«كشرودة» جرس إنذار والجمال الحقيقي  في  صدق الأداء
كشفت الممثلة صبرينة قريشي التي برزت مؤخرا من خلال دورها في مسرحية «كشرودة»، أن الممثلات اللاتي يرغبن في الظهور على الخشبة بكامل جمالهن هن  بالنسبة لها  يمارسن  نوعا من الخيانة للشخصية، لأن الجمال الحقيقي  في الصدق في تجسيد الدور، كما اعتبرت أن دور «يامنة  أم  كشرودة» هو بمثابة نقلة في مشوارها الفني،
حاورها: زين العابدين فوغالي
و عبرت الفنانة في حوار للنصر  عن خيبة أملها   بسبب الدور الذي اسند إليها في مسرحية «النائب المحترم» رغم نجاح العمل.
مسرحية «كشرودة» صنعت الحدث مؤخرا، كيف تم اختيارك لدور»يامينة «أم كشرودة؟
تم اختياري بطريقة عادية، حيث تلقيت اتصالا من إدارة مسرح سوق أهراس فحواه أن المخرج أحمد رزاق قد اختارني  في دور يامينة في مسرحيته «كشرودة» فقبلت العرض بحكم أنه سبق لي وأن عملت   في مسرح سوق أهراس   في «الصاعدون إلى الأسفل» مع نفس المخرج ونلنا بها جائزة العنقود الذهبي وترشحت لجائزة أحسن دور نسائي، بمعنى أن العمل مع المخرج رزاق هو رهان على نجاح مؤكد،    و  متعة و استفادة فكرية وعملية لذا لم أتردد.
كسرت حاجز الصمت بعد  تعرضي للأذى بمسرح قسنطينة
أ لم تترددي  في الظهور في صورة «كشرودة» خصوصا أن أغلب الممثلات يحبذن الظهور على خشبة المسرح في أبهى حلة؟
قطعا لم أتردد أبدا، ولا شيء يدعوني لذلك،  لأن الشخصية المراد تجسيدها هي التي يجب أن تظهر على الخشبة بكل تفاصيلها،  بعيدا عن شخصية الممثلة، فكلما حاولت ذلك اقتربت إلى الصدق والنجاح،  بمعنى إذا أردت أن يصدق الجمهور الشخصية التي تجسدها عليك أن تجعلها أهم من شخصيتك الحقيقية، أما عن الممثلات اللاتي يرغبن في الظهور على الخشبة بكامل جمالهن،  فهذا بالنسبة لي خيانة للشخصية إلا إذا كانت تستدعي ذلك،  وقمة الجمال الحقيقي على الخشبة ،  هو أن تصدق إلى حد بعيد في تجسيدك للدور.
هل وجدت صعوبة أثناء تقمص الدور، وكيف كانت ردود الأفعال التي تلقيتها؟
في الحقيقة الدور كان مركبا مما جعلني أواجه بعض التحديات بحكم أن «يامينة» الأم العمياء التي تحاول إيجاد الحلول لمشاكل العائلة والتي تطغى عليها صراعات واختلافات بين أفرادها لاختلاف أهدافهم وأنانيتهم وعلاقاتها بهم كل على حدا، ودورها الفعال كشخصية في المسرحية، لكن مع المخرج أحمد رزاق وطريقة عمله الذكية استطعت أن انجح ربما في تجسيد الشخصية نسبيا وكذلك بفضل مساعدة الفنانة القديرة سميرة صحراوي زوجته التي لم تبخل لا علي ولا على باقي الممثلين بتوجيهاتها،إضافة  إلى تكاثف كل الفريق من أجل إنجاح العمل.
ما هي الرسالة المراد توجيهها  من خلال  هذا العمل الذي يحاكي المستقبل ويتوقع زوال البترول؟
«كشرودة» بكامل طاقمها الفني تمثيلا ونصا وإخراجا و سينوغرافيا وموسيقى، هي بمثابة دق لناقوس الخطر،   حتى نقف كشعب وكسلطة لنفكر في ما يمكن أن يحدث مستقبلا إذا واصلنا هذا الارتجال وعدم التخطيط والعمل على كل الأصعدة بصدق وحكمة ومعرفة، أما تضييع الفرص وحرق المراحل وعدم البناء على أسس قوية والاعتماد على ثروة البترول الزائلة، حتما  سيؤدي بنا إلى الهاوية.
الاهتمام بالشكل على حساب الأداء هو خيانة للشخصية
هل كنت راضية عن دورك في مسرحية «النائب المحترم» رغم النجاح الجماهيري الذي عرفه العمل؟
بالنسبة لدوري في مسرحية «النائب المحترم» التي كانت من إخراج كريم بودشيش فأنا في الحقيقة لست راضية عنه، لأنه لم يكن الدور ذاته الذي استدعيت له في البداية من طرف مسرح قسنطينة،  والذي كان فيه الإخراج للأستاذ بوبريوة حسن، الذي أقدره كثيرا و للأسف وقفت له إدارة المسرح قسنطينة بالمرصاد وجندت كل ما تملك لتعطيل مهمته، لأسباب لا يعلمها إلا الله.
لكن  كان يمكنك الإنسحاب من العمل إذا كان الدور لا يريحك؟
بعد حدوث المشكل  وانسحاب المخرج حسن بوبريوة لاستحالة مواصلته العمل،  وجدت نفسي عالقة بعقد إداري لا يمكنني فسخه، ووجدت نفسي أؤدي دورا آخر، وهو دور زميلتي مريم علاق، ونفسيا لم أكن مرتاحة له، و كنت في حالة نفسية مرهقة بعد الأذى الذي تعرضت له، لكن بحكم احترامي لمهنتي حاولت بكل ما أملك أن أجسد الدور بكل صدق ، وهنا لا أفوت الفرصة لشكر كريم بودشيش الذي تفهم وضعيتي ولم يضغط عليا بأي شكل من الأشكال.
كيف اكتشفت موهبتك التمثيلية، و ما هو الحافز الذي شجعك على الدخول للمسرح؟
اكتشفت عالم المسرح أثناء دراستي الجامعية عن طريق الأستاذ المحترم لخضر بوحفص والذي كان مشرفا على شؤون النشاطات الثقافية في الحي الجامعي، حيث نشر إعلانا للطالبات الراغبات في ممارسة الموسيقى أو الرياضة أو المسرح ، واخترت المسرح لأنني كنت من هواة مشاهدة المسرحيات المصرية بصفة دائمة ولما كنت أشاهد عمالقة المسرح المصري سمعت صوتا خافتا في نفسي يقول «يمكنك أن تفعلي ما يفعله هؤلاء»، وقصدت السيد لخضر بوحفص و رحب بي وأعطاني نصوصا مسرحية ثم أعطاني فرصتي الأولى في مسرحية موجهة للطفل.
لنعد قليلا للوراء، هل وجدت صعوبة في دخول هذا المجال خصوصا أن نظرة مجتمعنا للممثلة مشوهة نوعا ما؟
 في الحقيقة ومن خلال تجربتي الخاصة أستطيع القول، أن عبارة نظرة المجتمع السلبية للمرأة العاملة عموما والناشطة في ميدان التمثيل خصوصا هي عبارة وهمية ،صنعت خصيصا لتقف كحاجز نفسي أو «غول» أسطوري مخيف في وجهها، من خلال تجربتي رأيت أن الجمهور الجزائري يحب فنانيه ويحترمهم ويفهم جيدا مهمتهم كقوى ناعمة يمكنها صنع التغير والمساهمة في بناء بلد متحضر، باستثناء بعض الأقليات المتعصبة التي تريد الوقوف في وجه تطور حركة الزمن  وتقدم المرأة الجزائرية.
لست راضية عن  دوري في «النائب المحترم» لهذه الأسباب
كيف تقبلت عائلتك فكرة ولوجك عالم المسرح في البداية؟
بالنسبة لعائلتي كانت في البداية نوعا ما رافضة للفكرة وهذا ناجم عن جهل وعدم المعرفة بهذا الميدان، فالإنسان بطبيعته يخاف ما يجهله، أما بعد أن أصريت على حضورهم التدريبات والعروض كلما سنحت الفرصة وشاهدوا جيدا الأجواء ووجدوا أنها  أخوية وعائلية ومحترمة ،  أصبحوا في النهاية من مشجعي ابنتهم ، وأعتقد أن سبب خوف بعض الناس من الميدان الفني هو بعدهم عنه وجهلهم به فقط.
ما هي ابرز أعمالك المسرحية؟
أبرز الأعمال التي شاركت فيها هي مسرحية «خرجت» للمسرح الجهوي قالمة للمخرجة تونس أيت علي ،   «الصاعدون إلى الأسفل» للمسرح الجهوي سوق أهراس للمخرج أحمد رزاق، مسرحية cdi»للمسرح الجهوي سكيكدة للمخرج الأستاذ معيوف، مسرحية «الكلمة الثالثة» للمسرح الجهوي قالمة للمخرج عيسى جقاطي، مسرحية «تحولات» للمسرح الجهوي سوق أهراس للمخرج مهدي محمد ،مسرحية «طرشاقة» للمسرح الوطني الجزائري للمخرج أحمد رزاق، مسرحية «كشرودة»للمسرح الجهوي سوق أهراس للمخرج احمد رزاق.
ما هو تقييمك للحضور النسوي على خشبة المسرح ؟
أعتقد أن الساحة المسرحية الجزائرية تزخر بحضور نسوي ،  ولكنه يبقى قليل حسب تقديري.
من خلال تجربتك المسرحية هل تعتبرين الجمهور الحالي  نخبوي يفضل اللغة العربية الفصحى أم يفضل اللغة البسيطة؟
يصعب الحديث عن نوعية الجمهور وتصنيفه كجمهور عادي أو نخبة ، ونحن أمام إشكالية غياب الجمهور عن المسرح، في اعتقادي يجب العمل على إعادة الجمهور ثم بعد ذلك نحاول تصنيفه،  وفي هذا الإطار فإن تجربة مسرحيتي «طرشاقة» و»كشرودة « أثبتت نجاحها في استعادة الجمهور.

هل سبق أن شاركت من قبل في» كاستينغ» لأعمال سينمائية وتلفزيونية؟
قمت بكاستينغ للتلفزيون والسينما ربما مرة أو مرتين لا أكثر،  ولم أكرر ذلك لأنه أمر متعب في الحقيقة وبالمناسبة أدعو المخرجين والمنتجين في التلفزيون والسينما للتنقل إلى المسرح لاصطياد الطاقات والمواهب واختيارها من على الخشبة، إن كانوا مهتمين فعلا بتقديم الأحسن والأفضل في أعمالهم.
نظرة المجتمع إلى الممثلة مجرد وهم
هل تعتبرين مشاركاتك في الكاميرا الخفية و» السيت كوم» مجرد تسجيل مشاركة أم  جسر للوصول إلى فئة أكبر من الجمهور؟
مشاركاتي في السيت كوم والكاميرا الخفية أو في المسلسلات هي تجارب أسعى من خلالها إلى صقل موهبتي أكثر وتنميتها و إثراءها ،وطبعا التوجه لجمهور أوسع من جمهور المسرح.
أين تجدين نفسك أكثـر، في الأدوار الكوميدية أو الدرامية؟   
بصراحة أنا استمتع  بالأدوار الكوميدية ـ ولكن أظن أنني اكتفيت منها حاليا وسأحاول تجسيد أدوار درامية مختلفة تماما عما كنت أقدم إن أتيحت لي الفرصة طبعا، لأن الممثل أحيانا يعاني من حصره في شكل واحد ولا يجد الفرص التي تساعده على تقديم شيء مختلف جديد.
بعد الحادثة التي وقعت لك بمسرح قسنطينة قبل سنوات، ألم تخش الحكم المسبق للمجتمع خصوصا أن النظرة نحو الفنانة ما زالت مشوهة؟
أريد أن أركز جيدا على تفسير حيثيات ما وقع في حادث مسرح قسنطينة، وأؤكد أن الأذى الذي وقع  علينا لم يقع علي بصفتي امرأة بل بصفتي ممثلة ،لأنه لو رجعنا إلى الخلف لوجدنا الكثير من الحوادث وقعت من قبل لممثلين وممثلات في هذا المسرح بطرق شتى، حيث أهين العديد من الفنانين وقدمت في حقهم عدة شكاوى إلى الشرطة وسيقوا إلى العدالة ، بعد استفزازهم و دون ذكر القرارات الإدارية التعسفية، لأنه وفي الحقيقة إدارة  مسرح قسنطينة  مارست كل أساليب التعسف في حق الفنانين  وهي   تقف حاجزا في وجه الإبداع والمبدعين وتعيق الحراك المسرحي.
 ما هي الرسالة التي أردت إيصالها لباقي الفنانات بعد تلك الحادثة خصوصا انك كسرت  حاجز الصمت؟
رسالتي كانت شاملة لكل فناني قسنطينة وكانت هدفها دعوتهم إلى عدم الخوف والاستسلام وكشف كل هذه المظالم في الإعلام والصحافة وعدم السكوت عنها مستقبلا.
جمهور المسرح  غائب  ولا يمكن تصنيفه
 ماذا بعد «كشرودة»، وهل ستدرسين العروض جيدا قبل قبولها؟
نعم سأحاول بالتأكيد المحافظة على المستوى الذي وصلت إليه وسأجتهد واعمل أكثر لتطوير ذاتي.
وما هي نسبة رضاك على مشوارك حتى الآن؟
أنا لا أزال في بداية  المشوار و حبي للمسرح والتمثيل كبير وآمالي وطموحاتي فيه أكبر،  وما حققته لحد الآن لا يعد شيئا بالنسبة لي أمام فنانين قدموا للفن أعمارهم وبقوا راسخين في أذهان الجمهور وأوصلوا رسالتهم الفنية على أكمل وجه،  ما قدمته لحد الآن في تقديري هو مجرد بداية وربما استطعت صنع اسم ولو صغير في المسرح وحصلت على ثلاث جوائز «أحسن أداء» ، ويمكنني مواصلة الاجتهاد فيه،  كذالك قدمت مجموعة من التجارب التلفزيونية والتي تعد مقبولة لكنني لست راضية عنها تمام الرضا لكنها كانت مفيدة جدا بالنسبة لي.
 ماهي طموحاتك المستقبلية؟
طموحي وحلمي في نفس الوقت هو أن تصل الأعمال المسرحية إلى كل ولاية ودائرة و قرية و»دوار» على المستوى الوطني،  وأن تساهم في التغيير والتأثير الايجابي على المتلقي أو على الأقل أن تزرع فكرة أو بسمة على وجهه.
أطلب من   المنتجين انتقاء المواهب من المسارح
 كلمة تودين توجيهها لجهة معينة
الجهة الوحيدة التي أوجه لها كلمتي هي رجال ونساء المسرح والفنانات والفنانين الملتزمين والملتزمات الصادقين والصادقات وأقول لهم ،أن بلادنا تعيش أزمة أخلاقية واجتماعية والحل بأيديكم، فأنتم القوى الناعمة التي بأماكنها التأسيس لنهضة أخلاقية فكرية واجتماعية تضمن نقلة نوعية للمجتمع نحو حياة أفضل.        
ف.ز

الرجوع إلى الأعلى