اعتبرت سميرة عبعوب المدربة الدولية في السوروبان أو ما يعرف بالحساب الذهني الياباني، هذا الحساب آداة فعالة في تنمية قدرات التركيز عند الأطفال، وتنشيط الذاكرة، وسرعة البديهة، والثقة بالنفس، وهو ما أبرزته حسبها مشاركات عدة أطفال في بطولات وطنية ودولية، حققوا نتائج مبهرة.
قالت ابنة ولاية تقرت المدربة الدولية عبعوب، المتحصلة على شهادة جامعية في تخصص الرياضيات، أنها اختارت دخول عالم السوروبان بشغف وإيمان برسالته التربوية العميقة، فلم يكن هذا التوجه مجرد خيار عابر بحسبها، بل كان ثمرة وعي بأهمية تنمية قدرات الطفل من خلال منهجية تجمع بين اللعب والتعلم والتحفيز العقلي والنفسي.
ورغم أن نشاطها الأساسي يتمثل في تدريب الأطفال على تقنيات السوروبان عبر حصص متخصصة، إلا أن مسيرتها المهنية تجاوزت ذلك، حيث أصبحت حكما دوليا في البطولات الدولية للحساب الذهني، وكانت آخر مشاركاتها التحكيمية في البطولة الدولية للحساب الذهني، وهي محطة أضافت لرصيدها الكثير، كما عبرت، وكرمت بفضلها من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية تقرت، عبد الوهاب الزاوي، تقديرا لجهودها ورفعها راية الوطن في محفل دولي.
وقد عبرت المدربة عبعبوب عن امتنانها لهذا التكريم، مصرحة أن هذا التكريم يعني لها الكثير، لأنه ليس فقط تقديرا رسميا، بل هو دعم معنوي حقيقي يُمنح لشباب طموح يؤمن برسالته ويعمل بإخلاص، مشيرة إلى أنها حرصت على المشاركة في العديد من التظاهرات المحلية و الجهوية والوطنية، حتى بات رصيدها يتجاوز 15 شهادة نالتها بعد مشاركة أبطالها الصغار في البطولات، ما عزز مكانتها كمدربة معتمدة ذات خبرة وكفاءة.
اهتمام المدربة سميرة بتعليم قواعد الحساب الذهني، جعلها تتخطى حدود القاعات التدريبية، لتنقل ما بجعبتها لأكبر عدد ممكن من الأطفال وحتى المدربين، عبر الفضاء الرقمي، وهو ما أكسبها شهرة لتصبح من أشهر المدربات في مجال السوروبان على المستوى الوطني، حيث تحظى بـ 16 ألف متابع، وتتلقى منشوراتها المتعلقة بالدورات والتكوينات عشرات التعليقات من أولياء التلاميذ الذين يشيدون بنتائج أبنائهم، ويعبرون عن رضاهم وامتنانهم.
وأكدت مدربة السوروبان سميرة عبعوب، أنها جعلت من الأرقام لغة تحفيز وتغيير في جوان من سنة 2021، حيث خطت أولى خطواتها نحو عالم لن يكن معروفا كثيرا في محيطها، مضيفة أن الأمر لم يكن وليد الصدفة، بل كان ثمرة فضول معرفي ورغبة صادقة في اكتشاف كل ما من شأنه أن يطور قدرات الأطفال ويمنحهم أدوات جديدة للفهم والتركيز والتحفيز.
حصص السوروبان رحلة لبناء الثقة بالنفس
بدأت عبعوب، بالبحث في قواعد الحساب الذهني الياباني، من خلال القراءة عنه، ومشاهدة الفيديوهات، للغوص في تفاصيله، حتى تقدمت بطلب إلى مؤسسة مختصة تُقدم دورات تكوينية، فاحتضنتها ومنحتها شهادة مشاركة أهلتها للانطلاق في مجال التدريب، والعمل في المدارس الخاصة للدعم التربوي، ونمى لديه شغف البحث في المجال، بعد أن تيقنت أن السوروبان هو أكثر من مجرد وسيلة لتعليم الحساب الذهني، وتعتبره منهجية متكاملة تعتمد على تنمية مهارات عقلية ونفسية، تدمج فيها ألعاب الذكاء، والتحفيز الذهني، مما يجعل من كل حصة تدريبية رحلة ممتعة تنير العقول وتبني الثقة في النفس.
وأكدت المتحدثة، بأنه ورغم أن السوروبان يصنف رسميا كنشاط رياضي، إلا أنه في جوهره نشاط ذهني تربوي يساعد الأطفال على اكتساب مهارات التركيز، وسرعة البديهة، وقوة الذاكرة، والتميز الذي يتطلب المثابرة والالتزام، لأنه قائم على مستويات تدريجية ومهارات متراكمة.
آداة لعلاج صعوبات التعلم
من أبرز المحطات التي جعلتها تتمسك بهذا المجال وتطمح لتطويره، تشير عبعوب، إلى قصة أحد تلاميذها الذي التحق بالمركز وهو يعاني من صعوبات دراسية وكان معيدا في القسم، لكنه خلال ثلاثة أشهر فقط، تحول بفضل تعلم قواعد السوروبان إلى تلميذ متميز، وحقق معدلا ممتازا تجاوز 9 من 10، موضحة بأن ذلك كان بمثابة البرهان الملموس على أثر هذا البرنامج في إحداث التحول الإيجابي في شخصية المتدرب ومستواه الدراسي، مؤكدة أن الحساب الذهني لا يحتاج إلى ذكاء خارق، بل إلى إرادة وتفاعل، مستثنية فئة الأطفال الذين يعانون من إعاقات ذهنية شديدة.
وقالت المدربة، أن الأطفال المتدربين غالبا ما ينقلون شغفهم إلى المنزل، ويدربون أهلهم على استخدام السوروبان، فيتحول البيت إلى ورشة صغيرة للتمرين والتعلم، مضيفة في ذات السياق، بأنه حين يتحفز الطفل ويستمتع، سيتحسن أداؤه في كل المواد الدراسية، خصوصا في الرياضيات، وذلك لأن هذا الفن يجعل العمليات الحسابية سهلة وممتعة في نظره، كما أن الثقة بالنفس التي يكتسبها من خلال الإنجاز السريع والدقيق، لا تقدر بثمن.
ووفقا لتجربتها، فإن عناصر التميز في السوروبان تعتمد على مثلث نجاح يشكله مدرب نشط، متدرب مجتهد، وولي أمر متابع وداعم، ولهذا تحرص دائما على توعية الأولياء بأهمية هذا النشاط، وتشجعهم على الالتحاق بأمثاله، لأنه يُنمي المهارات الذهنية والحياتية لدى أبنائهم، وهو مكسب بعيد المدى.
وأكدت عبعوب، أن حلمها لا يتوقف عند التدريب في المراكز الخاصة، بل تتمنى أن يدمج السوروبان يوما ما ضمن المنهاج المدرسي الرسمي، تماما كما هو الحال في اليابان والصين، حيث يدرس هذا البرنامج في الأقسام الدراسية بشكل منتظم، لما له من آثار تربوية ونفسية عظيمة، مشيرة إلى أنها تواصل رسالتها في مجال تدريب الأطفال، حيث فتحت مدرسة خاصة بها، وصارت تكون أطفالا من مختلف الأعمار، وتتابع تقدمهم، وترافقهم في البطولات، وتحتفل بإنجازاتهم، حيث لم تعد الأرقام بالنسبة لها مجرد أدوات حساب، بل صارت لغة للتغيير والتفوق وبناء الثقة.
لينة دلول
