أعلنت مصالح بلدية عنابة، أول أمس، عن استرجاع قاعتي العرض السينمائي «إفريقيا» و»الحمراء المعروفة بلمبيا» وتسليمهما لمصالح أملاك الدولة، تنفيذا للمرسوم التنفيذي رقم 21-428 المتضمن إعادة إدراج القاعات السينمائية التابعة للبلديات، ضمن الأملاك الخاصة للدولة وإسناد تسييرها لوزارة الثقافة.
ووفقا لذات المصالح، فقد تمت عملية التسليم، تنفيذا وتطبيقا لقرار والي الولاية، تحت إشراف رئيس المجلس الشعبي البلدي وحسب ما ينص عليه المرسوم الصادر في العدد 85 من الجريدة الرسمية، حيث تتمّ إعادة إلحاق قاعات السينما التابعة للبلديات بالأملاك الخاصة للدولة، بعد مداولة من المجلس الشعبي البلدي المعني وتشكل في خلالها لجنة خاصة تتولى تحديد قائمة بالقاعات المقترح إرجاعها إلى نطاق الحكومة.
وحسب مديرية الثقافة، ينفذ قرار مداولة المجلس البلدي المتضمن قائمة القاعات السينمائية المعنية، بإجراء الإرجاع إلى الأملاك الخاصة للدولة، بعد موافقة من الوالي، بالمقابل، تستفيد البلديات التي تحتضن القاعات المعنية بالإجراء، من مساهمة مالية تقدمها الدولة لميزانيتها السنوية، تحدد كيفيات ضبطها بناء على قرار مشترك بين وزارتي الداخلية والمالية.
ووفقا لذات المصدر، فإن تسيير قاعات السينما البلدية، سيُسند بعد عودتها إلى الأملاك الخاصة للدولة، إلى وزارة الثقافة والفنون، التي يمكنها استغلالها مباشرة من طرف المؤسسات التابعة لها، أو منحها عن طريق الامتياز لمتعاملين اقتصاديين عموميين وخواص، وِفق ذات النص.
واستنادا لمديرية الثقافة لولاية عنابة، فيوجد على مستوى الولاية، 8 قاعات سينما، منها 7 على مستوى وسط المدينة، حيث تمت إعادة السينيماتيك بحي الماجستيك لوحدها، للخدمة سنة 2016، بعد إعادة تأهليها وترميمها بمناسبة عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، حيث أصبحت تابعة للمركز الوطني لمهن العرض السينمائية.
وحسب ما تابعته النصر ميدانيا، فقد بقيت السينما الحمراء «أولمبيا» بحي لاكلون، نشيطة في عرض بعض الأفلام ومباريات كرة القدم، يشرف عليها مسير خاص وفق الاتفاقية الموقعة مع مصالح البلدية، فيما تم غلق نهائيا كل من قاعات (إفريقيا، الكرامة، شوند مارس والحجار)، بعد صدور قرار استرجاعها، فيما اختفت سينما «المارنيو» بعد هدمها وتشييد مركز تجاري على أنقاضها، كون سند الملكية يعود لخواص، بعد التسوية العقارية.
وفي السياق، مازال مشروع ترميم سينما المنار الواقعة في قلب المدينة والقريبة من المسرج الجهوي، يراوح مكانه، حيث تحولت إلى أطلال وجدران قائمة دون سقف وقالت مديرة الثقافة، صليحة برقوق، في تصريح للنصر، بأن مشروع ترميمها مازال قائما، حيث تم تحويل الملف على اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة المشروع، لمراجعة بعض النقاط المتعلقة بالدراسة وكذا انجاز الصفقة.
وحسب مصادر مطلعة بملف دور السينما بعنابة، فإن تحويل دور السينما لمصالح وزارة الثقافة لتتولى عملية التسيير، أمر هام، لكن يصطدم بإشكالية إعادة التأهيل والترميم، لأن مديريات الثقافة لا تستطيع تمويل المشاريع من ميزانيتها، ما يستدعي تكفل هيئة أخرى تحت وصاية وزارة الثقافة بعملية الترميم والمتابعة، حيث بذلت جهود في فترات سابقة، من أجل ترميم القاعات على عاتق ميزانيات الجماعات المحلية، قبل استرجاعها وتسيير من قبل قطاع الثقافة وتستفيد البلديات من عائدات ومداخيل تحققها هذه القاعات، غير أن هذا التصور لم يتحقق وتعطل مشروع إعادة دور السينما للنشاط.
وتحصي وزارة الثقافة، 359 قاعة سينما موجودة على المستوى الوطني، تم استرجاع عدد منها تطبيقا لقانون السينما الجديد، الذي يلزم البلديات بالتنازل على تسيير قاعات السينما لفائدة وزارة الثقافة، حيث مازالت عملية الاسترجاع متواصلة كخطوة من أجل عودة الجمهور إلى قاعات العرض.
ويعمل القائمون على قطاع الثقافة، من خلال القانون الجديد للسينما (2024)، على معالجة كل الجوانب المرتبطة بالصناعة السينماتوغرافية ويحدد آليات تطويرها عبر استرجاع وتأهيل وإعادة استغلال قاعات السينما وتجهيزها، علاوة على الشق المتعلق بتمويل النشاطات السينماتوغرافية.
وتركز المصالح المركزية، على الطابع الاقتصادي للصناعة السينماتوغرافية وآليات بعثها وتطويرها، في إطار مبدأ تشجيع المبادرات ودعم الأنشطة السينماتوغرافية ومن خلال الإجراءات التحفيزية ضمن هذا القانون.
وعاشت عنابة عصرا سينمائيا ذهبيا سنوات السبعينيات والثمانينيات، حيث كانت القاعات السبع ممتلئة بالجمهور ووصل الحد إلى تخصص كل قاعة بعرض أفلام معنية بها، إذا هناك ما يهتم بالأفلام الهندية وأخرى المكسيكية وغيرها.
ونتيجة للازدهار والاهتمام الكبير بالسينما، تم تأسيس مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، ليعود بعد غياب دام 30 سنة في 2016 ورغم الصعوبات، استطاع فرض نفسه كحدث سينمائي بارز على الصعيد الدولي ودول البحر الأبيض المتوسط، حيث تحضر محافظة المهرجان لإطلاق الطبعة الخامسة شهر ديسمبر المقبل.
حسين دريدح