا الاختصاص.
وموازاة مع نجاح الشبان الجزائريين في ترصيع «القفاز» بالذهب، والخروج من البساط بحصاد وفير من المعدن النفيس، فإن التألق امتد أيضا إلى المضمار، بإحراز 12 ذهبية، من بين 36 ميدالية، ليتقدم بذلك المنتخب الوطني على كل من تونس ومصر،
بينما كان الجمباز الفني خامس اختصاص ينجح فيه الفريق الجزائري في انتزاع 10 ميداليات ذهبية على أقل تقدير، والتنافس في هذا النوع من الرياضة كان على 14 ميدالية ذات اللون «الأصفر»، نالت منها العناصر الوطنية حصة الأسد، في حين كانت الأربعة الأخرى من نصيب منتخب تشاد، لأن الجزائر حصدت في هذا الاختصاص 22 ميدالية، على اختلاف ألوانها.
إلى ذلك، فإن المنتخب الوطني تمكن من إحكام سيطرته التامة على منافسات 4 تخصصات، وذلك باستحواذه على الذهب، حيث توج بالذهبيات الأربعة لمنافسات الفروسية، فأحرز اللقب القاري، متقدما على المنتخب التونسي، الذي نال فضيتين، وكذا ليبيا، التي خرجت من هذه الدورة بفضية، والأمر نفسه تم تسجيله في منافسات الكانوي الشاطئي، لأن النخبة الوطنية نجحت في الحصول على العلامة الكاملة، بعد نيل 4 ذهبيات، وهو ما يمثل عدد السباقات، كما أن الفضة كانت جزائرية في كل السباقات، بينما تقاسم منتخبا مصر وتونس الميداليات البرونزية بالتساوي، في الوقت الذي تمكن في المنتخب الجزائري للكرة الطائرة الشاطئية من الحصول على الذهب في الجنسين، ذكور وإناث، و»السيناريو» ذاته سارت على وقعه منافسات كرة اليد، لأن المنتخب الوطني اعتلى منصة التتويج في النهائيين، على اختلاف الجنس.
على صعيد آخر، فإن اللقب الإفريقي لهذه النسخة كان من نصيب الجزائر في التايكواندو، لكن بصعوبة كبيرة، لأن التنافس كان على أشده مع المنتخب التونسي، والحسم في أمر التاج كان في ختام المنافسة، بفارق ذهبيتين لصالح النخبة الوطنية، والوضع نفسه شهدته منافسات الدراجات، لأن تتويج «الملكة الصغيرة» الجزائرية باللقب القاري كان بشق الأنفس، بعد صراع كبير مع المنتخب المصري، لأن الدراجين الجزائريين أحرزوا 3 ذهبيات وفضيتين و3 برونزيات، وهو الحصاد الذي كان وزنه لقب النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية.
هيمنة مصرية على السباحة
بالموازاة مع ذلك، فإن منتخب البادمينتون خسر الرهان بفارق الفضيات، لأنه تساوى مع نيجيريا في الحصاد الذهبي، لكن الاكتفاء بميدالية واحدة من الفضة جعله ينهي الدورة في الوصافة، في حين كان المنتخب الجزائري للسباحة وصيف هذه الطبعة، على خلفية القوة التي ظهر بها المنتخب المصري، الذي أحرز 22 ذهبية في مختلف السباقات، وهو ما قارب نصف حصيلة «الفراعنة» في هذه التظاهرة، ولو أن الملفت للانتباه أن السيطرة المصرية كانت أيضا بصورة جلية على منافسات التجديف الشاطئي، بحصد الميداليات الذهبية الخمسة المتاحة، وترك الفضة والبرونز لمنتخبي الجزائر وتونس، كما أن العناصر الوطنية للمبارزة لم تتمكن من الحصول سوى على ميدالية واحدة من المعدن النفيس، في منافسة كان فيها الصراع على أشده بين المنتخبين المصري والتونسي، وهو الاختصاص الوحيد الذي احتلت فيه الجزائر المركز الثالث، مقابل نيل الوصافة القارية في 7 رياضات، من أبرزها الكونغ فو، حيث كان حصاد النخبة الوطنية 6 ذهبيات، لم تشفع لها بانتزاع لقب الدورة، في ظل إحراز المصريين 8 ميدالية «صفراء» اللون.
33 بلدا ضمن لائحة الترتيب العام
لم تتمكن الجزائر من حصد الذهب في 6 اختصاصات رياضية، من بينها كرة القدم، بعد خسارة النهائي أمام كوت ديفوار، وكذا كرة السلة «الخماسية»، عقب الانهزام أمام منتخب الكونغو الديمقراطية في النهائي، مع الاكتفاء ب 3 فضيات في منافسات تنس الميدان، و4 من ذات المعدن في التجديف الشاطئي، ليكون حصاد منتخب تنس الطاولة برونزية وحيدة، وضعت الجزائر خارج «البوديوم»، والأمر نفسه يخص منتخب كرة السلة «الثلاثية»، والذي صنع «الاستثناء»، لأنه الاختصاص الوحيد الذي لم تتمكن فيه النخبة الوطنية مع إحراز أي ميدالية، في نسخة عرفت نجاح 17 منتخبا في انتزاع الذهب، ولو بحصص متفاوتة، في ظل سيطرة الجزائر، متبوعة بمصر وتونس، في حين تمكنت 5 منتخبات أخرى في تسجيل حضورها في جدول الميداليات بالفضة، مقابل حصول 11 دولة على البرونز فقط، لتكون لائحة المتوجين بالميداليات على اختلاف ألوانها تضم رياضيين من 33 دولة إفريقية، مع فشل 14 منتخبا في تحصيل ولو ميدالية واحدة، رغم أن المهم من هذه التظاهرة يكمن في منح الفرصة لشبان متمدرسين من مختلف أقطاب القارة الإفريقية للاحتكاك والتواصل فيما بينهم، بحثا عن نقطة الانطلاق لمستقبل واعد، لأن الرياضة المدرسية تبقى الخزان الكفيل باكتشاف مشروع أبطال عالميين.
ص / ف