• 3 آلاف طن من المنتجات الفلاحية تدخل يوميا

يستقطب السوق الجهوي للجملة للخضر والفواكه، ببلدية وادي العثمانية في ولاية ميلة، آلاف التجار من مختلف ربوع الوطن، حيث أصبح وجهة مفضلة لبيع وشراء المنتجات الفلاحية القادمة من عدة ولايات وخاصة الجنوبية منها، بعد عامين من تدشينه بمواصفات حديثة، سواء من ناحية الخدمات التي يقدمها أو التسيير المنظم لمرفق بهذا الحجم، علما بأنه يستقبل يوميا حوالي 5 آلاف شاحنة.

روبورتاج: مكي بوغابة

ويعتبر سوق الجملة للخضر والفواكه بوادي العثمانية، بمحاذاة الطريق السيار شرق غرب والمسير من طرف المؤسسة العمومية لإنجاز الأسواق الكبرى وتسييرها «ماغرو» ومديرية التجارة المحلية، من بين الأسواق النموذجية والعصرية بالوطن التي صرفت الدولة أموالا طائلة لإنجازه، من أجل توفير ظروف أحسن للتجار وإقرار التوازن بين العرض والطلب من مختلف المنتجات الفلاحية واسعة الاستهلاك وتحقيق عصرنة الأنشطة التجارية، حيث يشهد حركية كثيفة للتجار والفلاحين من مختلف مناطق الوطن، لاسيما خلال شهر رمضان.
النصر زارت سوق الجملة للخضر والفواكه «ماغرو» الواقع ببلدية وادي العثمانية التي تبعد عن عاصمة الولاية بحوالي 35 كيلومترا، وقضت حوالي 5 ساعات داخل السوق تراقب عمليات البيع والشراء بين العارضين والزبائن وما تتوفر عليه هذه المنشأة التجارية، ناهيك عن كيفية تنظيم السوق من طرف القائمين عليه، من خلال مراقبة دخول وخروج الشاحنات والعمليات الإدارية بمرفق أصبح وجهة مفضلة للتجار من 58 ولاية لعرض وتسويق منتجاتهم.
تنظيم محكم ومرافق لراحة التجار
قصدنا سوق الجملة للخضر والفواكه، الواقع ببلدية وادي العثمانية بمحاذاة الطريق السيار شرق غرب، انطلاقا من عاصمة الولاية ميلة، عبر الطريق الوطني 5 المؤدي إلى وجهتنا، حيث استغرقنا حوالي 50 دقيقة سيرا بالسيارة، وعند وصولنا إلى مدخل بلدية وادي العثمانية، لم يكلفنا البحث عن السوق أو إشارة تدلنا عن مكانه، سوى تتبع مئات الشاحنات من مختلف الأحجام والأوزان التي كانت تعبر عبر حاجز الدرك الوطني المتواجد عند مدخل محول السيار بوادي العثمانية، محملة بمختلف المنتجات الفلاحية. واصلنا السير خلف بعض الشاحنات التي كانت تحمل مادة البطاطا وبعد حوالي 5 دقائق وصلنا إلى وجهتنا، فيما لفت انتباهنا غياب شاحنات مركونة خارج جدار السوق، مثل ما هو موجود في عدة أسواق عبر الوطن.
كانت الساعة تشير إلى الخامسة والنصف صباحا لحظة دخولنا إلى السوق عبر بوابته الكبيرة، حيث كانت الحركة قد دبت به بشكل عادي، وكان المكان يعج بالشاحنات والتجار من مختلف جهات الوطن، على غرار ولايات بسكرة، تيبازة، وادي سوف، أم البواقي وأدرار. ما وقفنا عليه، هو التنظيم المحكم للدخول من طرف أعوان الأمن عبر البوابة المخصصة لذلك، من خلال دفع رسوم الدخول وقياس وزن الشاحنات وهو ما سهل الحركة على التجار.
تجولنا داخل السوق ونحن نتبع الشاحنات المعبأة بخيرات البلد من خضر وفواكه موسمية وغير موسمية، فكل شيء موجود، على غرار البطاطا والثوم والخس والقرنون، بالإضافة إلى الفواكه مثل البرتقال والموز والتفاح، ناهيك عن البطيخ، الكيوي والتين الشوكي «الصيني».
كانت وجهتنا الأولى داخل السوق، المحلات التي أنشئت بطريقة عصرية، اقتربنا من أحد تجار الفواكه المعتمدين من ولاية باتنة، قادير بوحملة، الذي أكد أن السوق منح له فرصة جديدة لمواصلة عمله في ظروف جيدة دون الخوف على أملاكه، ناهيك عن الخدمات التي يتوفر عليها هذا الصرح الذي جنب التجار معاناة كبيرة كانوا يعيشونها سابقا في أسواق عدة، حيث يتوفر على مطاعم ومقاه ومرقد، أين يمكن للعامل أخذ قسط من الراحة بمبلغ زهيد، بالإضافة إلى «دوش» وحمام ومكتب لحفظ الأمانات، ناهيك عن مسجد لأداء فرائض الصلاة، قائلا بأن القائمين على المنشأة وفروا كل الإمكانيات التي تساعد على العمل في ظروف مريحة.
لا مكان للوسطاء والسماسرة
وغير بعيد عن محل تاجر الفواكه، توجهنا إلى محل لبيع التمور من مختلف الأشكال والأنواع، يعود لفلاح من ولاية بسكرة، خليل الوغلاني، وفي حديثه أوضح أن سوق وادي العثمانية يعتبر من أفضل الأسواق داخل التراب الوطني، أين تتم فيه التجارة وفق أصولها وبكل جدية من الفلاح إلى تاجر التجزئة، حيث قضى على الوسطاء والسماسرة، قائلا بأنه يقتني منتجاته مباشرة من فلاحي عاصمة الزيبان والتي تتوفر على أجود أنواع التمور بأسعار في المتناول، مشيدا بالخدمات المقدمة ونظافة المكان، بالإضافة إلى التنظيم المحكم من طرف أعوان الأمن، وهو السر وراء توافد التجار من مختلف جهات الوطن.
من جهتهم أجمع معظم تجار التجزئة الذين تحدثنا إليهم، على أن السبب وراء اختيارهم لسوق العثمانية، هو نوعية الخدمات المقدمة والجدية في التعامل من دون سماسرة لتحقيق العملية التجارية، بالإضافة إلى نظافة المحيط وغياب الحفر وبرك المياه، لاسيما في فصل الشتاء.
ونظرا لتوافد التجار من مختلف مناطق الوطن، أصبحت عملية البيع والشراء حسب محدثينا صعبة، بسبب ضيق المكان خاصة في وقت الذروة، حيث أكد تاجر من أم البواقي، ديار عبد السلام، أنه أصبح يجد صعوبة كبيرة في التعامل مع الزبائن داخل السوق، نظرا للعدد الكبير من الباعة وضيق المكان، داعيا القائمين عليه، للعمل على توسعته، لأنه أصبح لا يستطيع استيعاب العدد الكلي للشاحنات والتجار.
وكانت الحركية والنشاط داخل أروقة السوق جد عالية، حيث كانت صفقات البيع والشراء بين التجار والزبائن على أشدها، وما يلفت الانتباه وأنت تتجول بالمكان، هو التنظيم المحكم لعرض المنتجات، فكل رواق مخصص لمادة معينة، بغية التسهيل على الزبائن شراء حاجياتهم بكل أريحية.
* مدير الاستغلال بالسوق أحمد دهامشي
السوق يشغل 100 عامل ومصدر رزق لـ 1300 آخرين
قصدنا المبني الإداري، حيث كان في استقبالنا مدير الاستغلال بالسوق الجهوي للجملة وادي العثمانية، أحمد دهامشي، حيث أوضح بأن السوق الذي تم تدشينه أواخر 2022، يتربع على مساحة تقدر بـ 13.33 هكتارا، ويحتوي على 124 محلا خاصا بوكلاء معتمدين لبيع الخضر والفواكه بالجملة، بمساحة 12824 مترا مربعا، كما يحتوي على حظيرة كبيرة لركن الشاحنات ومصالح خدماتية متعددة منها مرقد، أكشاك، مطاعم ومقاه، دوش ودورات مياه، بالإضافة إلى مصلى وعيادة ومحطة غسل السيارات وبيع قطع الغيار، ناهيك عن مركز للدرك الوطني وبنك ومركز بريد، سيتم فتحهم قريبا، بالإضافة إلى مكتب تأمينات وذلك بغية توفير كل ظروف الأمن وتقديم خدمات نوعية، كما يتم تنظيف السوق يوميا.

وأضاف ذات المتحدث، أن السوق أصبح وجهة مفضلة للتجار من مختلف ولايات الوطن، نظرا للخدمات التي يوفرها والتنظيم المحكم من طرف أعوان الأمن، حيث يشغل حاليا أزيد من 100 عون للحراسة وتنظيم العمليات التجارية، من خلال دخول وخروج الشاحنات، مؤكدا أن المرفق يستقبل يوميا حوالي 5 آلاف شاحنة، أي ما يقارب 3 آلاف و 500 طن من الخضر والفواكه. وأشار مدير الاستغلال، إلى أن السوق على غرار توظيفه لمئات العمال من أعوان الأمن والإدارة، يعد مصدر رزق لأزيد من 1000 عامل يشتغلون بعربات الجر بواسطة محركات ميكانيكية، وما يفوق 300 عامل يشتغلون بعربات الدفع الفردي، بالإضافة إلى عمال العتالة والحمل اليدوي.
500 وجبة فطور للتجار ووفرة في المنتوجات
كما أفاد محدثنا، بأن رواد السوق من تجار التجزئة والجملة وعابري السبيل، تقدم لهم وجبات الإفطار طيلة رمضان، من خلال مطعم الرحمة الذي بادرت منظمة الهلال الأحمر الجزائري والمكتب الولائي لوكلاء التجار وتجار الجملة للخضر والفواكه في ميلة بافتتاحه، حيث يقدم يوميا أزيد من 500 وجبة إفطار متكاملة، ناهيك عن المسجد المتواجد بالسوق الذي يحتضن صلاة التراويح.
ومن جانبه أوضح رئيس المكتب الولائي لوكلاء وتجار الجملة للخضر والفواكه بميلة، يعقوب بحاري، أن سوق الجملة «ماغرو»، أصبح يستقطب تجارا من كل ربوع الوطن وبالأخص من الجنوب الجزائري، بفضل الخدمات المتوفرة داخل المرفق، سواء للتجار أو سائقي الشاحنات وحتى مرافقيهم من عمال وعتالين، بالإضافة إلى أن رسوم الدخول مقدرة بمبلغ رمزي مقارنة مع أسواق أخرى وهو ما حقق إقبالا واسعا للتجار حسبه.
وأوضح المتحدث، أنه تم تسجيل وفرة كبيرة في مختلف السلع من خضر وفواكه موسمية وغير موسمية، حيث يسجل السوق يوميا دخول حوالي آلاف الشاحنات من مختلف الأحجام، ما أدى إلى خلق تنافسية وتراجع أسعار عدة مواد مع بداية الأسبوع الثاني لرمضان، بعد دخول منتجات فلاحية موسمية على غرار الكوسة، الخيار، الخس والطماطم من الجنوب الجزائري، الأمر الذي ساهم في انتعاش سوق الجملة الذي بات أكثر حركية مقارنة مع الأسبوع الأول للشهر الفضيل.
وأضاف دهامشي، أن مصالحه سطرت برنامجا طيلة رمضان، من أجل مراقبة التجار والفلاحين وحثهم على توفير المنتجات خلال الشهر الفضيل وبأسعار معقولة وإنشاء قناة تسويقية مباشرة من الفلاح إلى التاجر دون وسطاء، وهو ما حقق حسبه نتائج جد مهمة نشاهدها يوميا في الأسواق الجوارية بمختلف مناطق الوطن، لاسيما بالجهة الشرقية التي تتخذ من سوق وادي العثمانية موردا لها.
مساع لتوسعة الموقع بـ 10 هكتارات
التدفق المتزايد للخضر والفواكه، استلزم استحداث فضاء الشغل لممارسة البيع المباشر من الفلاحين ووكلاء الجملة وتجار التجزئة، وهو ما أكده مدير الاستغلال بالسوق، حيث تم استحداث مربعات جديدة لتسهيل عمليات البيع وتوفير ظروف أحسن للمتعاملين، لكنها تبقى غير كافية، حسبه، نظرا للإقبال الكبير للتجار من مختلف مناطق الوطن، قائلا بأنه تم تقديم طلب للجهات المعنية، من أجل توسعة السوق، بغية تقديم إضافة حقيقية في التسيير ومرافقة الوكلاء والتجار، لضمان تموينه بأقل الأسعار والقضاء على المضاربة.
ومن جانبه كشف رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية وادي العثمانية، سامي بن حافظ، أنه ونظرا للإقبال الكبير على سوق الجملة للخضر والفواكه من مختلف جهات الوطن وعدم استيعابه للكميات المتدفقة وتنفيذا لمطالب التجار، قامت مصالحه بتقديم طلب لدى الجهات المختصة، من أجل توسعة السوق بحوالي 10 هكتارات وتوفير ظروف عمل أحسن، أملا في تحقيق مطلبهم في أقرب الآجال، ناهيك عن توسعة الطريق المؤدي إليه.                          م.ب

الرجوع إلى الأعلى