محضرون قضائيون يفقدون حياتهم بسبب الضغوطات و غياب الحماية
كشف الخير بوقرن، رئيس غرفة المحضرين القضائيين لجهة الشرق، عن تقييد قرابة 50 محضرا قضائيا لشكاوى أمام الجهات القضائية، بتهمة السب والشتم والاعتداء الجسدي خلال تأدية المهام، ووصف مهمة المحضر القضائي بكونها مهنة المتاعب مؤكدا بأنهم يقومون بتطبيق القانون باسم الشعب الجزائري، لكنهم يطالبون بالحماية والمتابعة الفورية في حالة الاعتداءات، وأشار إلى إحالة 30 محضرا على المجلس التأديبي، خلال عهدة المكتب الحالي بداية من سنة 2014.
حاوره: رمزي تيوري
تعقد الغرفة الجهوية للمحضريين القضائيين ندوة دولية اليوم ، ما هي الخطوط العريضة والأهداف المرجوة؟
الندوة تدخل في إطار  التكوين الذي هو  شرط  أساسي  ومنصوص عليه في القانون المنظم للمهنة،  نحن كغرفة نسعى لمواكبة التطورات الحاصلة في المجال والتأقلم مع ما توصلت إليه الدول الغربية والمجاورة، بهدف تحسين وتطوير المهنة سواء في مجال التبليغ أو التحصيل والتنفيذ، مع تذليل الصعوبات التي نصادفها في الميدان وتحسين ظروف العمل،  و يعتبر التكوين مهما، كما سيكون المجال لمعرفة أهم انشغالات المحضرين وتبادل الخبرات.
نمارس عملنا تحت وقع السب والشتم
هل يمكن أن تحدثنا عن الأخطار التي يتعرض إليها المحضر القضائي خلال ممارسته لعمله؟ وهل توجد حماية قانونية؟
تعتبر مهنتنا مهنة مخاطر ونواجه أخطارا كبيرة  خلال ممارستها،  حيث نجد أنفسنا عادة بين طرفي النزاع أي بين الدائن و  المدين،  و من الصعب علينا أن نوفق بين طرف يحاول استرجاع حقه والآخر يرغب في الاحتفاظ به.  نمارس أحيانا عملنا تحت وقع السب والشتم والاعتداءات الجسدية.  وهذا في غياب نص قانوني يحمينا، الخيار الوحيد المتاح يتمثل في تحرير محضر خلال الواقعة ورفع شكوى أمام مصالح الأمن أو القضاء، لكن خلال جلسة التقاضي يطلب من المحضر القضائي جلب الشهود، وإذا غابوا لا يحكم على خصومه.  التناقض يكمن في كون المحضر الذي يحرر المحضر القضائي  يملك حجية لا يطعن فيها إلا بالتزوير، لانه ضابط عمومي محلّف، فوضته السلطة العمومية، لكنه يفقد هذه الخصوصية حين يحررها باسمه للدفاع عن نفسه أمام الجهات القضائية.
ما هو عدد الدعاوي القضائية و الشكاوى التي تقدم بها المحضرون القضائيون مؤخرا بسبب الاعتداءات اللفظية والجسدية خلال تأدية مهامهم؟
توجد قرابة 50 شكوى قيدها المحضرون القضائيون منذ انطلاق عهدة المكتب الحالي للغرفة على مستوى الشرق سنة 2014، بعض المحضرين لم يحصلوا على حقوقهم والبعض الآخر انتفت لهم وجه الدعوى، من المفروض أن تكون المتابعة فورية، لأن تنفيذ المحضر القضائي لحكم ممهور بالصيغة التنفيذية باسم الشعب الجزائري، يجب أن تتبعه إجراءات توازيها في الحجم، فكل إهانة يجب أن تكون محل متابعة فورية وحدوث الجزاء الفوري، كما يمكن أن تدخل في شروط التلبس،  كما نشتكي من بطء في تطبيق الإجراءات، ويضطر المحضر القضائي لإيداع شكوى ثم ينتظر دوره للتقاضي. من جهة أخرى نتعرض للمسائلة الفورية في حالة وقوع الخطأ، ويتم التحجج بأننا مفوضون من طرف الدولة ونحمل ختمها،  لذلك، نحن نطالب بالحماية من الاعتداءات.
أودعنا 50 شكوى منذ 2015
تحدثتم في العديد من المرات عن ضغوطات تصادفكم وأمراض مهنية تعيق عملكم الميداني، ماهي؟
نواجه ضغوطات كبيرة من خلال طرفي النزاع خلال الإجراءات التي نقوم بها، ونقع بين المطرقة والسندان، ما  كان سببا في ظهور أمراض مزمنة على غرار القلق وارتفاع الضغط الدموي والسكري في أوساط ممارسي المهنة، فالمحضر القضائي إنسان ويملك أحاسيس لذلك فهو  يتأثر خلال تأدية مهامه ، كحالات طرد عائلات من منزلها  وغيرها، وفي  المقابل هو مطالب  بالتركيز  خلال تأدية عمله سواء المكتبي أو العملي، و أي خطأ يكلفه غاليا،وقد يصل الأمر  درجة  الفصل من المهنة.
تحدثتم عن التكفل الطبي والنفسي بالمحضر القضائي وفتحتم ورشة في هذا الخصوص، ماهي أهم الإجراءات المتبعة في هذا الشق؟
نحاول معرفة أهم مسببات المرض وطرق الوقاية منه، بعد أن قمنا بتنظيم أيام طبية وتكوينية وملتقى، جلبنا خلالها أطباء ومختصين في أمراض النفس والطب ، تسمح للمحضر القضائي بتيسير يومياته، والطرق الأمثل لتخفيف الضغط على نفسه وتجعله يقوم بمهامه في ظروف أحسن، على غرار ممارسة الرياضة، إضافة إلى إتباع سلوكات معينة للحد من المرض والترويح على النفس، أي مساعدته على تكييف نفسه على تقليص الضغط في مكتبه وحياته لتحسين أدائه  في العمل الميداني، وذلك  للمحافظة على استقراره وهدوئه، لأجل تفادي الأمراض المزمنة والضغوطات. الإحصائيات التي قمنا بها أكدت بأن نسبة الوفيات لدى المحضر مرتفعة جدا، فأغلبنا مصابون بأمراض السكري والقلب وأمراض الضغط الدموي، أبعد من ذلك فخلال السنوات الفارطة وبالتحديد السنتين الأخيرتين فقدنا العديد من الزملاء توفوا بسبب السكتات القلبية، لأننا نعمل تحت وقع الضغط، ومن هذا المنطلق نطالب بالحماية اللازمة و الظروف المناسبة للعمل.
عادة ما تكون تبعات أخطاء المحضر وخيمة  لذلك يحمّل المسؤولية، لكن الغرفة طالبت بحماية، كيف يكون ذلك برأيكم؟.
الخطأ الذي يرتكبه المحضر القضائي عادة ما يكلف غاليا سواء الذي يرتكبه شخصيا أو حتى كاتبه، سواء بوجود سهو في التاريخ أو سرد التفاصيل وغيرها، ولكونه  يحمل صفة ضابط عمومي، يحمّل المسؤولية، لذا نطالب الاستفادة من مبدأ قرينة البراءة، لتفادي متابعتنا من الجانب المدني بتهمة التزوير. السلطات العمومية لم تحم المحضر القضائي لذا نطالب بتصنيف الأخطاء المرتكبة خلال العمل، حسب الدرجة، فالأخطاء المتعمدة ليست كتلك غير المتعمدة،  نحن نطالب بانتفاء وجه الدعوى وإسقاط المتابعات الجزائية وتسليط العقوبات في حالة كانت غير متعمدة، ما عدا  في تلك المتعمدة والواضحة  في  فعل تزوير والتي تكلف صاحبها تطبيق المواد المنصوص عليها قانونا.
أغلب المحضرين مصابين بالسكري  و أمراض القلب
ما عدد  الملفات التأديبية المعالجة وما نوعية العقوبات المتخذة؟
العقوبات المهنية والتأديبية موجودة في كل ميدان، تنتج عن شكاوى وأخطاء مهنية، وتكون قد ثبتت في حقهم هذه الأمور،  في غضون ثلاث سنوات سجلنا إحالة 30 محضرا قضائيا على المجلس التأديبي، سواء بطلب من وزارة العدل أو النواب العامين لدى المجالس القضائية أو أحلناها بموجب سلطتنا كغرفة جهوية للمحضرين القضائيين، بناءا على تسجيل أخطاء مهنية متعددة أو انضباطية في حق الغرفة في  حد ذاتها، على غرار التقاعس في تسديد الاشتراكات والغياب عن دورات التحسين و التكوين وكذا الإساءة إلى زميل أو القيام بالمنافسة غير المشروعة، إضافة إلى الشكاوى التي ترد من المواطنين على غرار التماطل في التبليغ أو إشكالات مختلفة، الميدان أثبت بأن أغلب شكاوى المواطنين كيدية، لكن نقوم بالسماع له وكذا للمحضر ونتأسس على الوثائق وإذا ثبت وجود تقصير أو خطأ معين، نحيله على التحقيق ونقرر سواء بالحفظ أو العقوبة.
 منذ أسابيع تم طرح مقترح فتح  مجال  تحصيل إتاوات وفواتير الكهرباء والغاز في حالة التأخر عن الدفع لممارسي النشاط، إضافة إلى الغرامات ومختلف الديون، هل ترى أن ذلك ممكنا قانونيا.
معظم  شكاوى المواطنين ضدنا كيدية
نعم نطالب حاليا بفتح مجالات وآفاق أخرى في عملنا، لأن المحضرين القضائيين سيكونون في حالة تزايد  عند  الترخيص بفتح مسابقة جديدة، كما أن توزيعهم غير عادل من جهة قضائية لأخرى، نجد   أنه و في المناطق النائية المحضر القضائي عمله  محصور ولا يعود عليه  بالربح، لذا طالبنا بفتح نشاطات جديدة تعود بالفائدة على مهنتنا وكذا لتحصيل الأموال العمومية للدولة، فتحصيل الديون والضرائب و الإتاوات يساهم في رفع حصيلة الخزينة العمومية، كما يساهم خلال الوضع الاقتصادي الراهن في إنعاشها، وطلبنا كذلك إشراكنا في مختلف الصفقات العمومية، قصد ضمان مصداقيتها ومحاربة الفساد والتقليد والغش، الأمر متعلق بالعمليات الاقتصادية وغيرها، من أجل المساهمة في رفع قدراتنا، سواء من خلال المعاينات الميدانية أو ضمان سيرورة الصفقات باحترام القانون، أردنا استنساخ تجارب دول نجحت في نفس المجال.
لماذا برأيكم حدث فائض في التغطية بين جهة وأخرى؟
يجب أن يكون التوزيع بحساب تعداد السكان وحسب كل مجلس قضائي ومحكمة، لكننا لاحظنا غياب هذا التوزيع العقلاني، قد نجد فائضا في مجلس قضائي  يقابله عجز في مجلس قضائي آخر، بالتالي يتأثر عمل المحضر القضائي سواء بالضغط في حالة كثرة القضايا والعجز المالي في حالة ندرتها، من المفروض وضع معايير، سواء بحساب توزيع السكان وكذا معرفة حجم النشاط التجاري والاقتصادي لمنطقة على حساب أخرى، ووضع التوقعات لتفادي ما قلته سابقا، قصد تطوير المهنة وإتاحة الفرصة لجميع المحضرين للعمل، سواء بالنسبة للذين ينشطون في المدينة الكبيرة او الصغيرة.
نطالب بالمشاركة في الصفقات العمومية لمحاربة الفساد
نلاحظ أنكم تركزون كثيرا على مجال التكوين في الفترة الأخيرة، ما مكانة التكنولوجيات الحديثة واللغات الأجنبية في قاموس و ممارسات المحضر القضائي؟
نركز كثيرا على مختلف مجالات التكوين ونركز عليها في المهنة حاليا،  فالمحضر القضائي مطالب بالتحكم في الإجراءات من جهة والعمل  و مواكبة التطور التكنولوجي من  جهة أخرى، على غرار مسايرة ما تقوم به وزارة العدل والدولة الجزائرية بصفة عامة، لذا علينا كجهاز أن نواكبها أولا بأول، عمليا وخلال الثلاث سنوات الأخيرة، تعاقدنا  مع مهندس مختص من أجل برمجة أيام تكوينية وكذا استحداث برمجيات تكنولوجية وعصرية، مع تحسين المدارك المعرفية، سواء المحضر القضائي نفسه أو كاتبه، لكون العملية ضرورة ملحة، في نفس السياق فإن التكنولوجيات ضرورية، فتقديم ملف إلكترونيا لدى الجهات القضائية أفضل من الملف التقليدي، على غرار تسخير العمومية،  قد يتم مستقبلا عن طريق البريد الإلكتروني. إضافة إلى أن  تبليغ الإدارات واستكمال إجراءات حجز المدين والحجز العقاري لدى المحافظة العقارية من المفروض أن يكون عن طريق الإنترنت، قصد تقليص الجهد والتكلفة وربح الوقت والعديد من المزايا الأخرى.
علينا مسايرة وزارة العدل تكنولوجيا
 كثيرا ما نسمع عن  شعار أنسنة التنفيذ، ماذا تقصدون بهذا المصطلح؟
المحضر القضائي يحاول استيفاء الدين بطرق ودية، وتحصيل التنفيذ في آجاله القانونية، مع مراعاة العديد من الشروط،  على غرار الوقت والجهد والثمن، نحاول مراعاة الجانب الإنساني في التنفيذ، على غرار عدم إخراج المدين في البرد الشديد أو خلال توقيت إجراء الامتحانات،  ومحاولة إيجاد الطرق الودية بين الطرفين.
رمزي .ت

الرجوع إلى الأعلى