معالم مدينة جديدة تتشكل في عين عبيد بقسنطينة

تتجه بلدية عين عبيد بقسنطينة نحو تطور عمراني غير مسبوق، يرافقه تطور في البنية التحتية وتوسع كبير في الكتلة الحضرية والسكانية التي يتوقع أن تصل إلى 20 ألف نسمة بحلول الصائفة، ما من شأنه أن يخلق ديناميكية أكبر وتغيرات شاملة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، بعدما قررت السلطات استحداث مدينة جديدة على مستوى هذه البلدية، لتحتضن جملة من المشاريع السكنية والتنموية التي انطلقت في السنوات الأخيرة ومن شأنها أن تحول منطقة كانت نائمة ومعزولة، إلى قطب حضري جديد تؤكد السلطات المحلية أنها تعمل على معالجة النقائص المسجلة على مستواه.

روبورتاج: حــاتم بن كحــــول

تتمركز المنطقة الحضرية الجديدة التي تضم حاليا 4 آلاف سكن، في مدخل عين عبيد الواقعة جنوب شرق الولاية، وقد أنجزت على بعد حوالي 5 كلم من مركز البلدية، حيث يظهر هذا القطب الصغير الجديد مباشرة عند الاقتراب من المدخل من خلال تميزه بألوان مختلفة تزين منطقة جرداء دون ألوان أسفل جبل كبير، وتحيط بها ورشات بناء توحي أن الحي في طريقه للتوسع أكثر.
في القطب الجديد، لاحظت النصر أن مدخله عبر الطريق الرئيسي مهترىء، كما تنعدم الأعمدة الكهربائية في الشطر المؤدي إلى المجمعات السكنية، أما عند التوغل داخل هذا الحي الجديد، فقد وقفنا على جاهزية طرقات واهتراء أخرى وخاصة تلك الرابطة بين مجمع وآخر.
ويعرف هذا القطب السكني الذي زرناه صباحا، حالة من السكون من خلال شوارعه شبه الخالية من الراجلين والمركبات، كما وجدنا مئات المحلات المغلقة، فيما كان عدد صغير منها يخضع لعمليات تهيئة. وشد انتباهنا أن المنطقة التي تتكون من 4 آلاف سكن عمومي إيجاري شُرع في توزيعها منذ نحو ثمانية أشهر، لا تتوفر على محلات تجارية دخلت حيز الخدمة، ما اضطر السكان الذين التحقوا بشققهم للجوء إلى مربعات وأكشاك فوضوية توفر بعض المستلزمات الضرورية على غرار المواد الغذائية العامة، فيما أُنشئت أكشاك خشبية متعددة الخدمات وطاولات لبيع الخضر والفواكه.
وقد وقفنا على إتلاف الفضاءات الترفيهية المزودة بألعاب تقليدية، إضافة إلى انتشار الأوساخ والقمامة في جل الزوايا ووسط الطريق، إلى جانب رمي الردوم ومخلفات البناء من طرف بعض السكان. وقد كسرت هدوء المنطقة، أصوات عشرات التلاميذ الذين خرجوا من إحدى المدارس، متجهين نحو أوليائهم الذين كانوا في انتظارهم.
مطالب بتوفير النقل
وخلال تجولنا بالحي لم نجد أي إدارة أو هيكل عمومي، باستثناء مدرسة، ومقر للأمن الحضري لم يستغل بعد، وقال أحد السكان إنه كان يقطن في عين عبيد مركز، والتحق مؤخرا بشقته التي استفاد منها في إطار السكن الاجتماعي، موضحا أنه وعائلته يعانون من عدة نقائص، أبرزها انعدام المحلات التجارية والهياكل العمومية ونقص في وسائل النقل وشبكة الهاتف، زيادة على غياب مسجد. كما ذكر شاب آخر، كان يقطن في عين عبيد أيضا، أنه معجب بالسكنات التي تتوفر على كافة الضروريات من ماء وغاز وكهرباء، إلا أن النقطة السوداء حسبه تبقى في عدم توفر المحلات.
تنقلنا بعدها بين أحياء القطب، بحثا عن محطة النقل، إلا أننا وجدنا صعوبة في إيجادها بسبب انعدام الحافلات وسيارات الأجرة، فيما علمنا أن تسعيرة النقل من عين عبيد إلى قسنطينة، تصل إلى 200 دج، فيما حددت بـ 100 دج على خط الخروب.
واصلنا طريقنا داخل القطب الذي أنجز على هضبة جعلت طرقاته عبارة عن مسالك مرتفعة ومنخفضة، لنجد عددا من الشاحنات المستغلة في توفير الإطعام السريع، إضافة إلى مساحات أخرى استغلت في بيع بعض المستلزمات. وأمام هذه المنطقة المنتعشة نسبيا مقارنة ببقية أحياء القطب، تحدثنا مع مواطن أخبرنا أنه كان يقطن في مدينة قسنطينة، حيث تحدث عن سرقات تتعرض لها السكنات الشاغرة أو المستغلة، مضيفا أن بعض المنحرفين يجوبون الشوارع ليلا بحثا عما ينهبونه على غرار الكوابل النحاسية، ما جعل سكان المنطقة يخشون مغادرة شققهم ليلا، كما طالب بالإسراع في فتح مقر الأمن، وانتقد انتشار الأوساخ، وانعدام بعض المرافق الضرورية على غرار الصيدليات والمحلات، ما يجعل السكان يتنقلون إلى عين عبيد مركز لتوفير حاجياتهم مهما كانت بسيطة.
كما تحدث الشاب عن صعوبة التنقل من وإلى القطب الحضري، خاصة وأنه يعمل في مدينة قسنطينة، إذ يضطر لمغادرة منزله في الساعة الرابعة فجرا للوصول إلى مكان العمل، مضيفا أن التوجه إلى قسنطينة ذهابا وإيابا يكلفه 600 دج يوميا، وبأن ما يقلقه أيضا هو انعدام شبكة الهاتف، فيما تتجول الكلاب المتشردة بالمنطقة، واصفا القطب حاليا بالمكان المعزول خاصة بعد نهاية الدوام المسائي للتلاميذ.

رئيس بلدية عين عبيد مجماج عبد المالك
سندعم القطب السكني الجديد بكافة الضروريات تدريجيا
أكد رئيس بلدية عين عبيد، مجماج عبد المالك، في لقاء بالنصر، أن القطب الحضري 4 آلاف سكن الذي يقطنه مُرحلون من قطار العيش والمدينة القديمة لقسنطينة وعين عبيد، يعرف بعض النقائص، إلا أن مصالحه تعمل على دعمه شيئا فشيئا لجعله قطبا سكنيا بامتياز.
وأوضح مجماج أن عدد السكنات الشاغرة أكثر بكثير من تلك المستغلة، ممثلا أن 200 عائلة فقط من أصل 2500 رحلت من المدينة القديمة بقسنطينة إلى عين عبيد التحقت بشققها، متوقعا التحاق جل أصحاب السكنات خلال الصائفة القادمة وذلك بعد نهاية الموسم الدراسي، وإلى ذلك الحين سيعرف القطب دعما نوعيا.

متوسطة و4 ابتدائيات جاهزة للدخول المقبل
وأكد «المير»، أن القطب الحضري الجديد، مدعم حاليا بأربع مدارس بقدرة استيعاب لا تقل عن 200 تلميذ، منها اثنتان مستغلتان فيما تستغل ابتدائية كمتوسطة، كما ستفتح الرابعة أبوابها خلال الدخول المدرسي المقبل، على أن تعود المتوسطة للاستغلال كمدرسة بعد تجهيز المتوسطة الجديدة، وبالتالي سيكون نصيب القطب 4 ابتدائيات ومتوسطة.
أما عن الثانويات، فأوضح المتحدث أن التلاميذ يتوجهون إلى عين عبيد مركز، إلا أن القطب يتوفر على مشروع ثانوية، وتم بالفعل اختيار أرضيته بمحاذاة المتوسطة، مضيفا أن الأشغال ستنطلق بعد أيام قليلة لتنتهي في وقت قياسي بتعليمات من والي قسنطينة، عبد الخالق صيودة، إذ لن تتعدى حسبه مدة عام ونصف، مذكرا أن المتوسطة الحالية أنجزت في ظرف 10 أشهر فقط.
مشاريع عيادة ومسجد وفرع بلدي
وتحدث رئيس البلدية عن انعدام المحلات التجارية، موضحا أن ديوان الترقية والتسيير العقاري «أوبيجيي» عرض محلاته للإيجار، مضيفا أن العشرات من أصحابها شرعوا في تهيئتها، وهو ما لاحظته النصر خلال جولتها، وذلك تحسبا لمزاولة النشاط قبيل شهر رمضان، مضيفا أنه تم تخصيص وعاء عقاري لانجاز سوق صغير وأوعية أخرى ستستغل لإنجاز عيادة ومسجدين.
وأضاف مجماج أن البلدية أبرمت اتفاقية مع «أوبيجيي» لاستئجار أحد المحلات واستغلاله كفرع بلدي، إضافة إلى محلات أخرى ستستغل كقاعة علاج ومركز بريدي ووكالة لشركة المياه والتطهير «سياكو» وأخرى لمؤسستي «سونلغاز» و«اتصالات الجزائر» وكذلك مفتشية الضرائب، مؤكدا أن المديريات المعنية اختارت محلاتها، وستشرع البلدية فقط في عمليات التهيئة خاصة وأن القطب مجهز بتقنية الألياف البصرية، وهو جاهز من ناحية توفر الأنترنت والمياه والضروريات الأخرى.
مخطط للنقل ودعم القطب بحافلات جديدة
وعن نقص وسائل النقل بالقطب الحضري الجديد، أكد المتحدث أنه اجتمع بممثلين عن مديرية النقل 3 مرات، بحضور النقابات المعنية، لإيجاد حلول للمشكلة، وقد تم بالتنسيق مع مدير القطاع إطلاق مناقصات موجهة لأصحاب الحافلات على خط قسنطينة - موقع 4 آلاف سكن، إلا أنه لم يتقدم أي متعامل بسبب ضعف الإقبال على هذا الخط، خاصة وأن القاطنين ينتقلون في الصباح ويعودن في المساء لتبقى تلك الوسائل شاغرة طيلة اليوم، إلا أن مدير النقل وعد بتوفير 5 حافلات تابعة للمؤسسة العمومية للنقل الحضري عند تدعم المديرية بها، وسيتم استغلالها باتجاه خطوط مدينة قسنطينة وعين عبيد وعلي منجلي. وذكر مجماج، أن كل وسائل النقل حاليا تمر أولا على القطب الحضري الجديد عند توجهها إلى مدينة الخروب ذهابا وإيابا، فيما اتفقت نقابة سيارات الأجرة على توفير 5 سيارات يوميا تعمل بالتناوب، وأفاد أن البلدية وضعت مخططا جديدا للنقل في انتظار التحاق سكان مدينة قسنطينة بشققهم، إضافة إلى سكان عين عبيد الذين لم تجر بشأنهم عملية القرعة بعد. وأوضح المسؤول أن القطب يتوفر على مقر للأمن مجهز بكل الضروريات في انتظار استغلاله، موضحا أن الدراسة الأولية أكدت أن المنطقة تتطلب توفر 53 فردا للشرطة، كما أكد أن الأمن والدرك الوطنيين يتدخلان عند حدوث أي مشاكل داخل الحي. واعترف رئيس البلدية، بأن القطب الحضري يعاني من مشكلة في انتشار الأوساخ، و رغم أن مصالحه توفر شاحنتين وعمال يتكفلون بالنظافة، إلا أن ذلك يبقى غير كاف حسبه، خاصة وأن التحاق كل العائلات بالسكنات في الصيف سيرفع من عدد القاطنين إلى قرابة 20 ألف نسمة، وبالتالي يتطلب ذلك دعما كبيرا من ناحية الإمكانات المادية والبشرية.
مساحات قادرة على استيعاب 8 آلاف سكن
وأوضح مجماج أنه عرض تسخير بعض العمال من مؤسسات النظافة الأخرى لمحاولة مسايرة التطور السكاني، وتحدث أيضا عن نقص في التعداد البشري بالمؤسسات التربوية، أما بخصوص الإنارة العمومية فأوضح أنها متوفرة وتغطي كل القطب، كما هو الحال بالنسبة للتدفئة والوجبات الساخنة بالمدارس.
وعن الأوعية العقارية الصالحة لإنجاز سكنات جديدة بهذا القطب، رد محدثنا بأنها متوفرة وقادرة على استيعاب أزيد من 8 آلاف وحدة، مذكرا أن هذه المساحات تتوفر على كافة الشروط القانونية وهي قابلة للبناء والإسكان، كما أن وكالة تطوير السكن وتحسينه «عدل» لديها برامج سكنية كما هو الحال مع «أوبيجيي».
وقال مجماج إن عين عبيد وعلى خلاف الكثير من البلديات في قسنطينة، تتوفر على أوعية عقارية شاغرة سواء بمحاذاة القطب الجديد أو في مناطق أخرى، وتنتظر فقط إنجاز المشاريع على مستواها، ليؤكد بأن عين عبيد جاهزة وتتحضر حاليا لأن تستوعب عددا أكبر من العائلات ولأن تكون مدينة جديدة كبيرة، خاصة وأن الإحصاء الأخير أبان أن عدد السكان وصل إلى 43 ألف نسمة وهو في طريقه للتطور لأزيد من 70 ألف نسمة بعد التدعم بالقطب الحضري الجديد 4 آلاف مسكن.
ح.ب

الرجوع إلى الأعلى