المس بالشرف طريقة من يخشون النساء المبدعات و غير الخانعات
ترى الممثلة المسرحية صابرينة قريشي أن المجتمع لا يزال يسلك طريقة بدائية لتحطيم معنويات المرأة المبدعة و طموحاتها وذلك بمس شرفها و الإساءة لشخصها و سمعتها، بمجرّد رفضها الخنوع و البقاء في «سرب الإمعة»، على حد تعبيرها. الفنانة قالت بأن المجتمع يعتبر أن من تختار الفن تختار العزوبية،و هذه النظرة  لم تتغيّر كثيرا، رغم أن نساء المسرح مثقفات و واعيات و محترمات و ربات بيوت ممتازات، ساهمن، على طريقتهن، في تربية جيل واع و متسامح و واسع الآفاق. بطلة مسرحية»خرجت»التي حازت بفضلها على جائزة أحسن دور نسوي، تطرّقت أيضا إلى بعض المشاكل التي لا يزال مسرحنا يواجهها، كانعدام ممثل بديل لتعويض الممثلين، في حال تعذّرت عليهم المشاركة في عرض من العروض، و ذلك بسبب رفض المنتجين دفع أموال يعتبرونها إضافية و دون جدوى، كما تحدثت عن تراجع مسرح النخبة و معايير الشهرة و الاستمرار في المجال الفني و نقاط أخرى تقرأونها في هذا الحوار.
حاورتها مريم بحشاشي
- النصر: كان دورك في مسرحية «طرشاقة» لأحمد رزاق، آخر الأعمال المسرحية التي قدمتها حتى الآن، حدثينا عن دورك فيها و عن مشروعك القادم..
- قدمت دور المرأة المثقفة، في مجتمع « زلاميت» الذي كغيره من المجتمعات الحقيقية لا يستمع لمثقفيه، أما عن مشروعي القادم، أظن أنني سأبتعد قليلا عن المسارح الجهوية، و سوف أخوض تجارب أوسع مع الجمعيات، لأنني أشعر بأنني بحاجة لإبراز مواهب كثيرة لدي منها موهبة الكتابة، باعتبار المسرح الجمعوي يمنح فرصة أكبر من المسرح الجهوي الذي تبقى فيه التخصصات محددة.
ما عشته في قسنطينة جعلني بحاجة إلى جهة تحميني وتحمي سمعتي
- عكس الكثير من زملائك تبقى تجربتك في العمل التلفزيوني محتشمة، لماذا؟
- تجربتي بالتلفزيون بسيطة، لكنني راضية على ما قدمته من أدوار و هذه التجربة أفادتني كثيرا، حيث شاركت في مسلسل «بساتين البرتقال» للمخرج عمار محسن، أين وقفت إلى جانب الممثل القدير باديس فضلاء، الذي منحني فرصة المشاركة في عمله الجديد «بوجمعة راه يدور» الذي سيتم تقديم عرضه الشرفي قريبا، كما شاركت في العديد من السكاتشات و الحصص الكوميدية ذات الطرح السياسي مع قنوات خاصة.
- فلنفترض أنك شغلت منصب وزيرة ثقافة ما هو أول شيء ستسعين لتغييره أو تحقيقه للمسرح و الثقافة عموما؟
- صراحة سأشجع الفنانين على تشكيل نقابة حقيقية لهم، يعترف بها و يثق بها الجميع.
-هل للحادثة التي عشتها بمسرح قسنطينة وراء اختيارك هذا؟
-بكل صراحة نعم، لأن ما عشته في قسنطينة جعلني أشعر بحاجة لجهة شرعية تحميني و تحمي كرامتي و سمعتي كفنانة، لقد اتهمت في شرفي.
المجتمع لا يزال يخص المرأة بنظرة سيئة
- رغم أننا في القرن 21، إلا أن المجتمع لا يزال ينظر للفنانة نظرة مريبة، إذا خرجت ليلا أو اضطرت للمبيت خارج البيت و أمور أخرى نريد أن نعرفها من خلال تجربتك الخاصة؟
- صحيح لا تزال هذه النظرة موجودة لكنها محدودة، خاصة في قلب العائلة التي باتت تتقبل العمل الفني، خاصة المسرح، و أنا شخصيا غيرت هذه النظرة المنبعثة من خوف و رفض عائلتي لمبيتي خارج البيت، خلال الجولات الفنية و حصص التصوير، و ذلك من خلال تقريبهم من أجوائي المهنية، و حضورهم من حين إلى آخر حصص التدريب و العروض، غير أن الأمر يختلف بالنسبة للجيران و المجتمع عموما الذي لا يزال يخص المرأة الفنانة بنظرة سيئة ، و مع هذا أجد بأن ثمة تغيير و تحسن بالنسبة للجيل الجديد.
- ما رأيك في مقولة «من اختارت الفن حكمت على نفسها بالعزوبية»؟
- صحيحة إلى حد كبير، للأسف رغم أن من يعملن بالمسرح نساء محترمات و «فحلات» و ربات بيوت ممتازات، بالإضافة إلى تمتعهن بثقافة واسعة و وعي كبير و يناسبهن حقا دور الأم، فهن يساهمن في تربية الأجيال و نشر الوعي و التسامح.
أفضل المسرح الشعبي
- لماذا لم تنجح أسماء نسائية مسرحية جديدة كثيرة في صنع مكانة لهن في قلوب الجمهور، رغم فرص الظهور الكثيرة التي منحت لهن، عكس بعض الأسماء القديمة التي خلدتها أعمال محدودة؟
- خطف الأضواء و الشهرة يتحكم فيه عاملان أعتبرهما الأهم ، الأول يعتمد على الموهبة و التميّز و مدى تجاوب الناس و هي هبة و نعمة من الله، أما العامل الثاني فيعود إلى نوعية الإنتاج و شطارة المنتجين في الترويج لأعمالهم، و بالتالي إبراز من شاركوا فيها، بالإضافة إلى نوعية الإنتاج التي قد تقضي على وهج و طاقة الممثل مهما كان موهوبا.
- كانت لك تجارب عديدة في مسرح الطفل و الهواة و المحترف، حدثينا عن ذلك؟
- عملت بمسرح الطفل مع جمعية، قبل التحاقي بالمسارح الجهوية، أين شاهدني العديد من المخرجين في الأدوار الكوميدية أكثر من الجادة، حيث كان لي دور البطولة في مسرحية «خرجت» للكاتب العمري كعوان و إخراج تونس آيت علي و الذي حزت بفضله على جائزة أحسن دور نسوي في مهرجان المسرح النسوي و مهرجان الضحك بالمدية. كما نلت جائزة أخرى عن دوري  في مسرحية «تحولات» مع مسرح سوق أهراس، حيث تقمصت دورا كلاسيكيا بعيدا عن الكوميديا، و كانت لي تجربة مشرفة مع مسرح سكيكدة في مسرحية درامية تقمصت فيها دور معلمة و أم تعرضت لصدمة بعد وفاة كل تلاميذ قسمها.
جمهور المسرح في تراجع
- دون شك يوجد عمل أثر فيك أكثـر من غيره؟
- بالفعل هناك عمل عزيز على قلبي و هي مسرحية «الصاعدون إلى الأسفل»، للمخرج أحمد رزاق، و التي جسدت فيها دور زوجة متسلطة، لكن في فائدة و راحة عائلتها.
- ما هي أنواع المسرح التي تحبذين؟
- كممثلة أحب أن تكون لي عروض و تجارب في كل أنواع المسرح، سواء العبثي، الغنائي، التراجيدي..و غيره، لكن أكثر ما أفضل و أراه قريبا من الجمهور الواسع هو المسرح الشعبي و الكوميديا، لأن لها تأثير فعلي على الجمهور و تستقطبه أكثر نحو الركح الذي بات يحتاج لاستعادة جمهوره، خاصة المتابع العادي الذي يحتاج لأن تصله رسائلنا.
- و ماذا عن باقي الأنواع؟
- أنا شخصيا أفضل العمل في المسرح الشعبي، أكثر من باقي الأنواع التي اعتبرها مسرح النخبة و التي لا أتمكن معها من الشعور بدوري.
- هل لا يزال هناك جمهور نخبوي من خلال تجربتك الخاصة على الخشبة؟
- لا أريد أن أكون متشائمة، لكن جمهور المسرح في تراجع، سواء العريض أو النخبة، و مع هذا تبقى هناك أعمال تفرض نفسها و تجلب عددا أكبر من جمهور المثقفين، وكانت لي تجربة مشرفة مع عرض «رؤى « للمخرج تونس آيت علي، و هو عرض موّجه للمرأة و يدخل ضمن المسرح العبثي المعقّد، ورغم أنه ليس فيه متعة كبيرة، بل قدم في الظلام، و سادت به أجواء الحزن و الكآبة، إلا أنه نجح في استقطاب جمهور المثقفين.
المنتجون تخلوا عن الممثل البديل لأسباب مادية
- في سياق الحديث عن مسرحية «رؤى» التي كنتم ستشاركون بها في مهرجان عربي بمصر لكنكم لم تفعلوا، حدثينا عن السبب؟
 - صحيح تعذرت علينا المشاركة، بعد إصابة زميلتنا لبنى نايلي بكسر على مستوى القدم.
- هذا يفرض علينا السؤال عن واقع الممثل البديل الذي غاب عن مسارحنا، فلماذا في رأيك تم التخلي عنه؟
- صحيح الكثير من مسارحنا لم تعد تستعين بالممثل البديل، و هو ما يوقعنا في مواقف حرجة من حين إلى آخر، و أنا شخصيا عشت مثل هذه المواقف مرتين خلال مشواري  المسرحي، كان آخرها في مسرحية «طرشاقة»، حيث اضطررت لتقمص دوري و دور زميلة اضطرت للتغيب لظروف عائلية قاهرة، و في رأيي فإن سبب التخلي عن الممثل البديل، راجع إلى رفض المنتجين دفع أموال يعتبرونها إضافية و دون جدوى.
م/ب

الرجوع إلى الأعلى